الكاتب المسرحي محمد عبد الحافظ يكتب عن: التجريب في الكلمة

المسرح نيوز ـ القاهرة: مقالات ودراسات
ـ
محمد عبد الحافظ: كاتب مسرحي مصري
التجريب روح الحياة منذ أن خلق الله آدم و خلق معه حواء من ضلع منه ؛ ومنذ تلك اللحظة و الرغبة لفعل شيء جديد مختلف وراء أفعال ابن آدم الذي يبحث دائما عن فعل لم يقم به من قبل و يبدو أن الشيطان الرجيم قد عرف أن بداخله الرغبة الدائمة للبحث و التمرد فيسر له الأمر و سهل عليه أمر غوايته ، فوسوس له الشيطان فأكل من الشجرة التي ظن أنها شجرة الخلد وملك لا يفنى أبدا فتم طرده من الجنة ووجد نفسه تائها على الأرض يبحث فيها ليعيش ولولا التجريب لظل عاريا بعيدا عما وصلنا له الآن من تقدم مذهل.
ومع بواكير الكتابة الأولى لي منذ عام ١٩٨٧ وانا أسعى لكتابة نص جديد عما يكتبه الآخرون؛ نص له روح جديدة وموضوع جديد وشكل جديد دون أن تتوه منه الفكرة والرسالة التي أود أن تصل للمتلقي الذي أريده،
فشكل دون رسالة أريد لها أن تصل نوع من العبث و المنظرة الفارغة التي لن تصل بي لمضمون أريده في النهاية، فكانت الابيحرامات في القصة القصيرة وهو شكل استفاد من فن التوقيعة العربية التي لها فلسفة ما وتعتمد على المفارقة المدهشة التي تثير المتلقي و قد استفدت من هذا الشكل في كتابة عدة نصوص مسرحية لي مثل أرض الله و وداعا قرطبة و مينا أمير الحياة الذي اعتمد على التوقيعة المسرحية كهامش و الحبكة الأصلية للنص كمتن ،
كما أنني أرى استخدام أصوات المونودراما كنسق مستقل بعيدا عن صوت الشخصية الرئيسية و بعيدا عنها كي تحدث صوتا مغايرا ليتم التنوع الذي يبحث عنه المتلقي حتى لا يصاب بالملل الذي يقتل لحظة الشغف عند المشاهد أو القارئ ، وقد سعدت بتجميع المخرج أسامة فوزي لكل الأصوات في عرض الفلنكات عام ٢٠٠٥
وشكل منها شخصية ثانية أمام شخصية المونودراما الرئيسية وقد قدمت بالمسرح القومي بقاعة الزرقاني ، كما أنني مع إعداد المخرج للنص و عمل رؤية إخراجية له تتناسب مع فكرة وروح النص ؛ فمن حقه أن يعيد تفكيك النص و تركيبه بما يناسب اللحظة الحالية التي نعيش فيها.
و طوال سنوات الكتابة وانا ابحث عن الجديد و التجريب في الكتابة وحتي في كتابة نصوص مسرح الطفل ،
فقد قامت مسرحيتي أحلام شتوية وهي ست مسرحيات قصيرة لمسرح الشمس على فكره رسوم الأطفال التي يرسمها ذوي الاحتياجات الخاصة من روح قصصي القصيرة للطفل التي تحولت بعد ذلك لأفلام قصيرة صارت جزءا من النص المسرحي الذي كتبته بالمزج بين كتابة السيناريو السينمائي و الكتابة المسرحية و أطلقت عليه الفيلمسرح لأنه يجمع بين السينما و المسرح وقام المخرج يوسف أبو زيد بتنفيذ ذلك على خشبة المسرح للأطفال،
و المدهش انه كان دمجا بين ذوي الاحتياجات و الطبيعيين من الممثلين و حدث نوعا من التناغم اللطيف و كان المشهد السينمائي مفتاحا للمشهد المسرحي والعكس.
وختاما أري ان الحياة بلا تجريب للإنسان هي حياة مملة مكررة وان المسرح بلا تجريب في بعض عناصره مع كل كتابة أو عرض فقدان لروح الحياة التي جبل عليها الإنسان منذ طرد الجنة.
محمد عبد الحافظ ناصف
كاتب مسرحي
المقال منشور بالعدد الأخير من نشرة التجريبي رقم ٨ الدورة الـ 32