الناقد أحمد خميس يكتب: الحب الحب.. خطوة مهمة نحو الإنتاج الخاص
المسرح نيوز ـ القاهرة| أحمد خميس*
ناقد مسرحي مصري
ـ
كنت أعرف منذ البداية إنني لن أشاهد عرض مسرحي بأنتاج سخي ولكني أيضا كنت أعرف أن المخرج الشاب محمد علام بطموحه الكبير وأفكارة الجيدة لن يفرط في تقديم وجبة مسرحية تناسب الشباب الان وهنا , وهو الامر الذي تحقق الي حد كبير فالعرض المسرحي المقدم الان علي حشبة مسرح الهوسابير والذي يتبع الخطوة الجريئة التي أقدم عليها فريق عرض 1980 وانت طالع حيث قدموا عرضهم للجمهور الخاص واستطاعوا ان يستقطبوا جمهور كبير عن طريق الدعوات الخاصة والايفنت الموجود علي صفحات التواصل الاجتماعي أو عن طريق موضوعات العرض نفسها , وقدرة الشباب علي تبديل التيمات المقدمة بحيث تجذب كثير من الشباب ومن ثم يكون العمل قد فعل طريقة ممتازة في تدوير طرق تسويق العرض وعمل دعاية غير مكلفة لنفسه , محمد علام في ظني فكر بنفس الاسلوب تقريبا فخاض التجربة مع إدارة الهوسابير بحيث يتم تقديم عمل خفيف الظل للشباب يمكن من خلاله تقديم وجبة درامية سريعة التكوين قليلة التكلفة الانتاجية إذ يمكنك ببساطة ملاحظة عدم وجود ديكورات بالمعني المفهوم للكلمة والاعتماد فقط علي بعض الموتيفات السريعة مع وجود قلب احمر في بانوراما المسرح وبعض البالونات التي تشغل الفراغ مع الاعتماد علي مصادر إضاءة غير مكلفة ومن ثم الاعتماد علي الممثل في ملئ الفراغ بكل الوسائل الممكنة , ومن ثم تصدير فنون الاداء التي تعتمد أساليب الكوميديا والارتجال غير النمطية
محمد علام هنا يعرف لمن يتوجة وبأي الوسائلالتي تتكئ علي الحيل الجمالية قليلة التكلفة كما كانت له أفكارة المختلفة من حيث تقديم التيمات التي يعتمد عليها فريق العرض وكيفيات تطويرها كما انه من جانب آخر ومنذ تقديم عرض (العطر) قد لمس إنجذاب الشباب للموضوعات التي تخصهم وان كانت بسيطة التكوين وعلي هذا الاساس قدم (الحب الحب) لجمهور مختلف إعتاد علي الاساليب الجديدة في تقديم العرض المسرحي من حيث الكوميديا الخفيفة ولكنه لم ينجذب بشكل كامل للاسلوب المتبع من خلال الفرق الجديدة والتي إستثمرت بعض الفضائيات وقدمت موضوعات ملفقة لالهاء المتلق وتقديم وجبات سريعة تعتمد علي مجموعة كبيرة من الشباب , علام هنا لايقدم نفس الوجبة بنفس الاسلوب فقط إمتلك ناصية كيفيات جذب متلق جديد وقدم افكار لا تعتمد بشكل كامل علي اساليب الاستاند اب كوميدي
في المسرحية لن تلحظ وجود أفكار عميقة يمكن التوقف عندها أو عند فلسفتها الداخلية ولكنك حتما ستلمس الصدق في تقديم النصائح المتتالية للشباب والعمل علي التفكير معهم بصوت عالي في حالات الحب المختلفة التي يقدمها فريق العمل , وتقديم النصائح المختلفة عادة ما يكون للبنات في مرحلة الجامعة واللاتي يتصورن ان الوصول للجامعة يعني الارتباط بقصة حب من خلال اللقاءات المباشرة بالشباب والاصدقاء وهي مسألة متكررة في الشباب المصري وعادة ماتنتهي تلك العلاقات بشكل سريع كما بدأت بشكل سريع وتكون عواقبها وخيمة علي الفتاة التي أهملت نصائح الاسرة وتركت نفسها للتيار العام بين الشباب والبنات , معظم المشاهد التي عرضها علام باتت محلاة بشكل كوميدي ساخر أو سريع يرجي من خلاله تقديم أكبر كم ممكن من تلك العلاقات الشائهة والتوقف عند أسباب الفشل والنجاح والتعليق من قبل معد البرنامج علي الحالة المقدمة
تبدأ اللعبة من خلال تقديم محمد علام لاحد برامج التوك شو التي يقبل عليها الشباب وهي حكاية إطار يمكن من خلالها تقديم أكثر من فقرة أو مشهد مختلف سريع التكوين سريع الهدم يرجي من خلالة تحليل العلاقات بين الاولاد والبنات من معظم جوانبها المختلفة ولا مانع هنا من تكوين التيمة بمنطق يجمع عدد كبير من العلاقات المتشابهة وهو الامر الذي يسمح بوجود عدد كبير من الممثلين علي خشبة المسرح في لحظات قد تكون متكررة يفرق ما بينها التناول الكوميدي المرتجل السريع أو خفيف الظل كما في معظم اللحظات التي ظهر فيها (محمد بطاوي) مع فتاة احلامه التي لعبت دورها بوعي فارق وقدرة لا بأس بها علي إشاعة البهجة , ويمكنك بسهولة أن تلحظ تماثل في عدد الشباب والبنات داخل العرض بحيث يمثل كل منهم ثنائي متنوع بسيط التكوين من الداخل ولكنه مهم في التنوع واختيار لحظات البناء والهدم , ويمكن من خلال نفس المنطق والاسلوب صناعة أغاني خفيفة يشارك فيها معظم الموجودين علي خشبة المسرح
في العرض من الممكن الوصول لنتيجة مؤداها ان معظم المشاهد موجهة أساسا للفتيات في سن المراهقة وعلي كل مشهد ان ينتهي بنصيحة ما يمكن تكرارها أو الاتكاء عليها عبر التنوع في التقديم أو عبر النصيحة المباشرة من مقدم البرنامج , في بعض اللحظات يتم توجية رسائل مباشرة لرب كل اسرة كي يهتم بزوجته ويقدر تضحياتها المتكررة كي تحيا الاسرة وتستطيع مواجهة الحياة , هذة النصائح المباشرة لم تعطل كثيرا الكم الكبير من التيمات الصغيرة المتجاورة التي إعتمدها فريق العمل والتي أتصور إنها جائت عبر التفاهم في البروفات بين امؤلف المخرج وبين مجموعة الشباب في العرض المسرحي فاللعبة المقدمة تتسم بهذا الاسلوب الجيد سواء في بناء الحدث أو صنع موضوعاته الداخلية
العرض يعد مغامرة إنتاجية مبشرة لكل شباب المخرجين الواثقين من أنفسهم كي يقتربوا من نفس الاسلوب ويختبرونه كعامل مساعد في تقديم العروض المسرحية خارج المؤسسة الرسمية وبعيدا عن بيروقراطيتها المعطلة , كما انه من جانب آخر خطوة مهمة لتوجية الانتاج في المستقبل وتحمل مسئولية الانتاج الخاص وان كان غير مكلف , وظني ان هذة الطريقة تمثل عامل مهم للغاية لدراسة كيفيات الاعلام والترويج لعرض مسرحي مكون من مجموعة من الشباب الواعد وعلي كل مغامر جديد أن يتحمل العبئ الكبير ويقدر المسئوليات الكبيرة الملقاة عي عاتقة وعاتق الفريق ككل فالمسألة ليست هينة وتذوق النجاح لن يأتي إلا عبر جهد حقيقي وتنمية حقيقية تعي تماما كيغيات الجذب الجماهيري لعرض مسرحي يعتمد علي أفكار جمالية مبتكرة ويخوض تجربة إنتاجية جريئة , حقيقة سعدت بفريق العمل وبقدراتهم الادائية وسعدت أكثر بوعيهم ووعي مخرجهم محمد علام الذي فكر خارج الصندوق وبدأ الطريق الصعب.
مسرحنا