مقالات ودراسات

وين رايحين..؟ خلاصة 70 عاما من المعاناة العراقية..يرويها “حيدر منعثر” في عرض مسرحي يستغرق 90 دقيقة


المسرح نيوز ـ القاهرة| مقالات ودراسات

ـ

حمزة محمد الفيحان| العراق

 

 

الفنان حيدر منعثر مخرج مسرحي معروف بتجربته الفريدة في مجال الكوميديا السوداء وهي نوع من الكوميديا التي تعتمد على السخرية من المواضيع الجادة أو المأساوية .

 

لديه القدرة على تقديم مواضيع عميقة وجادة بأسلوب ساخر وفكاهي، مما يجعله قادرًا على جذب جمهور واسع من مختلف الفئات ، وتجربة الدكتور حيدر منعثر في الكوميديا السوداء تعكس مدى عمقه الفني وفهمه للحياة الإنسانية بكل تعقيداتها وتناقضاتها ، وقدرته على تجسيد هذه المواضيع بأسلوب كوميدي ساخر يجعل تلك القضايا أكثر قربًا وفهمًا للجمهور، لتظل عروضه محفورة في الذاكرة الفنية والمجتمعية . ويمكن أن نستعرض كيفية توظيف حيدر منعثر للكوميديا السوداء في مسرحياته من خلال العناصر التالية :

  • الموضوعات المطروحة :

حيدر منعثر يتميز بقدرته على معالجة القضايا الاجتماعية والسياسية الحساسة في العراق من خلال قالب كوميدي يحمل طابعاً سوداوياً. فمثلاً، يمكن أن تجد في مسرحياته نقداً لاذعاً للفساد السياسي أو الفقر أو الظلم الاجتماعي، ولكنه يعرض هذه القضايا بطريقة تجعل الجمهور يضحك رغم الألم الذي يحمله الموضوع . وغالبًا ما يتناول منعثر في عروضه المسرحية قضايا الإنسان المعاصر، هذه الموضوعات رغم حساسيتها، يتم تحليلها وتقديمها بأسلوب ساخر دون تهميش الجدية الكامنة فيها .

  • الشخصيات الكاريكاتورية :

يولي منعثر اهتمامًا كبيرًا بتطوير الشخصيات لتكون متعددة الأبعاد ومعقدة . هذا يسمح للممثلين بتقديم أداء يمتلك عمقًا وصدقًا ، وتجسيد الشخصيات بطريقة تبرز تناقضاتها وتفاصيلها الإنسانية ، ويحب المخرج حيدر منعثر أن يقدم شخصياته بأسلوب كاريكاتوري مبالغ فيه ، يجسد فيها المآسي والعيوب البشرية بطرق تجعل الجمهور يتفاعل معها بشكل كبير هذه الشخصيات تكون غالباً مبنية على أنماط معينة تعكس المجتمع العراقي بكل تناقضاته .

 

  • التلاعب باللغة :

استخدام اللغة بأسلوب ساخر هو أحد أدوات منعثر الرئيسية ، فهو يستعمل العامية العراقية بمهارة، ويضم إليها تلك العبارات الاصطلاحية والنكات التي تحمل معاني عميقة ، وكثيرًا ما تكون مزدوجة الدلالة ، مما يزيد من تأثير الكوميديا السوداء .

  • المشاهد المكانية والزمانية :

يجيد المخرج حيدر منعثر استغلال المشاهد المكانية والزمانية لتعزيز الطابع السوداوي لأعماله. فمثلاً، يمكن أن يقدم مشاهد تدور في أمكنة مهترئة أو زمن الحروب، ليعكس من خلالها عبثية الأوضاع ويفجر بذات الوقت الضحك من مأساوية الموقف.

  • الموسيقى والإضاءة :

يستخدم حيدر منعثر الموسيقى والإضاءة بشكل متميز لخلق التباين بين الأحداث الكوميدية والمأساوية ، الإضاءة الخافتة والموسيقى الحزينة قد تترافق مع مشهد كوميدي ليزيد من التناقض ويعمق التجربة السوداوية .

  • التوجهات الفنية :

حيدر منعثر يميل إلى مزج العناصر الدرامية بالكوميديا السوداء، مما يساهم في خلق تجارب مسرحية متكاملة تجمع بين الضحك والتفكير العميق. يعتمد في أعماله على نصوص قوية وسيناريوهات متقنة تتيح له تسليط الضوء على القضايا الاجتماعية والسياسية بمهارة.

  • المنهجية والتقنيات :

يتميز منعثر بأسلوب إخراجي يمزج بين التقليدي والحديث، مستخدمًا تقنيات متنوعة لتحفيز التفاعل مع الجمهور من خلال سينوغرافيا العرض المسرحي  ( الديكور ، إضاءة ديناميكية ، والموسيقى ) لترفع من وتيرة الأحداث وتساهم في تعزيز الجوانب الكوميدية السوداء للعمل .

ويستخدم تقنيات إخراجية مبتكرة مثل كسر الجدار الرابع، حيث يتحدث الممثلون مباشرة إلى الجمهور، مما يخلق نوعًا من الحوار والتفاعل المباشر . يعتمد أيضًا على تكنيكات التحويل السريع بين المشاهد والمواقف بطريقة سلسة ومبتكرة .

  • التجربة الجماهيرية :

إحدى نقاط قوة الفنان حيدر منعثر هو قدرته على تفاعل الجمهور مع العروض التي يقدمها . فهو يعمد إلى إشراك الجمهور في الحبكة بطريقة تسهم في تعزيز التأثير الدرامي وتقريب مواضيع العرض من واقع المشاهدين  .

  • الاحترام والمسؤولية :

معالجة المواضيع الحساسة تتطلب وعي فكري عالٍ ومسؤولية . فمن الضروري تقديم المحتوى بطريقة تراعي مشاعر الجمهور وتجنب إحداث أي إيذاء غير مقصود وهذا امر يتعامل فيه المخرج حيدر منعثر بمهنية فنية متقنه من خلال تقديم عروضه المسرحية .

 

 وين رايحين ؟

مسرحية “وين رايحين” ، تبرز كأحد الأعمال المسرحية العربية التي تجمع بين العمق الاجتماعي والتعقيد النفسي ، حيث تأخذ المشاهدين في رحلة استكشافية للعوالم الداخلية والصراعات الإنسانية . وتُعتبر من الأعمال الفنية التي تحمل رسالة عميقة ، إنها رحلة تأملية تستعرض الواقع الاجتماعي والنفسي بتفاصيله المعقدة والمتشابكة ، فيما يلي نقد تفصيلي للعناصر المختلفة لهذا العرض المسرحي المميز

  • القصة والموضوع :

تدور أحداث مسرحية “وين رايحين” حول مجموعة من الشخصيات التي تجد نفسها في مواجهة قرارات حاسمة ومصيرية. الشخصيات تبدو تائهة في الحياة تبحث عن وجهة ، وعن إجابات للأسئلة الوجودية التي تطاردهم . العنوان بحد ذاته “وين رايحين” يعكس حالة الضياع والبحث المستمر عن هدف أو نهاية ، وهو ما يجعل العمل قريباً من الجمهور الذي يعاني مشاعر مشابهة جسدها ابطال المسرحية بكل صدق من خلال ادائهم المبهر على خشبة المسرح

  • مبرهنة الضياع في باص الـ70 عام :

المعطيات : ( سائق باص ثمل – رجل تائه في دوامة القهر والضياع –  امرأة ايزيدية تعرضت الى ابشع انواع التهجير القسري والبيع – امرأة كبيرة تفقد طفلها في نيران الحروب – عازف يضرب على الدف وكأنة عداد للوقت –  شخصيات تمثل الارهاب – توثيق صوري لمجمل الاحداث التي عصفت بالعراق منذ عشرات السنين)

المطلوب اثباته : وين رايحين ؟

البرهان : تمثل مسرحية وين رايحين للكاتبين خالد جمعة وحيدر منعثر ، استعراض شامل لكل الاحداث المؤثرة التي عصفت بالشعب العراقي منذ 70 عاما ، جاءت على شكل باص تائه يحمل مجموعة اشخاص لكل واحد منهم قصة لها اثرها ووقعها ، وتمثل مرحلة من تاريخ الوطن بما تحمل من ظلم وقهر وحروب وضياع ، انها عملية استرجاع للذاكرة وجلد للذات ودعوة للتغيير ، إنها دعوة للمشاهدين للتفكر في مسارات حياتهم وغاياتهم  ، انها دعوة ان نتجه بالاتجاه الصحيح لنعرف الجواب للسؤال الكبير الذي وضعنا كادر العرض المسرحي أمامه ، على الجميع ان يبحث في ليجد البرهان ويعرف وين رايحين ؟

أن النص في مسرحية وين رايحين كان عميقاً وحافلاً بالرمزية، حيث استطاع الكاتبان نقل مشاعر الضياع والبحث عن الذات بأسلوب أدبي رفيع ، الحوارات كانت واقعية ومكثفة، مستفزةً للتفكير والتأمل، مما أضفى طابعاً فلسفياً على العمل .

 

  • الرؤية الإخراجية :

الرؤية الإخراجية للمخرج حيدر منعثر في “وين رايحين” تميزت بالتكامل والابتكار . استطاع منعثر خلق توازن بين النص والمشهد، حيث اعتمد على الأسلوب المونتاجي غير التقليدي لتقديم القصة بشكل سردي متناغم من خلال ذلك ، جعل الجمهور يعيش التجربة الحقيقية للشخصيات مما أضفى بعدًا دراميًا وإنسانيًا على العمل فالاسلوب الاخراجي ركز على تقديم الحالة الشعورية والضياع النفسي للشخصيات، مما جعل الجمهور يتماهى مع تلك الحالات ويشعر بالانجذاب العاطفي نحوها

  • الأداء المركب للشخصيات :

الأداء التمثيلي في “وين رايحين” كان يتميز بالتعقيد والتنوع ، استطاع الممثلون تقديم شخصياتهم بواقعية ، مما يعكس فهمًا عميقًا للدور والأبعاد النفسية للشخصيات وهذا نتاج التمرين الطويل الذي استمر لاكثر من 6 اشهر . أن الأداء المركب تضمن تجسيد الانفعالات المختلفة من الغضب والحزن إلى الفرح والدهشة ، مما جعل العرض ينبض بالحياة ويجعل المتلقي في مرحلة الاثارة والتشويق وهو يعيش اجواء العرض المسرحي .

 

كل ممثل قام بدوره بطريقة مدروسة مما أظهر تفاعلاً طبيعياً وسلسًا بين جميع الشخصيات وهم حسب ظهورهم بالعرض المسرحي (زهرة بدن – لؤي أحمد – لمياء بدن – طلال هادي – اياد الطائي – أمير إحسان – العازف وسام بربن – سجاد شاكر – أحمد نادم) . تميز فريق العمل بأداء تمثيلي قوي ومؤثر. كانت الانفعالات والتعبيرات الجسدية للممثلين تعكس بوضوح الصراعات الداخلية والعواطف المتضاربة . كما ان التناغم بين الممثلين أعطى للعمل مصداقية وحيويةى ، مما جعل الجمهور يتفاعل مع المشاهد بشكل مباشر وصادق .

أبدع حيدر منعثر في توجيه الممثلين وتوظيف قدراتهم التمثيلية لخدمة النص والمشاهد بشكل بارع ، واستخدم أدوات الإخراج بذكاء، حيث كانت الحركة على خشبة المسرح مدروسة بعناية لتجسيد الحال المتقلبة للشخصيات حيث أن الانتقالات الزمنية والمكانية تمت بسلاسة ، الأمر الذي يعكس براعة المخرج في التحكم في تقنية الممثل (القاءاً وحركةً ) في الفضاء المسرحي  .

 

  • استخدام المسرح الوثائقي التسجيلي :

مسرحية “وين رايحين” للمخرج حيدر منعثر تمزج بين عناصر المسرح التقليدي والمسرح الوثائقي التسجيلي الذي يعتبر الالمانيان بسكاتور وبيتر فايس رائدي المسرح الوثائقي الذي أخذ يشق طريقه بثبات في عالم المسرح انذاك ، وهذا الاستخدام الوثائقي يضفي على العمل بعدًا جديدًا وواقعيًا يعكس قضايا المجتمع العراقي المعاصر .

  • مصادر حقيقية :

استخدام المخرج للمواد الوثائقية الأصلية والصور ومقاطع الفيديو في “وين رايحين” أعطى للمسرحية طابعًا واقعيًا وموثوقًا ، هذه العناصر ساهمت في تعزيز مصداقية العرض وأثرت في تجربة الجمهور.

  • الشهادات الشخصية :

أضافت الشهادات والقصص الشخصية المأخوذة من الواقع جوًا قويًا من المصداقية والواقعية . هذه القصص الإنسانية المقدمة من خلال حوارات الشخصيات عمقت الاتصال بين العرض والجمهور، وجعلتهم يشعرون بأنهم يعيشون الأحداث بأنفسهم .

  • عرض الحقائق والأرقام :

استثمار المخرج للحقائق المتعلقة بالقضايا التي تتناولها المسرحية، مثل البطالة والهجرة والنزوح القسري والارهاب والحروب ، ساعد في إضفاء طابع جاد وملموس على الموضوعات المطروحة، مما يسمح للجمهور بفهم الأبعاد الكاملة للمشاكل المطروحة .

  • التنوع في أساليب العرض :

الجمع بين الأداء المسرحي والمواد الوثائقية يخلق تجربة متنوعة وغنية. يمكن للجمهور رؤية تمثيل درامي قوي مدعوم بمواد واقعية، مما يعزز من قوة الرسالة المؤثرة للموضوعات التي تتناولها مسرحية وين رايحين .

 

  • السينوغرافيا :

اعتماد منعثر على ديكور بسيط ومؤثر، ساهم في تركيز انتباه الجمهور على أداء الممثلين والحوار العميق الذي كان يدور على الخشبة ، ويمكن توضيح الجانب السينوغرافي لمسرحية وين رايحين من خلال التالي :

 

  • استخدام الصورة في العرض المسرحي

استخدام الصورة في “وين رايحين” كان محورياً في نقل الرسالة وخلق الجو العام . المخرج استغل الإسقاطات البصرية والخلفيات بشكل ذكي لتقديم مشاهد متعددة الطبقات ، الصورة لم تكن مجرد خلفية بل أداة سردٍ إضافية تعزز من فهم وفحوى النص ، الصور ساعدت على تكوين انطباعات بصرية تحاكي الحالة النفسية لكل مشهد، مما أضاف بُعْدًا سينمائيًا وتجريبيًا للعرض ، انطلق منذ استعراض الشخصيات بشكل مبتكر وهي تستلم النص وانتهى بأستعراض اكثر الاحداث دموية خلال سيطرة مايسمى الدولة الاسلامية على ثلث العراق في عام 2014 م ، وهو خير ما ابدع بهِ فريق الانتاج الصوري في المسرحية ( طارق بيرو و سيف شغيدل)

  • الإضاءة

في “وين رايحين” لعبت  الاضاءة التي صممها (عباس قاسم) ونفذها (جاسم محمد – محمد الطاهر) دوراً رئيسياً في توجيه انتباه الجمهور وتحديد مزاج المسرحية. استخدام الألوان كان رمزيًا، حيث ساهمت الألوان الداكنة والظلال في تعزيز إحساس الغموض والضياع لدى الشخصيات ، وكانت الألوان الفاتحة والسطوع تستخدم في لحظات الأمل والتفاعل الإيجابي، مما خلق تباينًا واضحًا يعزز من قوة المشاهد وتفاعل الجمهور .

  • الموسيقى والمؤثرات

الموسيقى المستخدمة في “وين رايحين” كانت جزءًا لا يتجزأ من التجربة المسرحية ، اختار المخرج موسيقى تتراوح بين الحزينة والغموض ابدع في تصميمها وتنفيذها ( محب حيدر) ، والتي تتماشى مع الجو العام للمسرحية. تأثيرات الصوت كانت موضوعة بدقة لتعزيز الأحداث والمشاهد الحرجة خصوصا في استخدام صوت الراديو او الانفجارات وغيرها ، مما أضفى بعدًا سمعيًا مكملًا للعمل البصري . الموسيقى والمؤثرات التي كانت في شقين مباشر من خلال ايقاعات (وسام بربن) بدفه ، والموسيقى التصويرية التي ساعدت في تضخيم العواطف وجعل الجمهور أكثر تفاعلًا مع الأحداث الدرامية .

 

  • الديكور

يلعب الديكور دوراً كبيراً في نقل الجمهور إلى الأجواء المعينة التي تتطلبها القصة وقد استخدم المخرج حيدر منعثر نوعين من الديكور وهما :

اولا : الديكور الثابت :

وهو مايمثل البيئة العامة للمشهد المسرحي وهو عبارة عن باص يضم مجموعة من الكراسي والدمى الثابته والتي كانت تمثل مساحة الفعل الرئيس لحركة الممثلين في اغلب الحوارات .

ثانيا : الديكور المتحرك :

وهو مايمثل البيئة الحياتية والمجتمعية للمكان الذي تجري فيه الأحداث مثل شوارع المدن ، المنازل ، أو الأماكن العامة، مما يمنح المشاهدين إحساساً بالأصالة والتواصل مع الشخصيات ، وقد استثمر المخرج رسومات الفنان (مؤيد محسن) في تعشيقها الى الديكورات المتحركة مطرزة ببعض العبارات التي تفاعل معها الجمهور واعادة ذاكراتهم الى أحداث عاشوا فيها مما خلقت جوا تفاعليا بين المنظر المسرحي والمتلقي .

لقد كان التوازن ملحوظاً بين العناصر الثابتة والمتحركة في الديكور ولكل وظيفته ، فالعناصر الثابتة توفر الاستقرار والبنية، بينما العناصر المتحركة تضيف الحيوية والديناميكية . فهم المخرج حيدر منعثر واستخدامه كلا النوعين بشكل متوازن خلق تجربة مسرحية غنية ومعبرة وكانت النتيجة عرضا مسرحيا قويًا ومؤثرًا يبقى في ذاكرة الجمهور لفترة طويلة.

  • الأزياء

توظيف الأزياء في مسرحية “وين رايحين”  التي نفذها ( سلام الخياط) تحت إشراف المخرج حيدر منعثر ونسقتها فنيناً ( زهرة بدن)  يمثل جزءاً حيوياً من الإخراج الفني يمكن من خلاله إضفاء البعد النفسي والثقافي على الشخصيات والمساهمة في تعزيز السرد القصصي للمسرحية . وقد استخدمت الوان الازياء التعكس موضوعات داخل السرد الدرامي مثل الحرية، القيود، الفرح ، أو الحزن ،  والخير أو الشر .

  • وين رايحين و الجمهور:

التفاعل الجماهيري مع العرض جاء نتيجة لانعكاس المسرحية للواقع الاجتماعي والسياسي، حيث لامست الكثير من القضايا المعاصرة التي يعيشها الناس. الجمهور لم يقتصر على التفاعل اللحظي في المسرح فقط بل انتقل التفاعل إلى مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع المسرحية المختصة ، حيث تداول المتابعون عبارات الإعجاب والتقدير للعمل ولكل من ساهم في إنجاحه. المسرحية أثرت بشكل ملحوظ وساهمت في نقاشات أوسع حول المواضيع التي تناولتها ، ولعل ابرز عاملين اثرا في الجمهور هما :

  • الانخراط العاطفي :

مسرحية وين رايحين دعت الجمهور للتفاعل النفسي على مستوى أعمق مع القصص التي كانت تروى على السنة ابطال المسرحية . كما أن معرفة أن الأحداث مستوحاة من الواقع يجعل المشاهدين يتعاطفون بشكل أكبر مع الشخصيات والمواقف ، ويحفزهم على التفكير في هذه القضايا على مستوى شخصي ومجتمعي .

  • التحفيز على التغيير :

من خلال استعراض القضايا بواقعية ومصداقية وحيادية موضوعية ، ساعدت مسرحية وين رايحين في دفع الجمهور إلى التفكير في أدوارهم الاجتماعية وربما حتى المشاركات الفعلية في إيجاد حلول للمشاكل المعروضة التي تناولت حقباً مختلفة من تاريخ العراق .

“وين رايحين” للمخرج حيدر منعثر أسهمت في تقديم عمل فني يجمع بين الأداء الدرامي القوي والنقل الواقعي للقضايا الاجتماعية الهامة ، هذه المقاربة جعلت العرض ليس فقط أداة تسلية بل أيضًا منصة للتفكير والنقاش حول المشاكل التي تواجه المجتمع فهي رحلة تأملية في النفس البشرية وصراعاتها الداخلية ، باختصار، حيدر منعثر وفريقه نجحوا في استخدام الكوميديا السوداء كسلاح قوي للتحليق فوق الواقع بكل مآسيه ، وجعل الجمهور يخرج بابتسامة مريرة على وجوههم وهي رسالة قوية في حد ذاتها مما يزيد من تأثير العرض واستدامته في أذهان الجمهور ليبقى السؤال مطروحا  “وين رايحين” ؟؟  .

هوية العرض:

اسم المسرحية : وين رايحين

المؤلفان : خالد جمعة – حيدر منعثر

إخراج  : حيدر منعثر

المدير الفني : د. عقيل عبد علي

إنتاج : شركة الثقافة العراقية (2024 م )

مكان العرض : مسرح الرشيد

مدة العرض : 90 دقيقة

نوع العمل : كوميديا سوداء

تاريخ العرض المسرحي : من 4 /7 الى 8/7 -2024

 


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock