أ.د محمد عبدالله حسين “البرنس” يعترف: الكتاب والنقاد الحقيقيون صاروا عملة نادرة.. أشبه بجندي يسير في حقل ألغام.. وأغلب الرسائل العلمية مكررة!
الكاتب الصحفي يسري السيد يحاور (البرنس) أستاذ الأدب والنقد الحديث بكلية دار العلوم جامعة المنيا وأمين اللجنة العلمية لترقية الأساتذة(ب) في اللغة العربية وآدابها.

المسرح نيوز ـ القاهرة: حوارات
ـ
حاوره الكاتب الصحفي الكبير: يسري السيد
حوار مع أ.د محمد عبدالله حسين الشهير ب(البرنس) أستاذ الأدب والنقد الحديث بكلية دار العلوم جامعة المنيا وأمين اللجنة العلمية لترقية الأساتذة(ب) في اللغة العربية وآدابها.
س: ماذا قدمت للمكتبة العربية من دراسات؟
ج:قدمت أكثر من ٤٥ بحثًا علميًا منشورًا. في مجلات علمية محكمة وفي مؤتمرات علمية داخل مصر وخارجها، إضافة إلى ثمانية كتب منها ماطبع ١٣ طبعة : -ظاهرة الانتظار في المسرح النثري في مصر طبعتان عن الهيئة العامة للكتاب – مسرح محمود دياب القضية والبناء الفني طبع طبعتان – دراما الفلاح المصري حتى ١٩٧٣ طبع طبعتان – النقطة المتحولة في الإبداع الدرامي في الصعيد طبع ١٣ طبعة – المعجزة ومسرحيات أخرى لمحمود دياب دراسة وتحقيق عن هيئة قصور الثقافة – دراسات في نقد النص الدرامي عن الهيئة العامة للكتاب – وكتابان قيد النشر ، إضافة إلى تقديم عدد كثير من النصوص المسرحية في سلسلة نصوص مسرحية ومقالات عديدة في الصحف المتخصصة.
س:ما أهم المحطات في مسيرتك النقدية والتي شكلت وعيك وتوجهاتك الفكرية؟
ج: الحقيقة إن الوعي النقدي لدي تشكل في مرحلة مبكرة منذ أن كنت طالبًا في كلية الآداب جامعة المنيا، وقد أسهم أساتذتي في تشكيل هذا الوعي عن طريق توجيهاتهم لي لما يجب الاطلاع عليه من كتب ونصوص إبداعية ولا سيما أستاذي العالم طيب الذكر الأستاذ الدكتور أحمد السعدني رحمه الله ، فقد صنعني على عينه وأشرف علي في الماجستير والدكتوراه،ولم يبخل علي بنصح أو إرشاد أو مدي بالمراجع المتخصصة والنادرة،
ثم بدأت مسيرتي النقدية بالممارسة والتدريس في الجامعات المختلفة حلوان والمنيا وأكاديمية أخبار اليوم، ثم بدت ملامح مشروعي النقدي من خلال كتبي التي أعتز بها، وإشرافي ومناقشتي العلنية لأكثر من ٢٧٨ رسالة علمية في جامعات مصر قاطبة، ويعد هذا كله مرآة عاكسة لتوجهي الفكري.
س:كيف ترى دور الناقد اليوم في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي؟ وهل هناك تعدد للمنابر الثقافية؟
ج: النقاد في مصر والعالم العربي نوعان : نقاد سبوبة وهؤلاء كثر ، يجيدون تسويق أنفسهم من خلال استخدام وسائل الاتصال ، ونتاجهم عجيب وغريب يعتمد على القص واللزق واستخدام المصطلحات المجعلصة دون وعي أو فهم ، فهم يتماهون مع فوضى المصطلحات التي صكت في بلاد المغرب بلا وعي حقيقي بطبيعة الأدب العربي، وبعضهم أصيب بالنرجسية المفرطة ، فأطلقوا على أنفسهم ألقابًا مثل نجم النقد،وفارس النقد، وزعيم النقد ، بل إن أحدهم أطلق على نفسه لقب إله النقد! أما النوع الثاني هو الناقد الحقيقي الجاد المتمكن من أدواته النقدية عميق الرؤية صاحب المرجعية الثقافية الحقيقية، وهؤلاء أشبه بالجندي الذي يسير في حقل ألغام، فهم عملة نادرة في زمن فوضى المصطلح والشللية! أما عن المنابر الثقافية الحقيقية فقد تقلصت تمامًا وتكاد تكون قد اختفت أمام فوضى الندوات الموجهة والمستأجرة والتي تقتصر على شلة معينة تقبض بالدولار والدرهم من أجل تلميع أنصاف بل أرباع المبدعين القادمين من الخليج أو من الرأسماليين الجدد!!! أو ندوات ممولة من دور نشر معينة بغية تلميع كاتب هنا أو كاتبة هناك وكله بثمنه!!
س: هل هناك أعمال أدبية معاصرة لفتت انتباهك مؤخرًا وتستحق الإشارة إليها؟ وهل تلمس فيها تطورًا حقيقيًا في الشكل والمضمون؟
ج: لا شك أن هناك تطورًا في الإبداع بشكل عام، لكنه تطور بطيء، ويمكن ملاحظته في الرواية من خلال الثورة على الشكل الروائي التقليدي عند البعض في طرائق السرد وفي طرح الموضوعات الجديدة على سبيل المثال لا الحصر -جزيرة هرموش لمحسن يونس -القائد زهرة لخالد منصور -الرحلة البحرية إلى مملكة التبر لحجاج آدول -شجو الهديل لجار النبي الحلو -شبح عبدالله بن المبارك لماجد شيحة وهي الرواية الفائزة بجائزة معرض الكتاب هذا العام.
والحركة الشعرية أيضًا تقفز قفزات على فترات متباعده على مستوى شعر الفصحى هناك صور وتراكيب ودرامية ومفارقات تكسر أفق التوقع وهذا واضح في شعر عزت الطيري، ومحمد مملوك، وعمارة إبراهيم وغيرهم، وعلى مستوى الشعر العامي هناك أشعار محمد حسني إبراهيم ومصطفى الجارحي وغيرهم إضافة بالطبع لشعر الرواد وفي المسرح هناك جيل واعد يقف بقدم راسخة على منعطفات التطور الدرامي والتجديد في بنية النص على سبيل المثال لا الحصر هناك سعيد حجاج، وإبراهيم الحسيني، وصفاء البيلي وغيرهم .
س:هل تعتقد أن هناك أزمة كبيرة تلقي الجمهور العربي للأعمال الأدبية والفكرية الجادة؟ وما أسبابها؟
ج: نعم هناك أزمة في التلقي وذلك بسبب ارتفاع أسعار الكتب لا سيما أن معظم جمهور القراء من الطبقة المتوسطة ومحدودي الدخل، الأمر الذي خلق متلقي جديد من طبقة معينة، أو متلقي يلهث وراء الإبداع الرقمي، وهذا له ما له وعليه ما علي! وهو لا يصلح لكل الأجناس الأدبية أضف إلى ذلك كارثة تدخل الذكاء الصناعي في الإبداع! الأمر الذي أفسد ذوق المتلقي
س: هل لدينا مؤسسات ثقافية تعزز وتدعم الحركة الأدبية والنقدية؟
ج: نعم لدينا مؤسسات ثقافية، لكن ليس لدينا سياسات وخطط تفعل دورها، بل للأسف الشديد لدينا خطط لهدمها ، ولعل موقف الوزارة من قصور وبيوت الثقافة التي تعد منارة حقيقية في مواقعها أسهمت بشكل أو بآخر في محاربة الفكر المتطرف والإرهاب واستوعبت طاقات الشباب بدلا من الجلوس على المقاهي يدل على ذلك. كذلك تشكيل لجان المجلس الأعلى للثقافة ، بل المجلس نفسه يحتاج إلى إعادة نظر، كذلك آليات الجوائز ونظام التصويت والشللية والتربيطات، وإقصاء القيادات والكوادر الجادة كل هذه معوقات تسهم في تعطيل دور المؤسسات.
س:ما علاقة الأدب بالقضايا الاجتماعية والسياسية الراهنة؟
ج:الأدب لا ينفصل عن المجتمع والاقتصاد والسياسة، والأديب فرد من المجتمع يعاني ما يعانيه بقية الأفراد ، وهو م بشكل أو بآخر عن التعبير عن قضايا مجتمعه وأمته، لكن من الصعب الحكم الآن على مدى مواكبة الأدب للواقع الراهن ، ربما يمكننا الحكم بعد عشر سنوات من الآن .
س: ما أهم الدراسات والاتجاهات النقدية التي تتوقف عندها الآن ؟
ج؛ إن الاتجاه الأمثل الآن للدرس النقدي المابعدحداثي ، هو فتح المنصات الفكرية بين الفنون والثقافات المختلفة ، وهدم القوالب والنماذج المؤطرة بين الأجناس الأدبية ، وإذابة الحدود بينها، وإخفاء الخط الفاصل بين الوعي والأوعية من خلال التعدد وإزالة المركزية، ومن أهم الدراسات النقدية التي أتوقف عندها الدراسات الثقافية التي تقرأ النص قراءة مغايرة ، وتكشف عن الأنساق المضمرة في الخطابات المتعددة ، وكذلك الاتجاهات السردية الحديثة المرتبطة بنظرية القراءة والتلقي ، مع الأخذ في الاعتبار ضرورة الإنصات الجيد للنص بعيدا عن إكراهات المنهج وسلطة النظرية .
س:هل هناك فجوة بين الدراسات النقدية العربية والدراسات النقدية الأجنبية ورسائل الدكتوراه والماجستير؟
ج: بالتأكيد لدينا فجوة بين الدراسات النقدية العربية والدراسات الغربية وذلك على مستوى التطبيق ، وتتسع الفجوة مع تضييق دائرة الفهم للتنظير ، فكثير من الكتابات النقدية العربية التي تتبع منهجا غربيا مثل السيميائية أو البنيوية أو التفكيكية لا يجيد أصحابها تطبيق أدوات تلك المناهج ، وهذا يعود إلى عدم فهمها أولا ، وعدم توافقها مع الخطابات العربية ثانيا . أما عن رسائل الماجستير والدكتوراه فلا نعدم أن نجد بعضا من هذا الكم الهائل من الرسائل في عصرنا من يحدث توافقا بين الاتجاهات الغربية وقراءة النصوص العربية ، لكن الكثير منها يقع في الفجوة السابقة .
. س:هل تتماس رسائل الدكتوراه والماجستير بالفعل مع الواقع النقدي والأدبي أم تذهب للتراث هروبا أم ضعفا أم عدم القدرة على متابعة التطورات الحديثة في النقد الأدبي والإبداع العربي ؟
ج: التحليل النقدي للنص ومحاولة تأويل الخطابات يحتاج إلى مهارات معينة وقدرات معرفية وإبداعية أيضا ، وهذا الأمر لا يتأتى لكثير من الباحثين في مجال النقد الأدبي ، وخاصة في التعامل مع النصوص الحديثة التي تجنح إلى التعددية في الرؤية والتأويل ، مما يدفع الكثير من الباحثين إلى اللجوء إلى الأفكار المعلبة والموضوعات المكررة ؛ حتى ينجو بنفسه من ذلك القصور الفكري والبنائي والمهاراتي ، لكن الأمر لا علاقة له بالتراث ، بل على العكس تماما فالتوجه إلى قراءة التراث الآن وفق معالجة معاصرة يعد أمرا صعبا للغاية ، ويحتاج إلى وعي وقراءة عميقة تمكن الباحث من مراجعة التراث ومساءلته ، وتقديم رؤى جديدة لم يتم اكتشافها من قبل .
س: وماذا عن المجاملات الموجودة في منح رسائل الماجستير؟
ج: للأسف صار هذا الأمر شائعا في كثير من جامعاتنا لدرجة أننا نفتقر الآن إلى الباحث الجاد والرسالة المتميزة والأستاذ القيمة . س: كيف تقيم العلاقة بين رسائل الماجستير والدكتوراه و مناقشة قضايا النقد والأدب العربي الحالية ، والواقع النقدي والأدبي المعاصر؟ ج: بعض الرسائل تتماس مع الواقع النقدي المعاصر ، وتناقش قضايا الأدب العربي مناقشة جادة واعية ، وهي قليلة جدا ، أما الغالبية العظمى من الرسائل فهو بعيد تماما عن هذا المنحى ؛ لأنه يلجأ إلى التكرار والتقليد والانتحال في كثير من الأحيان.
. س: هل ترى أنها تتماس بالفعل مع إبداعات اليوم، أم أنها تذهب للتراث بشكل مبالغ فيه هربا أم ضعفا ؟
ج: أنا أتحدث عن نفسي .. في الرسائل التي أشرف عليها دائما ما أوجه طلابي إلى قراءة الإبداعات الجديدة والنصوص التي تنتمي للمرحلة الحالية ، وهناك الكثير من الرسائل كشفت عن تجارب الكثير من المبدعين المعاصرين وحللت نصوصهم ، ووضحت سمات إبداعهم ،قدمت رسائل علمية جادة ترتبط بالمجتمع المحيط بالجامعة وهذا دور مهم من ادوار الجامعة، هذا بالاضافة إلى الموضوعات الحديثة التي تواكب العصر ..
فمن كان يتخيل أن تسجل موضوعات في دار العلوم مثل السيكودراما ومابعد الدراما،وغيرها !وكما ذكرت من قبل التوجه لدراسة التراث ليس عيبا أو نقصا ، بل على العكس تماما هو من القضايا التي يجب أن ندفع طلابنا ونوجههم لدراسته ، لكن وفق رؤية معاصرة وبناء على قراءة واعية .
. س: كيف يمكن لطلاب الدراسات العليا أن يجمعوا بين الإفادة من المناهج النقدية الغربية الحديثة، وبين الحفاظ على خصوصية النقد العربي وارتباطه بتراثنا؟
ج: في مرحلة التمهيدي للماجستير نحن نوجه طلابنا إلى دراسة الأصول البلاغية والأدبية في تراثنا أولا ، ثم نشرح لهم آليات المناهج المعاصرة ، وهنا يحدث نوع من التوازن في العرض والتحليل ، ودائما ما ننبه إلى ضرورة عدم الانزلاق إلى أمر خطير وهو الإعجاب بالمنهج الغربي دون إحداث توافق بينه والنص العربي ، لذلك الدعوة إلى أهمية قراءة الخطابات والنصوص العربية قراءة واعية ، والحفاظ الدائم على الهوية أمران أظنهما يساعدان الباحث على الوقوف أمام التيارات المختلفة بصورة ثابتة ورؤى معتدلة .
. س: هل تعتقد أن هناك تكراراً في موضوعات الرسائل الجامعية، وأن بعضها لا يقدم إضافة معرفية حقيقية؟ وما هو الحل لهذه المشكلة؟
ج: في عصرنا هذا التكرار هو الأصل والتجديد والابتكار صار فرعا ، وهذا أمر مؤسف . فالواقع الذي تشهده الدراسات العليا بجامعاتنا العربية يشعرنا بأننا في مأزق خطير، وعلى أبواب أزمة حقيقية ، فالطالب لم يعد له هدف علمي ينشده من وراء رسالته بقدر ما لديه من هدف نفعي ، وللأسف يساعده مشرفه على ذلك فيوجهه إلى موضوع تقليدي مكرر ومكتوب فيه من قبل حتى يستطيع أن ينجز عمله الرديء في وقت وجيز ،
وهذا عبر النقل الكمي المسرف ، والكارثة العظمى التي ظهرت في عصرنا وجود طائفة يُطلق عليهم (سماسرة الأبحاث ) يُكلفون بكتابة الأبحاث للطلاب نظير مبلغ مادي ، فيصبح الطالب لا علاقة له بالبحث ، والأدهى أنه يُناقش في مناقشة علنية ، ويُجاز عمله ، ويحصل عل الدرجة في مشهد عبثي مرير .
س:ما رأيك في قضية “المجاملات” التي تحدث أحياناً في منح درجات الماجستير والدكتوراه؟ وما هي الإجراءات التي يمكن اتخاذها لضمان النزاهة والشفافية الكاملة في التقييم؟
ج: المجاملات موجودة وتمثل واقعا فاسدا في مجتمع الجامعة ، ولكي نقضي عليها يجب تفعيل الميثاق الأخلاقي وإيقاظ الضمير الأكاديمي ، ومراقبة العملية البحثية في الجامعة من قبل إدارة الدراسات العليا ، وعقد لجان متخصصة لمناقشة الطالب في موضوعه بعيدا عن هيئة الإشراف قبل إتمام المناقشة العلنية ، ومحاسبة المتورطين في إثبات هذا الفساد والمساعدة على نشره من قبل الجهات الرقابية .
س: حدثني عن المجاملات والعلاقات الشخصية وتبادل المصالح في منح درجات الأستاذية والاستاذ المساعد والترقي في الجامعات المصرية وانت عضو في لجنه الترقي .
ج: إنها الطامة الكبرى ، إذا كنا نتأفف ونحزن ونتألم لما يحدث في واقعنا مع طلاب الدراسات العليا فسوف يصيبنا نوع من الاضطراب والهم الكبير لما نجده في واقع – نحسبه الأهم والأرقى – ، وهو واقع لجان الترقيات ، وأكيد أن ما سأقوله الآن لا يمكن تعميمه ، فنحن مثلاً في لجنة الاساتذة. المساعدين التي أشرف بتولي أمانتها نتبع نظامًا صارمًا سواء في توزيع الانتاج ا او المقابلة الشخصية وهذا يدعم النزاهة والعدل بنسبة كبيرة جدًا،
ومعظم الأعضاء في اللجان العلمية الأخرى نحسبهم على خير ويمتلكون ضميرا أخلاقيا ووازعا دينيا يجعلهم يمارسون عملهم بمنتهى الشفافية والعدل ، لكن في المقابل هناك أعضاء لا يتورعون أن يكيلوا بمكيالين في الحكم على المتقدمين ، وذلك لنوازع شخصية وأهواء من المفروض أن تكون بعيدة عن الذين يُسخرون لهذه المهمة وهذا المنصب ،
والوقائع واضحة ودالة على ذلك ، فنجد الفائق المتميز يُهاجم وتحاك المؤامرات ضده ، وأحيانا تؤجل ترقيته لعام وربما أعوام ، وعلى النقيض نجد الضعيف المحتال يترقى ، ويصل إلى المنصب بسهولة ويسر ، فهذا إن دل على شيء فإنما يدل على عدم دقة اختيار من ينضمون إلي هذه اللجان .
. س: لماذا يحجم الاساتذة الكبار عن الاشراف على الرسائل الجامعية؟
ج: مهمة الإشراف مهمة ثقيلة ومتعبة للغاية ؛ لأن المشرف يتولى أمر الرسالة والطالب بداية من مرحلة التسجيل ومرورا بالقراءات المتعددة والمراجعة وإبداء الملاحظات ، والجلوس مع الطالب مرات عديدة وساعات طويلة ، وانتهاء بتشكيل اللجنة والمناقشة ، هذا الجهد لا يتوافق مع المقابل المادي الزهيد الذي تمنحه الجامعة لذلك ، إضافة إلى البيئة البحثية التي لا تشجع الأساتذة على الإقدام على هذه المهمة وتوليها
. س: ما رأيك في حركة الترجمة الآن ودورها في إثراء الادب والنقد العربي ؟
ج: حركة الترجمة غير كافية وغير مواكبة لمتطلبات العصر مقارنة مثلاً بحركة الترجمة في الستينيات حيث كنا نصدر كتابًا كل ١٢ ساعة تقريبًا ،ومع ذلك هناك طفرات من آن لآخر مثلاً من الإصدارات الأخيرة مسرحية “الأسوار” للكاتب الأمريكي إميري بركة والتي ترجمها الجامعي المرموق د محسن عباس الذي يجب أن نشكره. لأنه عرفنا على المسرح الأفروأميركي من خلال ترجمة أعمال أهم كتابه ، وهناك كتاب “مسرح مابعد الدراما” تأليف ليمان هانز وترجمة مروة مهدي.
س: ما المشاريع النقدية التي تعمل عليها حاليًا ؟
ج: المشاريع النقدية عديدة ولكني أسير فيها بالترتيب آخرها كان في نقد النص الدرامي ، والآن في نقد النص الروائي، ولاحقًا في نقد القصيدة الحديثة، ثم دراما الذاتية والعولمة وهو سفر كبير يتجاوز. خمسمئة صفحة. س: هل الجوائز تصنع مبدعًا؟ ج: بالطبع لا كم مبدعين حصلوا عل جوائز ثم اختفوا تمامًا من المشهد، ولكن يمكن أن تكون الجائزة حافزًا لاستمرار الإبداع.
س: حدثني عن المجاملات في منح الجوائز في مصر والعالم العربي لاسيما أن لك تجربة سابقة حدثني عنها؟
ج: للأسف الجوائز تخضع لعدة معايير بعيدة عن الموضوعية، أولها. الشللية والتربيطات ، والتحيز للمركز على حساب الأطراف هذا في مصر، أما في الوطن العربي فأهم شيء هو التوجه السياسي للمتقدم ، ولتوازن العلاقة بين دولة المنح ودولة المتقدم للجائزة. أما عن تجربتي في تحكيم جوائز الدولة وكانت تجربة مريرة لن تتكرر مرة أخرى ، فبعد كتابة التقارير نصت على حجب الجائزة بأغلبية الأعضاء، فوجئنا بقرار المنح!! وكأن هذا المال ليس مالًا عامًا يستقطع من أموال دافعي الضرائب. لذا فأنا لا اريد أن أتحدث عن هذه التجربة السخيفة. تحياتي وتقديري
ـ
المصدر: جريدة الجمهورية.. العدد الأسبوعي
21 من أغسطس 2025