ننشر النص المسرحي “أزمنة النار” للكاتب العراقي: مهدي هندو الوزني
المسرح نيوز ـ القاهرة| نصوص
ـ
مسرحية ( أزمنة النار )
تأليف
مهدي هندو الوزني ـ العراق
شخوص المسرحية
رجل1
رجل2
رجل3
إمرأة1
إمرأة2
إمرأة3
( المكان غريب لاينتمي إلى أي واقع ، يجلس الممثلون بأشكال مختلفة وبمسافات مختلفة ويحمل كل منهم في يده عصى ، مع موسيقى مناسبة يتحرك عليها الممثلون حركات إيمائية )
( مجموعة الشخصيات تردد بشكل متعاقب ) : أين أنا ، رأسي يؤلمني ، أشعربدوار ، ( تتصاعد مع تصاعد الموسيقى حتى تنتهي بنهوضهم وكأنهم خائفين من شيء ما ، يلتقون في وسط خشبة المسرح وينظر كل منهم إلى الأخر ، ( فترة صمت ) ثم يسأل كل منهم الأخر : من أنت ، ثم تتصاعد مع تصاعد الموسيقى
رجل1 : ( بغضب ) سكوت .. سكوت
إمرأة2 : لكننا لانثرثر نحن نسأل
رجل 1 : لاأحب الأسئلة
رجل2 : لكن السؤال يعني المعرفة والوصول إلى الحقيقة
رجل3 : حقيقة من نكون وماهذا المكان الذي نتواجد فيه
إمرأة3 : وماهذه العصي التي في أيدينا
إمرأة1 : (مخاطبة رجل1 ) نعم هل تعرف من نحن ؟ وماذا نفعل
في هذا المكان ؟ وماهذه العصي التي في أيدينا
رجل1 : ( بغضب ) السكوت .. لاأحب الأسئلة .. سكوت
( تردد الشخصيات ، دوار.. دوار ..رأسي يؤلمني..رأسي يؤلمني ويردد رجل1 ، سكوت .. سكوت .. سكوت .. سكوت )(صمت)
رجل2 : ( يخاطب المجموعة ) يجب علينا أن نعرف من نحن
وماذا نفعل هنا ، صح ، يجب علينا أن نفهم كل شيء
( يستدرك ) هل يتذكر أحدكم شيء عن نفسه
عن حياته ؟
إمرأة1 : نار .. نار .. ( تتجه أنظار المجموعة إلى زاوية ما )
إمرأة1 : ( تخاطب المجموعة ) ليست هناك ، بل هي هنا ،
( تؤشر على إحدى الزوايا .. رجل3 .. يعمل حركات العسكر .. تنظر المجموعة إليه )
إمرأة1 : ( تؤشر على قلبها ) وهي هنا أيضا” ، نار ، سعيرها
الحزن ..
رجل2 : ( الحزن فتت أحشائي ومزقها .. لو قربوا النار من قلبي
لأحرقها .. فهل سمعتم بقلب أحرق النارا )
إمرأة1 : أتذكر أنه قال لي وأنا أسأله إلى أين أنت ذاهب ؟
رجل3 : ذاهب ياأمي إلى النار كي تبقى عباءتك بعيدة عن أنياب الذل ، شامخة فوق رأسك المرفوع ..
إمرأة1 : وبكل مابي من وجع ودعته وسكبت وراءه الماء ، ومرت
الأيام والأسابيع والشهور والسنين وأنا أسكب وراءه الماء وأدعوا الله أن يخمد هذه النار وأردد يارب .. يارب .. ياحرب متى تنطفأ نارك حتى تخمد النار التي بين ضلوعي إلا أن النار بدأ سعيرها يزداد وكذلك النار التي بين ضلوعي تزداد هي الأخرى ، النار .. النار .. النار ..
رجل2 : ( يتداخل مع إمرأة1 ) بيان رقم 65 .. أيها الشعب العظيم
قامت قواتنا المسلحة الباسلة بشن هجوم على قطعات العدو ، وأحررررر ( يتمتم بكلام غير مفهوم )
رجل1 : ( يتداخل مع رجل2 وإمرأة1 ) السكوت .. السكوت ..
( تتصاعد الأصوات تدريجيا” مع موسيقى مناسبة )
رجل2 : أنا أيضا” أتذكر هذه النار
إمرأة2 : أنا أيضا” أتذكر هذه النار
إمرأة3 : أنا أيضا” أتذكر هذه النار
رجل1 : جميعكم تتذكرون هذه النار إلا أن السكوت كان لهيبه أشد
من لهيبها
رجل2 : حسنا” ومن منكم يتذكر شىء” أخر
إمرأة2 : أنا أتذكر .. أتذكر نارا”أخرى أو ربما تكون إمتدادا” للنار الأولى ،التي قلنا أن زمنها قد إنتهى .. و بعد أن عم الفرح بوهم إنطفاءها إستبشرنا خيرا” عل الأيام المقبلة تشفق علينا بقطرات من ندى ترطب اليباس الذي في وجوهنا وتمحي رماد النار الأولى ، إسمه سعيد ، لكن السعادة لم تعرف يوما الطريق إليه ، ربما تسألون من هو سعيد ، إنه زوجي الحبيب ،ذات صباح وكعادته إبتسم في وجهي وهو يخرج إلى المجهول قال لي
رجل2 : عند عودتي سأجلب لك معي رغيف خبز ووردة
(صمت .. يسمع دوي إنفجارات .. مجموعة الممثلين تردد بالتعاقب .. النار .. النار .. النار .. النار )
رجل3 : ( يتداخل مع المجموعة ) بسم الله الرحمن الرحيم .. في
صباح هذا اليوم فجر إنتحاري نفسه في سوق شعبي مما أدى إلى إستشهاد عددا” من الأشخاص وجرح ( ثم يتمتم بكلمات غير مفهومة )
إمرأة2 : ( تصرخ ) لالالالالالالالا
إمرأة1 : النار مرة ثانية تزف لنا المآتم .. النار .. النار
رجل1 : ( يتداخل مع إمرأة1 ) السكوت .. السكوت ..
( تتصاعد الأصوات مع موسيقى مناسبة )
إمرأة3 : أنا أتذكر هذه النار
رجل3 : وأنا أيضا” أتذكر هذه النار
رجل2 : وأنا أيضا”
رجل1 : جميعكم تتذكرون هذه النار ، إلا أن السكوت كان لهيبه أشد من لهيبها
رجل2 : أما أنا فأتذكر نارا” ربما لم تطالكم .. إلا أنها أحرقتني أنا
وصديقي الذي كان يعبد بالنغمات طريق الخير والحب والسلام ،وأنا أشجر هذا الطريق بكلماتي ، كنا لانفترق إلى عند النوم نجوب الطرقات نهارا” حاملين أحلامنا التي تأجلت من زمن النار الأولى ليضمنا الليل في حجرة صغيرة في بيتي الصغير ، قلمي في يدي وألته الموسيقية في يده نبحث عن قصيدة ولحن ،كنت أحب أن أكتب قصيدة الومضة ..( إذا مر بك عشقي تائها …. فحرص أن تدله عليك / الحب يحي العظام وهي رميم / عندما إتهموني في حبك هربت .. وعندما طاردوني إختبأت في قلبك / ليطمأن قلبك …. سأتلو عليه ماتيسرمن آيات الحب / إنتظرتك حتى شاب ظلي ) كان يستمع إلي بشغف كما كنت أستمع إلى عزفه الجميل ، كنت أطلب منه أن يعزف الي موسيقى أغاني فيروز وكان يلبي طلبي ، أتعرفون شيء ، أنا الأن أسمع عزفه ، كنا نتأمل أن ننثر الجمال على النفوس التي أتعبتها النيران ونوقد شموع البهجة والفرح إلا أن الظلام أبى أن ترتسم الإبتسامة على الشفاه ، سمعنا أصوات نكرة تتوعد الجمال بالنار وتعد المحرقة
رجل3 : هذا حرام
رجل1 : هذا لايجوز
رجل3 : المعازف رجس من عمل الشيطان
رجل1 : بل هو الشيطان بعينه
رجل3 : لذا يجب أن يكون مصيرها النار ( يأخذ رجل3 ورجل1 ألة الكمنجة ويرميانها في النار )
رجل2 : وهكذا أكلت النار الجمال وقتلت صديقي كمدا” وهجرت أنا القلم
إمرأة3 : أتذكر هذه النار
إمرأة2 : نعم أتذكرها
رجل1 : جميعكم تتذكرون هذه النار إلا أن السكوت كان لهيبه أشد من لهيبها
إمرأة1 : أللعنة على النيران .. ألا من ماء يطفأها
رجل3 : أين الماء .. ومدينتي عطشى .. لايجرؤ الماء أن يمر بسواقيها أو يتغزل ببساتينها .. لأنهم أرعبوه .. وقيدوه .. أنا ابن الجنوب .. أبصم أن لاماء يروي شهقات الأمهات .. أنا ابن الجنوب .. أبصم أن لاماء يحتفي بعروسين في ليلة زفافهما .. أنا ابن الجنوب .. أبصم أن لاماء يتوظأ به الناس في مدينتي سوى الدموع .. والنار تتربع على عروش الخرائب .. في الأزقة نار وفي الشوارع نار وفي القلوب نار .. من يطفأ النار ..
إمرأة1 : ياإلاهي .. ماهذا .. نحن نشترك بنفس الهم
إمرأة3 : ونكتوي من نفس النار
رجل2 : ربما هناك مسافات بيننا في الزمان والمكان إلا أننا نقف جميعنا في نهاية الطريق
إمرأة3 : لكننا لم نتذكر شيء وكأننا فقدنا الذاكرة
رجل3 : السؤال من نحن ؟ وما هو هذا المكان
رجل1 : رغم أنني لاأحب الأسئلة إلا أن حيرتكم ورغبتي في الإنعتاق من قيد السكوت الذي أدمنته .. سأجيب على أسئلتكم خاصة وأنا أعرفكم جيدا”
الجميع : تعرفنا ؟
رجل1 : نعم كما أعرف نفسي .. أما من أنتم .. فأنتم الضعفاء .. الخانعون .. المستسلمون .. الحاني ظهوركم .. المنكسون رؤوسكم ( تنكس المجموعة رؤوسهم )
إنظروا حتى أنا الذي منكم نكستم رؤوسكم أمامي .. لاتستطيعون المواجهة .. خائفين .. قلقين وأما المكان الذي أنتم فيه الآن هو قاع الذات الذي إحتظن خوفكم وقلقكم .. القاع الذي ربطكم بقيد السكوت ..
إمراة 1 : لكنها النار .. تحرق من يكون أمامها
رجل1 : النار لاتحرق مؤمن ..
رجل2 : لكن لهيبها يمتد ويمتد
رجل1 : لكنه يقف عند كلمة شجاعة
رجل3 : من يواجه النار
رجل1 : هذه العصي التي في أيديكم لو إتحدت . آن الآوان أن تغادروا هذا القاع وأن تنتفضوا على عزلة الذات وتطردوا الخوف وتكسروا قيد السكوت ولتقفوا على باب الوطن وترفعوا أكفكم إلى السماء بالدعاء لينزل المطر الذي يمدكم بالقوة .. إنتفضوا من أجل إم جفت دموعها على وحيدها .. إنتفضوا من أجل أب مزق الإسفلت قدميه وهو يبحث عن لقمة العيش .. إنتفضوا من أجل طفل قضى نهاره على رصيف عل المارة يبتاعون منه قطعة حلوى .. إنتفضوا من أجل الدين الذي صار تجارة .. إنتفضوا من أجل الخير والحق والجمال .. ولتكن مواجهة النار ..
( مجموعة الممثلين يرددون .. ولتكن مواجهة النار .. موسيقى )
إظلام