ننشر النص المسرحي “التيه”.. للكاتب العراقي: حيدر علي الاسدي
المسرح نيوز ـ القاهرة| نصوص
ـ
نص مسرحي (التيه) حيدر علي الاسدي العراق
(بداية العرض يوزع للجمهور ….ورقة مطبوع فيها خارطة لا مخرج منها او خارطة تمثل التيه وما شاكل ويفضل تقترب وتشبه لعبة التيه المخطوطة…..)
من خارج المسرح بصوت شجي ((كثيرون ….كثيرون هم ولكن كثرتهم لم تعد تعني لي الكثير…….!كثيرون ….كثيرون هم ولكن كثرتهم لم تعد تعني لي الكثير……))
جواب له من خارج المسرح
– تائهون في الطرقات معاً …نغني للقطارات والمواعيد المؤجلة….
(يدخل المسرح ……شاب يبدوا قد اعياه الجهد الفكري والنفسي حتى استحال لشبه منهار ما بين شخصية الشاب المتفلسف والفكاهي والمدمر نفسياً…….)
( مع المرايا يتحدث )
-كلهم قالوا لي نفس القوانة………كلهم يكررون نفس الكلمات…..نفس النصوص اللعينة التي يحشرونها برؤوس بعض!!!
من الابله فينا……هذه الكلمات الفضفاضة ….ام عقلي الملعون ……!؟؟؟
(يدخل شاب ثاني يمثل ظل او ذات او ضمير الشاب الاول ……..بطريقه عسكرية تختلط فيها المسحة الروحانية بالدخول وكانه يقيم قداس روحي ولكن بصورة رمزية ولكن مباشرة)
يباغته الاول :
-انتم السبب …..!
الثاني- بل انتم
الاول- بل انتم
سبب كل
هذا الدمار والتيه …….
معاصيكم قادتنا ….لدوامة التيه هذه …
الثاني : اي معاصي اي ابله …..نحن من سلالة الانبياء لم يرتكب اجدادنا المعاصي فكيف بنا ..!
الاول: (يضحك بهستيريا )
-يا ويلي ….شاب احمق يسموني….طائش…ابله، او متمرد اهوج ….
وانا جل طموحي ( بوصلة)……..
يكمل باستدراك
-حلمت ان اكون بحاراً…او طياراً…
يكمل بسخرية ( حلمت) …
(يتوجه الى المرايا……وكان الشخص الاخر يتداخل كل حوار مع المرايا ما بين شكل الاول وشكل الاخر )
-حلمت ….حلمت ( بصوت اعلى ) ……حلمت ها
(بانكسار)
ما جدوى حلم ….ينطفئ بحلم اخر …ما جدوى …ها
الثاني : احلم …يا صاح ……فانتم الراضون القابعون المتلونون كثيرو الاحلام …..تحلمون حتى في كيفية تحقيق الحلم ……..
الاول بانكسار وهو ينظر ليديه :
-بيدي هاتين صنعته ….مثل طفلُ دللته ….مثل نبتة كنت اسقيه يوما بعد يوم ……حتى اني كنت امنحه مساحات من جسدي وروحي وعقلي….كان يجتاح كل كياني……..
بصوت اعلى :
-والان يعجز ان يمنحني بوصلة ……استدل بها لاريح هذا الجسد الواهن في موطنه الام!!!.
الثاني : لم يعجز ولا يعجزون………انهم صناع المعجزات …
يؤشر بيديه للاول ( هل نسيت؟)
(الاول يتحسس الارض بكلتا يديه وكأنما يبحث عن شيء ما )
الثاني : لن تستدل عليه …لا ترهق نفسك ….!
(الاول وقد يئس من البحث عن شيء ما )
موجها كلامه للثاني
-اذكر كل تفصيلة بجسدك هذا …كل خارطة رسمتها وكل امارة بنيتها ….اتذكرك جيداً ….كنت مثلي تماما
(الثاني يقاطعه )
-لم اكن مثلك يا ابله
الاول : اجل كنت مثلي تماما …..متشابهان …..ولكنها البوصلة اللعينة ….
الثاني : اي بوصلة ….انت واهن لا يوجد شيء لتستدل عليه ….انت هنا وستبقى حتى يتعفن جسدك المزعج هذا ..
الاول : هم من قادنا ..
(الثاني محذرا الاول ويريد ان يطالبه بالصمت )
-اياك
الاول : لن تسرق كلماتي بعد الان دعها تطير مثل الحلم في هذا الفضاء دعها تغني وتهلوس بمجون….دعها ارجوك…
الثاني: اياك
الاول: دعها ارجوك
الثاني : ايها الابله مثل هذه الامور لا تطلب…
الاول :دعها ارجوك
الثاني : اياك
الاول : ………………(بوزز الي يظهر بقطع الصوت المرفوض تلفزيونيا)…
(وكانما الاول يتجه هاربا او يرغب بالخروج)
الثاني : اين تذهب؟
الاول : …….لا
الثاني : هذا جوابا لا يتسق مع سؤالي…….اين تذهب
(وبصورة واثقة ……امامك الوادي وثمة لا نهاية بعد ذلك)
-الاول : حتما ثمة نهاية لهذا الظلام الدامس
الثاني : ايها الاحمق نحن في منتصف النهار…هل اصابك العمى
الاول : اه لو كانت البوصلة معي…لما ضللت الطريق…
الثاني : انها معك
الاول متفاجئ (ويبحث عنها بكل مكان)
الاول : اين اين …….دلني عليها …(يتجه لمحاكاة المرايا)
الثاني : ارمها الان
الاول : لن افعل
الثاني : ارمها وستنجو …
الاول : لن افعل…
(الثاني باستياء)
-اووه احمق انت الوحيد المعاند قلت لك امضي لي وستنجو …
الاول: امنحني البوصلة
الثاني : لا توجد بوصلة
الاول : مستحيل
الثاني : لماذا لا تصدق ان خلف هذا الوادي لا توجد نهاية ما…
(الاول بارتجاف وخوف )
-اذن من قادني لهذه الحفرة اللعينة ….الهاوية السحيقة
الثاني : اششششششش
الاول : هم …هم من قاد……………….(بوزز صوت قطع).
الثاني : يضحك لا تستطيع
الاول : انتظر لحظة …منذ وصولي الى هنا وانا اسمع ارواح تتنفس قربي….
الثاني : ايها الابله الا ترى كل هؤلاء من حولك
الاول ينظر من حوله
-لا احد
الثاني : يبدوا ان الوهن قد تسرب لباطن عقلك واشاخ بصيرتك…
(الاول يتحسس جسده )
-انا اين…
الثاني بسخرية
-تأكد من ذلك بنفسك …ربما انت سجين !!! او انتظر ربما انت مهاجر غير شرعي ( يضحك) ربما انت في مستشفى الامراض العقلية (يستمر) او …………..(صمت)
الاول بريبة وترقب: او ماذا ؟
الثاني بصوت مرعب : ربما انت ميت!!!
الاول برعب : ماذا ميت….! لا لا لا لست ميتا …كيف اراك اذن …!
انت شخص سوداوي تريد الاطاحة بي ليس الا وتريد ان تنسيني امر البوصلة ……..
الثاني : اللعنة البوصلة مرة اخرى ….!
يكمل الثاني : لماذا لا تشغل نفسك ….اشغل نفسك اجل …راقص ظلك…قبل المرايا ….او (بتأني) …احلم…او دعني اسديك نصيحة…انتظر ما ياتي…
الاول: انتظرت كثيراً….هذا المكان كلما اتسع المي ضاق بي….لم يعد يحتمل حتى ظلي…
(الاول بتاني واسترجاع )
-لحظة انت من تلاحقني…منذ ان ولجت هذا الخراب…؟
الثاني :
-((انا الخدعة التي تخدعك في كل مرة وتستغفلك كل مرة …وتصدقها كل مرة لشدة بلاهة منك…انا الصابة الموضوعة على عينيك…والتي تسمع من بعض الناس انها موجودة ولكنك لا تهتم ولا تصدق…انا السجن الذي دخلت فيه بقدميك واعطيتني المفتاح …السجن الذي لا ترى له قضبانا ، واني لست بمخرجك منه بعد اذ دخلته …وانا لسست براغب في الخروج ….رايك رايي ….لا وجود لك الا بوجودي…)).([1])
الاول : وهؤلاء من؟ ( يشير الى الاصنام….او الى اشياء تقبع براسه وكانما مسيطرة على افكاره)
الثاني: (ملوك يهوون الصيد ويحب ونخَصي العبيد مستمتعين بالصرخات)([2])
الاول : اجل هؤلاء الذين يرفضون مصافحة النساء ولكنهم صافحوا المال الحرام بقوة….
(الاول يدور على المسرح وكانه مصدوم من شدة ما يحصل له )
(صمت)
(اصوات تصريحات ساسة ومحللين واعلاميين تختلط لا يتضح منها الا الضجيج)
الاول : اووه
(بعد لحظات انزعاج وياس يصرخ)
-يكذبون
-الثاني : مستحيل
الاول -يكذبون
الثاني-مستحيل
الاول -يكذبون
الثاني-مستحيييييييل……….هذه الالوان لا تكذب!
الاول -بل هي الالوان وحدها من تقودك للخديعة والمكر
الثاني-اية خديعة؟
الاول- لا عليك
الثاني-بماذا!!
الاول -بكل شيء
الثاني-انت تتفلسف وانا يسكن الصداع راسي …….يكمل( اصمت)
الاول-انا صامت منذ سنوات
الثاني-ماهذا الصوت الذي ياتي من فمك اذن
الاول-هذيان
الثاني-لما
الاول-لارتاح من الصداع
الثاني-هم من سيريحك
الاول-من؟
الثاني-هم؟ اولئك (ويؤشر لجانبي المسرح)
الاول -هؤلاء اصنام!!
الثاني-اصمت انا اكلمهم منذ سنوات
الاول-(يضحك)وماذا يقولون لك؟
الثاني-كل خير
الاول-يكذبون (بسخرية وضحك)
الثاني-مستحيل
الاول (يستمر) –يكذبوووون)
(الاول تاخذه نوبة بكاء والم وهستيريا وبعد لحظات صمت يقوم على المسرح)
الاول : ساخلعهم مثل ثوب قديم قذر…
الثاني : لا تستطيع ….انهم يلتصقون بجلدك..من راسك حتى اخمص قدمك..
الاول : انا اين الان؟
الثاني ( بعناد )
-لا اعرف……..ربما انت في ارض السافلين!
الاول بتعجب
-ارض السافلين
الثاني : الم تسمع بارض السافلين
الاول ببراءة (لا)
الثاني : انها عوالم للسافلين القوادون والعاهرات وتجار المخدرات والكاذبون والمضلون والمنافقون و………(طووووووطبوززز) يستمر بالتعداد ولكن صوت البوزز مؤثر عليه
الاول : الا توجد بوصلة للخروج من هذا العالم
الثاني : اوه ……البوصلة مرة اخرى….أيعقل أن تبحث عن الموجود وهو موجود؟
الاول ببراءة : انها طريقي للنجاة من هذه الحفرة وهذه العوالم وهذه الاصنام المخيفة ، انها تحيل نهاري الى ظلام دامس حتى اني اخشى ان انام …منذ ليال عدة لم انم …تأخذني فكرة وترجعني اخرى لنفس القلق..
الثاني : كفى ايها المزعج والا ساطلق عليك هذا الذباب القاتل لينهش جسدك وانت حي…!
(الاول يتراجع بخوف)
-الاول : ذباب!! (صوت ذباب مؤثر)
الثاني يضحك (هذا الذباب نستخدمه لاسكات امثالك ….امثالك حتى لا يستحقون عناء الكلام ……او سعر رصاصة!!)
الاول : لكني لا ارى اي ذباب في هذه الحفرة
الثاني : هذا الذباب من النوع الذي لا يرى ….انت تستشعر نتائجه وحسب!! دقائق فقط وتتكاثر عليك اللسعات ….ولا ترى الا جثة هامدة ياكلها الندم والخسران…
الاول : اشعر ان المكان يزداد رطوبة!!
الثاني : الموتهناغريباًوحيدا.. افضل لك من العودة ىاحضان الدم و موت المجان والقلق اليومي….
الاول : الموت واحدا سواء كنت هنا او هناك…ولكني على الاقل اود ان اموت بشرف…او حتى اعرف سبب موتي على الاقل!
الثاني : انت اخترت لنفسك هذه الميتة
الاول : انا؟
الثاني : نعم انت …فانا انفذ ما خطته يدك على السيناريو ….انا مجرد عبد لافكارك…
الاول : لم اكتب شيئا
الثاني : بل كتبت…
الاول بخوف وتردد (لم اكتب حرفا)
الثاني : بل كتبت ….انا نتاج حروف خطها قلمك ….ها انا ذا اتمرد على السيناريو الذي وضعته بنفسك!!!
الاول : عن اي سيناريو تتحدث!
الثاني : موتك الوشيك الذي اخترت بيدك…حفرتك الابدية!!!
(الاول يصاب بالفزع والرعب)
-انا ……لا …لا ….لا
يكمل الاول وبصرخة :
-يريدون قتلي ….سادة الموت وتجار الحروب….(يكرر)
الثاني: اصمت ايها الابله. ما الذي يفرق في موتك انك مجرد رقم!
الاول : لن اصمت …اين البوصلة…اخرجوني من هنا…لا اريد الموت…
سأمت العيش في الظلام ، اين البوصلة …………اين البوصلة (يستمر في الصراخ) ( مؤثرات موسيقية تختلط الصرخات مع الرعب ….لحظات قتل واظلام).
(يدخل شخص اخر يقترب من الجثة وكانه ينظر لراس الجثة ويقول بعد لحظات صمت)
-لم يعرف خلاصة قط ….مات الابله ولم يدرك ان البوصلة مخبأة في راسه…(يخرج من المسرح)
(اظلام تام )
ملاحظة : النص متاح للاخراج للجميع بشرط ابلاغ المؤلف بذلك على البريد الالكتروني الاتي : hedar_alasde87@yahoo.com