الناقد محمد الروبي يكتب: محمد أبو السعود.. ما الذي بيننا؟
المسرح نيوز ـ القاهرة| محمد الروبي
ـ
محمد أبو السعود شاعر وفيلسوف ومسرحي، هكذا وصفه الأصدقاء، ويبدو أنه كان كذلك. أنا لم أعرفه معرفة جيدة، لم نكن صديقين، ربما عدد قليل من اللقاءات العابرة، لم تسمح لنا بالتصادق، وكان هناك دائما وعد يقطعه كل منا بالتناوب على لقاء أطول وأعمق، لكنه أبدا لم يحدث.
إذن، ما سر كل هذا الحزن الذي أصابني فور سماعي خبر رحيله، ولم يزل؟ لماذا لا يكف القلب عن النزف على من أظن وأؤكد أنني لا أعرفه؟
تُرى ما الذي بيني وبينك يا محمد؟ هل هو ذلك الاكتشاف أن الهم واحد والحلم واحد والقهر واحد؟ هل هو ذلك الإحساس بأن هناك شيئا ما في هذا الكون لا يريد لنا، نحن أبناء الحياة ومحبيها، أن نحياها كما نحب ونأمل؟ أم أنه ذلك الوطن الذي نراه يغتال أشباههنا ورغم قسوته لا نملك، وأظننا لن نملك أبدا، القدرة على كرهه أو على الأقل عدم الاهتمام به؟
ما الذي بينك وبيني يا محمد؟ هل ما ينهشني الآن هو حزن عليك؟ أم عليّ؟ أم علينا نحن المتشابهين في العشق والرفض والإصرار على السير بوجه واحد في زمان صارت فيه الأقنعة حقيقة والحضور غيابا؟
لا أعرف.. لكن ما أعرفه أنني حزين يا صديق. حزين وأنا أراك ترحل بصمت المغدور بينما هم يتحلقون الآن في بيت (الترفيه) ينتظرون حجرا من بيت أبينا الذي ينهار. حزين لأنك ذهبت قبل أن يفي كل منا بوعده في الاقتراب أكثر من الآخر. حزين لأنني أوقن أنني سأحزن كثيرا في المقبل من الأيام. حزين لأنك ذكرتني بما جاهدت أن أنساه، بأن حريق بني سويف ما زال ممتدا، نعم لم يخبُ يوما ولم ينطفئ، هو فقط تخلى عن صخبه، تخلى عن دخانه الفاضح، وصار ثعبانيا، يكمن ويتسلل وينقض ويلتهم أجمل من فينا، وقبل أن يندمل الجرح يعاود لينهشنا بجرح جديد.
نم يا محمد واسترح، ودعك من أوجاعي مع من بقوا. فقط لا تنسنا حتى نلقاك، ولا تنسَ أن تدعو لنا من هناك أن نحتمل لسعات ما نقبض من جمر كي نأتيك مرفوعي الرأس لا مكسوري الأعين.
نم يا محمد.. وقبل رؤوس من تلقاهم هناك، قل لهم إننا لم ننسَ ولم نخن.. فقط تعبنا.
ــــــــــــــــــ
مسرحنا