المخرج العراقي فاروق صبري يكتب عن نص “ليلة السجين السعيدة” للكاتب السوري أحمد إسماعيل إسماعيل…
المسرح نيوز ـ نيوزيلاند|فاروق صبري
*مسرحي عراقي مهاجر
ـ
قبل فترة قريبة نشر الموقع المتميّز “المسرح نيوز” نصاً مسرحياً بعنوان (ليلة السجين السعيدة) للكاتب السوري أحمد إسماعيل إسماعيل…
في عنوان النص أوحى لي الكاتب بأنه سيأخذني إلى معتقل أوغرفة منه ليريني ليلته السعيدة ولكن منذ اللحظات الأولى لقراءتي أدركت أن هذا الإيحاء وهمٌّ لأنه أدخلني إلى غرفة عرس لحبيبين لم تستطع الظروف الصعبة من إطفاء وهج العشق بينها وإغتيال حلمهما في حياة سعيدة ومستقرة.
أثناء قراءتي لهذا النص لازمني شعور بالوجع والخوف والحيرة والإختناق .
ظلت هذه المشاعر القاتمة مهيمنة عليّ رغم أن آرام وشهناز –شخصيتا النص- إلتقيا بعد فراق طويل ومرير وإنهما يقضيان ليلتهما بفرح وموسيقى ورقص وإن شابه التوتر والحيرة والتساؤلات…
ولكن بعد أنأنهيت القراءة لنص ( ليلة السجين السعيدة ) شعرت بأنني للتو خرجت من السجن لكن السجانين ظلّت عيونهم تراقبني وتترصدني مثلما تراقب وتترصد حتى سرير نوم العريسين شهناز وآرام ، وأصبحت غرفة عرسهما مرتبكةً وهمسات الحب فيها محاصرة بالخوف هل صار السجانون(الأخرون هم الجحيم) ، هذه المقولة المشهورة التي ينهي بها جان بول سارتر مسرحيته ( الأبواب المغلقة ) يعيدها كاتب النص أحمد إسماعيل إسماعيل على لسان شخصية (آرام) : الأخرون هم الجحيم
وتؤيده زوجته (شهناز) : نعم
وعبر النص لا نشاهد قسوة جحيم السجن ولا وحشية السجانين الذين يمارسون عنف السلطة ضد المعارضين أو من لا يرضخ لها ، ولا نسمع زعيق أبواب السجن وألالات التعذيب ولا نلمح وجوه المسجونيين المثقلة بالدماء وأجسادهم المشوهة بكيبلات الكهرباء ، فالكاتب أحمد إسماعيل إسماعيل وعبر أسلوب عذب وأنيق يروي وحشية التعذيبويجعلنا نلمس هذه القسوة السلطوية وبل نكتوي بها وتدفعنا إلى حالة إستنفار وتوجس وخوف ،
تلك الحالة الموجعة لا تستطيع تغطيتها النشوة الرومانسية التي تنثرها شخصية شهناز على حبيبها آرام وعلينا ، فخلف باب غرفة العرس والفرح والموسيقى والرقص عيون السلطة الميدوزية جعلت الغرفة السعيدة غارقة في الظلام وبابها مغلق رغم صرخات شهناز : الباب ، الباب ، الباب ، إفتحوا الباب