16 عرضا من 10 دول تتنافس عبر ثلاث مسارات في مهرجان الدن المسرحي الدولي في دورته الخامسة 2025

المسرح نيوز ـ القاهرة: مسابقات ومهرجانات
ـ
كتبت: تيمورة عُمر الغاوية
يشهد مهرجان الدن الدولي في نسخته الخامسة حضورًا لافتًا بمشاركة مجموعة واسعة من العروض التي تمثل مدارس مسرحية متعددة من مختلف دول العالم. وتتوزع المشاركات على ثلاثة مسارات هي: مسرح الكبار، مسرح الطفل (مسابقة مزون للألبان)، ومسرح الشارع، في دورة تعكس اتساع رقعة الإبداع المسرحي وتنوع رؤى المخرجين والمؤلفين.
عروض مسرح الكبار
حظي مسرح الكبار بمشاركة ستة عروض شكّلت مزيجًا من التجارب الخليجية والعربية والآسيوية. وهي: عرض “أضغاث أوهام” – سلطنة عمان من تأليف وإخراج أسامة السليمي، حيث أتى طرحه حول فهم طبيعة الصراع بين الإنسان وهواجسه وهلوساته، وربط ذلك بطبيعة الصراعات التي يعيشها الإنسان سواء على مستوى الفرد في محيطه العلائقي، خاصة بينه ونفسه، وبينه وبين المرأة، وبينه والآخر.
وعرض “مرود كحل” – الإمارات من تأليف محمد بن سعيد الضنحاني، وإخراج إبراهيم القحومي، الذي يعالج قضايا إنسانية عميقة، حيث يسلط الضوء على حياة المرأة ومعاناتها في ظل العادات والتقاليد، مع استكشاف مواضيع مثل الهوية والحرية والصراعات النفسية التي تواجهها. يتميز العرض بأسلوب درامي مكثف يجمع بين الواقعية والرمزية، حيث يستخدم الحوار العميق والتعبير البصري لإيصال رسائله. وقد لاقت المسرحية اهتمامًا واسعًا في المشهد المسرحي الإماراتي، خاصة من حيث تناولها لقضايا المرأة بطريقة حساسة ومؤثرة.
وعرض “من زاوية أخرى” – الكويت من تأليف مصعب السالم وإخراج محمد جمال الشطي، حيث إن أحداث المسرحية تنقّلت بين أكثر من زاوية من خلال حكاية قصر تحوم حوله أجواء من الغموض والرعب، وتقع داخله جريمة قتل مروعة للعائلة التي تسكن فيه، وتسلط الضوء على بعض المفاهيم كالظلم والفساد والعدالة والانتقام والجريمة.
وكذلك عرض “الباب الخلفي للحضارة” – العراق من تأليف محمود أحمد، وإخراج زيدون آل سلطان، حيث يتساءل هذا العمل المسرحي: ماذا لو دخلنا من باب خلفي للحضارة التي شيدتها الرأسمالية والتجار المسيطرون على العالم؟ باب يمثل الثغرة التي نتسلل منها لنرى الحقيقة المغيّبة خلف بريق المال والتكنولوجيا،
حيث تُغتال الثقافة تدريجيًا وتستبدل بالسطحيات. عبر ممرات هذا العالم نلتقي بشخصيات ممسوخة فقدت هويتها الثقافية والفكرية، وتحولت إلى أدوات ضمن آلة الإنتاج العالمي. في هذا المشهد القاسي، يعيش المثقف على الهامش، يحاول من موقعه الضيق أن يستعيد النص الإنساني لطبيعته الأولى، تلك الطبيعة المقتدية بالحكمة والمعنى قبل أن يبتلعها السوق.
وعرض “بيت أبو عبدالله” – العراق من تأليف وإخراج أنس عبدالصمد، والذي يعتمد على لغة الجسد الجديدة بالمسرح “الميتا مسرح”، ويتحدث عن بيت في مكان وزمان غير معلوم يتعرض لموجة من التحديات التي يتصدى لها ساكنوه. وأخيرًا عرض “رقصة النسيج” – الهند من تأليف وإخراج ريما كالينجال، وهو عرض راقص يجسد فنّهم على المسرح، من الخيط إلى القماش. ومن خلال الرقص تُكرّم الحياة اليومية للنسّاجين، وحرفتهم، والسحر الذي تضيفه المهارة البشرية والدقة بل وحتى الأخطاء إلى عملية خلق القماش.
مسابقة مزون للألبان لمسرح الطفل
جاءت عروض الطفل هذا العام لتقدم مزيجًا من الخيال والقيم الإنسانية والتقنيات المسرحية الحديثة، بمشاركة أربع دول. وهي: عرض “أخوة الكبريت” – سلطنة عمان من تأليف هلال الصبحي، وإخراج يونس المعولي، ويتحدث عن التضحية، وكيف أن كل فرد خُلق في هذه الحياة لغاية محددة وأهداف لابد من تقديمها في سبيل إسعاد الغير، وأن المرء ما تمنى. وفي مسار الحكاية يتدخل الشر في حياة أعواد الكبريت، وهو الشيطان الذي حاول أن يوقع بين الإخوة الذين تعودوا صنع الخير، ولكل بداية نهاية، وعاقبة الشر الدمار، وطريق الخير عاقبته الخير.
وعرض “أمنية مفقودة” – الكويت من تأليف عثمان الشطي، وإخراج محمد الأنصاري، يوضح أن كل شخص منا قد يمرّ بحالة غضب أو يأس أو إرهاق أو استسلام تجعله رهينة الحياة والقدر والظلام، وقد يتفوّه بكلمات جارحة لا يقصدها، لكن في حكاية العرض فإن الاستسلام واليأس والألفاظ الجارحة للحياة تصيب صاحبها بلعنة قد توقظه من غفوته اليائسة. وعرض “عودة ساندريلا” – الأردن من تأليف وإخراج رمضان الفيومي، وهو عمل فني فلسفي طموح يتجاوز الحكاية الخيالية المعروفة ليدخل أعماق علاقتنا بأحد أهم عناصر وجودنا وهو الوقت. وعرض “اليوم سأصبح شجرة” – إيران من تأليف وإخراج فرامارز غلاميان، والذي يحكي عن اختلاف أشجار البلوط، وأن الأرض امتلأت بالتلوث، والمصانع والمباني الشاهقة أصبحت سوداء اللون. فتقرر فتاة مراهقة وصديقها، السنجاب، البحث عن الجوز لإعادة زراعة الأشجار وإحياء الطبيعة من جديد، ويواجهان العديد من التحديات في طريقهما.
عروض مسرح الشارع
يأتي مسرح الشارع هذا العام ليعزز حضور الأداء الحي الذي يتواصل مباشرة مع الجمهور في الساحات المفتوحة. ضمن العروض المشاركة: عرض “مشهد” – سلطنة عمان من تأليف الجنان السعدية وإخراج عائل أولاد ودير، والذي يتناول قصصًا تبدو مألوفة لكنها تُعرض من زوايا غير متوقعة، حيث تمتزج الكوميديا بالوجع، والواقع بالخيال، وبين ارتجال الممثلين وغضب المخرج تظهر الحقيقة شيئًا فشيئًا، حتى ندرك أن كل مشهد، مهما بدا بسيطًا، يحمل بداخله حكاية أعمق.
وعرض “حارة الفنون” – سلطنة عمان من تأليف محمد الكليبي وإخراج أيمن الحراصي، ويتناول قصة شاب يُدعى “جمعة”، يمتلك شغفًا عميقًا بالرسم منذ طفولته، لكنه يصطدم برفض المجتمع القريب منه، ممثلًا في أسرته ومدرسته وبيئته، الذين لا يرون في الفن قيمة أو مستقبلًا. ورغم كل الإحباطات التي واجهها، يصر جمعة على المضي في طريقه، حتى يؤسس مرسمه الخاص ويبدأ بمشاركة فنه مع الآخرين.
وعرض “الحفرة” – سلطنة عمان من إخراج ودراماتورج أيمن الحراصي، وهو عرض ساخر صُمم ليكون موقعه الشارع والفضاءات المفتوحة، وتدور أحداثه حول نشوء حفرة عميقة في وسط الشارع الأساسي بالمنطقة مما يؤدي إلى تدخل الجهات المعنية وإرسال العديد من مهندسي وخبراء الطرق لإيجاد حلول مناسبة للتخلص منها، وذلك بعد ما تسببت تلك الحفرة في ارتفاع نسبة الحوادث والوفيات.
وعرض “النزول إلى الأعلى” – العراق من تأليف وإخراج حسين مالتوس، والذي يطرح الكثير من التساؤلات بطريقة درامية مغايرة، إذ ينطلق العرض من واجب مهني وإنساني مع أناس عالقين بلهب النيران المشتعلة ومحاولة إنقاذهم بأبهى صور العطاء والتضحية، حتى عندما تكالبت عليه الأزمات لم يوقفه ذلك، وأكمل طريقه منطلقًا لواجبه المهني والوطني، حيث ينزل إلى الناس ويقدم الخدمة لهم وهو يمرّ بأسوأ الظروف؛ لينال الرفعة والمكانة العالية، معطيًا دروسًا كبيرة وأفعالًا بالثبات والانتماء والولاء الحقيقي والتضحية والفداء بالنفس وأعز ما يملك من أجل بقاء وأمن وسلامة الآخرين من أبناء وطنه.
والعرض المشترك مع دولتي العراق وفرنسا بعنوان “سلمى” من تأليف د. دلشاد مصطفى وإخراج نجاة نجم، والذي يتحدث عن معاناة المرأة في العالم، ويتناول الإبادات الجماعية في العالم، وهجرة الناس العراقيين إلى أوروبا، ومن طريق البحر والغرق للمهاجرين. وأخيرًا عرض “أقوال في هذا الزمن” – الجزائر من تأليف وإخراج عبادي الخثير، وهو من مسرح الحلقة من التراث الشعبي الجزائري في الأسلوب المسرحي.
تؤكد هذه المشاركات الثرية أن مهرجان الدن الدولي للمسرح بات منصّة تجمع تجارب فنية متنوّعة، وتحفّز الحراك المسرحي في المنطقة، وتمنح الفنانين فرصة لتبادل الخبرات وإطلاق أعمال جديدة تعزز حضور المسرح في المجتمع.


