عروض مسرحية قدمها المعهد العالي للفنون المسرحية، أغلبها عروض تليق بالمكان الأكاديمي الذي تعرض فيه، وبالدارسين والدارسات الذين قدموها .
لكن يبقى أن هذه العروض عرضت تحت عنوان لا يليق بالمكان ولا بالمسرح ، ألا وهو “مهرجان المسرح النسوي” .. مسرح نسوي !! .. لماذا ؟ .. ومنذ متى والمسرح يقسم هذا التقسيم النوعي ؟!
أفهم أن يحتفي المسرح بـ ” قضايا المرأة” ويصبح ذلك عنوانا لمهرجان يشارك فيه مخرجون ومخرجات وممثلون وممثلات، أفهم أيضاً أن يقام مهرجان للمخرجات ، يقدمن فيه عروضهن التي قد تتماس مع القضايا الخاصة (جداً) بالمرأة، أو تنفتح أكثر على قضايا إجتماعية أعم وأشمل. وافهم أن الإحتفاء بـ “المخرجات” وإقامة مهرجان لهن بسبب ندرتهن في الواقع العربي والمصري ومن ثم تشجيعهن وتشجيع أقرانهن عبر مهرجان يحمل عنوان “المخرجات”.
أفهم وأتفهم كل هذا وأكثر ولكن أن ينحت مصطلح يرسخ لفهم مغلوط في الحياة والفن ، وأن يخرج هذا النحت عبر أكبر مؤسسة أكاديمية علمية للمسرح ، فهذا ما لا أفهمه .
وهنا لابد لنا أن نتسائل حول شيوع هذا المصطلح الذي بدأ في عوالم الأدب ثم تطاول ليصل إلى السينما “سينما المرأة” ثم يقفز إلى المسرح ” المسرح النسوي”.
قديماً كتبت مقالاً أواجه به محاولة سابقة لتسييد المصطلح “مسرح المرأة”” وقلت أن قضايا المرأة هي قضايا اجتماعية يتصدى لها الرجل والمرأة ولا يمكن ابداً القبول بالإدعاء بأن هناك قضايا وأحاسيس لا يستطيع الرجل التعبير عنها، وأعطيت مثالاً واضحاً على ذلك أكدته في عنوان المقال ” بيت الدمية .. نموذج لمسرح المرأة ” فمسرح المرأة كما أفهمه هو المسرح الباحث في قضايا المرأة بغض النظر عن جنس هذا الباحث “المبدع” ، وقضية نورا في “بيت الدمية” لم تكن قضية “جنس المرأة” بل كانت قضية كشفت زيف اجتماعي عام .
أيها السادة إن عنوان “المسرح النسوي” خطأ يقترب من الخطيئة، ويوقع المسرح ومن ثم المجتمع، في فخ ما يحاول أن ينجو منه، ألا وهو أن الصراع في الحياة هو صراع بين ” رجل” و “امرأة” بينما هو في الأصل الحقيقي، صراع بين “الرجل والمرأة” معاً ضد مفاهيم وموروثات وعوائق اجتماعية ربما أثرها الأسرع والأكثر كشفاً ينعكس على المرأة قبل الرجل .
فأرجوكم لا تنزلقوا بنا إلى فخاخ تنصب لنا منذ سنوات ولم تزل… أرجوووكم .
