المخرج المسرحي شاذلي فرح السمطي يكتب للمسرح نيوز: “واحـة الجـنوبي”!بــرنــس الجنوب.. البرنس فوزي فوزي

بــرنــس الجنوب

الطول الفارع مع الجسد المتناسق ولون الشعر المجعد الذي يميل للون الفضي والبشرة التي تمتزج بلونيين هما البرونز والنحاس . والهدوء الذي يلتف حوله . يجعلك ترنو له بإعجاب وكأنك تقف أمام رجل أسطوري من أساطير أفريقيا . فوزي فوزي شيخ المخرجين في أسوان وفي الصعيد . خرج من تحت يديه جيش جياش من المبدعين في كافه المجالات . وعند التمعن في نشأه برنس الجنوب فوزي فوزي سنجد تاريخ حافل يؤرخ لمشواره . بل سنجد تأريخ لوطن بأكمله . في بداية الستينيات تم تكوين فرقة جمعية أنصار المسرح وكان من بينها البرنس فوزي فوزي . كما قامت شركة كيما بتكوين فرقة مسرحية تحمل نفس الاسم ـ لاحظ كان هذا في بداية الستينيات في أسوان .

قامت جمعية المسرح بالاتفاق مع دار الثقافة وقدموا جهود وعددا من الأعمال المسرحية ( في عام 1964الصفقة ـ و أوديب ملكا لتوفيق الحكيم إخراج / أبو ألوفا القاضي ـ في عام 1965قهوه الملوك تأليف / لطفي الخولي وإخراج فوزي فوزي ) ويتخرج البرنس من معهد المعلمين ويجوب القرى والنجوع معلماً يعلم النشء ومتأملا يخزن داخل نفسه رحلاته يترجمها لنا في صور إبداعية . ومثلما طاف في النجوع والقرى ـ طاف أيضا تقريبا أنحاء العالم لأنه لم يتوقف كمخرج للمسرح فحسب وإنما عمل مخرجا للفنون الشعبية لفرقة أسوان التي طافت العالم ودوي التصفيق ليملأ الكون أجمع .

وكما صنع مجد للمسرح صنعة أيضا في فرقة الفنون الشعبية . البرنس يراقب المسرح في كوم إمبو علي يد عبد الحميد شعبان وأحمد مرسي وعبد القادر قنديل في أواخر السبعينيات فيقوم بتأسيسها ويخرج لها مسرحية ( جحا وبقرة السلطان ) عام 1985 وتتوقف الفرقة ويعاود البرنس تشغيلها في عام 1996 بعرض عزيزة . في أوج عمله ونجاح برنس الجنوب في المسرح يقدم أوراقه ليستكمل دراسته ويحصل علي ليسانس آداب وتربية ـ لغة عربية بل يحصل علي ماجستير في علم النفس التربوي .

يجلس البرنس مع صحبته علي الكازينو الذي يمتلكه هو وأصحابه ( يحي عبد العظيم وحسام الأنصاري وآخرون ويخبرهم أنه قرر أن يترك العمل بالتربية والتعليم وسيلتحق بالثقافة الجماهيرية وبالفعل يلتحق مشرف المسرح بفرع أسوان وبعدها مدير قصر ثقافة أسوان وبعدها مدير عام فرع أسوان . البرنس يحقق ذاته ونجاحاته كفنان وكإداري ناجح لم تشهد له أسوان في تاريخها غير فوزي فوزي والفنان التشكيلي حسن فخر الدين . وكان برنس الجنوب فوزي فوزي مدير ناجح فهو يري ويفكر ويعمل ويدفع إلي العمل في سبيل المصلحة العامة . وكان يثير رغبة العمل في نفوس الآخرين . وكان جرئ في اتخاذ القرارات وكان حاسماً ومتواضعاً ومضيافا وكل فناني العاصمة عندما يكونون في ضيافة أسوان كان مضيافا بمعني الكلمة . كنت في أحدي المرات أسهر معه في الكازينو القابع علي بحر النيل وأخبرني وهو يضحك ويغطس في بئر ذاكرته كيف تعرف علي نفسه كفنان ومبدع ـ يقول ـ لما كنت صغير كنت أقوم بجمع الأطفال وهم في سني وأرصهم وأبدأ أوزع عليهم أدوار ليمثلونها .

وتنقلب أسارير البرنس فوزي وترتسم عليها خطوط الاستعجاب والغرابة ويحدثني ـ برغم إني وقتها لم أشاهد السينما ولا حتى المسرح . ولكني كنت أقوم وقتها بتوزيع الأدوار علي أطفال الشارع من وحي مشاهدتي للشخوص عبر الحياة اليومية مثل الشحاذ والعربجي وبائع البوظة و الخ ……. هذا هو البرنس الجنوبي فوزي فوزي ولد متأملا وعاش فليسوفا ومات في وحده سار إلي الرحلة الأبدية بمفرده بعد أن حقق أمنيته الأخيرة بأن يقوم بحج بيت الله الحرام . ومثلما صبر البرنس فوزي فوزي علي من كانوا يحاربونه وأنتصر .

صبر البرنس في شجاعة علي مرضه الذي قضي علية وفي اعتقادي إنه أنتصر علي الموت . أنتصر بان ترك لنا العالم وعلي شفتيه ابتسامة رضا بما قسمه له ربه . عند دخولك قصر ثقافة أسوان ستجد أمامك أربع فترينات معلق عليها جوائز البرنس في المسرح والفنون الشعبية ـ جوائز من دول العالم . المركز الأول في مهرجان المائة ليلة 1984 بمسرحية الفأس في الرأس / المركز الثاني 1985 عن مسرحية أدهم الشرقاوي / المركز الثالث بمسرحية رحلات بن ستوتة / المركز الثالث بمسرحية المحاكمة . وجوائز الفنون الشعبية ( إيطاليا / أسبانيا / الهند / بولندا / تونس / تركيا / بلغاريا / جوهانسبرج / اليونان / صقلية إنجلترا / فرنسا / الصين / الجزائر / المغرب / السودان / أثيوبيا / كوريا / ألمانيا ) .

عندما نتعرض لتاريخ برنس فوزي سنجد إنه المخرج الوحيد من جيله وربما من بعده بأجيال كثيرة في الصعيد ـ إنه المخرج الوحيد الذي أتسمت أعماله بالتنوع عكس ما كان يفعله كثير من المخرجين بالدوران داخل أعماله مشابهه ومكرره وربما يكررون أنفسهم من حيث رؤيتهم الإخراجية ـ إني أتحدث عن الصعيد فقط لا بشكل أشمل . ونذكر الأعمال المتنوعة ( قهوة الملوك / للطفي الخولي – عزبة بنايوتى / لمحمود السعدني – الشبعانين / لأحمد سعيد – مأساة الحلاج / لصلاح عبد الصبور – سبع سواقي / سعد الدين وهبه – الفأس في الرأس / أحمد عبد المعطي – آه يا بلد / وحيد حامد – هنا القاهرة / عبد العزيز عبد الظاهر – الزوبعة و الهلافيت / محمود دياب – عسكر وحرامية / الفريد فرج / جواب / ناجي جورج – سندريلا / يعقوب الشاروني – طبيخ الملايكة / الناس اللي في السما الثامنة / علي سالم – غرفة بلا نوافذ / يوسف عز الدين عيسى – حكاية من الصعيد / خالد حمزة – أدهم الشرقاوي / نبيل فاضل – الرجل الذي أكل ألوزة / جمال عبد المقصود – روح طبيب القلوب / نجيب محفوظ – الليلة فنطزية / سمير عبد الباقي – رحلة حنظله / سعد الله ونوس – ست الحسن / أبو العلا السلاموني – رحلات بن ستوتة / صلاح متولي – عطشان يا صبايا

شـاذلـي فـرح السمطي

أمـير الجــنوب

Catsh22@yahoo.com