نصوص

ننشر نص مسرحية “الروبوتات يا ملك الزمان” للدكتور حبيب ظاهر


المسرح نيوز ـ القاهرة| نصوص

ـ

د. حبيب ظاهر | العراق

 

مسرحية

الروبوتات يا ملك الزمان

 

اهداء : إلى سعدالله ونوس الذي أبدع مسرحية (الفيل يا ملك الزمان)

 

 

 

الشخصيات:

يبحث عن كتاب صناعة الأنسان صناعة الامة

الخياط اعور

الخباز اعرج

حفار القبور لا يسمع بشكل جيد (ألم دائم في أذنه)

صاحب المكتبة لا ينطق بشكل جيد (مصاب بالتأتأة)

ابن الخياط: يظهر دائما وكأنه قد خرج توا من الحمام، مبلل، على رأسه ويديه بقايا صابون، يحمل هاتف نقال.

زوجة الخباز: تحمل بيدها مرآة ومواد تجميل، وهاتف نقال.

المنادي

ابنة حفار القبور: شعرها أشعث وبيدها مشط، تحمل هاتف نقال.

حمار1 – حمار2 – حمار3

قرد1 – قرد2 – قرد3

روبوت ١- روبوت ٢ – روبوت ٣

عدد من المارة

 

المنظر: دكاكين متجاورة للخياط والخباز وصاحب المكتبة وحفار القبور، لافتة في واجهة دكان الخياط مكتوب عليها: (خياط – لسنا الوحيدون ولكننا الأمهر)

 

لافتة في واجهة دكان صاحب المكتبة مكتوب عليها : (مكتبة ورقية ورقمية – لسنا الوحيدون ولكننا نسعى للعلم والمعرفة) لافتة في واجهة دكان حفار القبور مكتوب عليها: (مستعدون لحفر القبور والدفن نهارا وليلا – لسنا الوحيدون ولكننا الأفضل – للاتصال: موقع إلكتروني ورقم هاتف)

يوجد فوق الدكاكين طابق سكن عوائل الخياط والخباز وحفار القبور، تظهر منه أبواب شرفات ثلاث بسياج متصل.

 

 

المشهد الأول

الخياط: صاحبنا حفار القبور لم يفتح دكانه الى هذه الساعة.

الخباز: لا مواعيد ثابتة لديه، مواعيد حفار القبور مرتبطة مع الموت، والموت يأتي بلا موعد، لكنه توقيت الموت ملزم ، عمل صاحبنا حفار القبور موزع بين هذا الدكان والمقبرة (يدخل حفار القبور) ما عاد الموعد ملزما لأحد ….

حفار القبور: لا مواعيد، الموت لا يلتزم بوقت محدد، حتى الذي يقرر الانتحار ويظن أنه يلزم الموت بأخذه، قد يجد من يسعفه وبالنتيجة لا يتمكن من إلزام الموت (يضحك)

الخباز: ما هذا الحديث المشؤوم عن الموت، ألا يكفي وجود حفار القبور بيننا.

حفار القبور: يحكم الموت مواعيدي ورزقي، ماذا عنكم أنتم؟ من يتحكم بمواعيدكم وأرزاقكم؟

الخياط: يتحكم الحمير بمواعيدنا وارزاقنا.

صاحب المكتبة: الارزاق لا يتحكم بها الحمير، ولا أي أحد، الأرزاق يتحكم بها سعي الإنسان وتقدير رب العباد.

الخياط: (بغضب) وماذا عن الحمير التي …

الخباز: اخفض صوتك يا خياط، ألا تخشى أن يسمعوك.

الخياط: (خائفا) انها زلة لسان يا صديقي (يلتفت يمينا ويسارا، ويصيح بصوت عال) زلة لسان، لم أقصد الاساءة للحمير مطلقا، صدقوني زلة لسان، لم أحفظ لساني.

صاحب المكتبة: (بحذر) احفظ لسانك، وحين قول الحق أطلق لسانك (يدخل اثنان من المارة، يشتري أحدهما خبزا، ويفحص الآخر أقمشة الخياط، ثم يخرجان)

الخياط: (بصوت عال) لم أقصد الإساءة إلى احد مطلقا ، وطوال عمري امشي جنب الحائط ، انها زلة لسان يستحق القطع

الخباز: عليك بالحذر

حفار القبور: يكفي يا صديقي الخياط، وأنت يا صديقنا الخباز لا ترعبه أكثر، اهدأ يا صديقي الخياط، لم يسمعك أحد (يظهر ابن الخياط في الشرفة)

ابن الخياط: ما بك يا والدي.

الخياط: (مرعوبا) ألم أقل لكم، سمعوني، يا ولدي زلة لسان.

حفار القبور: (لابن الخياط) ماذا سمعت؟

ابن الخياط: كنت أستحم وسمعت والدي يصيح زلة لسان فخرجت مسرعا (تظهر ابنة حفار القبور في الشرفة)

ابنة حفار القبور: ما الذي يحدث؟ (تنظر إلى ابن الخياط) اصواتكم مرتفعة.

حفار القبور: وما شأنك يا ابنتي؟ ارجعي واكملي تسريح شعرك المبعثر.

ابن الخياط: (يغازلها) ما اجمله من شعر، تسريحتك رائعة.

ابنة حفار القبور: وأنت (لابن الخياط الذي يبادلها النظرات) كيف تخرج هكذا؟

ابن الخياط: كنت استحم، وتعجلت بالخروج إلى الشرفة.

ابنة حفار القبور: (تنظر الى ابن الخياط، في حين الكلام موجه لأبيها) أردت الاطمئنان عليك يا والدي العزيز، اشتقت إليك.

ابن الخياط: (لابنة حفار القبور) وأنا أيضا اشتقت لك (مرتبكا) أقصد اشتقت لأبيك.

حفار القبور: لا داعي لكل هذه الأشواق، اذهبي للداخل هيا، هيا …

ابن الخياط: يا عم يا صاحب المكتبة، هل جلبت الكتاب؟

صاحب المكتبة: انه كتاب … قلت لك رأيي فيه …

ابن الخياط: أحترم رأيك يا عم، ولكني اريد الكتاب.

ابنة حفار القبور: ما عنوان الكتاب الذي طلبت؟

صاحب المكتبة: عنوان الكتاب: كيف تكون زعيما في سبعة أيام بدون معلم.

ابنة حفار القبور: كيف تكون زعيما في سبعة أيام بدون معلم، ما هذا الهراء؟ هل يمكن أن يكون هذا؟ (لابن الخياط) هل تعلم ما طلبت أنا من صاحب المكتبة، طلبت كتاب: الجمهورية، أتعرف ما هي الجمهورية؟ جمهورية أفلاطون التي يرى فيها ضرورة حكم الفلاسفة، لأنهم أناس …

صاحب المكتبة: سأحضر لكم ما تطلبون، سعادتي كبيرة بما تطلبين يا ابنة حفار القبور.

ابنة حفار القبور: شكرا لك يا عم (لابن الخياط) أراك بخير يا والدي العزيز ( ابن الخياط يومئ لها بعلامة الاتصال بالهاتف النقال، وهي تومئ بإشارة الوداع لابن الخياط وتخرج)

الخياط: (يكاد يبكي) سمعوا كلامي عن الحمير

الخباز: (يهمس للخياط) لم يسمع كلامك عن الحمير، سمعك تصيح زلة لسان، زلة لسان (يدخل حمار1، يتوقف الحمار يمين خشبة المسرح، ينتبه الجميع لوجوده)

ابن الخياط: ابي ايها الخياط الرائع ، هل من شيءٍ اساعدك فيه؟

الخياط: (مرتبكا بسبب وجود الحمار) لا شيء يا ولدي، اذهب واكمل استحمامك

ابن الخياط: هل تريد مساعدتي، سأنزل اليك مسرعا من هنا (يحاول القفز من سياج الشرفة)

حفار القبور: لا ينزلون من هنا أيها الغبي، توجد سلالم للنزول ، يا صديقي الخياط ولدك غبي.

الخياط: ليس غبيا، أنه حريص على الإسراع لنجدة والده.

حفار القبور: (لابن الخياط) هيا … اسرع بالهبوط، عسى ان توفر لي عملا وآخذ أجر دفنك من والدك الخياط (الحمار يتقدم ، يخاف الخياط بمبالغة)

ابن الخياط: يا عم، يا صاحب المكتبة هل أحضرت الكتاب الذي اوصيتك؟ (يناوله صاحب المكتبة كتابا او قرص ليزري) والدي، إن احتجتني فأنا موجود بالداخل، علي أن إنهاء واجباتي الدراسية (يخرج، يتقدم الحمار من الخباز)

الخباز: (يهمس) ماذا يريد الحمار؟ (يدخل الحمار1 دكان الخباز ويبدأ بأكل الخبر، يبكي الخباز ولا يعترض على الحمار) الخبز، أَكَلَ الخبز، تعبنا أنا وزوجتي في تحضير الخبز لأبيعه، وها هو يأكله، ذهب التعب والمال هدرا (مع الموسيقى، يبعثر الحمار 1 الخبز ويرميه على الأرض ويخرج) يا ويلي.

حفار القبور: اصمت، لماذا تنوح، هذا قدرنا.

الخياط: كلنا نتعرض لمثل هذه المواقف، اعتدنا عليها وانتهى الأمر.

الخباز : (يرفع صوته) ألا نستطيع إيقاف الحمير عن العبث بمقدراتنا؟ أي أناس نحن؟ لم يعد الصمت مقبولا (تظهر زوجة الخباز من إحدى الشرفات)

زوجة الخباز: ما بك يا زوجي العزيز؟

الخباز: أكل الخبز يا زوجتي وبعثر الباقي على الارض (يعود الحمار1 دون أن يلاحظ الخباز وجوده، في حين الزوجة تلحظ وجود الحمار1) الحمار أكل الخبز.

زوجة الخباز : هنيئا له.

الخباز: وتعبنا؟ وأموالنا؟

زوجة الخباز: اصمت يا زوجي وإلا تبرأت منك، ليأكل الحمار ما يأكل.

الخباز: كيف؟ يا زوجتي، يا ناس لن أصمت بعد اليوم (حفار القبور يدفع الخباز ليشاهد الحمار مما يفزع الخباز ويربكه، يخاطب الحمار 1) لن أصمت بعد اليوم عن عدم حضورك يوميا لتأكل الخبز، و سأجلب لك مع الخبز عصيرا أو ما تشاء أيها الحمار الجميل (يدخل أحد المارة، يتجول بين الدكاكين، حالما يشاهد الحمار في دكان الخباز، يخرج مسرعا) يا ويلي، يا ويلي (يهمس للخباز) لماذا لم تنبهوني لوجوده؟

الخياط: حاول الجميع تنبيهك، ولكنك لم … (يغادر الحمار متبخترا بعد نظرة حادة للخباز)

صاحب المكتبة: هذا تنبيه باطل، كم أعجب من أناس يلوذون بالصمت عن حقوقهم

الخباز: دعوني وشأني، يكفي ما أنا فيه.

زوجة الخباز: اهدأ يا زوجي، تعال، اصعد لترتاح قليلا …

الخباز : أية راحة، وأي هدوء، ذهب الحمار، ولا نعلم من سيحضر معه وما الذي سيجري عليّ؟ ادخلي يا زوجتي، ادخلي يا امرأة.

زوجة الخباز: سأنزل اليك (تهم بالقفز من سياج الشرفة)

الخباز: ماذا تفعلين يا زوجتي؟ لماذا تقفزين من الشرفة؟

الخياط: (لزوجة الخباز) يوجد سلم تستطيعين النزول منه (للخباز) زوجتك غبية يا صديقي.

زوجة الخباز : القفز من الشرفة اسرع بالوصول.

حفار القبور: لتنكسر رقبتك (مع نفسه) وربما تموتين وأقوم بدفنك.

صاحب المكتبة: يعيش حفار القبور على موت الآخرين.

حفار القبور: سأدفنك قريبا (لزوجة الخباز) ابقِ في بيتك يا زوجة صديقنا الخباز (للخباز)  وأنت عليك بالبقاء معنا (لزوجة الخباز) ليبقى معنا، علنا نشفع له (تغادر زوجة الخباز ) أتعلمون لماذا تأخرت عن فتح دكاني؟

الخياط: لديك جنازة، ذهبت تحفر قبرا، وتأخذ أجرا، ونحن هذا حالنا لم يدخل لنا أي زبون لحد الآن، بل إن (يشير إلى الخباز) هذا المسكين عبث الحمار بماله وتعبه، ذهب جهده هباء.

حفار القبور: كم أنت ثرثار أيها الخياط، لم تحزر سبب تأخري عن فتح دكاني.

الخباز: حدثنا يا حفار القبور عن سبب تأخرك (يتباكى مع نفسه) يا ويلي.

حفار القبور: كانت لديّ جنازة، هذا صحيح، ولكنها كالعادة كانت جنازة مجانية.

الخياط: لم يدفعوا لك أجرا لقاء خدماتك؟ لا بد أنهم فقراء، بوركت يا اخي العزيز.

الخباز: أحسنت، عليك بمساعدة المساكين (يتباكى) لأني ربما أكون قريبا منهم، يا ويلي.

حفار القبور: من حفرت قبره ليس فقيرا.

الخباز: ليس فقيرا ولم يدفع ذويه اجرا؟ هذا ابتزاز.

حفار القبور: لم أقل لكم، كنت أدفنهم مجانا منذ زمن، وفي أماكن مميزة من المقبرة، ولا أستطيع البوح بذلك، هل علمتم الآن مقدار ما أكابد؟

الخياط: في أماكن مميزة ومجانا؟ لماذا لا تطالب بأجرك؟

حفار القبور: لا أستطيع.

الخياط: لماذا؟ لماذا؟

حفار القبور: لأن ما يحدث لي هو نفسه الذي حدث الآن لصديقنا الخباز.

الخياط والخباز: (سويا) كيف؟ لماذا؟

حفار القبور: لأن الميت هو أحد الحمير، لأنه من حمير الملك (موسيقى)

الخياط والخباز: حمير الملك ؟

حفار القبور: نعم، عندما يموت أحد الحمير، يرسلون بطلبي لغرض القيام بدفن الحمار في المقبرة ولا يعطوني أي أجر عن عملي، لماذا؟

الخياط والخباز: لأنه أحد حمير الملك.

صاحب المكتبة: حمير الملك ؟ وقد تكون الجملة الأصح : ملك الحمير.

حفار القبور: (بصوت عال) ابتلينا بالحمير (يدخل حمار2، دون أن يلاحظه أحد)

الخياط والخباز: (يضحكان) حمير الملك؟؟!! ملك الحمير؟

صاحب المكتبة: نعم، ليكن ملكا للحمير (يضحك) وليس علينا.

حفار القبور: تضحكون مني؟ لأني أدفن الحمير؟ اضحكوا من أنفسكم، تذكر يا خباز ماذا فعل الحمار بالخبز قبل قليل ( ينتبهون لوجود الحمار ٢، الحمار يتفاعل مع الحوار بتحريك رأسه)

الخباز: (مرتبكا) هنيئا للحمار (يتقدم الحمار خطوة)

حفار القبور: (مع نفسه وبخوف) طبعا، يجب دفن حمير الملك ، ونقيم لهم مراسيم جنازة لائقة.

الخياط: نعم، طبعا، أحسنتم، علينا تقديم كل ما يمكن تقديمه لحمير الملك (يخرج الحمار 2)

حفار القبور والخباز: نعم، علينا تقديم كل ما يمكن …

الخياط: لقد ذهب، غادر، يكفي … يكفي (ينخرطون بالبكاء)

الخباز: (يهمس) الى متى نبقى هكذا نتحمل الملك وحمير الملك ؟

حفار القبور: (يهمس) مصيبة يا اصدقائي، منذ ان تولى هذا الملك الحكم ونحن ندفع ضريبة هوايته وحاشيته اللعينة.

الخياط: (يهمس) أنا غير مقتنع بوجود عاقل يهوى تربية الحمير.

الخباز: الذي يهوى شيئا يبقيه له، ليستأنس به هو ومع المقربين منه، لا يطلقه في الشوارع مع عامة الناس، منذ ان جاء هذا الزعيم وجاءت حميره معه، لم نرَ خيرا.

الخياط: (ساخرا) تأكل الحمير خبز هذا، وهذا يحفر لهم القبور ويدفنهم، يا للمهزلة التي نعيش فيها، يبدو أننا محكومون بالعيش وسط المهازل.

صاحب المكتبة: إلا أنا وأنت يا خياط، لا علاقة للحمير بنا لحد الآن، الحمير لن تدخل مكتبتي،  فلا علاقة لها بالكتب الورقية ولا بالرقمية.

حفار القبور: (يهمس) تمنيت لو أدفن الملك نفسه لينتهي هذا الكابوس (يدخل المنادي ومعه طبل كبير، يضرب على الطبل اثناء مناداته، وبرفقته ثلاثة حمير)

الخياط: اصمت يا حفار القبور، حضر المنادي، لنسمع ما يعلنه.

صاحب المكتبة: تطور الانسانية وسائلها دائما، ونحن ما زال لدينا منادي يستخدم الطبل وصوته العالي لإعلامنا بمجريات الأمور حولنا.

المنادي: (يقرع الطبل ويبكي بافتعال واضح) ببالغ الحزن والأسى نعلن عن وفاة الملك.

الخياط والخباز وحفار القبور: (يفرحون) يا للسعادة (تهز الحمير رؤوسها وتتقدم خطوة، يبكي بافتعال كل من الخياط والخباز وحفار القبور) يا للحزن العميق (يخرج كل منهم هاتفه النقال ويتصلون همسا)

الخياط: الو … ولدي العزيز، إليك الخبر السار: مات الملك نعم مات.

الخباز: الوووو … زوجتي، شاهدتِ الخبر العاجل على قناة الــ … الفضائية، أجمل خبر في الألفية الثالثة …

حفار القبور: الووو .. سمعتم الخبر … يا للفرحة الكبيرة، نتحدث فيما بعد، مع السلامة

المنادي: (يتوسط المكان) ببالغ الحزن والأسى نعلن عن وفاة الملك (يرتفع صوت البكاء المفتعل من قبل الخياط والخباز وحفار القبور، يدخل بعض المارة)

صاحب المكتبة: سأقوم بتوثيق موت الملك  (يشرع بالكتابة على الحاسوب أو في سجل) لا بد من كتابة أحداث التاريخ في وقتها لتتعرف عليها الأجيال.

الخياط: (للخباز) وهل يموت الملوك؟ لا اصدق …

المنادي: تم عقد اجتماع بين أبناء الملك لغرض اختيار زعيم جديد منهم (صوت بكاء مفتعل من الخباز والخياط وحفار القبور ) وكانت آخر وصية للملك قبل موته (يبكي بافتعال) ترك الملك وصية للشعب الكريم.

الخياط: (يفرح) وصية لنا؟ عاش الملك (يبكي بافتعال ومبالغة) مات الملك

الخياط والخباز وحفار القبور والمارة: مات الملك عاش الملك.

الخياط والخباز وحفار القبور: بماذا أوصى الملك؟

حفار القبور: يعوضنا الملك عن العمل المجاني لنغفر له.

الخباز: وصية الملك لنا، حصة طحين وتموين؟ تعويضا عن الخبز الذي أكلته الحمير.

الخياط: لابد انها مكافأة مالية عالية.

المنادي: يوصيكم الملك خيرا.

حفار القبور: سعادتي كبيرة، سأقوم بدفن الملك مجانا (يبكي بافتعال) وعن طيب خاطر.

الخياط والخباز وحفار القبور: سنكون عند حسن ظن زعيمنا بالخير كله.

المنادي: بعد ان رفض أبناء الملك رعاية الحمير، وقرروا ان لا علاقة لهم بحمير أبيهم، تمت احالة جميع الحمير الى التقاعد في حضيرة مجهزة بكل الرفاهية والتسلية وخدمات سبعة نجوم.

الخياط والخباز وحفار القبور والمارة: يوصينا الملك خيرا.

المنادي: أيها الشعب الطيب يوصيكم الملك خيرا بالحمير (موسيقى ، اطفاء)

 

 

 

 

 

 

 

المشهد الثاني

الخباز: ما أجمل هذا اليوم.

الخياط: طبعا يوم جميل، لأنه خالٍ من الحمير (ينزل حفار القبور من السلم)

حفار القبور: (يرقص فرحا) نعم، بالتأكيد، انه يوم بلا حمير، انتهت أيام الحداد على الملك واليوم ينصب الابن البكر ملكا جديدا علينا، وكلي أمل أن يكون أفضل من أبيه .

الخباز: بالتأكيد أفضل من أبيه، وهل يوجد أسوأ من شخص مهووس بتربية الحمير (يدخل اثنان من المارة لشراء الخبز، وقياس ملابس عند الخياط)

الخباز: المهم هو انتهاء هذه الحقبة المليئة بالغباء (يدخل المنادي، يضع في فمه صافرة، ومعه شاشة ومكبر صوت يقوم بتثبيتها في إحدى زوايا خشبة المسرح) أيها المنادي، ما الذي يجري؟

المنادي: (يصفر) هدية الملك الجديد للشعب السعيد .

صاحب المكتبة: ( ساخرا ) علية القوم لا يقدمون الهدايا، إنهم يأخذون وحسب، هي عادة راسخة.

الخياط والخباز وحفار القبور: ملك بديع لشعب مطيع.

صاحب المكتبة: شعب مطيع لملك بديع.

المنادي: (يصفر) لن تشاهدوني اصيح بعد اليوم، انتهى عصر المناداة في الأسواق والساحات العامة، كان ذلك عمل متخلف عن اللحاق بعالم التقنيات، زعيمنا الجديد مليء بالإنجازات، أمر الزعيم بوضع شاشات، في كل الساحات، لاطلاعكم على التطورات.

صاحب المكتبة: إذا كان العالم يتطور ويقفز سريعا كالكنغر، لنحلق بالعالم علينا الطيران كالصقور والعمل كالنحل.

حفار القبور: (يتحدث بالهاتف النقال) الووو … نعم … سأحضر حالا، أين؟ في القصر الوطني، ماتت الوالدة، آسف لذلك، بالتأكيد سأحضر حالا (ينهي المكالمة) أعذروني أصدقائي، عليَ الذهاب الى العمل، جاءني رزق، ومن أين؟ ماتت الوالدة، ثمة جنازة في القصر، أراكم بخير (يخرج)

الخياط والخباز: اذهب سريعا، موت الناس يسعدك ويزيد أموالك.

المنادي: (يصفر) تابعوا الشاشة، ستعرض على حضراتكم أحدث الاخبار (حالما يتم الانتهاء من نصب الشاشة تظهر عليها كلمة : عاجل .. عاجل) أرأيتم؟ بدأت بعاجل … (يصفر، يخرج المنادي، تظهر ابنة حفار القبور في الشرفة، تسرح شعرها)

ابنة حفار القبور: والدي العزيز، اين انت؟ اريد …

صاحب المكتبة: أتريدين كتاب الجمهورية، حصلت على نسخة الكترونية  c.d هذا أفلاطون الذي اوصيتني بجلبه لك.

ابنة حفار القبور: بالتأكيد يا عم (يناولها قرص ليزري) شكرا لك، أين والدي؟

الخباز: ذهب والدك ليدفن أحدهم، من الشخصيات ذات الاهمية القصوى في القصر.

الخياط: سيكرمونه بمال غزير (يظهر ابن الخياط في الشرفة كما هو في المشهد الأول – وكأنه خرج من الحمام) ماذا تريدين منه؟

ابن الخياط: (يغازلها) ماذا تريدين؟ انا جاهز (يلتقط صورة ذاتية –سيلفي- مع ابنة حفار القبور) سأرسلها لك …

ابنة حفار القبور: اوصيته بشراء مشطا جديدا (تلتقط صورة ذاتية مع ابن الخياط)

زوجة الخباز: (تظهر فجأة في الشرفة) وأنا … لا أحد يلتقط صورة معي (يقوم الاثنان بالتقاط صورة ذاتية معها) ارسلوها لي.

ابنة حفار القبور: (لابن الخياط) المهم اني حصلت على كتابي

ابن الخياط: وأين كتابي يا عم يا صاحب المكتبة؟

صاحب المكتبة: كتاب: كيف تكون ملكا في سبعة أيام بدون معلم، هاك الكتاب ربما يفسد عقلك ببعض الترهات.

ابنة حفار القبور: (لابن الخياط) أين كتابك من جمهورية أفلاطون …

صاحب المكتبة: كتابك يشجع على حكم الحكماء وكتابه يريد جعل الدهماء الجهلاء زعماء.

زوجة الخباز: زوجي العزيز، كيف البيع اليوم؟

الخباز: لا شيء، لم أَبِعْ شيئا الى الآن، وكأن الناس هجرت شراء الخبز، ماذا تريدين؟

ابنة حفار القبور: (تصورت أنها المقصودة بسؤال الخباز لأنها كانت مشغولة مع ابن الخياط) أريد مشطا جميلا، تأخر والدي …

الخباز: وما شأني بمشطك؟  (لزوجته) انت يا زوجتي العزيزة، ماذا أردت لتظهري بهذا الطبقة الكثيفة من مساحيق التجميل؟

زوجة الخباز: ( بإغراء) أتجمل لك يا زوجي العزيز، اشتقت إليك.

الخباز: استري علينا يا زوجتي ، ليس الآن .

زوجة الخباز : ما هذه الشاشة يا زوجي العزيز.

الخياط: أكرمنا الزعيم بهذه الشاشة.

صاحب المكتبة: سأكتب تاريخ دخول هذه التقنية الى الساحة في تاريخ المدينة، يا ابن الخياط، وأنت يا ابنة حفار القبور اجعلوا هذا التاريخ راسخا في ذاكرتكم.

ابنة حفار القبور وابن الخياط: نعم يا صاحب المكتبة

ابن الخياط: وما هذا العاجل يا والدي العزيز؟

الخياط: يا ولدي العزيز، نحن بإنتظار ما بعد هذا العاجل

الخباز: هيا زوجتي، اذهبي إلى الداخل …

زوجة الخباز: سأدخل (لأبنة حفار القبور وابن الخياط) وأنتما ألن تدخلوا، أما شبعتم من الغزل والحب والغرام؟ هيا إلى الداخل وأكملوا بالمكالمات الصوتية والفيديو …(يهمون بالدخول، موسيقى، تظهر صورة الملك على الشاشة مكتوب تحتها: يحيا الملك)

الخياط والخباز: الملك! يعيش الملك

زوجة الخباز وابنة حفار القبور وابن الخياط: الملك؟ يعيش الملك (موسيقى، تظهر صورة الملك ومعه قرد، مكتوب تحتها: الملك يتبنى القرود) ماذا؟

الخياط والخباز: الزعيم يتبنى القرود (موسيقى، يدخل قرد ويتوقف خلف الموجودين المنشغلين بالنظر إلى الشاشة ولم يلاحظوا وجوده) هل يعقل هذا؟ قرود؟

ابنة حفار القبور: ليته تبناني معهم.

ابن الخياط: وأنا معك، أتمنى أن يتبناني الملك كأي قرد.

زوجة الخباز: ليتني كنت قردة يتبناها الملك ويلتقط الصور معها، وليس خبازة وزوجة خباز.

صاحب المكتبة: تمهلوا، ربما تندمون على ما تتمنون، مثلما ندم من تمنى ان يكون له ما لقارون، هل تتذكرون قارون؟

الخباز والخياط: تتمنون أن تكونوا قردة؟ قردة؟ (يدخل المنادي)

المنادي: (يفاجئ الجميع بصوته العالي وصوت الصافرة) القردة؟ ما بهم القردة؟

الجميع: (يستديرون باتجاه المنادي، يفاجئون بوجود القرد) ما هذا؟ قرد؟

المنادي: (يصفر) نعم قرد، واحذروا أن تزعجوه، الجميع يتمنى أن يكون قردا لدى الملك (ينظر باتجاه زوجة الخباز وابنة حفار القبور وابن الخياط) أليس كذلك؟ (يصفر) تتمنوا أن تكونوا قرودا يتبناكم الملك ؟ هذا القرد امامكم واحذروا من إيذاءه، انه قرد الملك، تابعوا الشاشة (تعرض على الشاشة صور للملك مع عدة قرود بأوضاع مختلفة وبين صورة وأخرى كلمة: عاجل)

الخياط: لم نرضَ بالحمير، جاءتنا القرود.

المنادي: (يصفر) الحمير تختلف عن القرود، اختار الملك القرود لأنها كائنات ذكية وحساسة (يصفر ويخرج)

الخباز: (القرد ينظر للخباز والخياط) انه ينظر الينا، نظرته تربكني.

الخياط: نظرته تشعرني بأني مذنب.

الخباز: يا زوجتي العزيزة، اذهبي الى الداخل اتركينا ننصرف إلى أعمالنا (يتقدم القرد خطوة باتجاه الخباز)

الخياط: وانت يا ولدي اذهب وأكمل استحمامك (القرد يتقدم خطوة باتجاه الخياط)

الخباز: يا زوجتي ادخلي وخذي معك ذات الشعر الاشعث هذه، ابنة صديقنا حفار القبور الى بيتهم.

زوجة الخباز: ادخل يا أنتَ لتكمل حمامك، هيا يا أنتِ اذهبي وسرحي شعرك، وكفى غزلا.

ابنة حفار القبور: اريد مشطا (ينظر القرد إليها) نعم اريد مشطا يا قرد الملك (القرد يهز رأسه، تلتقط صورة للقرد بجهاز الهاتف) هل تحضر لي مشطا (القرد يهز رأسه)

ابن الخياط: أنا من سيجلب لك مشطا.

ابنة حفار القبور: وهل تملكتك الغيرة من القرد.

الخياط والخباز: (بغضب) هيا ادخلوا وأكملوا اعمالكم، واتركونا لأعمالنا

زوجة الخباز: (لأبنة حفار القبور وابن الخياط) هيا إلى الداخل وأكملوا لقاءكم بالمكالمات الصوتية والفيديو … هيا (يخرجون، يدخل حفار القبور يحمل مشطا)

حفار القبور: (يُفاجأ بوجود القرد) ما هذا؟

الخياط: (لحفار القبور) هنيئا لك، كنتَ في القصر، كم أنت سعيد؟ (طوال الحوارات التالية يتحرك القرد باتجاه من يتكلم ويحاكيه بحركة يديه وحركة رأسه)

الخباز: (لحفار القبور) هنيئا لك، بالتأكيد أخذت كمية كبيرة من الأموال مقابل دفن الأم، أنت سعيد.

صاحب المكتبة: السعادة غير مشروطة بالقصور والأموال.

حفار القبور: نعم دفنت الأم، هذا صحيح (يدخل احد المارة الى دكان الخياط، يختار نوع من الأقمشة، يشرع الخياط بأخذ مقاساته)

الخياط: بالتأكيد، ماتت حزننا وكمدا على الملك الأب.

الخباز: كثيرا ما يحدث ذلك للزوجات الوفيات لأزواجهن، يمتن بعدهم الأزواج مباشرة.

حفار القبور: الصحيح من كلامكم هو اني دفنت فقط، ولكن أي أم؟

الخباز والخياط: أي أم؟

حفار القبور: إنها واحدة من أمهات القردة التي يربيها الملك ربما هي أم هذا القرد الذي أمامنا الآن (يبكي القرد، ويدخل الى دكان الخياط ليمسح دموعه بأقمشة الخياط بصورة فوضوية، يخرج أحد المارة الذي دخل دكان الخياط)

الخباز والخياط: ماذا؟!! (الخباز ينبه الخياط إلى ما يفعله القرد بالأقمشة)

حفار القبور: كنت أدفن حمير الملك الأب، واليوم أدفن قردة الملك الابن، وفي كلا الحالين يتم الدفن مجانا  (يظهر على الشاشة : عاجل … عاجل)

الخياط: ماذا تفعل أيها القرد (موسيقى، يظهر على الشاشة: عاجل : يمنع إيقاف أو ردع خدش مشاعر القرود – بأمر الملك)

صاحب المكتبة: (بعد أن يقرأ ما ورد في الشاشة) مات ملك الحمير عاش ملك القرود.

الخباز: احذر صديقي الخياط، اقرأ … الملك يمنع ردع القرود.

الخياط: سأمنع القرد من العبث بأقمشتي (يتجه الى القرد غاضبا، يزمجر القرد بقوة، ويومئ للخياط بأن يصمم ويخيط له بدلة جميلة على وفق مقاساته) ماذا يريد؟

حفار القبور: يريدك ان تصمم له بدلة جميلة وتخيطها بأجمل الاقمشة.

الخياط: انا خياط للإنسان ولست للحيوان (يدخل المنادي ومعه الصافرة) تعال أيها المنادي وخذ هذا القرد، أخرجه من دكاني (يزمجر القرد غاضبا، ثم يبكي)

المنادي: لماذا؟ (يصفر) لقد خدشت مشاعر القرد ذي الاحساس المرهف أيها الخياط، وهذا فعل شنيع (يصفر)

صاحب المكتبة: (ساخرا) مثلما يوجد طبيب بيطري، يجب أن يوجد خياط بيطري.

المنادي: (للخياط) رشحناك لمهمة الخياط البيطري الخاص بقرود الملك.

الخياط: (يبكي بافتعال ومبالغة) لا استطيع خياطة ملابس لهذا القرد.

المنادي: (يصفر، يقرأ اليافطة على دكان الخياط) لسنا الوحيدون ولكننا الأمهر، كيف تكون الخياط الأمهر ولا تستطيع خياطة ملابس لقرد (يخرج هاتفه ويتصل على جنب دون ان يسمعه الآخرون) نعم، أرى …

حفار القبور: (للخياط) عليك خياطة بدلة للقرد .. انه من حاشية الملك، ألم تسمعني، لقد دفنت قردة قبل قليل …

الخباز: أيها الخياط البيطري، ليس عليك فعل ذلك (يتجه القرد الى دكان الخباز ويبدأ بأكل الخبز وتقطيعه وبعثرته) ماذا تفعل ايها القرد، خذ ما يكفيك ويشبعك وارحل (يدخل اثنان من القرود ويتجهون إلى دكان الخياط)

المنادي: افعل لهما (يصفر ويشير إلى القردين) ما يجب أن تفعله لذلك القرد بعد أن يشبع، و سيلتحق المزيد من القرود بهم، عليك أن تتشرف بالخياطة لحاشية الملك (يخرجالمنادي ، يبكي الخياط والخباز)

حفار القبور: (ينادي) ابنتي العزيزة، جلبت لك ما طلبت (يلوح بالمشط) ابنتي (تظهر ابنة حفار القبور في الشرفة، ثم يظهر ابن الخياط وبعده زوجة الخباز)

ابنة حفار القبور: نعم يا والدي العزيز، هل جلت المشط؟

حفار القبور: نعم يا ابنتي العزيزة، هاك هذا المشط (يقذف المشط للاعلى باتجاه ابنته، تنظر القردة الثلاثة إلى الأعلى في الشرفة)

ابنة حفار القبور وزوجة الخباز وابن الخياط: ما هذه القردة؟

حفار القبور: خذي المشط يا ابنتي (يناولها المشط) ادخلي لتسريح شعرك (تدخل)

الخياط: ادخل يا ولدي وأكمل استحمامك (يدخل)

الخباز: ادخلي يا زوجتي وأكملي مكياجك (تدخل، موسيقى، تصعد القردة الثلاثة إلى الأعلى)

حفار القبور والخباز والخياط: إلى أين يذهبون؟

الخياط: ابني يستحم، انزلوا أيها القرود …

الخباز: زوجتي في الأعلى، تعالوا …

حفار القبور: أين أنتم ذاهبون … تعالوا … ابنتي .. (بعد أن اقتحمت القرود الابواب، يسمع صوت صراخ وعويل وأشياء تتكسر وترمى من الاعلى، يذهب الخياط والخباز وحفار القبور إلى الأعلى، موسيقى، يظهر على الشاشة: عاجل، موسيقى، يدخل المنادي في فمه صافرة)

المنادي: (يصفر) أيتها القردة (تظهر القردة الثلاثة) هيا بنا، لدي أخبار سيئة لكم، أبلغكم بها قبل أن تضج بها مواقع التواصل الاجتماعي و قنوات التلفزة الفضائية، تعالوا إنه وضع محزن لكم (تنزل القرود، يظهر كل من الخباز والخياط وحفار القبور والآخرون في الشرفة وآثار المعركة بادية عليهم)

الخياط: لابد من مغادرة البلاد.

الخباز: احسنت، لنترك البلاد لهم

حفار القبور: مهنتي لا تبور، ما دام هناك موت هناك قبور، لنهاجر.

صاحب المكتبة: حتى وإن غادرتم وهاجرتم، ستبقى أرواحكم تطوف في مراتع جذوركم.

المنادي: لا تتعجلوا، ثمة تغيير … انتظروا الاخبار (يصفر المنادي ويشير للقرود، يخرجون)

الخياط: (ينزل) ولدي العزيز، لملم أغراضنا لنرحل، لا تغيير.

الخباز: لا عيشة لنا مع القرود، هيا زوجتي، لنغادر.

حفار القبور: ابنتي، ضعي ملابسنا في حقيبة (موسيقى)

 

 

صوت المنادي: (تظهر كتابة على الشاشة ويقرأها المنادي) أيها الشعب المطيع، ببالغ الحزن والأسى نودع ملكنا الذي وافاه الأجل هذا اليوم وتم حجز جميع حاشيته من القردة في مكان آمن.(يخرج المنادي والقردة)

زوجة الخباز: مات الملك؟

ابنة حفار القبور: ذهبت القرود ولن تعود.

ابن الخياط: والدي العزيز، هل نهاجر وثمة تغيير قادم … (موسيقى)

الخياط: لا باس، لن نهاجر، أين نذهب؟

الخباز: لا مهارات لدينا، انا خباز بطريقة متخلفة.

حفار القبور: علينا البقاء، ما أنا إلا حفار قبور، وهل العالم بحاجة إلى حفاري قبور؟

الخياط: فكرة الهجرة ناتجة عن سورة غضب (تظهر على الشاشة: عاجل … تم تنصيب الملك جديد، يدخل المنادي)

حفار القبور: أيها المنادي، كيف مات الملك ؟

صاحب المكتبة: هذا سؤال مهم، وعليّ توثيق الإجابة للتاريخ (يشرع بالكتابة)

المنادي: سأخبركم (يمثل ما جرى بمبالغة) اعتاد الملك على فتح قاعة القصر الوطني للحاشية دوما لتسرح وتمرح فيها، غادر الملك كرسيه ذاهبا الى الحمام مثل كل الناس، وإذا بواحد من الحاشية يجلس على كرسي الملك، عندما عاد الملك من الحمام ووجد القرد على الكرسي استشاط غضبا وزجر القرد وحاول ضربه.

الخياط والخباز وحفار القبور: (بسخرية) القرود مخلوقات ذكية وحساسة.

المنادي: هاجت الحاشية كلها وهاجمت الملك استعار الملك المقولة الشهيرة وقال: حتى أنت أيتها القرود، إذن ليمت الملك ، مات الملك .

ابنة حفار القبور وزوجة الخباز وابن الخياط: قتلت القرودُ الملك الودود.

المنادي: تم الاجتماع وتم انتخاب زعيم جديد.

الخياط والخباز وحفار القبور: أيها المنادي، سنثور ضد أي ملك جديد يطلق الحيوانات علينا، نرفض أن تتحكم هوايات وحاشية الملوك بنا، نريد مقابلة الملك الجديد.

المنادي: سأنقل إليه مطالبكم (يخرج)

الخياط: لن نقبل بتربية القرود.

الخباز: مللنا وجزعنا من الحمير والقرود، لن نقبل بذلك بعد الآن.

حفار القبور: لن اقوم بدفن الحمير والقردة بعد اليوم (موسيقى، يكتب على الشاشة: يلتقيكم الملك بعد قليل، يدخل المنادي، يحمل بيده مجموعة لافتات كلها مكتوبة عدا واحدة فارغة ، تدخل القرود )

ابنة حفار القبور: ما تريدون

القرود: نحن نفعل ما نؤمر

ابن الخياط: الأشخاص الذين يفعلون ما يؤمرون هم الاخطر على الاطلاق

القرود: نحن نفعل ما نؤمر

ابنة حفار القبور: كلها أوامر ؟ ألا توجد فسحة بلا أوامر ؟ فسحة من الحرية ؟

القرود: نعم توجد ، فسحة نفعل خلالها ما نشتهي من الفوضى

ابن الخياط: لماذا الفوضى

القرود: الفوضى هي حريتنا

ابن الخياط وابنة حفار القبور: ماذا عن ما في القلب والرأس ؟

القرود: نحن قرود

الخياط والخباز وحفار القبور: ثم ماذا؟

ابنة حفار القبور: تجنح السفينة حين تضربها العاصفة في البحر ، ولكن اعلم أن ما القلب لن يتلاشى ، ما دمنا قادرين على إرجاع السفينة لاستقامتها بمجرد انتهاء العاصفة.

المنادي: يلتقيكم الملك بعد قليل، أصدر ملكنا أمرا، وهو ، يأمركم الملك  باختيار تسمية لهذه الساحة التي أنتم فيها ، انتهى الأمر الملكي (يستعرض اللافتات) على أن تختاروا إحدى هذه التسميات، وتأملوا حكمة الملك الجديد الكامنة بهذه التسميات التي ستنتشر في كل البلاد (ينادي) هيا تفضلوا …

(تدخل الروبوتات الثلاثة، وكلما حمل المنادي لافتة فارغة يتناولها منه أحد الروبوتات وتلقي بها إلى خارج المسرح عدا اللافتة الفارغة)اختاروا بكل حرية تسمية هذه الساحة التي أنتم فيها، ماذا تريدون؟ هذه اللافتة مكتوب عليها ساحة الحرية، وهذه ساحة الحريات، وهذه ساحة الاحرار، وهذه ساحة المحررون، وهذه ساحة الشعب الحر، وهذه ساحة المواطن الحر، وهذه ساحة … عفوا هذه اللافتة فارغة، عليكم انتم وبكل حرية أن تختاروا ما تكتبون عليها، هل لاحظتم مساحة الحرية التي يوفرها لكم الملك

 

 

 

(موسيقى، يكتب على الشاشة كلمة: الزعيم الجديد، ثم تظهر صورته، وبعدها يظهر الزعيم شخصيا على الشاشة، يصدر أصوات مبهمة ، أنه أخرس ، يحرك رأسه ويديه وكأنه يقول تكلموا ) تفضلوا حدثوا الملك عن مطالبكم وبكل صراحة وحرية.

الجميع عدا المنادي: أيها الزعيم الرائد

لنا مطلب واحد

السابقون من الزعماء

لم يكونوا رحماء

أطلقوا الحيوانات

وقيدوا الحريات

أطلقوا حميرا وقردة

تصرفوا كالمردة.

الخباز والخياط وحفار القبور: انت اعطيتنا الأمان وقلت لكم حق مصان (يدورون حول اللافتة الفارغة) نشكركم على هذه اللافتات المليئة بالحرية، نشكركم (مع الحوار والموسيقى، يهز الملك رأسه)

المنادي : (يسلم أحد الروبوتات ورقة للمنادي) جاءنا ما يلي : امر ملكي (يقرأ) انسجاما مع التطورات العالمية تقرر تسمية الساحة باسم ساحة الروبوتات، لان حاشية الملك ستكون روبوتات بدلا من الحمير والقردة

ابنة حفار القبور وابن الخياط: روبوتات؟

الخباز والخياط وحفار القبور: جحوش اليكترونية ؟ نحن راحلون (يحملون حقائبهم )

صاحب المكتبة: أنا باقٍ هنا (يتجه صاحب المكتبة للكتابة)

ابنة حفار القبور وابن الخياط: (ينزلون من الاعلى وهم على درجة من الأناقة ) نحن لها …

الخياط : نحن لها ؟ ما تقصد يا ولدي ؟

حفار القبور: ماذا تعنين يا ابنتي ؟

ابنة حفار القبور وابن الخياط : نحن باقون

الخياط والخباز وحفار القبور: لماذا؟

ابنة حفار القبور: لأن هذا ما يجب ان نفعل ،الرحيل لم يكن حلا ابدا ، انه هروب .

الجميع: ثم ماذا؟

ابنة حفار القبور: نحن … انا … و …

ابن الخياط: وأنا … وآخرون

ابنة حفار القبور: وآخرون غيرنا

(الخباز والخياط وحفار القبور يسقطون الحقائب أرضًا)

إطفاء – انتهت

 

 


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock