الأشجار .. مسرحية للأطفال للكاتب العراقي: أحمد سالم وداي

المسرح نيوز ـ القاهرة: مسرح طفل
ـ
الأشجار..
مسرحية للأطفال
تأليف: أحمد سالم وداي
العراق
0096427826912911
Platasa2013@gmail.com
الأشخاص:
ـ الحطاب
ـ ابنته ذات التسع سنوات
ـ زوجته
ـ الساحرة
يفتح الستار على كوخ لحطّاب، الباب الرئيس للكوخ يواجه الجمهور، وفي الجانب الأيسر من المسرح يوجد باب لغرفة وحيدة، يفهم الجمهور تدريجيًا أنها تُستخدم لأغراض عدّة. في وسط السقف يتدلّى مصباح زيتي، وتنتشر على الجدران حبال وفؤوس يستخدمها الحطّاب في عمله، ورفّ عليه عدد قليل من الكتب. على الجانب الأيمن هناك شباك وتحته أريكة جلوس، وتحتها طشت غسيل.
يُسمع طرقٌ على الباب بنغمة متفق عليها، فتطلّ من باب الغرفة بنت برأسها لتردّ بخوف:
البنت: مَن هناك؟
الحطاب: أنا يا ابنتي، افتحي الباب.
(تخرج البنت من الغرفة وهي ترتدي ثيابًا قروية، وشيئًا تشدّ به رأسها. تركض بفرح وتمسك بمقبض الباب لتهمّ بفتحه، غير أنها تتردّد قليلاً متخوّفة من أن يكون شخصًا غيره. تقف لثوانٍ متردّدة، تفكر قليلاً، ثم تذهب لتسلّق الأريكة كي تنظر من الشباك الذي يطلّ على الخارج، ثم تصرخ بفرح)
البنت: إنه أبي، أنا قادمة يا أبي.
(تفتح الباب على عجل ليظهر الحطّاب، وعلى ظهره شجرة ثقيلة، يلقي بها في باحة البيت، وينظر إليها كمن ينتظر حدوث شيء. يهزّ رأسه بألم، ثم يذهب لتعليق فأسه على الجدار، ويحرص على تثبيته كي لا يسقط، ثم يتجه نحو الأريكة ليلقي بنفسه عليها. تسارع البنت لسحب الطشت من تحت الأريكة ليضع الأب قدميه فيه بعد أن يخلع حذاءه. ينظر مرة أخرى إلى الشجرة بتأفّف مسموع)
البنت (وهي تنظر إلى أبيها بألم): لماذا تتأفف يا أبي؟ أليست الشجرة كبيرة بما يكفي؟ كنت أظن أنها ستفرحك، أليست أكبر من شجرة يوم أمس؟
الحطاب: بلى يا ابنتي، إنها كبيرة، ولكن لماذا تأخرتِ في فتح الباب؟
البنت: لأنني ذكية, ولا افتح الباب لأي شخص، لذا صرت أحرص قبل فتح الباب على التأكد من أنه أنت.
الحطاب: أحسنتِ ايتها الحلوة. أنا الآن مطمئن عليكِ أكثر.
البنت (تجري نحو فأس كبير معلّق على الجدار وهي تقول): يسرّني ألّا أزيد متاعبك، ولكن ألن تقطع الشجرة كي تبيعها؟
الحطاب: منذ متى وأنا أقطع الأشجار؟ أنا لا أقطعها بل أبيعها مثلما هي، لكنني متعب الآن وسآخذها إلى السوق يوم غدٍ.
البنت (تصرخ بفرح): هذا يعني أنك ستذهب في النهار؟ لم لا تأخذني معك إلى القرية؟
الحطاب: لقد أخبرتك يا طفلتي، المكان ليس آمنًا للأطفال, (يستدرك) بل للكبار أيضًا.
البنت: كيف لا يعدّ المكان آمنًا وأنت تقضي اليوم كله بالاحتطاب في الخارج؟
الحطاب (ينظر إلى الفأس الذي علّقه باهتمام): لديّ ما يحميني، وما لن يجرؤ أحد على المساس بي ما دمتُ أمسكه.
البنت: الفأس؟ لدينا عشر فؤوس غيره، لم لا أمسك واحدًا مثله لأخرج معك؟
الحطاب: ليس أي فأس يفي بالغرض، وإلا لشاهدتِ الآلاف هنا. أخبرتكِ: إنه فأس…
البنت (تقاطعه بتململ): سحري. أعرف ذلك.
الحطاب: هل تظنّين أني أذهب إلى القرية لأبيع الحطب فقط؟
البنت: وتَجلب ما نحتاجه أيضًا.
الحطاب: ليس هذا فقط، أنا أذهب لأحذّر الأولاد من القدوم إلى الغابة، وأطمئن إلى أن أحدهم قد عاد.
البنت: مِن أين؟
الحطاب: الأطفال يختفون هناك، والعوائل تقيم مواكب الحزن في كل ليلة.
البنت: أين يختفون؟
الحطاب: في الغابة, هل أنا مضطر لإعادة القصة كل يوم؟ ثم، هل يوجد طعام للعشاء هذه الليلة، أم سنقضيها بالكلام فقط؟
البنت (تبتسم): بالطبع يا أبي، لقد حضّرته لك منذ وقت طويل.
الحطاب: حسنًا، لنذهب لتناول العشاء ثم ننام، فأنا متعب جدًا. الأشجار هذا اليوم كانت قاسية، لم يستطع حتى فأسي السحري أن يقطعها دون جهد.
البنت: أنا أيضًا متعبة، لنذهب. ولكن, هل ستروي لي قصة؟
الحطاب: طبعًا، سأفعل.
)يتجهان نحو الغرفة، ليخفت الضوء تدريجيًّا حتى يعمّ الظلام، الذي يُسمَع خلاله صوت صراصير خفيف يستمرّ لثوانٍ, بعدها يضاء المسرح تدريجياً مع سماع صوت ديوك تصيح من بعيد(
الحطاب (وهو يخرج من الغرفة ليتناول الفأس ثم يدسّه في حزامه، قائلاً كمن يستكمل كلامًا سابقًا): ثم إنها ستحاول خداعك بتقليد صوتي. غير أني أعرف أنك أذكى من أن تخدعك.
البنت: أبي، أنت تكرّر عليَّ هذا الكلام كل يوم حتى أصبحت أحفظه عن ظهر قلب. أرجوك أبي، لم أعُد صغيرة. ثم إنك لم تأخذ كيس الطعام معك.
الحطاب (وهو يعود إلى الغرفة): آه، حسنًا، كدت أنسى.
(يخرج وقد وضع حزام كيس الطعام على كتفه، ويبدأ بلفّ الشجرة التي جلبها ليلة أمس بأحد الحبال، ثم يخرج من البيت مسرعًا تمسك البنت مكنسة لتنظف بقايا الشجرة عن الأرض، وترتّب بعض الأشياء هنا وهناك، مدندنة بلحن طفولي. يُطرَق الباب فتقف بذهول، ثم تذهب إلى الباب مُصغية، واضعة أذنها عليه)
الساحرة (من خلف الباب بصوت شيطاني يتصنّع اللطف): مرحباااا، ها قد عدتُ أيتها الصغيرة. ألا تريدين أن تري ما الذي أحضرته لك؟ لديَّ الكثير من الألعاب والدمى، غير أني لن أعطيها إلا للصغيرات اللواتي يسمعن الكلام، ولا يرفضن ما أطلب منهن.
البنت (تحاول أن تقول شيئًا، ثم تضع يدها على فمها لتمنع نفسها من الكلام)
الساحرة: أعرف أنكِ هناك، فلا تتصنّعي عدم سماعي, هيا أيتها الصغيرة، أنا أراكِ، وأعرف أنكِ خائفة. ليس هناك ما يدعو إلى الخوف، أنا وحيدة مثلكِ. هل ترغبين باللعب؟
البنت (تتحرك بحذر لتمسك أحد الفؤوس، غير أنها تتعثر بالمكنسة فيصدر منها صوت تسمعه الساحرة)
الساحرة (تضحك ضحكة شيطانية تتصنّع الود فيها): هل أنتِ بخير يا صغيرتي؟ هل حدث لك شيء؟ دعيني أرى ما الذي أصابك كي أساعدك ريثما يأتي أبوكِ.
البنت (تصرخ بغضب): ابتعدي من هنا! أبي على وشك الوصول وسيقطعكِ بفأسه!
الساحرة (تضحك بسخرية): أبوك؟ لا لا لا، أبوك قد ابتعد كثيرًا هذه المرة، ولا أظنه يعود حتى المساء. دعيني أساعدك أيتها المسكينة.
البنت (بارتباك): لا، أبي لم يبتعد، وهو على وشك الوصول.
الساحرة: هل تظنين بأني سأقترب من البيت وأعرض مساعدتي عليكِ لو كان الفأ… (تتدارك غلطتها قائلة): أقصد لو كان أبوكِ بالجوار؟ (تغيّر لهجتها بتودد): اسمعي يا صغيرتي، أنا جليسة الأطفال في هذه الغابة، ولا أحضر إلا إن غاب الوالدان، فلو كان أبوكِ هنا لما أتيت أصلًا.
البنت (بتحدٍّ): جليسة أطفال، ها؟ على من تريدين أن تضحكي؟ لقد حذّرني أبي منكِ أيتها الكاذبة، ولن أفتح لك الباب مهما فعلتِ، بل حتى لو…
الساحرة (تصرخ مقاطعة إياها بغضب): افتحي الباب يا طويلة اللسان، وإلا كسّرته ودخلت إليكِ عنوة!
البنت (تشد قبضتها بتحدٍّ، كمن يفرح لاستفزاز خصمه، وتهمس بحماسة النصر): نعم! (ثم ترفع صوتها) هل تعتقدين بأن أبي لم يخبرني عن حيلكِ، أيتها اللعوبة؟ (تصرخ بقوة) ابتعدي من هنا!
الساحرة: حسنًا، سأبتعد من هنا. وسأخبر أمك بأنك لا تريدين رؤيتها. (تضحك وهي تبتعد ويختفي صوتها تدريجيًا)
البنت: هل تعرفين أمي؟ أرجوكِ، انتظري، انتظري! هيي! هل تعرفين أمي؟ أرجوكِ، أجيبيني. (تقترب من الباب، ثم تركض نحو الشباك وهي تلهث) أمي؟ أمي! أمي؟ هي انت هل تعرفين أمي؟ (تظل تردد كلمة امي مرات عدة حتى يختفي صوتها تدريجيًا و تتكوم على الأريكة بضعف لتغفو. تستمر غفوتها لدقائق تحلم فيها بصوت مسموع, يتغير خلالها لون المسرح الى الازرق, مع موسيقى هادئة على شكل تهويدة, وتمتد من خلال الشباك اغصان تهتز)
البنت (تحلم): ما الذي أتى بي إلى هذا المكان؟, هل هذه انت يا امي؟
صوت الام: اقتربي اكثر يا صغيرتي, انا لا استطيع تحريك اغصاني لاحتضنك.
البنت: اشتقت اليك يا امي.
صوت الام: انا معك يا ابنتي, لا تخافي.
البنت: ابي يبحث عنك منذ اعوام, وسيجدك ذات يوم, اعدك بذلك.
صوت الام: ثقي بابيك, فانا اراه كل يوم يجتهد في البحث عني.
البنت: امي لماذا انت على شكل شجرة؟
الام: لا فرق بين الامهات والاشجار يا صغيرتي, فما نحن ان لم يستظل بنا؟.
البنت: امي كيف استطيع انقاذك؟
صوت الام: انا في كل اشجار الحياة, انقذيها وستنقذينني.
البنت: لكني اريد ان اراك.
الام: سترينني.
(الباب يطرق بصوت عالي)
البنت (تفز من نومها وتهب واقفة وهي تصرخ): أمي! (ثم تدرك بانه كان حلما, تهم بفتح الباب غير أنها تتردد مرة أخرى لتصرخ): من هناك؟
الحطاب: أنا يا حلوتي، افتحي الباب.
البنت (تنظر من الشباك قبل أن تركض نحو الباب لفتحه، لتصرخ بلهفة وتحتضن أباها): أبي! لم تأخرت كل هذه المدة؟
الحطاب: مهلاً يا ابنتي، دعيني أضع حملي أولاً. (يلقي الشجرة التي كان يحملها أرضًا، ثم يحتضن ابنته بلطف وهو ينظر إلى الشجرة) ما الذي جرى؟
البنت: أمي يا أبي، أمي.
الحطاب: أمك؟ (ثم يضيف بألم) ما الذي ذكرك بها يا صغيرتي؟
البنت: لقد أرسلت إليّ الساحرة، كانت تريد رؤيتي. (تبكي) كانت تريد رؤيتي.
الحطاب: (وهو يضع راسها في حضنه كمن يريدها ان تنام) حسنًا يا ابنتي، أهدئي، أهدئي، أعدك بأن ترينها، ولكن لا تصدقي هذه الكاذبة، فهي تريد أن تأخذك لكن ليس إليها. صدقيني، ليس إليها، وعليك أن تثقي بي. لو كنت أعلم أنها يمكن أن تقودنا إلى أمك برضاها لما تأخرت لحظة في تتبعها، لكن هذه اللعينة تريد التلاعب بنا لنضيع مثل الآخرين ومثل أمك.
البنت: وهل ضاعت أمي؟
الحطاب: نعم، لكن سنجدها.
البنت: ولماذا أضعتها؟
الحطاب: أنا لم أضعها يا ابنتي، لم أضعها، لكنها ضاعت دون إرادتي.
البنت: لم لا تخبرني ما الذي يحدث؟
الحطاب: حسنا سأخبرك, بما يحدث, (يمسك يديها بلطف كمن يريد كامل انتباهها) هل سألت نفسك لم نعيش وحدنا في هذا المكان؟ ولماذا لا يسكنه غيرنا؟
البنت: (وهي ترفع راسها من حضنه) أنا أخاف هذا المكان يا أبي.
الحطاب: لست وحدك من يعيش هذا الخوف، كل من أعرفهم لا يجرؤون على الوصول إلى المكان الذي نعيش فيه.
البنت: لم لا نبتعد عنه مثلهم، أريد أن أعيش وألعب مع الآخرين.
الحطاب: حسنًا حين أخبرك بالذي يحدث ولماذا نحن هنا، ستعرفين لم نعيش بعيدا عن الناس (يرفع رأسها عن حضنه مترعيا نتباهها): سألتني يوم أمس عن الأشجار ولم لا أقطعها، أنا لست هنا لأقطع الأشجار كما تظنين, مثلما لا ابيعها ايضا.
البنت: اذن ما الذي نفعله هنا؟
الحطاب: الأطفال الذين يضيعون في الغابة لا يختفون ببساطة، بل إن هناك ساحرة تحولهم إلى أشجار، (تنظر إليه الفتاة بعد أن تعدل من جلستها بخوف). وليس الأطفال فقط، بل كل إنسان تراه تحيله إلى شجرة.
البنت مقاطعة: شجرة؟ (ثم تنظر برعب إلى الشجرة الملقاة على الأرض)، وتقوم كي تتفحصها.
الحطاب: نعم شجرة، لذا أنا لا أقطع الأشجار كما أنني لا أبيعها أصلًا، بل أذهب بها إلى القرية.
البنت (مقاطعة مرة أخرى): وهل يحرق أهل القرية الأطفال الذين تحولوا إلى شجر؟
الحطاب: كلا، فانا في الحقيقة لا أبيع الحطب، لكن تعويذة الساحرة تبطل ويعود الأطفال إلى طبيعتهم بمجرد الدخول إلى منازلهم كأشجار مرة أخرى, لذا اخذ الاشجار القرية, كي اعيد الاطفال الى بيوتهم ولا اعرف السبب في عودتهم الى ما كانوا عليه, لكن هذا ما يحدث. كان عليك أن تري الناس, وهم ينتظرون قدومي كل يوم حاملًا شجرة، وترين كم يزاحمون بعضهم لأدخل كل واحدة منها إلى بيت من فقد طفلاً.
البنت: هل تدور كل الأشجار التي تأتي بها على كل البيوت؟
الحطاب: نعم.
البنت: هذا يعني أنك تجعلهم يحتفلون في كل ليلة.
الحطاب: ليس تمامًا، أحيانًا تكون الأشجار التي أتي بها أشجارًا عادية، فيضيع تعبي وتخيب آمالهم.
البنت: ولم لا يساعدونك؟
الحطاب: ليس لدى كل واحد منهم فأس كالذي أحمله، هذا الفأس يبعد الساحرة عني، ويجعلها تهرب من أي مكان أكون فيه.
البنت: ولم لا يجلبون مثله من المكان الذي حصلت عليه منه؟
الحطاب: لا اعرف ولا يعرفون من اين يمكن الحصول عليه, ومن سخرية الأقدار إني حصلت عليه منك.
البنت (متفاجئة): مني؟
الحطاب: نعم منك، في اليوم الذي فقدت فيه أمك وجدتك تصرخين، وكان هذا الفأس مثبت عند مهدك, قرب رأسك تقريبًا.
البنت: وكيف عرفت بانه لها.
الحطاب: لقد عرفت لاحقًا, وانا ابحث عن صاحب الفأس, أنه سلاح تلك المجرمة نفسها، لقد كانت تحاول إجبار أمك على فتح الباب، وقد حطمت جزءًا منه لتمد يدها كي تدخل فانتزعته أمك منها على ما يبدو, وبإمكانك ان تسالي امك عما حصل ذلك اليوم حين نجدها.
البنت (وهي تنظر الى الباب): لكن لا يوجد أي كسر في الباب!.
الحطاب: لم نَعِش هنا كل عمرنا، كان لنا في القرية التي أخذ لها الاشجار بيت، وكانت الساحرة تتجرأ على دخول البيوت ما دام الفأس بيدها، أما وقد خسرت فأسها فلم تعد تستطيع الولوج إلى كل بيت، لكنها تستطيع اختطاف من هم في الغابة.
البنت: هل لهذا تحمل الفأس معك أينما ذهبت؟
الحطاب: نعم، فحتى أنا لا أستطيع القضاء عليها دون فأس. فهو فأس الساحرات, وهو يحمل قوة كبيرة, لذا تخشاه تلك الساحرة, وتتمنى لو اعيده اليها, هذا الفأس يشعرني بان هناك امل في النجاح.
البنت : اذا كان الفأس سحريا لم لا تستعمله لاستعادة امي.
الحطاب: سحره يتمثل في ابعاد الساحرة عني, ولا اعرف عن استخداماته الاخرى غير هذا.
البنت: هل يمكنني ان احمله قليلا؟
الحطاب (مبتسما): نعم لكنك لا تقلين سحرا عنه, فانت القوة التي استمد منها العزم على هزم الساحرة.
البنت تحتضن ابيها: وهل يمكن القضاء عليها اصلا؟
الحطاب: ربما، لكنها لا تقترب ممن يحمل الفأس.
البنت: وكيف لك أن تعرف؟
الحطاب: كل ما أخبرتك به اخبرني إياه حكيم إحدى القرى، وأخبرني ايضا قصة الفأس التي يتداولها الشيوخ والعجائز منذ القدم.
البنت: يا إلهي، يبدو أن الأمر ليس جديدًا؟
الحطاب: نعم, فهم يعملون على وضع حد للساحرة, وقد أخبرني بذلك حالما رأى الفأس بين يدي.
البنت: وهل الفأس يهزم الساحرات فعلا؟
الحطاب: نعم, تأكدت من ذلك حين لم تقترب الساحرة مني كل هذه السنين, (يستدرك) ثم هل سنقضي اليوم في الحديث؟ أريد ان ارتاح.
البنت: أوه لقد نسيت، غير أنني لم أنسَ أن أعد لك العشاء، هل تريد أن نأكل هنا؟
الحطاب: سأكون ممتنًا إن أحضرت الطعام إلى هنا، فأنا متعب كثيرًا.
البنت (وهي تنهض لتدخل الغرفة المقابلة وتعود حاملة لصينية عليها عدد من الصحون. تضعها على الأريكة بينهما ويأكلان معًا، تنظر البنت إلى الشجرة متسائلة): أبي، لماذا كل الأشجار التي تأتي بها صغيرة؟
الحطاب: ليس في الغابة أشجار كبيرة، ولا أدري، هل ذلك لأن الساحرة تحول الأطفال فتبدو الاشجار صغيرة لذلك، أم أن الناس يبدأون حياتهم كأطفال مرة أخرى على هيأة شجر حين يسحرون. عموماً هناك شجرتان كبيرتان في الغابة، غير أني أؤجل قطعهما لأستريح في ظلهما أحيانًا.
البنت: إذن لماذا تدعوها غابة؟
الحطاب: لقد كانت غابة ذات يوم، أما الآن فليس فيها سوى أشجار صغيرة، وسأخبرك بسر، هي ليست أشجارًا حقيقية، من النادر أن أجد شجرة حقيقية، فهي غالبًا ما تكون أشخاصًا مسحورين.
البنت: ألم تقل بأنها كانت غابة ذات يوم؟
الحطاب: نعم، لقد كانت كذلك قبل أن تظهر هذه الساحرة، فيجف كل ما في الغابة من أشجار، وهي تريد أن تحيلنا لأشجار بدلًا مما أتلفت.
البنت: هي طيبة إذن، تريد أن تزرع الأرض بالأخضر؟
الحطاب: الأمر ليس كذلك، هي تريد أن تسلب الروح منا وتحيلنا إلى أخشاب.
البنت: ولم تفعل تلك الساحرة ذلك؟
الحطاب: لا أدري، ولكن يقال بانها تعرضت لظلم واحد من افراد القرية ذات يوم, وهي تنتقم من الجميع لأجل ذلك.
البنت: ومتى حدث ذلك.
الحطاب: الامر قديم جدا, ولربما قبل ان اولد, لكن حتى لو كان الامر حقيقيا فلا يجوز مبادلة الظلم بظلم, كما ان معاقبة الجميع على فعل ارتكبه شخص واحد امر غير مقبول.
البنت: هل حاولتم الحديث معها؟
الحطاب: لست متأكدا، لكنني أحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل البحث عن أسباب تلك الساحرة، ثم كم من الأطفال ستختفي قبل أن أعثر على السبب، هل أخبرتك أن هناك من يساعدني لإيجاد حل لإبطال سحر تلك الساحرة ؟
البنت: هذا الامر يدفعني للتفاؤل.
الحطاب: ثم إنهم كلفوني بإعادة الناس، فيما يتكفلون هم بأعمال أخرى للقضاء عليها، إنهم يعرفون ما يفعلون.
البنت: اها, أنتم تعملون كفريق اذن.
الحطاب: لا أريد أن أكون كاذباً، فأنا لا أعرف بالضبط إلى أي حد وصل اصدقائي الذين تسمينهم فريقا في أعمالهم، أنا أفعل ما علي فقط.
البنت: هل سيهزمون الساحرة قريبا؟
الحطاب: ربما في المرة القادمة سأَسأل عن هذا الموضوع، كل ما أعرفه أنهم يتقدمون في ايجاد طريقة للانتصار عليها, كما انهم راضون عما أفعل، ويوصوني بالاستمرار.
البنت: هل هناك الكثير من الأشجار؟
الحطاب: لم يتبقَ الكثير، لدرجة أني أحفظ أماكنها عن ظهر قلب.
البنت: ولم لا تأتي بأكثر من شجرة في المرة الواحدة؟
الحطاب: كنت أفعل ذلك قبل سنوات، غير أني تعبت الآن، وهذا كل ما أستطيع فعله.
البنت (تتردد قليلاً قبل أن تسأل): أبي! هل تحولت أمي إلى شجرة؟
الحطاب (يطأطئ رأسه بحزن): لست متأكداً من هذا، غير أني أحاول معرفة الجواب منذ تسع سنين تقريباً.
البنت: هل ما زالت حية؟
الأب: هذا ما أتمناه، غير أن في داخلي شيء يخبرني بأنها قريبة أحياناً.
البنت (تتلفت حولها) : أين؟
الحطاب: أحياناً حين أصاب بالتعب عند الاحتطاب أستظل بظل شجرة، كي أتناول طعامي، تماماً مثلما نفعل الآن، حينها أشعر بريح باردة، لها عطر كعطر أمك، شيء يشعرني بأنها هناك ويدفعني للاطمئنان, وللشعور بالنعاس ساعتها، كم وددت أن أنام في تلك الأحيان.
البنت (وهي تنظر بعيداً محاولة تخيل أمها) : كيف كان شكلها؟
الحطاب: الشجرة؟
البنت: بل أمي؟
الحطاب (يبتسم بوجه ابنته): كانت جميلة وطيبة، مثلك تماماً.
البنت: (تقف على قدميها وتغير هيأتها لتقلد صوت الساحرة): انا لست جميلة، أنا الساحرة سأحولك إلى شجرة كبيرة أيها الحطاب، أعد إلي فأسي وإلا…
الحطاب (يقاطعها وهو يقوم من مكانه ملوحاً بيده كمن يحمل فأسا): تعالي وخذيه بنفسك ان استطعت, لكن لن تستطيعي هزيمتي أيتها الساحرة، سأنتصر عليك هذه المرة. (يطاردها في البيت وهي تجري أمامه، ليمسكها وهي تصرخ بمرح، ثم يحملها بين يديه وهي تضحك، وبينما هو يدور ويدور في البيت، تهدأ الفتاة تدريجياً وتغفو بين يدي أبيها، فيخفف من دورانه, وتتغير ملامح اللهو على وجهه, ويخطو نحو باب الغرفة ليدفعه بقدمه بحرص، ويدخل ثم يعود غالقاً الباب خلفه بهدوء، لينهي طعامه، فيما يخفت الضوء تدريجياً، ويعود صوت الصراصير في المكان).
)يضاء المسرح تدريجياً على البنت وهي تلاعب بيديها دمية خشبية وتدندن بلحن من أغاني الأطفال، وقد صنعت من بعض الوسائد كوخاً صغيراً للدمية، ثم تقطع غنائها لتحدث دميتها)
البنت: أنت طيبة كأمك، لا تخرجي من البيت، فهناك ساحرة في الخارج، ستحولك مرة أخرى إلى شجرة صغيرة (يطرق الباب قبل أن تكمل كلمتها الأخيرة فتفز مرعوبة وتسقط الدمية من يدها. تحرك الستارة ببطء لتنظر من خلفها، ثم تصرخ): أبي!
)تحاول الركض لتفتح الباب، غير أنها تعود مرة أخرى لتتأكد من أنه أبيها من خلال النظر عبر الشباك مرة ثانية، ثم تركض إلى الباب لتفتحه: أبي! تتعلق به وهو يحاول أن يطرح الشجرة التي يحملها أرضاً، يضع الشجرة أرضاً ثم يحمل ابنته ليقبلها ويضعها على الأريكة، ثم يعود مرة أخرى إلى الشجرة ليتأملها ثم يقلبها مرة أو مرتين قبل أن يتأفف ويعود إلى الأريكة بجانب ابنته).
الحطاب: كيف حالك هذا اليوم يا حلوة؟ (يلتفت الى الشجرة مرة اخرى).
البنت (مستغربة من نظرات أبيها إلى الشجرة): أنا بخير، هل كنت تظن أن الشجرة ستتحول إلى أمي يا أبي؟
الحطاب: يطأطئ رأسه ويقول بخيبة أمل: نعم طالما تمنيت ذلك.
البنت: ولم أنت حزين إلى هذا الحد؟
الحطاب: لم يعد في الغابة من أشجار.
البنت: لكنك قلت إن هناك عدد من الأشجار، ليست كثيرة، لكنها موجودة؟
الحطاب: كان هذا منذ أسبوعين.
البنت(وهي تكاد تبكي): أرجوك أبي، قل شيئاً غير هذا، هل ذلك يعني أن أمي لن تعود؟ كنت أظن بأنها شجرة, وأنك ستعود بها إلى البيت يوماً كي تفك سحرها ولكي أراها.
الحطاب (يحتضنها بيأس): لن أفقد الأمل يا صغيرتي، وأنت أيضاً لا أريد أن أرى هذا القنوط على وجهك، ما زال عندي ما أفعله، فلا تيأسي.
البنت: ما الذي سنفعله يا أبي؟ هل نحول أنفسنا إلى أشجار كي نلتقيها، ما دامت لا تأتي إلينا؟
الحطاب: لا تقولي هذا الكلام، ما زالت هناك شجرتان ولا بد أن أمك احداهما، (يدير وجهها إليه كي تنتبه لما يقول): الشجرتان الكبيرتان اللتان أستريح بظلهما، لابد أن تكون أمك إحداهما.
البنت: أرجوك أبي، لقد قطعت آلاف الأشجار، كيف يمكن أن تكون آخر الأشجار أمي؟ نحن لسنا في قصة كتلك التي ترويها لي كل ليلة، ولن تكون نهايتنا سعيدة.
الحطاب: لا تقولي هذا الكلام يا حبيبتي، ما زال لدينا أمل، ثم إن حياتنا معاً هي ما كانت أمك ستطالبنا بالحفاظ عليه لو كانت هنا. علينا أن نكون سعداء على ما بين أيدينا ولا نبكي على ما فات، إن استطعنا استعادة أمك نكون قد حققنا ما نصبو إليه، وإن لم نفعل يكفي بأننا مع بعضنا البعض، (يخفض رأسه) أرجوك يا صغيرتي لا تحمليني همّاً فوق همّ.
البنت (تحتضنه للحظة وهي تبكي): أرجوك أبي أعدها إلي.
الحطاب: أعدك بأنني لن أفقد الأمل ولو بقي في الغابة غصن أخضر واحد.
البنت: (بحزن) لكنك تريدني أن أقبل احتمال أنها لن تعود، أليس كذلك؟
الحطاب: لست متأكداً حتى من عودتي، ثم إن المكان الذي نعيش فيه خطير للغاية، لذا يجب أن أعمل بحذر.
البنت: أرجوك أبي لا تقل هذا، لا أريد أن أكون شجرة بعدك.
الحطاب: هل رأيت الآن ما أقصد؟ علينا أن نكون راضين بما نملك ثم نبحث عما نفتقد. (يلتفت إليها كمن تذكر شيئاً) أنا الآن جائع أعد لي شيئاً لأتناوله في الطريق، أريد أن أخرج.
البنت (مستغربة): الآن؟ لقد عدت للتو.
الحطاب: لا أستطيع الانتظار حتى الغد، لقد تبقت شجرتان، ولا أريد أن أعيش قلقًا هذه الليلة.
البنت: لقد حل الظلام يا أبي ولا تستطيع الخروج الآن.
الحطاب: هذه الليلة مقمرة، ولن أعاني في احتطاب شجرة أخرى.
البنت: أرجوك أبي، إن كنت تنوي الخروج من اجلي فأنا أستطيع الانتظار لليلة أخرى، لست مضطر لذلك.
الحطاب: ليس من أجلك فقط، أنا أيضاً لا أستطيع الاحتمال حتى الغد.
(تدخل البنت الغرفة، فيما يقوم الحطاب بتفقد الشجرة الملقاة على الأرض، لتعود البنت بعد قليل وهي تحمل كيساً من الجلد فيه شيء من الطعام)
الحطاب: شكراً يا صغيرتي.
البنت: ألا تتناول الطعام هنا قبل الخروج على الأقل؟
الحطاب: الطريق طويل، لا بد من الخروج الآن. (يتناول الفأس ويضعه في حزام خصره ثم يحمل الطعام ويبتعد نحو الباب قائلاً): كوني حذرةً.
البنت: وأنت أيضاً يا أبي.
(يخرج مسرعاً ويغلق الباب خلفه، تتأكد البنت من غلق الباب ثم تحاول سحب الشجرة جانباً عن منتصف الكوخ، تتوقف عن سحبها لتقف بقربها كمن يحدث انسانا)
البنت: مرحباً، هل أنت بخير؟ أيمكنك سماعي؟ لا أدري كم هي المدة التي قضيتها على هذه الحال، لكني آمل أن تشفى سريعاً، لتعود إلى صداقاتك (تستدرك) هل لديك أصدقاء؟ أنا أيضاً لا أصدقاء عندي، آمل أن نكون أصدقاء ذات يوم، (تجلس قرب الشجرة) هل اشتقت الى أمك؟ أنا أفتقد أمي، وأبي يبحث عنها منذ زمن طويل، ربما تبحث عنك أمك الآن، غير انها ستفرح قريبا لأنك ستعود إليها يوم غد، أعدك بذلك، فأبي أعاد الكثير من الصغار لأمهاتهم، ولربما سأزورك ذات يوم في بيتك وس… (يقاطعها طرق للباب، فتلفت إليه بخوف) وقبل أن تقول شيئاً تسمع صوت الساحرة:
الساحرة: مرحباً، أنت هناك، لقد كنت أسمع صوتك وأنت تتحدثين إلى ذلك الطفل الباكي، أوه يا إلهي كم كان يبكي كثيراً قبل أن يتحول إلى شجرة، لكن أمه ستكون سعيدة بعودته، وأنت أيضاً أمك ستكون سعيدة برؤيتك، لقد أخبرتني بأنها تشتاق إليك كثيراً، وأنت هل تشتاقين إليها؟
)البنت تقترب على أطراف أصابعها من الباب وتضع أذنها على الباب(
الساحرة: أخبرتني أنها لن تحتمل يوماً آخر في البعد عنك، وكانت حزينة لأنني أخبرتها بأنك لا تريدين رؤيتها (تبتعد البنت عن الباب وتضع كفيها على أذنيها كمن لا يريد سماع المزيد) أووووه كم أنتم قساة على الأمهات أيها الصغار!
البنت (تصرخ): ابتعدي!
الساحرة: سأبتعد، لكن أمك قد تبتعد هي الأخرى، وستظل حزينة إن أخبرتها أنك ترفضين لقائها للمرة العشرين.
البنت (منهارة): أرجوك لا تؤذي أمي.
الساحرة (تتصنع الاستغراب وتغير من نبرة صوتها): أؤذيها؟ أوه لااااا، انا لا اؤذي نباتاتي الصغيرة, أنت من تفعلين ذلك، أنت من تحرمين أمك من رؤيتك، أما أنا فلا.
البنت (بوهن): هل هي بخير؟
الساحرة: لا أستطيع قول ذلك، فما من أم ستكون بخير إن أُبعدت عن أولادها، هل ترين ذلك الطفل الباكي؟ (تلتفت البنت إلى الشجرة) هل تعلمين أن أمه ستموت قريباً حزناً عليه؟ لا أظنك تريدين لأمك مثل هذا المصير.
البنت: (تجلس القرفصاء ملتفة حول نفسها وهي تبكي محاولة عدم إظهار صوت بكائها بوضع كلتا يديها على فمها وهي تهز رأسها بالنفي على سؤال الساحرة)
الساحرة: هل تتذكرين ما قاله له أبوك؟ عن أن بعض الأشجار التي يقطعها ليست إلا أشجاراً، وأنها ليست بشراً؟ لقد كان مخطئاً يا عزيزتي، فهم بشر ماتوا لأنهم لم يعودوا إلى عوائلهم في الوقت المناسب، (تغير نبرة صوتها إلى تعاطف مصطنع) أوووووه يا لأمك المسكينة! لم يعد لها من الوقت الكثير كي تموت إن لم تراك.
البنت (بأمل): هل ما زالت حية؟
الساحرة: ليس لوقت طويل، وربما ستموت إن لم تعد إلى بيتها بحلول صباح الغد, لن تتصوري مقدار اشتياقها لرؤيتك, ولربما ستمدين برؤيتها من عمرها بضعة ايام.
البنت: (منهارة) هل تعِدينني بأن تأخذيني إليها إن فتحت الباب؟
الساحرة (بمكر): طبعاً، لم أنا هنا إن لم أكن أنوي أخذك إليها؟، لكن لا تتأخري فالشمس على وشك البزوغ.
البنت: وكيف سأتأكد من صدقك؟
الساحرة: ليس لديك خيار اخر, وليس امامك الا تصديقي, ثم ما الذي ستخسرينه؟, هذه الحياة البائسة لا تستحق ان تحافظي عليها امام احتمال لقاء امك.
البنت: ( تنظر حولها, كمن تتفحص حياتها, ثم تنظر الى السماء لتخاطب شخصاً في مكان ما) أنا قادمة يا أمي، لن تموتي هذه الليلة.
(تركض نحو الباب كمن يخشى أن يغير رأيه، تخرج مندفعة ويسمع بعدها صوت صرخة واحدة، يظل الباب بعدها مفتوحاً ويعتم المسرح تدريجياً، حتى يعم الظلام. ويستمر الامر كذلك لوفت قصير).
)يضاء المسرح مرة واحدة حين دخول الحطاب إلى الكوخ صارخاً): من الذي فتح الباب؟ لماذا الباب مفتوح؟ أين أنت يا أمنية؟ (يلقي بالشجرة وسط الكوخ، ويجري مسرعاً نحو الغرفة، يسمع صوته من داخلها): أمنية! أين أنت يا أمنية؟ من الذي فتح الباب؟ أثناء ذلك الصراخ تستعيد الأم شخصيتها الطبيعية بتحول الشجرة، ويخرج الأب من باب الغرفة كالمسحور وهو ينظر إلى زوجته التي استعادت هيأتها البشرية، يظل الاثنان ينظران إلى بعضهما بعضاً لثوانٍ بذهول قبل أن تهمس الأم:
الأم: أين ابنتي؟
الحطاب: (بفرح كالمسحور) لقد عدت؟
الأم: نعم، لكن أين ابنتي؟
الحطاب: يا الهي كم انا سعيد بعودتك؟
الام: وانا كذلك, لكن لن احتفل حتى اراها.
الحطاب: يبدو أنها قد نالت منها.
الأم (برعب): الساحرة؟
الحطاب: نعم.
الأم: يا الهي, أريد ابنتي، لا أريد لها أن تلقي ما عانيته.
الحطاب: لن تلاقي ما لا قِيَت، وسأستعيدها.
الأم: (تصرخ كمن يخشى شيئاً): الآن!
الحطاب (مطمئنا اياها بعزم): لم يعد في الغابة من أشجار، وأي شجرة جديدة ستكون هي، سأعيدها قبل بزوغ شمس هذا اليوم او لا اعود، أعدك.
(يضع الفأس في خصره ويخرج مسرعاً غالقا الباب خلفه، فيما تتكوم الأم على الأريكة تماماً مثلما كانت تفعل ابنتها, يخفف الضوء تدريجياً., وتنزل الستارة, ومن خلفها, بسمع صوت الطفلة وهي تصرخ بفرح): امي!, لقد عدت يا امي!
انتهت
( العراق/ 20/6/2025)
للتواصل مع المؤلف
أحمد سالم وداي
0096427826912911
Platasa2013@gmail.com