بالصور.. حافظ خليفة.. والمهرجان الدولي للمسرح في الصحراء من الفكرة إلى الحلم إلى الاشعاع العالمي
المسرح نيوز ـ القاهرة| مسابقات ومهرجانات
خاص| المسرح نيوز
على امتداد مسيرة المخرج حافظ خليفة تنوعت انتاجاته المسرحية للكهول وللأطفال واعتبارا لانتمائه الفطري والجغرافي والعائلي لولاية قبلي عشق الصحراء وامتدادها وآمن بأن هذا الفضاء الشاسع والرحب والسكن ليلا نهار قادر على ان تبعث فيه الروح من جديد وان يكون فضاء لفرجة مشهدية ملحمية ناطقة بفن جديد يحيي النفوس المتعطشة للإبداع بولاية قبلي .
من هذا المنطلق بدأ في عملية إخراج الملاحم الفرجوية في إطار المهرجان الدولي للتمور بقبلي قدمت عديد الملاحم بالجنوب التونسي مثل “الأولاف” و “باب الوطن” و”حرية وطن” و “ثورة الصحراء” و “خضراء “و”صحاري الحب” وضفائر وطن
واستطاع من خلال هذه الملاحم الفرجوية احياء منطقة قبلي القديمة وأعطى للشباب فرصة الظهور والبروز والحلم بأعمال راقية مستقبلية وأعاد إلى الكهول والأذهان ملاحم الاغريق المعتمدة على الديكورات والأزمنة الواقعية وسخر كل شيء في سبيل تقديم عمل فرجوي ملحمي أشبه بالمشاهد السينمائية على شاشة الواقع باعتماده الفرسان والجمال والسيارات وصنع نماذج من الدبابات والطائرات وصمم المعارك بالسيوف والمدافع والرشاشات .
وبنجاح هذه الملاحم الفرجوية ازداد يقين المخرج أن هذه المناطق المهمشة جديرة بالفرح الدائم ولها كل المقومات التضاريسية وهذا الشباب الفاقد لأبسط مظاهر التسلية و الترفيه والتكوين هو الأقرب إلى التعليم والاحتكاك بالآخرين والنهل من تجارب الكبار لهذا فقبلي وكل المناطق المتاخمة والمحرومة قادرة على احتضان العروض حتى في المناطق والفضاءات الغير مهيأة للعروض .
واعتبارا إلى معايشته للواقع في الجنوب بحكم الانتماء يعلم أن الجنوب التونسي و الريف عموما، يفتقر الى البنية التحتية لبناء المسارح، سواء مسارح الهواء الطلق أو المسارح المغلقة. وبحكم إقامته بين إيطاليا وتونس وتنقله بينهما أدرك جيدا معنى مركزية العمل الثقافي والانتاجات والاعلام ، حتى في الجهات، إذ نجد في مركز الولاية كل المرافق المسرحية والفرجوية، مثل مراكز الفنون الدرامية ،دور الثقافة أو المركبات الثقافية ،و دور شباب.
ولكن إذا ما ابتعدنا عن مركز الولاية ببضع كيلومترات، في أي جهة من جهات الجنوب يختفي كل مظهر من مظاهر الحياة الثقافية وتصبح المقاهي هي الملاذ الوحيد
وانطلاقا من ايمانه وقناعته بلامركزية العمل الثقافية وحلمه الكبير في تحقيقها في منطقته بالإمكانيات المتاحة ، جاءت فكرة القافلة الثقافية للفنون الفرجوية والمسرحية تجوب الربوع حاملة معها ثقافات العالم ونجوم المسرح والدراما العربية والعالمية
فكان المهرجان المهرجان الدولي للمسرح في الصحراء حلما ثم فكرة ثم مشروعا ثم تنفيذا ، مشروعا لا يعتمد على أي فضاء مغلق (بطبيعتها فضاءات غير موجودة) وإنما يعتمد أساسا على المساحات الواسعة لكثبان الرمال ويمكن تقسمها إلى ساحات للعروض ومدارج للجهور مهيأة طبيعيا.
وكانت التجربة الأولى في الصابرية وهي تجربة تأسيسية خلقت معنى الصدمة الفرجوية للهيئة وللفنانين وللجمهور الغفير الحاضر بال ويعتمد كذلك على آلاف المؤلفة شيبا وشبابا ونساء وأطفال ورضع وكأنهم اكتشفوا لأول مرة معنى المسرح ومعنى الفرجة واختلاف أنواعها .
واكتشف الفنانون الحاضرون من القارات الخمس أنفسهم خارج الفضاءات المغلقة والتحموا مع جمهور جديد بعقلية جديدة ونظرة مغايرة وتلهف عميق وتأقلم جل الفنانين مع المقتضيات الفضاءات المفتوحة والطق الرباني فلا ديكورات ولا ستائر ولا إنارة ولا ركح ولا مدرج بل هو الالتحام المباشر مع الجماهير الغفيرة والغفيرة .
تجربة أولى في الصابرية كانت كفيلة بان تجعل هذا المهرجان نجم التظاهرات الوطنية والعربية دون منازع بعد أسال حبر هديد الجرائد ووسائل التواصل الاجتماعي وحظي بتغطية إعلامية لم يسبقه إليها محليا إلا مهرجان الصحراء بدوز ووطنيا أيام قرطاج المسرحية وعربيا مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي.
وكبر الحلم بعد أن ولد هذا المهرجان كبيرا وتسابقت الأهالي والسلط والناشطون في المجمع المدني أن تتم الدورة الثانية كل في منطقته لتحظى بالمكانة والاشعاع الذي حظيت به شقيقتها الصابرية في الدورة الأولى وبعد سبر آراء تم الاختيار على قرية بشني التي تحولت إلى عروس في الصحراء بحضور فنانين ووسائل إعلام عالمية.
حيث كانت دورة التأكيد على أن هذه القافلة الثقافية حققت أهدافها وجعلت من الأهالي فخورين بمنطقتهم وعشق الشباب الفنون الفرجوية ودارات عجلة الدورة الاقتصادية وأصبحت القرية الهادئة بين عشية وضحاها قبلة الزوار والسواح والمغامرين الباحثين عن السعادة والفرجة الراقية .
ثم جاءت الدورة الثالثة وحضيت قرية النويل بشرف احتضانها وتحولت الصحراء القفراء الجرداء المحيطة بالمساكن إلى فضاء بعث فيه الروح وتعالت فيه الأهازيج والزغاريد ليصبح فضاء لعروض عالمية وحديث وسائل الاعلام
وكبر الحلم لتحط قافلة المهرجان في دورتها الرابعة في أم القرى وهي قرية الجرسين الحالمة من 1 إلى 5 ماي 2024
ويواصل المخرج ومدير المهرجان حافظ خليفة قيادته لهذه الرحلة حاملا معه تاريخه ونجاحاته وأحلامه و برامجه وضيوفه ليسعد أهالي الجرسين والكليبية والشاكرية وسوق الاحد ودوز وجمنة والقلعة وكل أهاليه وأهالي ولاية قبلي واضعا كل ثقله مؤمنا بانها ستكون دورة مميزة على جميع الأصعدة من حيث البرامج والعروض والورشات والضيوف والشراكات الهامة والداعمين له.
وبسؤال مدير المهرجان ومؤسسه حول أسباب نجاح المهرجان وطنيا وعربيا أكد أن الجمهور في مرتبة أولى هو من أنجح دورات المهرجان لأنه يغير على منطقته ويدعم جميع المبادرات التي من شأنها أن تنهض به وشعر بجدية تحقيق لامركزية العمل الثقافي من خلال الدورات السابقة سواء عن طريق العروض المقدمة أو الورشات التكوينية أو الندوات العلمية وتأكد ذلك أيضا في الدورة الثالثة في قرية النويل التي عاشت جماهيرها أحلى لياليها خلال المهرجان باكتشافهم للمسرح الموريتاني والاسباني والإيطالي والإيراني والمغربي والتقائهم بنجوم المسرح والدراما العربية من لبنان والبحرين وسلطة عمان .
وقبل أن نختم حديثنا يمكن القول أن فلسفة المهرجان المبنية على مبدأ التجديد في كل دورة نجحت في جعل كل دورة هي بالأساس دورة تأسيسية بامتياز في تلك المنطقة تؤسس لفعل ثقافي جاد وتبني أعمدة فكرية وتصنع جيلا من الشباب المثقف الذي يعول عليه في المستقبل
وختاما طوبى لأهالي الجنوب بمهرجانهم الذي أصبح منارة ثقافية ذو إشعاع عالمي تستعد له جميع المؤسسات الوطنية الثقافية والسياحية والاجتماعية والتربوية والاقتصادية والإعلامية وكل الجمعيات والمنظمات .