جائزة أفضل عرض عُمانية .. وأطروحات مستلهمة من الموروث الشعبي.. قائمة على صراع الحُب وعذابات المُحبين.. في مهرجان الشارقة للمسرح الخليجي
المسرح نيوز ـ الشارقة| رنا عبد القوي
ـ
ضمن فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان الشارقة للمسرح الخليجي، والذي تنظمه دائرة الثقافة/ إدارة المسرح، وحكومة الشارقة، بالإمارات العربية المتحدة، برعاية حاكم الشارقة الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، ورئاسة المهرجان للفنان عبد الله العويس رئيس دائرة الثقافة، ومدير المهرجان الفنان أحمد بورحيمة مدير إدارة المسرح.وخلال الفترة من 14 الي 19 فبراير تنافستخمسة عروض مسرحية خليجية علي جوائز المهرجان، والتي تتراوح من مائة ألف درهماً إماراتياً، الى خمسة عشر ألف درهماً، و العروض هي (مدق الحناء) فرقة مسرح مزون “سلطنة عمان” تأليف عباس الحايك، وسينوغرافيا واخراج يوسف البلوشي، و تمثيل مجموعة من الفنانون العمانيين، عبد الحكيم الصالحي، عبد الله مرعي، زينب البلوشي، بلقيس البلوشي، ندي الزدجالي.
وتعاون معهم بدور الحاكم الطاغية (رسلان) الفنان العراقي القدير عزيز خيون . والعرض المسرحي السعودي (حُبُوس) لفرقة الوطن المسرحية، تأليف صالح زمانا، وسينوغرافيا واخراج نوح الجمعان، وبطولة ثلاث شباب من الممثلين المُدربين، شهاب الشهاب، عبد الله الفهيد، صالح الخشرم . العرض البحريني (نوح العين) لفرقة مسرح “أوال” تأليف جمال الصقر، اخراج أنور أحمد، وبطولة مجموعة من فنانو البحرين من مختلف الاجيال، منهم وليس جميعهم، حسن عبد الرحيم، أحمد مبارك، عبد الله سويد، مني فيروز، يعقوب القوز، ياسين قازاني، حمد عتيق.
وعرض (مجاريح) لدولة الامارات العربية المتحدة، فرقة مسرح الشارقة الوطني، تأليف إسماعيل عبد الله، واخراج محمد العامري، وبطولة موسي البقيشي، بدور، حبيب غلوم، ناجي جمعة، محمد طرار، حميد سمبيج، سارة. والعرض الكويتي (الصبخة) فرقة “مسرح الخليج العربي” تأليف واخراج دكتور عبد الله العابر، و بطولة سماح، يوسف البغلي، علي الحسيني، عبد العزيز بهبهاني، ألاء الهندي، كفاح الرجيب، منال الجار الله .
وأُلِفَت لجنة التحكيم من المخرج المسرحي المصري عصام السيد رئيساً، الناقد والباحث المغربي محمد لعزيز، الكاتبة والناقدة والمخرجة الجزائرية ليلي بن عائشة، الباحث والمخرج العراقي رياض موسي، الفنان التشكيلي ومصمم الديكور الإماراتي وليد راشد الزعابي.
واتخذ المهرجان الموروث الشعبي عنواناً رئيسياً لفعالياته، وإطاراً عاما ً لاطروحات عروضه، بحيث قامت جميع العروض الآتية من مختلف الدول الخليجية علىتقديم قضاياها من منطلق الموروث الشعبي، ومن خلال الحس الجمعي لهذه القضايا، وكيف ينظر لها ويتعامل معها افراد المجتمع .
فبينما تطرق العرض العُماني مدق الحناء إلى قضية الحاكم الطاغية الذي يتحكم في نوازع الشر بداخل البشر ضعفاء النفس، ويستغلهم بسلطته ونفوذهفي الانتقام وقتل الآخرون ممن يشكلون خطراً عليه وعلي زعامته.كان العرض السعودي حُبوس، ومن اسمه وهو جمع مفردة(حبس)، يطرح معانات الانسان العربي المعاصر الذي يسجن ذاته بداخل مجموعة حُبوس، هو صانعها، وليس الرب، سجن من العادات، الاعراف، المخاوف، و القدرات المحدودة، فالسجين والسجان في هذا العرض متساويان، فالألم واحداً وكلاهما يُعذب الآخر بجدلية النقاش وحِدَتِه، يُحيلان في ذلك التعذيب إلى ما يمارسه أفراد المجتمع العربي على بعضهم البعض من قهر واستنزاف غير مبرر .فيما تعرض (نوح العين) البحريني إلى قضية انسانية بسيطة،مستهلكة منذ زمن، وعُرضت في المسرح والسينما والتليفزيون مراراً، ولكن معالجتها تتماس مع نظرة عادات وتقاليد وإرث المجتمعات العربية وليست البحرينية فقط، وهي الطبقية التي تحول بين طرفي علاقة حب، تتنازع مشاعرهم وقواهم بين إرادتهم واعراف مجتمهم، ولم تُحل أزمتهم – وهنا تحديداً محل التكرار – سوي بتصحيح وضع الحبيب اجتماعياً والكشف عن هويته الحقيقية التي بموجبها يصعد إلىالطبقة التي تنتمي إليها الحبيبة ويصبح ملائماً لها ولإتمام الزواج منها، كونه أُختُطف في الماضي من اهله رضيعاً وتوصلو اليه في الحاضر .
كما طرح العرض الإماراتي (مجاريح) أيضاً قضية الطبقية في الحب، وتقاتل أفراد القبيلة الواحدة، عندما تحب ابنة احد اسيادها شاباً فقيراً من نفس القبيلة، وتتواجه الأب والأعراف بحبها، صارخة في وجوههم، معلنة انتصار عدل الحب والمشاعر علي ظلم الانتماء الطبقي الذي لا يختاره أحداً بيديه . أما العرض الكويتي (الصبخة)فقد دخل إلى أعماق الأسر، بين جدرانها الأربعة، بين مشاعر الابنة تجاه أبيها وأمها ومحبتها الصادقة لهم، وتربية ومِران الام لابنتها علي إعمال المشاعر، بينما يرفض الأب هذه الطريقة في التربية ويقف لها بالمرصاد بل ويُحول حياة الاسرة الى جحيم مشتعل، بقهره للابنة وتفضيله للإبن، باعتبار انه ذكر ويري انه من يستحق إعلائه عن أمه وأخته، وتنحاز الدراما الى النفوذ الأبوي، وتنتهي الاحداث دون الانتصار للمرأة . وبعد حالة تنافسية قوية بين العروض الخمسة علي مستوي جميع عناصر العرض المسرحي ، كانت الجوائز كالتالي،
ذهبت جائزة (أفضل عرض مسرحي) الى”مدق الحناء” لفرقة “مزون” ” سلطنة عمان” ، (جائزة أفضل مؤثرات بصرية) “ابراهيم الأميري”عن العرض المسرحي مجاريح لدولة “الامارات”، (أفضل اضاءة)”عبدالله الوهيبي” عن العرض المسرحي مدق الحناء لسلطنة عمان، جائزة (أفضل ديكور) العرض المسرحي الصبخة “الكويت” ، لجنة التحكيم الخاصة للممثل “حبيب غلوم” عن العرض المسرحي مجاريح “الامارات”، جائزة (أفضل ممثلة دور ثان) وفازت بها “كفاح الرشيد” عن العرض المسرحي الصبخة “الكويت”،جائزة (أفضل ممثلة دور اول) وفازت بها “بدور”عن العرض المسرحي “مجاريح””الامارات”، (أفضل ممثل دور ثان (وفاز بها “يوسف البغلي” عن العرض المسرحي”الصبخة” “الكويت”، (أفضل ممثل دور اول) وفاز بها “علي الحسيني وعبدالعزيز بهبهاني” عن دورهما في العرض المسرحي”الصبخة””الكويت”، جائزة (أفضل تأليف) “اسماعيل عبدالله” عن العرض المسرحي مجاريح لفرقة مسرح الشارقة دولة “الإمارات”، (جائزة أفضل اخراج) “عبدالله العابر” عن مسرحية “الصبخة””الكويت”
وعن الفعاليات الأخري للمهرجان، فقد تنوعت بين (الندوات التطبيقية) التي تبعت العروض المسرحية، والسهرات المسائية كل ليلة من ليالي المهرجان عن أزمات و اشكاليات ومميزاتومسيرة مسرح كل دولة من الفرق المشاركة (الإمارات، سلطنة عُمان، الكويت، البحرين، السعودية)، والندوة الفكرية الرئيسية والتي كان عنوانها (المسرح الخليجي والموروث الشعبي) والتي هدفت الي دراسة وقراءة الذي حققه وضع التراث في قلب الممارسة المسرحية الخليجية، وكيف تأثرت خبرات صناع العروض والي اي مدي كانت استجابات الجمهور، أدارها (الناقد و الباحث الدكتور فيصل القحطاني)، وشارك بأوراق بحثية بها كلاً من (الدكتور سامي الجمعان من المملكة العربية السعودية، عبد الله يوسف، و يوسف الحمدان، وعبد الله سويد من البحرين، جاسم البطاشي من عُمان، والدكتورة سكينة مراد)
كما احتلت الورش والمحاضرات التدريبية مكاناً بارزاً ضمن فعاليات المهرجان، حيث هدفت إلى تطوير قدرات ومهارات شباب الإمارات الموهوب في فنون الأداء المختلفة،حيث أُقيمت ورش عن (أساسيات المكياج المسرحي) تحت إشراف فنان الماكياج المسرحي البحريني ياسر سيف، و (تقنيات الكتابة المسرحية) للكاتب السعودي الكبير فهد ردة الحارثي، ورشة (تمارين الممثل: دليل عملي ونظري)للفنان الاماراتي إبراهيم سالم، ورشة (السينوغرافيا في المسرح الخليجي الجديد) للسينوغراف الكويتي الدكتور فهد المذن.
هذا إلي جانب النشرة اليومية المطبوعة التيرأس تحريرها الناقد والكاتب عصام أبو القاسم، والتي تضم رسالة عن فعاليات المهرجان يوماً بيوم، توثيقاً لما يُقال من المسرحيين العرب في الندوات الفكرية والتطبيقية ودوائر النقاش، و حصاد الورش، والتكريمات، ومقالات نقدية عن العروض المسرحية من مختلف نقاد الوطن العربي، وأحاديث صحفية مع أبرز المسرحيين وضيوف المهرجان عن مسيرتهم الفنية .
كل تلك الفعاليات اجتمعت لتجمع مسرحيين من جميع الدول العربية، خليجية وشامية ومصرية، علي مشاهدة المسرح والاستمتاع بالفن الراقي، وتبادل الخبرات بين جميع أجيال المسرحيين، هادفة الي حراك ثقافي يُمكن معه الوصول الىالأهداف الرئيسية من ممارسة الفن المسرحي، وهي نشر المحبة، السلام، الانسانية، الخير، الجمال .