“بيرام وتسبيه” نص موجه للفتيان.. تأليف الكاتب العراقي: طلال حسن
المسرح نيوز ـ القاهرة | مسرح طفل
ـ
مسرحية للفتيان
بيرام وتسبيه
طلال حسن
شخصيات المسرحية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ بيرام
2 ـ تسبيه
3 ـ اشوميا
4 ـ بونو
5 ـ أم اشوميا
6 ـ الكاهن الأكبر
7 ـ ثلاثة صيادين
البداية
ــــــــــــــــــــ
خلاء ، شجرة توت ،
ضريح في المؤخرة
صوت غناء : ” أغنية حب معاصرة ”
تنتهي الأغنية ، يدخل فارس
وسلوى في ثياب عصرية
سلوى : هذا مكان غريب .
فارس : أردتُ أن تريه .
سلوى : ها إني أراه .
فارس : أنظري ، يا عزيزتي ، منظر مشهد
مسرحي ، خلاء ، شجرة توت ، و
.. وضريح .
سلوى : دع المشاهد المسرحية ، لحياتك
الدراسية في كلية الفنون ، التي تخرجت
منها .
فارس : لن أدعه ، لأن له علاقة حميمة بحياتنا
، أنا وأنتِ .
سلوى : له علاقة ! وهذا الضريح ؟
فارس : الأساس هو الضريح .
سلوى : ” تقترب من الضريح وتتأمله ” يبدو
أنه قديم ، قديم جداً .
فارس : أقدم مما تتصورين .
سلوى : ” تدقق النظر في الكتابة ” ….
فارس : بيرام وتسبيه .
سلوى : ” تنظر إليه مستفهمة ” ….
فارس : إنهما يرقدان هنا ..
سلوى : بيرام وتسبيه ؟
فارس : منذ آلاف السنين .
سلوى : أنت تحيرني .
فارس : وكانا مثلنا ..
سلوى : ” تنظر إليه ” تعني .. ؟
فارس : ” يهز رأسه ” ….
سلوى : ثمّ ..
فارس : الشاب كان له أبّ مثل أبي ، والفتاة
كان لها أم مثل .. أبيكِ .
سلوى : ” محتجة ” فارس .
فارس : أعني عنيد .
سلوى : ثمّ ..
فارس : ثمّ ” يمسك يدها ” تعالي نجلس تحت
شجرة التوت هذه ، وسأروي لكِ حكاية
.. بيرام وتسبيه .
فارس وسلوى يسران يداً
بيد ، ويجلسان تحت الشجرة
إظلام
المشهد الأول
خلاء ، شجرة توت ،
ضريح في المؤخرة
صوت غناء :
فريدتي
الحبيبة التي لا مثيل لها
الأجمل بين الجميع
تبدو كنجمة الصباح الطالعة
في بداية سنة جديدة
جلدها مشرق ناصع البياض
رائعة نظرات عيونها
عذبة كلمات شفتيها
مع ندرة ما تنطق
حين تخطو إلى الخارج
تبدو وكأنها الشمس
تدخل اشوميا متسللة ،
وتتوقف متلفتة حولها
اشوميا : سيأتي بيرام ، لن يتأخر ، لقد تبعته عن
كثب حالما غادر بابل ، إنه يأتي إلى هنا
كلّ يوم ” تتلفت متحيرة ” ترى ما الذي
يأتي به إلى هذا المكان الموحش ؟ ”
بلهجة ساخرة ” ربما ليجلس تحت شجرة
التوت هذه ” تنظر إلى الغدير ” أو يقف
قرب ذاك الغدير ، يفكر ، ترى فيمَ يفكر
؟ ليته يفكر فيّ ” تنظر إلى الضريح “أو
يزور ضريح الملك نينوس ، زوج الملكة
سمسيراميس ، أو .. ” تنظر إلى الخارج
” هناك كهف ، لعله يأتي ليختلي فيه ،
وحده ؟ يا لها من خلوة ، مهما يكن ، إنه
بيرام ، وإلهي هذا ، الذي خلقته عشتار
إنساناً لتعذبني به ، ليتها لم تخلقه بهذا ..
البيرام ” تنصت ” هذه وقع أقدام ، أهو
بيرام ؟ لكنها وقع أقدام متلصصة ، من
يدري ” تسرع نحو الشجرة ” فلأختبىء
وراء الشجرة هذه .
اشوميا تختبىء وراء
الشجرة ، يدخل بونو
بونو : ” يتوقف متلفتاً ” إنها ليست هنا ؟ ترى
أين مضت ؟ ” يصمت متلفتاً ” هذا مكان
موحش ، وخطر ، ترى لماذا غادرت
بابل ، وأتت إلى هنا ؟
اشوميا : ” تخرج من وراء الشجرة ” ….
بونو : ” يفاجأ ” آه .
اشوميا : أنت تتبعني في بابل حيثما أذهب ..
بونو : عفواً .. عفواً ..
اشوميا : دون أن تقترب مني ..
بونو : لا أريد أن أزعجك ..
اشوميا : ودون أن توجه إليّ كلمة واحدة .
بونو : ليتني أستطيع ، لكن ..
اشوميا : آه .. ليتك .. ” بصوت لا يكاد يُسع ”
بيرام .
بونو : ” يميل إليها ” اسمي .. بونو .
عواء : ” من بعيد ” عووووو .
بونو : ذئب .
اشوميا : بل ثعلب .
بونو : ربما .
اشوميا : ليس ربما ، أكيد .
بونو : كما ترين ” يقترب منها قليلاً ” ..
اشوميا : ” تنظر إليه ” ….
بونو : هذا مكان موحش ..
اشوميا : ” تشيح عنه ” ….
بونو : وخطر .
اشوميا : إذا كنتَ خائفاً ، فعد من حيث أتيت .
بونو : إنني خائف عليك .
اشوميا : دعك مني ..
صوت زئير : ” من بعيد ” آآآآآ .
اشوميا : ” ترتمي خائفة بين ذراعيه ” يا ويلي ..
أسد .
بونو : ” محرجاً لا يعرف ماذا يفعل ” نعم ..
نعم .. إنه أسد .
اشوميا : ” تنسحب من بين ذراعيه ” يا لحمقي ،
وكأنك ستخلصني من الأسد .
بونو : سأحاول ذلك ، إذا اقتضى الأمر ، حتى
لو ..
اشوميا : ” تشيح عنه مترددة ” ….
صوت زئير : ” من مكان قريب ” آآآآآ .
اشوميا : ” تهم بالارتماء بين ذراعيه ثانية ” يا
للإله مردوخ .. الأسد ” تتوقف ” .
بونو : قلتُ لكِ ، هذا المكان خطر .
صوت زئير : ” من مكان أقرب ” آآآآآ .
اشوميا : ” تسرع نحو الخارج ” فلأهرب .
بونو : ” يهم باللحاق بها ” توقفي ، أنت
تتجهين نحو .. الزئير .
اشوميا : ” تخرج دون أن تلتفت إليه ” ….
صوت الزئير : ” من مكان قريب جداً ” ….
بونو : يا ويلي ” يسرع نحوها ” يبدو أن الأسد
يهاجمها ، فلألحق بها .
بونو يخرج مسرعاً ،
في أثر اشوميا
اشوميا : ” من الخارج ” النجدة .. النجدة .. آآآآ .
بونو : ” من الخارج ” يا ويلي ، الأسد
يهاجمها ، فلأحاول إنقاذها .
أصوات صراخ وعراك ،
يدخل ثلاثة صيادين
الأول : أصغيا ، إنه الأسد .
الثاني : نعم ، نعم ، إنه الأسد .
الثالث : يبدو أن هذا اللعين ، يهاجم أحدهم ،
وسيفتك به .
الثاني : ” يسرع نحو الخارج رافعاً هراوته ”
فلنجهز على هذا الأسد اللعين .
الأول : ” يركض في أثره رافعاً رمحه ”
فلنسرع ، وننقذ الضحية ، قبل فوات
الأوان .
الثالث : ” يركض في أثرهما شاهراً خنجره ”
لنقتل هذا الأسد اللعين ، فقد فتك بأكثر
من واحد ، خلال الفترة الأخيرة .
الصيادون الثلاثة يخرجون ،
أصوات مختلطة تتلاشى بالتدريج
إظلام
المشهد الثاني
اشوميا في فراشها ،
صوت أغنية بابلية
سبعة أيام مضت
مذ رأيت حبيبي
لقد غزاني المرض
بدني تخلى عني
حين يأتي الطبيب إليّ
قلبي يرفض دواءه
لم يعد حتى للسحر جدوى
أمي تقول.. علتك غير معروفة
أنا أعرف علتي
حين أعرف أنه هنا
سيزول المرض وأنهض
لكن هذا مستحيل
الأغنية تنتهي ، صمت ،
اشوميا تعتدل قليلاً
اتشوميا : ليت الأسد افترسني ، ذلك اللعين ، ليته
افترسني ، وخلصني مما أعانيه ، لا ، لو
افترسني الأسد ، لبقي بيرام ، بقي في
هذا العالم ، ومن يدري ، فقد تلعب بعقله
فتاة أشطر مني ، وتنسيه حتى .. مردوخ
” تهز رأسها ” لا ، هذا مستحيل ، أنا
اتشوميا ، لم أصل إليه ، ولن أصل إليه ،
فكيف يمكن أن تصل إليه فتاة غيري ؟
إنه على ما يبدو ، لا يعشق إلا الإله ..
مردوخ ” تصمت ” لو عشق الإلهة
عشتار لبدا الأمر معقولاً ، فهو أيضاً
وكأنه إله ” تعتدل منفعلة ” كلا ، كلا ، لا
أحتمل أن يعشق حتى عشتار ” تتمدد في
فراشها ” مهما يكن ، فإن جلجامش ،
الذي ثلثيه إله ، وثلثه فقط إنسان ، رفض
عشتار ، فكيف يقبل بها .. بيرام ” تتنهد
متحسرة ” آه بيرام .
يفتح الباب بهدوء ،
وتدخل أم اشوميا
الأم : اشوميا .
اشوميا : ” تئن ” آه .
الأم : بنيتي .
اشوميا : دعيني ، يا أمي ..
الأم : أصغي ، يا اشوميا ..
اشوميا : لا أريد أن آكل .
الأم : جاءت تسبيه .
اشوميا : ” تعتدل بسرعة ” تسبيه ؟
الأم : أمي ، ماذا تنتظرين ؟ دعيها تدخل ،
هيا .
تسبيه تلوح مبتسمة ،
عند باب الغرفة
اشوميا : ” تحاول النهوض ” تسبيه ، تعالي
أدخلي ، تعالي .
تسبيه : ” تدخل ” طاب صباحك ، يا لبوة .
اشوميا : لو كنتُ لبوة حقيقة ، لافترستُ ذلك
الأسد اللعين .
الأم : مسكين بونو ، لولاه ..
اشوميا : ” تقاطعها ” ماما .
الأم : نعم ، يا بنيتي ، سأخرج .
اشوميا : ماما ، أغلقي الباب .
الأم : ” تخرج وتغلق الباب ” ….
اشوميا : ” بنبرة عتاب ” كم اشتقتُ إليك ، يا
تسبيه .
تسبيه : اسألي أمكِ ، لقد زرتكِ عدة مرات ،
منذ أن جاءوا بك ، من بين أنياب الأسد
ومخالبه ..
اشوميا : ” تبتسم ” يا لها من أنياب ومخالب ، لا
أتمناها لحبيب .
تسبيه : لكنك كنتِ في عالم آخر .
اشوميا : لولا ماما ودعاؤها للإله مردوخ ، لما
عدت إلى هذا العالم .
تسبيه : ولكنتُ فقدتك .
اشوميا : وتخلصتِ مني .
تسبيه : ” محتجة بعتاب ” اشوميا .
اشوميا : ” تشير لها أن تجلس ” أجلسي ، أجلسي
إلى جانبي .
تسبيه : ” تجلس ” أنت اليوم أفضل ، وقد زال
الخطر عنكِ .
اشوميا : الفضل للأسد اللعين ، فقد فضل بونو
المكتنز عليّ .
تسبيه : ربما أراد أن ينقذ بونو المسكين منك ،
وقد أنقذه بالفعل .
اشوميا : بل ربما أرادني أن أبقى أتعذب ، على
يدي بيرام .
تسبيه : اشوميا ، أنت حمقاء .
اشوميا : لم أستطع أن أحب بونو .
تسبيه : لستِ حمقاء لهذا فقط ، بل لتعلقك
المجنون ببيرام .
اشوميا : آه بيرام .
تسبيه : إنه لم يحب ، ولن يحب ، غير الإله
مردوخ .
اشوميا : كلا ، بيرام إنسان ، وهذا ما يجهله ”
تصمت لحظة ” أنا لم أستطع أن أوقظ
الإنسان فيه ، وهذا خطئي ..
تسبيه : وهذا ما حاوله بونو معك ، لكن دون
جدوى .
اشوميا : ” تحدق في تسبيه ” ….
تسبيه : ” تنظر إليها ” اشوميا .
اشوميا : لو أملك جمالك ..
تسبيه : ” تنهض ” إنني لا أفكر فيه .
اشوميا : ربما لأنك لا تعرفينه .
تسبيه : ولا أريد أن أعرفه .
اشوميا : ولا غيره .
تسبيه : نعم ، ولا غيره أيضاً .
اشوميا : تسبيه .
تسبيه : ” تحملق فيها صامتة ” ….
اشوميا : لقد أذلني ، وحطم قلبي .
تسبيه : الخطأ خطأك .
اشوميا : وحطم معي .. بونو .
تسبيه : ” تهز رأسها ” ….
اشوميا : لقد حطمنا .. بجماله .
تسبيه : جماله ! إنني لا أعرفه جيداً ، لكن ما
أعرفه أن جماله لا يختلف عن جمال
الشباب الآخرين .
اشوميا : لو نظرتِ إليه بعينيّ ، لرأيت بيرام كما
أراه أنا ، آه بيرام .
تسبيه : ” تنهض ” بل آه منكِ .
اشوميا : مهلاً ، لا تذهبي ، لم أشبع منكِ بعد .
تسبيه : سأزورك كلّ يوم ، حتى تشبعي مني ،
بل وتمليني .
اشوميا : لن أملك ، تسبيه ، ابقي دقائق ..
تسبيه : لابد أن أذهب ، لقد تأخرت ، وماما
تنتظرني الآن .
اشوميا : مهلاً .
تسبيه : ” تستدير لتخرج ” ….
اشوميا : تسبيه .
تسبيه : ” تتوقف ” ….
اشوميا : أنظري إليّ .
تسبيه : ” تلتفت إليها ” نعم ، يا اشوميا .
اشوميا : انتقمي لي منه .
تسبيه : ” تلوذ بالصمت ” ….
اشوميا : أنت تحترمين بونو ..
تسبيه : ” تبقى صامتة ” ….
اشوميا : انتقمي له .
تسبيه : ” تتجه إلى الخارج ” أراكِ بخير .
اشوميا : تسبيه ..
تسبيه : ” تخرج وتغلق الباب ” ….
اشوميا : يا لحماقتي ، تنتقم من بيرام ؟ وهل أستطيع أنا ، حتى لو وقع في يدي ، أن
أنتقم منه ؟ ” تطرق متهالكة ، يتناهى من بعيد صوت الأغنية ” .
المرض يغزوني
سبع أيام مضت
مذ رأيت حبيبي
بدني تخلى عني
حين يأتي الطبيب إليّ
يرفض قلبي دواءه
لم يعد حتى للسحر جدوى
اشوميا : ” تتمتم حزينة ” بيرام .. بيرام
يتلاشى صوت الأغنية
يسود الصمت
إظلام
المشهد الثالث
داخل المعبد ، بيرام ، يقف
أمام تمثال الإله مردوخ
بيرام : أيها الإله العظيم ، الكائن في كل
مكان ، أهدني إلى النور ، أهدني إلى
النور ، فنورك هو الهادي ..
يدخل الكاهن الأكبر ،
ويقترب من بيرام
بيرام : ” يلتفت ” مولاي .
الكاهن : عمت صباحاً ، يا بيرام .
بيرام : عمت صباحاً ، يا مولاي .
الكاهن : علمتُ أنك هنا ، فجئت أكلمك .
بيرام : هذا ما تمنيته ، يا مولاي ، فقد بدا لي
أن هناك ما تأخذه عليّ .
الكاهن : ليس تماماً ، يا بيرام .
بيرام : مهما يكن ، يا مولاي ، فكلامك
يشرفني .
تدخل تسبيه ، وتقف
مترددة ، بعيداً عنهما
الكاهن : أنت شاب ، والشاب مثلك يكون أحياناً
متحمساً ، وقد يتخذ قراراً فيه بعض
العجلة ، قد يندم عليه فيما بعد .
بيرام : مولاي ..
الكاهن : للكِهانة عندنا شروطها الثابتة ، فالتعبد
مثلاً لا يكون إلا داخل المعبد ، وأمام
الإله مردوخ ..
بيرام : الإله مردوخ موجود في كلّ مكان .
الكاهن : نعم ، ولكن لا نتعبده في كهف مظلم ،
مليء بالحشرات والقوارض .
تسبيه : ” تتململ ” ….
بيرام : ” يرمقها بنظرة سريعة ” ….
تسبيه : ” تتجه إلى الخارج ” ….
الكاهن : ” يلتفت إليها ” بنيتي .
تسبيه : ” تتوقف ” عفواً ، يا مولاي ، سأنتظر
في الخارج .
الكاهن : ” يقترب منها ” لا يا بنيتي ، ابقي أنت
، فلدي ما يشغلني .
تسبيه : ” تطرق صامتة ” ….
الكاهن : أراك فيما بعد ، يا بيرام .
بيرام : تحت أمرك ، يا مولاي .
الكاهن الأكبر يخرج ،
تسبيه تنظر إلى بيرام
تسبيه : أنت بيرام إذن .
بيرام : ” ينظر إليها ” نعم ، أنا بيرام .
تسبيه : ” تقترب منه ” عفواً ، لم أشأ أن أسمع
ما دار بينك وبين الكاهن الأكبر ، حتى
إنك لاحظت أنني أردت أن أنسحب .
بيرام : ” مازال ينظر إليها ” ما دار بيننا ليس
سراً .
تسبيه : ” تنظر إليه صامتة ” ….
بيرام : ” مازال ينظر إليها ” ….
تسبيه : أنتَ ..
بيرام : ” يبعد عينيه عنها متردداً ” عفواً .
تسبيه : إنني لا ألوم اشوميا .
بيرام : اشوميا ؟
تسبيه : ألا تعرفها ؟
بيرام : ” يهز رأسه ” ….
تسبيه : كادت تموت بين أنياب الأسد ومخالبه
بسببك .
بيرام : تلك التي حاول شاب أن يخلصها .. من
الأسد ف ..
تسبيه : كان المسكين يحبها ، لكنها كانت متعلقة
بك .
بيرام : ” ينظر إليها ثانية ” لا أذكر إنني رأيت
تلك الفتاة .
تسبيه : هذا ما خمنته هي أيضاً ، فهي تقول
أنك لا ترى سوى الإله مردوخ .
بيرام : أنتِ .. ، ما اسمكِ ؟
تسبيه : دعك الآن من اسمي .
بيرام : هل رأيتني من قبل ؟
تسبيه : ” تهزّ رأسها ” ….
بيرام : ربما رأيتني ، في مكان ما ، لكني لم
ألفت نظرك .
تسبيه : لا ، لم أرك إلا الآن .
بيرام : وأنا أيضاً لم أرك من قبل ، وإلا ما
كنت نسيتكِ .
تسبيه : ” تنظر إليه صامتة ” ….
بيرام : أنتِ .. أنتِ لا يمكن نسيانك .
تسبيه : سألتني قبل قليل عن اسمي .
بيرام : نعم ، فأنت تعرفين اسمي .
تسبيه : تسبيه ..
بيرام : تسبيه !
تسبيه : اسمي تسبيه .
بيرام : ” يلتفت إلى تمثال الإله ” مردوخ ..
مردوخ .. مردوخ .
تسبيه : ” تنظر إليه صامتة ” ….
بيرام : ” يلتفت إليها ” تسبيه .
تسبيه : ماذا سأقول لاشوميا ؟
بيرام : أشكريها .
تسبيه : أشكرها !
بيرام : أشكريها نيابة عني ، فقد عرفتني بك ،
وجعلتني ، لأول مرة في حياتي ..
جعلتني أرى .
تسبيه : أنت لا تعرف اشوميا .
بيرام : ” مازال ينظر إليها ” ….
تسبيه : بيرام ..
بيرام : تسبيه .
تسبيه : لم آتي إلى هنا صدفة .
بيرام : ” ينظر إليها متسائلاً ” ….
تسبيه : راقبتك ، ورأيتك تدخل الحرم ، فدخلت
وراءك ..
بيرام : ” يبتسم ” ….
تسبيه : لكني فوجئت بالكاهن الأكبر .
بيرام : لقد سمعتِه ..
تسبيه : لم أتعمد سماعه .
بيرام : وأريد أن تسمعيني .
تسبيه : لقد تأخرت ، وإلا لسمعتك .
بيرام : في وقت آخر .
تسبيه : ” تتراجع مبتسمة ” ليس في الكهف ، يا
بيرام .
بيرام : من يدري ، فقد ترين الكهف وتحبينه ،
يا تسبيه .
تسبيه : ” تلوّح له ” ….
بيرام : إلى اللقاء .. سأكون هنا .. في مثل هذا
الوقت .
تسبيه تخرج ، بيرام ينظر
مبتسماً إلى الإله مردوخ
إظلام
المشهد الرابع
اشوميا ترقد في
فراشها ، تُسمع الأغنية
حبيبي يعذب قلبي
إنه يسلمني للمرض
يا قلبي لا تخفق
لا تدع الناس يقولون عني
فتاة واقعة في الحب
يا قلبي لا تخفق .. لا تخفق
اشوميا : ” تتمتم هاذية “الموت لبيرام .. الموت
لبيرام .. لتأخذه ايرشكيجال إلى العالم
الأسفل ” تعتدل منفعلة ” لا .. لا .. ”
بصوت أشبه بالأنين ” آه بونو .. ليت
الأسد اللعين افترسني .. وخلصني من ..
” تنصت ” هذه ماما قادمة ” تتمدد في
فراشها ” فلأنم .
يُفتح الباب ، وتدخل
الأم ، وتقترب من اشوميا
الأم : اشوميا .
اشوميا : ” تغط في النوم ” خ خ خ خ خ .
الأم : بنيتي اشوميا .
اشوميا : ألا ترين إنني نائمة ؟
الأم : هناك شاب بالباب يسأل عنكِ .
اشوميا : قولي له إنني متّ .
الأم : يبدو أنه كاهن .
اشوميا : ” تعتدل ” ….
الأم : اسمه .. بيرام .
اشوميا : ” تتسع عيناها ” ….
الأم : ” تتجه إلى الخارج ” سأقول له ، إنك
نائمة .
اشوميا : ” تهب من فراشها ” مهلاً ، قلتِ أن
اسمه .. بيرام ؟
الأم : ” تمسك بها ” أيتها المجنونة ، تقابلين
شاباً بالباب ، وأنتِ مريضة تموتين .
اشوميا : آه .. نسيت .
الأم : ابقي هنا ، وسأدعوه للدخول .
اشوميا : حسن ، أسرعي .
الأم : ” وهي تخرج ” بيرام ! ، ليكن من
يكون ، آه لقد تعبت .
اشوميا : يا لعشتار ، إنه بيرام ، أهذا ممكن ؟ ثم
.. لماذا قدم ؟ هذا إن كان بيرام هو القادم
، يا لي من حمقاء ، يكفي أن بيرام قد
قدم ” ترفع عينيها إلى الأعلى ” عشتار
” تصمت منصتة ” ها هي ماما قادمة ،
ومعها .. بيرام !
يُفتح الباب ، وتدخل
الأم ، ومعها بيرام
اشوميا : ” بصوت متحشرج ” بيرام .
بيرام : ” ينظر إليها ” اشوميا ؟
اشوميا : بيرام ..
بيرام : ” ينظر إلى الأم متردداً ” ….
اشوميا : ماما .
الأم : ” تتجه إلى الخارج ” سأنتظر في
الخارج .
اشوميا : ماما ، اطمئني .
الأم : ” تخرج وتغلق الباب ” ….
اشوميا : ” تنظر إلى بيرام ” أشكرك ، أشكرك
جداً لقدومك ..
بيرام : عفواً ، لم أعرف بالأمر إلا البارحة ..
اشوميا : كاد الأسد يفترسني .
بيرام : لقد قتله ثلاثة صيادين ، على ما علمت
، صادف مرورهم من هناك .
اشوميا : نعم قتلوه ، بعد أن فتك للأسف ، ببونو
الشجاع .
بيرام : يا للمسكين .
اشوميا : كان يعبدني .
بيرام : ” يهز رأسه ” ….
اشوميا : إنه شاب .. ضعيف ، لكنه شجاع ، فما
إن رأى الأسد اللعين يهاجمني ، حتى
تصدى له ، ولولاه .. لولا بونو ..” تهز
رأسها ” المسكين .
بيرام : إنه درس بليغ ، هذا ما يجب أن يفعله
كلّ محب ، صادق في حبه .
اشوميا : لم أشأ أن تعرف بما جرى لي ، حتى لا
تتأثر أو تحزن أو .. ” تصمت ” ..
بيرام : لقد تأثرت فعلاً .
اشوميا : من أخبرك بما جرى لي ؟
بيرام : تسبيه .
اشوميا : تسبيه !
بيرام : ” يهز رأسه متردداً ” ….
اشوميا : ” تبكي بصمت ” ….
بيرام : اشوميا ..
اشوميا : ” بصوت باكٍ ” بيرام .
بيرام : إنني بحاجة إليكِ .
اشوميا : بيرام .. أنت لا تعرف مكانتك عندي ..
بيرام : أعرف ، يا اشوميا ، ولهذا قدمتُ إليك ِ.
اشوميا : مرني فأطيع .
بيرام : إنني أحبُ تسبيه ..
اشومبا : ” تغص بدموعها ” ….
بيرام : أحبها .. أحبها .. ساعديني .
اشوميا : ” تبكي بصمت ” ….
بيرام : قولي لي ، ابتعد عنها ، سأبتعد ،
وأدخل الدير .
اشوميا : ” تهز رأسها باكية ” ….
بيرام : اشوميا .
اشوميا : لا تدخل الدير ، يا بيرام ، لا تدخل
الدير .
بيرام : ” دامع العينين ” أشكرك .
اشوميا : ” تغالب دموعها ” تسبيه تستحقك ..
نعم تستحقك .
بيرام : ” يتراجع ثم يستدير ويخرج ” ….
اشوميا : ” بصوت باكٍ ” أنا من ستدخل الدير ،
حتى لو بقيت في دير بيتي .
يُفتح الباب ، وتدخل
الأم ، وتقترب من اشوميا
الأم : ماذا يجري ، يا بنيتي ؟ أخبريني ، ماذا
يجري ؟
اشوميا : ” من بين دموعها ” لا شيء .
الأم : لستُ عمياء ، بيرام خرج من عندكِ ،
وهو يبكي .
اشوميا : ” باكية ” بيرام .. لن يدخل الدير ..
الأم : ” تنظر إليها مذهولة ” ….
اشوميا : نعم .. لن يدخل الدير .. لن يدخل الدير
” يُسمع طرق على الباب ” .
الأم : اشوميا ..
اشوميا : ماما ، الباب يُطرق ..
الأم : بنيتي ..
اشوميا : ماما ، افتحي الباب .
الأم : ” تخرج وتغلق الباب ” ….
اشوميا : لا خيار .. فلأدخل الدير .
يُفتح الباب ، وتدخل
تسبيه ، اشوميا تحضنها
تسبيه : اشوميا .
اشوميا : ” تشهق مغالبة بكاءها ” ….
تسبيه : ما الأمر ، يا عزيزتي ؟
اشوميا : بيرام كان هنا .
تسبيه : ” تنظر إليها ” بيرام !
اشوميا : نعم ، كان هنا ، قبل قليل .
تسبيه : اشوميا .
اشوميا : ” تحضنها ” تحدثنا عنكِ ..
تسبيه : اشوميا .. اشوميا .
اشوميا : قلتُ له ، قلتُ لبيرام ، بعد أن عرفت
كلّ شيء ..
تسبيه : ” تنظر إليها دامعة العينين ” ….
اشوميا : بيسيه .. تستحقك .
تسبيه تحضن اشوميا
باكية ، تعتيم تدريجي
إظلام
المشهد الخامس
حديقة ، تمثال أسد ،
تدخل تسبيه متلفتة
مررت أمام بيته
وجدتُ بابه مفتوح قليلاً
حبيبي كان يقف بجوار أمه
ممشوق القامة ، لا مثيل له
الحبيب المميز بالفضائل
لقد نظر إليّ حين مررت
وقد ملأت نفسي الغبطة
تسبيه : ” تتوقف قرب الأسد ” هذه المرة سبقتُ
بيرام ، وجئت قبله ” تصمت ” ربما
بكرت ، وأخشى أن يتأخر ” تتلفت بشيء
من الخوف ” صحيح أن الحديقة داخل
بابل ، لكنها منقطعة ، وموحشة ، و..
ومخيفة ” تصمت متشجعة ” يا لي من
جبانة ، عليّ أن لا أخاف ” تربت على
التمثال ” وإلى جانبي أسد ” تصمت
منصتة ” هذه وقع أقدام ، ليته بيرام ”
تنفرج أساريرها ” نعم ، نعم ، إنه بيرام
” تتنهد بارتياح ” حمداً لعشتار .
يدخل بيرام ، ويقترب
من الأسد ، ويلطمه
بيرام : أيها الأسد اللعين ، ماذا يفعل أخوك في
البرية ؟
تسبيه : ” تضحك ” لو لم يكن من حجر لما
تجرأت ، ولطمته .
بيرام : ولما تجرأتِ أنتِ أيضاً ، ووقفتِ في
مواجهته .
تسبيه : أتجرأ في حالة واحدة .
بيرام : ” ينظر إليها متسائلاً ” ….
بيسيه : ” تميل عليه ” إذا هاجمك .
بيرام : ” يمد يديه ويعانقها ” يا غزالتي .
تسبيه : تأخرت هذه المرة .
بيرام : لم أتأخر ، ولن أتأخر ، أنتِ بكرتِ ،
ربما متعمدة .
تسبيه : ” تنسل من بين ذراعيه حزينة ” ….
تيرام : بيسيه .
تسبيه : أبي مازال معانداً .
بيرام : وأمي أكثر معاندة .
تسبيه : إنه شيخ متقدم في السن .
بيرام : وكذلك أمي ، وإن كانت أصغر من
أبيك .
تسبيه : يا للحيرة .
بيرام : ربما لن تنقذنا سوى عشتار .
تسبيه : ” تنظر إليه متسائلة ” ….
بيرام : أن تجعل أحدهما يغرم بالآخر ، و ..
ويتزوجان .
تسبيه : ” تغالب ضحكها ” أمي لن توافق .
بيرام : وكذلك أبي ..
تسبيه : لكن أمي مازالت صغيرة .
بيرام : لقد اقسم أبي ، بعد رحيل أمي إلى العالم
الأسفل ، أن لا يتزوج ثانية ، فقد كان
مغرماً بها ، رغم أنه لم يكف عن العراك
معها يوماً واحداً .
تسبيه : بيرام .
بيرام : نعم .
تسبيه : ” مازحة ” لندخل المعبد معاً .
بيرام : فقط .. لنتزوج .
تسبيه : لكن هذا ، على ما يبدو ، مستحيل .
بيرام : ومستحيل أكثر أن لا نكون معاً ..
العمر كله .
تسبيه : معاً أو لا عمر .
بيرام : تسبيه ، أنا أعبدك .
تسبيه : وأنت .. أنت معبودي .
بيرام : لنتزوج ..
تسبيه : نتزوج !
بيرام : أمام الإله العظيم مردوخ .
تسبيه : لكن الإله مردوخ في المعبد ،
بحراسة الكهنة والكاهن الأكبر .
بيرام : لا يا تسبيه ، الإله مردوخ ليس في
المعبد فقط ، بل في كلّ مكان ، وهو
يرعانا ، لأننا طفلاه المحبان .
تسبيه : سيقتلوننا ، وأولهم كهنة الإله مردوخ ،
وخاصة الكاهن الأكبر .
بيرام : هذا إذا بقينا في تناول أيديهم ، بين
أسوار بابل .
تسبيه : بيرام ..
بيرام : نهرب يا تسبيه .
تسبيه : نهرب !
بيرام : حياتنا ملك لنا ، يا تسبيه ، ومن حقنا أن
نعيشها ، كما نريد ، لا كما يريده
الآخرون .
تسبيه : نعم ، أنت محق ، لكن ..
بيرام : لكن .. لكن ماذا ؟
تسبيه : لنحاول مرة أخرى ، ومرة أخرى ، نعم
لنحاول يا بيرام .
بيرام : أنتِ تعرفينهما ، يا تسبيه ، أبي وأمكِ ،
لن يوافقا ، مهما حاولنا .
تسبيه : أعرف ، لكن لنحاول ، لعل الإله
مردوخ يهديهما .
بيرام : وإذا لم يهتديا ؟
تسبيه : نهرب .
بيرام : ” فرحاً ” تسبيه .
تسبيه : ” فرحة ” نهرب ، يا بيرام ، نعم ، نعم
نهرب .
بيرام : ” يعانقها فرحاً ” تسبيه .. تسبيه .
تسبيه : نهرب ، وليكن ما يكون ” تصمت ”
لكن ..
بيرام : ” ينظر إليها ” تسبيه .
تسبيه : لا تخف ، يا بيرام ، لا تخف ، لن
أتراجع ، إذا لم يستطع الإله مردوخ أن
يهديهما ، نهرب ..
بيرام : لا لكن إذن .
تسبيه : اسمعني ، يا بيرام ، نحن سنهرب إذا لم
يوافقا ، لكن إلى أين ؟ وكيف ؟
بيرام : سنهرب ..
تسبيه : إذا لم يوافقا .
بيرام : لن يوافقا ، يا تسبيه .
تسبيه : نهرب إلى أين ؟
بيرام : ليس مهماً إلى أين ، المهم أن نهرب ،
بعيداً عن بابل .
تسبيه : لا يا بيرام ، بل هذا مهم ، فلو هربنا
إلى مكان قريب ، قد يلحقوا بنا ، ويفرقوا
بيننا شئنا أم أبينا .
بيرام : أنتِ محقة .
تسبيه : علينا أن نهرب إلى مكان بعيد ، لا
يستطيعون الوصول إليه بسهولة .
بيرام : نينوى .
تسبيه : نينوى !
بيرام : إنها بعيدة ، في أقصى الشمال .
تسبيه : نعم .
بيرام : ثم إن نينوى ، ليست على وفاق الآن
مع بابل .
تسبيه : حقاً إنها أفضل عش آمن ..
بيرام : لعصفورين محبين هاربين مثلنا .
تسبيه : سنهرب إذن ، هذا إذا لم يوافق أبوك ،
ولم توافق أمي .
بيرام : لن يوافقا ، وسنهرب .
تسبيه : كيف ؟
بيرام : لندع كيف الآن .
تسبيه : الحق معك ، لقد تأخرنا ” تتجه إلى
الخارج ” إلى اللقاء .
بيرام : ” يلحق بها ” تسبيه .
تسبيه : ” تتوقف ” كما جئنا ، يا بيرام ،
سأذهب أنا أولا ً ..
بيرام : كما تشائين .
تسبيه : ” وهي تواصل سيرها ” ما دمنا
سنهرب قريباً ، فمن الأفضل أن
لا يرانا الآن أحد نسير معاً .
بيرام : سأتصل بك فيما بعد ، وسنتفق على كلّ
شيء .
تسبيه : ” تخرج مسرعة ” ….
بيرام يقترب من تمثال
الأسد ، ويتوقف قربه مفكراً
إظلام
المشهد السادس
خلاء ، شجرة توت ، ضريح
في المؤخرة ، يدخل الأب
الأب : ” يتوقف خائفاً ” يا للآلهة ، أسد ”
يتلفت ” أم هي لبوة ؟ آه كلّ البلاء من
اللبوات ” يصمت لحظة ” تابعته من بعد
، حتى خرج من المدينة، لكني فقدتُ أثره
، حين دخل هذه الغابة اللعينة ” يتلفت
خائفاً ” هذا مكان موحش وخطر ، لا
أظن أّن بيرام سيأتي إلى هنا ” يتجه إلى
الخارج ” فلأبحث عنه في هذه الغابة ،
لعلي أجده ، قبل أن يرتكب الحماقة ،
التي ارتكبها جده ، جده لأمه طبعاً ، آه
من الوراثة ” يخرج ” .
صوت زئير لبوة ،
تدخل الأم مرعوبة
الأم : اللبوة ، يا للإله مردوخ ، تباً لبيرام
وأبيه الخرف ، لولا بيرام لكانت تسبيه
معي في البيت ، ولما عرضتُ نفسي لهذه
المخاطر ” تتلفت حولها ” آه من تسبيه ،
خرجت منذ الصباح الباكر ، قالت لي ،
سأزور صديقتي ، إنها مريضة ، لم
أصدقها ، رغم أنها مثلي لا تكذب ،
وتبعتها حتى دخلت هذه الغابة ، ربما
عامدة لتضلني ، وتفلت من متابعتي لها ”
تشهق خائفة حين ترى بقعة دم على
الأرض ” يا ويلي ، دم ! ” تتراجع خائفة
” لابد أن اللبوة .. ، فلأهب .
تهمّ بالخروج ، يدخل
الأب ، يقفان متواجهين
الأم : ” بحدة ” أهذا أنتَ !
الأب : ” بحدة ” أهذه أنت !
الأم : منذ أن رأيتُ وجهك هذا ، ووجه ابنك
بيرام ، لم أرَ الخير .
الأب : ليتنا لم نراكما ، لا أنتِ ولا ابنتك أل ..
أل .. تسبيه.
الأم : ابنك اللعين بيرام ، خدع ابنتي البريئة
تسبيه .
الأب : كلا ، بيرام لم يخدع ابنتك ، ثم إن ابنتك
ليست بريئة ، بل ابني هو البريء ، وقد
أضلته تسبيه ، بعد أن كاد يدخل المعبد ،
ويصير كاهناً ، من كهنة الإله العظيم
مردوخ .
الأم : وجه ابنك بيرام ، ليس وجه كاهن ..
الأب : وابنتك تسبيه ..
الأم : ولن أدعه ، مهما كلف الأمر ، أن
يلمس شعرة من شعر تسبيه .. الذهبي .
الأب : ولن أدع ابني بيرام ، تحت أي ظرف ،
أن تسرقه مني ابنتك .. تسبيه .
الأم : ” بغضب شديد ” أيها الخرف ..
الأب : ” بغضب شديد ” أيتها ال ..
اللبوة : ” تزأر من مكان قريب ” آآآآآ .
الأم : ” تسرع إلى الخارج مرعوبة ”
مردوخ .
الأب : ” يسرع إلى الخارج مرعوباً ” يا ويلي
، اللبوة .
الأم ” تخرج مولولة ” ….
الأب : ” يخرج مولولاً ” ….
فترة صمت ، تدخل تسبيه
خائفة ، والشال على رأسها
تسبيه : يا للآلهة ، اللبوة ، اللبوة الشرسة ”
تتوقف ” عشتار ، إلهتي العظيمة ،
المحبة ، ليكن غضبك على هذه اللبوة
المجنونة ، واحمينا منها ، ومن غيرها
من الوحوش ، احمي بيرام ، نعم بيرام ،
بيرام أولاً ، فبدون بيرام لا حياة لي ”
تتقدم متلفتة ” يبدو أن بيرام لم يأتِ بعد ،
سيأتي ، سيأتي حتماً ، أنا اقترحتُ هذا
المكان الأثير لديه ، لننطلق معاً إلى
حياتنا الجديدة ، في نينوى ..
اللبوة : ” تزأر من مكان قريب ” آآآآآ .
تسبيه : ” تركض مرعوبة هنا وهناك ” يا ويلي
، اللبوة ، أين أختبىء ؟ لا أستطيع أن
أترك هذا المكان ، سيأتي بيرام عاجلاً أو
آجلا ، ولابد أن أكون في مكان قريب ”
تنظر إلى الخارج ” ذاك هو الكهف ”
تسرع خارجة فيسقط شالها فوق
بقعة الدم ” سأبقى في الكهف حتى يأتي
بيرام ، ونذهب معاً إلى نينوى .
اللبوة : ” تزأر من مكان قريب ” آآآآآ .
تسبيه : ” وهي تخرج راكضة مولولة ” ….
فترة صمت ، يدخل
بيرام ، يتلفت مضطرباً
بيرام : ماذا يجري ؟ مراراً وتكراراً ، وحيثما
سرتُ في الغابة ، تناهى إليّ زئير اللبوة
” يصمت لحظة ” من يدري لعلها لبوة
ذلك الأسد ، الذي هاجم اشوميا ، وفتك
بمحبها الشاب بونو ، فتصدى له
الصيادون الثلاثة ، وأجهزوا عليه
” يتوقف متلفتاً ” تسبيه لم تأتِ بعد ، إنها
تسبقني عادة إلى الموعد ، لعل عائقاً ما
أخرها ، ستأتي حتماً ” يسير متلفتاً ”
ستأتي وننطلق من هنا إلى الحياة ،
فحياتنا تبدأ ساعة ننطلق إلى نينوى ، آه
نينوى ” يصمت لحظة ” تعالي يا تسبيه
.. تعالي .. تعالي .. تعالي” يتوقف
مصعوقاً إذ يقع بصره على شال تسبيه ”
يا ويلي ” يتلفت حوله ” اللبوة كانت هنا ،
هذه آثار أقدامها ، لا .. لا .. ” يرفع
الشال الملوث بالدم ” هذا شال تسبيه ،
طالما جاءت به إلى موعدنا ، لا .. لا ..
تسبيه .. جئنا لنذهب معاً .. نذهب معاً
إلى نينوى .. لا لتذهبي وحدكِ إلى .. ”
بصوت باك ” تسبيه .. لن تذهبي وحدك
إلى أي مكان .. ” يستل خنجره ”
انتظريني ، سألحق بك ، لنذهب إلى
المكان ، الذي سبقتني إليه ” يطعن نفسه
” آه .. تسبيه .. سنذهب إلى عرسنا ..
مخضبين بالدم ” يصيح بأعلى صوته ”
تسبيه ..” يتداعى متألماً ثم يسقط على
الأرض ” .
تسبيه : ” تدخل صائحة بلهفة ” بيرام ..
تتوقف مصدومة ، حين ترى
بيرام ، والخنجر مدمى في يده
بيرام : تسبيه ..
تسبيه :” تسرع إليه ” بيرام .. بيرام .
بيرام : ” بصوت متحشرج ” تسبيه .. حسبتُ
أنّ اللبوة .. فتكت بكِ ..
تسبيه : ” بصوت باك ” بيرام .. بيرام ..
بيرام ” بصوت يزداد حشرجة ” لم أستطع أن
أبقى .. وقد ذهبتِ ” بصوت واهن ” لم
أستطع .. يا تسبيه ف .. آه .
تسبيه : ” تحضنه باكية ” بيرام .. لا تذهب ..
أرجوك .. لا تذهب .. فأنا لا أستطيع
البقاء .. حتى في دلمون .. من غيرك ..
بيرام : ” يبقى صامتاً ” ….
تسبيه : ” مرعوبة ” بيرام ..
بيرام : ” لا يرد ” ….
تسبيه : ” يزداد تخوفها ” بيرام .. بيرام ..
بيرام : ” لا يرد ” ….
تسبيه : ” تنظر إليه ” بيرام ..
بيرام : ” لا يرد ” ….
تسبيه : ها قد رحلت .. يابيرام .. لن ترحل
وحدك .. لقد اتفقنا أن نرحل معاً ” تأخذ
الخنجر من يده ” وها أنا ألحق بك ”
تطعن نفسها ” آه بيرام ” تتداعى وتنهار
إلى جانبه ” هيا يا بيرام .. هيا يا حبيبي
.. ها نحن معاً .. ومعاً سنبقى إلى الأبد .
أغنية حب حزينة ، في
نهايتها يدخل الأب متوجساً
الأب : ” يرى بيرام وتسبيه فيتوقف ” ….
الأم : ” تدخل متلفتة ” ….
الأب : ” يتقدم دامع العينين ” بيرام .. تسبيه ..
الأم : ” تنظر مصدومة ” يا للآلهة ..
الأب : ” يتوقف قربهما ” بيرام .. تسبيه ..
تسبيه .. بيرام .
الأم : ” تسرع باكية ، وتقف قبالة الأب ” ….
الأب : ” ينظر إلى الأم من خلال دموعه ”
فقدناهما .. فقدنا ولدينا .. فقدنا بيرام
وتسبيه .
الأم : ” من خلال دموعها ” نعم .. فقدناهما
.. فقدنا .. تسبيه وبيرام .
الأب : ” يهز رأسه والدموع تسيل فوق خديه ”
….
الأم : ” تأخذ شال تسبيه ، الملوث بالدم ،
وتغطي به بيرام وتسبيه ” ….
الأب : ” ينحني ، يساعد الأم في تغطيتهما
بشال تسبيه ” ….
أغنية حزينة ، الأب والأم
منهمكان بتغطيتهما بشال تسبيه
إظلام تدريجي
النهاية
منظر البداية ، فارس
وسلوى ، تحت شجرة التوت
فارس : عيناك دامعتان ، يا سلوى .
سلوى : ” تكفكف دموعها ” وأنت صوتك دامع
، فارس .
فارس : هذه الحكاية جرت ، في بابل العراق
قبل آلاف السنين .
سلوى : وهي تتكرر اليوم ، ليس معنا ، أنا
وأنت فقط ، بل مع مئات وآلاف الشباب
والشابات ، في جميع أحاء العالم .
فارس : سلوى .
سلوى : نعم ، يا فارس .
فارس : لا نريد أن تتكرر قصة بيرام وتسبيه .
سلوى : لن ندعها تتكرر، يا فارس .
فارس : إن والدينا مازالا مصرين على موقفهما
المعاند الرافض .
سلوى ، أرجو أن يعدلا عن موقفهما ، ويوافقا
على زواجنا ، وإلا ..
فارس : لم نعد صغيرين ، نحن تجاوزنا
العشرين من عمرنا ، ولدينا شهادة
جامعية .
سلوى : فارس ..
فارس : نعم ، يا سلوى .
سلوى : فلنكن .. بيرام وتسبيه .
فارس : ” يمسك يدها ” أنا معكِ ” يتجهان إلى
الخارج ” ولكن ليس في العالم الآخر ،
بل في هذا العالم الجميل .
فارس وسلوى يخرجان ،
الأضواء تخفت بالتدريج
إظلام
ستار
5 / 1 / 2013
مسرحية للفتيان
الفارسة
طلال حسن
شخصيات المسرحية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ الملك
2 ـ الملكة
3 ـ اهاتاني
4 ـ الطبيب
5 ـ شولا
6 ـ ماشنو
المشهد الأول
غرفة في القصر ، الملك في
فراشه ، حوله الملكة والطبيب
الملك : ” يئن ” آه ..
الملكة : مولاي ، أنت بخير ، اطمئن .
الطبيب : ” منكباً يعالج الملك ” ….
الملك : أريد الأميرة .
الملكة : الأميرة لا تعرف بقدومك ، فذهبت كما
تعرف ، للتدرب على الفروسية .
الملك : أريدها في الحال ..
الطبيب : ” وهو يعالجه ” مولاي ، ليتك تهدأ ،
الكلام يضرك .
الملك : أعرف .. لكني يجب أن أرى الأميرة ..
وعلى جناح السرعة .
الطبيب : ” يعتدل ” ….
الملكة : ” تنظر إليه ” ….
الطبيب : ” يُطرق صامتاً ” ….
الوصيفة : ” عند الباب ” مولاتي .
الملكة : ” تلتفت إليها ” الأميرة .
الوصيفة : ” بصوت خافت ” ها هي قادمة ، يا
مولاتي .
الملكة : استعجليها ، هيا اذهبي .
الوصيفة : ” وهي تخرج ” أمر مولاتي .
الملك : ” يئن متوجعاً ” الأميرة .
الملكة : إنها قادمة .. قادمة .
الملك : استعجلوها .. لابد أن أراها .
الملكة : اطمئن ، ها هي الأميرة .
تدخل الأميرة منفعلة ،
وتسرع إلى الملك
اهاتاني : ” مغالبة دموعها ” أبي .. أبي .
الملك : مفاجأة غير سارة .. بدل أن آتيك
منتصراً .. جئتك جريحاً .. على شفى
النهاية .
اهاتاني : لا يا أبي ، لا تقل هذا ، أنت بخير ،
وستأتي منتصراً كالعادة .
الملك : ” بصوت واهن ” يبدو أن هذا الحلم ..
لن يتحقق .. يا ابنتي .
الملكة : ” تنظر إلى الطبيب ” ….
الطبيب : مولاي ، أرجوك ، لا تتعب نفسك ،
أنت بحاجة إلى الراحة .
الملك : ” يئن ” ….
الملكة : ” تنحني على الملك ” مولاي ، الطبيب
يعرف ما تحتاج إليه ، أرجوك .
الملك : ” بصوت واهن ” أعرف .. أعرف ما .. يعرفه .. الطبيب .
الطبيب : مولاي .
الملك : ” بصوت واهن ” ابنتي ..
اهاتاني : أبتي ، لتصغي إلى الطبيب ، هذه المرة ، فأنت متعب .
الملك : أصغي إليّ .. يا ابنتي .. فأنا أخشى أن لا تسمعيني ثانية .
اهاتاني : ” تأخذ يده ” لا يا أبتي ، لا تقل هذا ، ستكون بخير ، وأسمعك دائماً .
الملك : ” بصوت واهن متحشرج ” أصارحك .. يا عزيزتي ..
اهاتاني : نعم ، يا أبتي .
الملك : لم أصارحك من قبل ..
اهاتاني : إنني أسمعك ، يا أبي .
الملك : ” بصوت واهن ومتحشرج ” لكن أرجو أن لا تزعلي مني ..
اهاتاني : أنت أبي العزيز ، وأنا لم أزعل ، ولن أزعل منك أبداً .
الملكة : أرجوك ، يا مولاي .
اهاتاني : تكلم ، يا أبي ، إنني أسمعك .
الملك : ” بصوت واهن ومتحشرج ” حين ولدتِ .. لم أتمناكِ بنتاً ..
الملكة : ” تهز رأسها ” ….
اهاتاني : ” تغالب دموعها ” ….
الملك : ” بصوت واهن ومتحشرج ” نعم ، تمنيتك ولداً ..
الملكة : لكنك تعرف أن ابنتنا الأميرة خير من مائة ولد .
الملك : ” بصوت واهن ومتحشرج ” أعرف .. أعرف ..
اهاتاني : أبي ..
الملك : نعم .. يا ابنتي .. أنت ذكية .. وقوية .. وشجاعة .. لكنكِ ..
الطبيب : مولاي .
الملك : دعني أتكلم .. يا طبيبي المخلص .. فجرحي يسمح لي أن أتكلم .. ولو لمرة أخيرة ..
الطبيب : لكن الراحة ضرورية لك ، يا مولاي ، ويجب أن ترتاح .
اهاتاني : أبي ، فلنصغ ِ هذه المرة إلى الطبيب ، وسأسمعك بعد أن ترتاح قليلاً .
الملك : ” بصوت أكثر وهناً ” بنيتي .. لا بعد .. إنني كما ترين ” يصمت متوجعاً ” اسمعيني ..
اهاتاني : ” تغالب دموعها ” إنني أسمع ، يا أبتي ، صارحني .
الملك : ” بصوت يزداد وهناً ” أنت عندي أفضل .. من ألف ولد .. ولكن ..
اهاتاني : ” تنصت دامعة العينين ” ….
الملك : لو كان لي ولد .. ولد واحد .. لثأر لي .. من قاتلي ..
اهاتاني : من قاتلك ، يا أبي ؟
الملك : ” بصوت واهن جداً ” لا فائدة .. يا بنيتي .. لا فائدة ..
اهاتاني : ” بإصرار ” من قاتلك ، يا أبي ؟ من هو ؟ أخبرني .
الملك : ” بصوت لا يكاد يُسمع ” المتمرد .
اهاتاني : المتمرد !
الملك : ” لا يجيب ” ….
اهاتاني : ” بصوت باكٍ ” أبي .
الملك : ” لا يرد ” ….
اهاتاني : سأثأر لك منه .
الملك : ” بصوت باك ” بنيتي .
اهاتاني : سأثأر منه .. لن يفلت مني سأثأر منه .. سأثأر منه .
الملكة : ” تحضن ابنتها ” تعالي ، يا بنيتي ، تعالي ، الملك متعب ، لندعه يرتاح قليلاً ، الانفعال يضره .
اهاتاني : ” تنظر إلى الطبيب ” أيها الطبيب ، لقد رأيت جرحه ، صارحني .
الطبيب : الجرح غائر جداً ، يا أميرتي ، والملك لم يعد شاباً صغيراً .
اهاتاني : تعني ..
الطبيب : الملك ، يا أميرتي ، بين يدي الإله آشور ، فلندعُ لع بالرحمة .
الملكة : ” بصوت باكٍ ” تعالي ، يا بنيتي ، يجب أن ترتاحي .
اهاتاني : ” تنسل من بين يدي الملكة ” ….
الملكة : بنيتي ….
اهاتاني : ” تقترب من سرير الملك ” أبتي ..
الملكة : بنيتي ..
اهاتاني : كن مطمئناً ، صحيح إنني بنت وليس ولداً ، لكني سأثأر لك من قاتلك المتمرد ، حتى لو في آخر يوم من عمري .
اهاتاني تجثو أمام الملك ،
الملكة والطبيب يقفان وراءها
إظلام
المشهد الثاني
زنزانة في السجن ،
شولا وسط الزنزانة
شولا : أمر غريب اليوم ، الطعام غير الطعام ،
والمعاملة غي معاملة كلّ يوم ، ما الذي
يجري ؟ صحيح أن الملك رحل ، لكن
هذا لا يبرر ما يجري لي ، من يدري ،
إنهم يطعمون الخرف ، ويسقونه ماء ،
قبل أن ينحروه .
يُفتح باب الزنزانة ،
ويدخل أحد الحراس
الحرس : أظن أن طعام اليوم قد أعجبك .
شولا : أعجبني جداً ، ليته يدوم .
الحارس : سيدوم إذا شاء من أمر لك بهذا الطعام
، الذي أعجبك .
شولا : كم أخشى أن يكون وراء هذا الطعام
الجيد ما وراءه .
الحارس : تفاءل ، يا شولا .
شولا : إنني في هذه الزنزانة منذ فترة ليست
قصيرة ، وربما آن الأوان الآن لحسم
الأمر .
الحارس : لستُ من يحسم أمرك .
شولا : أعرف .
الحارس : ” ينصت ” ربما جاء من له أن يحسم
الأمر ” يأخذ ماعون الطعام الفارع ”
فلأذهب .
يدخل السجان ، ويحدج
الحارس بنظرة صارمة
السجان : خذ الطبق ، وامض ِ دون تلكؤ .
الحارس : أمرك سيدي ” يتجه إلى الخارج ” .
السجان : وأغلق الباب وراءك .
الحارس : ” وهو يخرج ” أمرك سيدي .
شولا : منذ يومين ، والطعام الذي يقدم لي ،
ليس كالطعام إلي كان يقدم لي سابقاً .
السجان : سيزورك الآن شخص مهم للغاية .
شولا : ليس الجلاد إذن .
السجان : الجلاد !
شولا : ظننتني خروفاً .
السجان : ” يحملق فيه ” ….
شولا : أنت تعرف أن الخروف قبل أن يُذبح ..
السجان : لن تذبح إلا ..
الحارس : ” يفتح الباب ” سيدي .
السجان : جاءوا ؟
الحارس : نعم ، سيدي .
السجان : ” يُسرع إلى الخارج ” أغلق الباب .
الحارس : ” وهو يخرج ويغلق الباب ” نعم ،
سيدي .
شولا : خروف مؤجل الذبح ، ماذا يجري ؟ من
يدري ” ينصت ” إنهم قادمون ، ترى من
هم ؟
يُفتح الباب ، ويدخل
السجان ومعه الأميرة
السجان : مولاتي ، تفضلي .
اهاتاني : ” تدخل وتحدق في شولا ” ….
شولا : ” ينظر إليها صامتاً ” ….
السجان : مولاتي ، هذا هو ..
اهاتاني : دعنا وحدنا .
السجان : ” مذهولاً ” مولاتي ..
اهاتاني : وأغلق الباب .
السجان : ” يلوذ بالصمت حائراً ” ….
اهاتاني : ” تحدق فيه ” ….
السجان : ” يسرع إلى الخارج ” أمر مولاتي .
اهاتاني : أغلق الباب .
السجان : ” يغلق الباب وراءه ” ….
اهاتاني : ” تحدق في شولا ” ….
شولا : ” يطرق رأسه ” ….
اهاتاني : منذ سنة ، على ما أعتقد ، وأنت في
هذه الزنزانة .
شولا : بل منذ سنة وأكثر من شهر ، يا
مولاتي .
اهاتاني : أنت تعرف جريمتك .
شولا : أعرف يا مولاتي ، لقد التحقت بالمتمرد
.. ماشنو .
اهاتاني : لكنك عدت ، بعد بضعة أشهر ، وألقي
القبض عليك عند بوابة المدينة .
شولا : عدتُ بإرادتي ، يا مولاتي ، وكان
بإمكاني أن أتخفى في إحدى قرى الجبال
البعيدة .
اهاتاني : لم تأتِ بإرادتك ، يا شولا ..
شولا : ” ينظر إليها صامتاً ” ….
اهاتاني : لقد قتل ماشنو أباك .
شولا : نعم ، فقد ألقي القبض عليه ، في
مخيمات المتمردين ، واعترف بأنه
يتجسس لحسب الملك .
اهاتاني : ما يثير الاستغراب ، أنه لم يقتلك أنت
أيضاً .
شولا : أنا لم أتجسس عليه ليقتلني .
اهاتاني : إنه متمرد شرس ، وقد قتل أباك .
شولا : لقد طلب مني ، يعد قتله لأبي ، أن
أغادرهم ، وقال لي ، وربما كان على
حق ، إنك لن تنسى أنني قتلت أباك .
اهاتاني : هذا المتمرد الشرس ، لم يقتل أباك فقط
، يل قتل أبي أيضاً .
شولا : ” يلوذ بالصمت ” ….
اهاتاني : لابد لنا من الثأر منه .
شولا : ” يبقى صامتاً ” ….
اهاتاني : هذا المتمرد اللعين ، قتل أباك دون
رحمة ، يا شولا .
شولا : كنتُ أتمنى ، يا مولاتي ، أن لا يتجسس
أبي عليه .
اهاتاني : مهما يكن ، فهو أبوك يا شولا ، أنت
رجل ، والرجل يجب أن يثأر لأبيه .
شولا : إنني أعرف أبي ، لكنه لسبب لا أعرفه
، تجسس على .. ماشنو .
اهاتاني : أنت سجين في هذه الزنزانة ، منذ أكثر
من سنة ، سأطلق سراحك ، إذا وعدتني
أن تثأر لأبيك من قاتله .. المتمرد اللعين
ماشنو .
شولا : ” يطرق رأسه صامتاً ” ….
اهاتاني : مناذا تقول ، يا شولا ؟
شولا : إنني أفضل البقاء هنا .
اهاتاني : هذه فرصتك ، يا شولا ، سأفرج عنك
، وأمنحك فرصة لتحيا من جديد .
شولا : ” يلوذ بالصمت ” ….
اهاتاني : تباً لك ، أيها الجبان .
شولا : ” يبقى صامتاً ” ….
اهاتاني : ” تصيح ” أيها السجان .
السجان : ” يفتح الباب ” مولاتي .
اهاتاني : قيدوا هذا الجبان بالحديد .
السجان : أمر مولاتي ” يُعيد تقييد شولا ” .
اهاتاني : ” لشولا ” سأمهلك ثلاثة أيام ..
شولا : ” يطرق صامتاً ” ….
اهاتاني : وإلا ستبقى في هذه الزنزانة ، حتى
تتعفن .
شولا : ” يبقى مطرقاً ” ….
اهاتاني : ” تخرج مسرعة ” ….
السجان : أيها الغبي ” يتجه إلى الخارج مسرعاً ”
هذه فرصتك ، فلا تضيعها .
شولا يبقى صامتاً ، السجان
يغلق الباب ، ويلحق بالأميرة
إظلام
المشهد الثالث
غرفة في القصر ،
الأميرة أهاتاني والملكة
اهاتاني : شولا ..
الملكة : بنيتي ..
اهاتاني : شولا اللعين ..
الملكة : دعكِ من شولا هذا الآن .
اهاتاني : يعصني ، ويصرّ على موقفه ..
الملكة : أنتِ الملكة الآن ، يا اهاتاني .
اهاتاني : لقد وعدتُ أبي ، ويأبقى عند وعدي ..
الملكة : بنيتي .
اهاتاني : لابد أن أثأر له ..
الملكة : ” تنظر إليها صامتة ” ….
اهاتاني : لابد أن أثأر لأبي ، وسأثأر له ، بأية
طريقة ، ومهما كانت الظروف .
الملكة : لندع الثأر الآن ، أنت الملكة ، وكما
يقول الكاهن الأكبر ، مكانك فوق العرش
، وليس هنا ، أو في أي مكان آخر .
اهاتاني : أمي ، قلتُ لك ، وأقول لكِ دائماً ، لن
أجلس على العرش ، إذا لم أثأر لأبي
الملك .
الملكة : لكن يا بنيتي ..
الوصيفة : ” تدخل ” مولاتي .
الملكة : ” تسكت مغتاظة ” ….
اهاتاني : نعم .
الوصيفة : القائد ، يا مولاتي .
اهاتاني : دعيه يدخل .
الوصيفة : أمر مولاتي ” تخرج ” .
اهاتاني : أمي ، لدي أمر هام مع القائد .
الملكة : لا تنسي أنني الملكة .
اهاتاني : لا بأس ، يا أمي ، أرجوك ، أريد أن
أتحدث إليه وحدي .
الملكة : ” وهي تتجه إلى الخارج ” أبوك الملك
نفسه ، كان يشاركني في أهمّ القضايا ،
التي تواجه المملكة ” تخرج ” .
يدخل القائد ، ويتقدم من
اهاتاني ، وينحني أمامها
القائد : عمتِ صباحاً ، يا مولاتي .
اهاتاني : عمت صباحاً .
القائد : مولاتي ..
اهاتاني : لا تقل لي ، أن هذا صعب ، أو غير
ممكن .
القائد : ليس هذا قولي ، يا مولاتي .
اهاتاني : أنت القائد العام .
القائد : لأني القائد العام ، أنقل إليك ، يا مولاتي ، ما استقر عليه رأي القادة ، بعد دراسة دقيقة .
اهاتاني : لقد وعدتُ أبي الملك الراحل ، بأن أثأر له من المتمرد اللعين .. ماشنو .
القائد : أنا معك ، يا مولاتي ، لابد أن نثأر من هذا المتمرد اللعين ، ولكن هذا انتحار ، في الوقت الراهن .
اهاتاني : لكن لدينا جيش جرار ، وهذا المتمرد وعصابته ، إن هم إلا حفنة من المقاتلين ، يعيشون عامة في الكهوف .
القائد : وهذا بالضبط مكمن قوتهم .
اهاتاني : هؤلاء العصابة ؟
القائد : لو كانوا مجموعة مقاتلة ، جنوداً رسميين ، حتى لو كانوا أضعاف عددهم ، لمحقناهم في أيام .
اهاتاني : ” تنظر إليه صامتة ” ….
القائد : أما هؤلاء الحفنة ، الذين يقودهم المتمرد ماشنو ، ويعتصمون بذرى الجبل ، يستطيعون بكمائنهم ، وضرباتهم المفاجئة ، أن يلحقوا بجندنا أبلغ الأضرار ، دون أن نصل إليهم ، فهم يضربون ويهربون ، وإذا تضايقوا ، وشعروا بالخطر ، يلوذون بالفرار إلى دول الجوار ، عبر الجبال العصية ، والوعرة المسالك .
اهاتاني : أنتم تصعبون الأمر علي ّ ..
القائد : ثم لا تنسي ، يا مولاتي ، أن أعداءنا من الممالك العدوة لدول الجوار ، يتربصون بنا ، وانشغالنا بهذه العصابة من المتمردين ، يريحهم ، ويعطيه الفرصة لمهاجمتنا ، والاستيلاء على مملكتنا .