حصريا.. الكاتب السوري أحمد اسماعيل يكتب: سلسلة “مملكة المسرح”.. (1) أكل السمك وقراءة المسرح!

المسرح نيوز ـ القاهرة| مسرح طفل

ـ

أحمد اسماعيل اسماعيل*

كاتب مسرح سوري

أكل السمك وقراءة المسرح

كثيراً ما نسمع أو نقرأ نصائح عن ضرورة تناول السمك.

والسبب هو:

– أن فائدته لأجسامنا وعقولنا تفوق لذته كثيراً.

لكن تناول السمك ليس سهلاً مثل غالبية الأطعمة الأخرى، التي لا يحتاج من يتناولها سوى إلى الالتزام بآداب تناول الطعام، والمضغ الجيد.

– لماذا؟

-لأن السمك اللذيذ والغني بما يحتويه من عناصر ذات فائدة كبيرة، يحتوي على الحسك، والحسك يفسد متعة الطعام على من يزدرده بلا حذر أو مضغ جيد.

وما يقال عن تناول السمك وفوائده، يمكن أن يقال عن قراءة النص المسرحي.

فكثيراً ما نسمع في الأحاديث التي تدور عن المطالعة والأجناس الأدبية المفضلة لدى من يمارس هذه الهواية كلمات كالقصة. الشعر. الرواية. السيرة القصصية. قصص الخيال العلمي… لكنْنا لا نكادُ نسمع من يذكّرُ النصَّ المسرحيَّ؛ فلماذا..؟؟

يرد كثيرون على هذا السؤال بالقول:

-إننا نكتفي بمشاهدة العروض المسرحية، لأن مشاهدة العرض المسرحي أكثر متعة من قراءة النص.

وهذا كلام صحيح، لأن المسرح عرض ومشاهدة بالدرجة الأساس، ولكن، هل هذا هو السبب الحقيقي لعدم إقبالهم على قراءة النصوص المسرحية؟

-لا أعتقد.

– ما هو السبب إذن؟

في حالتنا هذه يكمن السبب في أن المسرح أيضاً مثل السمك، قراءته تحتاج إلى عينين يقظتين قادرتين على ملاحقة حركة الشخصيات الكثيرة، وتبادل الحوارات، وتعدد الأمكنة.. التي تتحول عند القارئ الملول، الباحث عن المتعة فقط، إلى ما يشبه الحسك في السمك.

غير أن من يدرك قيمة السمك الغذائية، ويعتاد تناوله، لا يمنعه الحسك منَ الاستمتاع بأكله، وقد يصبح نزع الحسك لدى كثيرين متعة من نوع آخر.

فإذا كان الحسك لا يمنعنا عن تناول السمك، فكيف يمنعنا تبادل الحوار، أو كثرة الشخصيات، أو تعدد المشاهد والأمكنة عن قراءة النص المسرحي، وهذه العناصر في حقيقتها ليست ضارة ومزعجة مثل الحسك، بل هي غنية بفوائدها التربوية والفكرية والسلوكية واللغوية، بل الجمالية أيضاً، لأنها هي التي تجعل من هذا النص عرضاً مسرحياً قابلاً للتجسيد على القوس (مِنصَّةِ المسرح).