الناقد والإعلامي العراقي عبد العليم البناء يكتب: الاستثناء في مهرجان المسرح العربي
المسرح نيوز ـ القاهرة| عبد العليم البناء
ـ
منذ انطلاقته في العام 2009 كان ومازال مهرجان المسرح العربي ،يشكل ظاهرة استثنائية من بين كل المهرجانات المسرحية العربية السابقة واللاحقة.فدورة هذا المهرجان الذي يحط رحاله هذا العام في أرض الكنانة وعاصمتها (قاهرة المعز) ، ستكون الأضخم من حيث المشاركة المسرحية على مدى تاريخ المهرجان ،حسبما أكد الأمين العام للهيئة العربية للمسرح التي تنظم المهرجان ،الكاتب المسرحي إسماعيل عبدالله في المؤتمر الصحفي الذي عقدته الهيئة بالشارقة ،إذ سيبلغ الحضور المسرحي العربي، قياسا الى الدورات السابقة من هذا المهرجان الفريد من نوعه وشكلا ومضمونا، 650 مسرحيا بينهم حوالي 30 مسرحيا عراقيا و250 مسرحيا مصريا والباقي من جنسيات عربية أخرى.
ولعل هذا الاستثناء لايكمن فقط في حجم ونوعية الحضور والمشاركين ،وإنما يكمن أيضا في انتقال دورات هذا المهرجان ،التي لم تكتف بالشارقة التي باتت مركز اشعاع ثقافي كبير ومميز ،وبؤرة استقطاب لكل التجارب والابداعات وصناع الجمال حيث الانطلاقة الاولى ، ليحط الرحال كل عام في عاصمة عربية آخرى ، ليكشف عن عمق وجوهر وسمو ونبل الهدف من انبثاق هذا المهرجان ،على يدي مؤسسه ومبدعه ومبتكره (عاشق المسرح) و(سلطان الثقافة) الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي ،الذي كرس هذا الاستثناء ورسخه ليكون راعيا حقيقيا للثقافة عموما وللمسرح خصوصا ،دون أن أن ينتظر منة أو فضلا أو تعظيما من أحد ،كما يفعل كثير من القادة والزعماء السياسيين الذين نعرفهم ويعرفهم الشعب العربي من الخليج الى المحيط، ويعرف نواياهم غير البريئة ، ليكون هذا المهرجان خالصاً لوجه المسرح العربي ،إذا صح التعبير، وهذا ما لمسه المسرحيون العرب بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم ،وهم يرون مسارح بلدانهم تنعم بهذا الحراك الفاعل والهادف ذاتياً وموضوعياً.
ويمتد هذا الاستثناء الى العروض المسرحية التي تنطوي عليها كل دورة من دورات المهرجان ،التي تقدم عادة في ثلاثة مسارات، المسار الأولى هو مسار عروض المهرجان وتشارك فيه مسرحيات عربية منتقاة بدقة ، لكي تعكس طبيعة ونوعية ومستوى التطور في الابداع المسرحي فكرا ومضمونا وأداءاً وتقنية ، والمسار الثاني هو مسار جائزة الشيخ سلطان القاسمي لأفضل عرض مسرحي عربي لكل عام منصرم ،وتشارك فيه العروض المرشحة للتنافس وفق السياقات المعتمدة بحيادية مع التزامها بالشروط المنصوص عليها في لائحة الجائزة ، ناهيك عن قيمتها المادية التي تعد الأعلى من بين كل جوائز المسرح العربية (100) ألف درهم ،فضلا عن القيمة والامتيازات المعنوية والادبية ،إذ يحظى العمل الفائز بدعم الهيئة العربية للمسرح من خلال إشراكه بمهرجانات عربية و دولية مهمة ، ويفتتح العرض الفائز الدورة الموالية من مهرجان أيام الشارقة المسرحية في آذار من كل عام،وهناك المسار الثالث الذي يشمل العروض الخاصة بالبلد المضيف والتي يتم اختيارها وفق سياقات تليق بتأريخ المسرح في البلد المضيف ، وفي هذه الدورة سيبلغ عدد العروض المصرية، تسعة عروض مسرحية، تقدم في القاهرة والمحافظات المصرية المجاورة لها..
ولا يقف الاستناء عند هذه الحدود بل يمتد الى الأنشطة الموازية وفي اسلوب غير تقليدي أو نمطي ،فهناك المؤتمر الفكري بمحاوره المتنوعة وورش عمل يقدمها خبراء مسرحيون عرب وأجانب موجهة إلى الطلاب والمسرحيين العرب المشاركين بالمهرجان ، إضافة إلى إصدار عدد كبير من المطبوعات عن المسرح وستكون في معظمها خلال هذه الدورة مكرسة للمسرح المصري ،مما يشكل إضافة فكرية في البحث في جماليات وابداعات المسرح على تنوع مدارسه وتجاربه وعطاءات مبدعيه ،وبما يغني ويثري المكتبة المسرحية العربية .
كما يشهد المهرجان تكريما مميزا لرواد المسرح العربي الفاعلين،وستشهد دورة هذا العام تكريم 25 شخصية مسرحية مصرية من القامات المعروفة التي كان لها الأثر الإيجابي الكبير في المشهد المسرحي المصري والعربي،ومن بين المسرحيين المصريين المكرمين أشرف عبدالغفور ورشوان توفيق وجلال الشرقاوي وسميحة أيوب وسمير العصفوري وسناء شافع وسهير المرشدي وعبدالرحمن أبو زهرة وهدى وصفي ويحيى الفخراني.
ومن بين أبرز نقاط الاستثناء التي شهدها وكرسها مهرجان المسرح العربي ، اختيار يوم افتتاح دورات المهرجان المتعاقبة في العاشر من كانون الثاني (يناير) ليكون (اليوم العربي للمسرح ) عيداً يحتفل به المسرحيون العرب ، ويتم فيه سنويا إختيار إحدى الشخصيات العريقة والمؤثرة والفاعلة والعميقة في عطائها المسرحي، لكتابة والقاء رسالة المسرحيين العرب بهذه المناسبة وسيلقيها هذا العام الممثل الجزائري المعروف (أحمد أقومي).
كل هذه الاستثناءات وغيرها ابتدعها وكرسها بحسه الجمالي الابداعي المرهف والعميق ،(عاشق المسرح) و(سلطان الثقافة) الشيخ الدكتور سلطان القاسمي ،وكل عام وهو وفريقه التنفيذي المتناغم والمسرحيون العرب بخير “نحو مسرح عبي جديد ومتجدد”.