“مسرح الجريمة” لبيتي توتل: أسير في حقل ألغام.. على مسرح مونو
يوليوس هاشم
ـ
أعمالها تشبهها رغم أن هذه الأعمال لا تشبه بعضها، وأفكارها تختبئ خلف كل كلمة تقولها في المسرح. بيتي توتل التي تطلّ على الجمهور كلّ مرّة بصيغة مختلفة، تقدّم هذه المرّة ” #مسرح الجريمة” بين 8 تشرين الأول و15 تشرين الثاني، من الخميس إلى الأحد في مسرح مونو، الثامنة والنصف مساء.
العنوان لافت، فيه كلمتان يهرب المرء من واحدةٍ ويلجأ إلى الأخرى؛ يهرب من “الجريمة” ويلجأ إلى “المسرح”، فلماذا جمعت بينهما؟ تبتسم قائلة: “العنوان يعبّر عن قصّة المسرحية وعن أجوائها، وأوافقك الرأي بمسألة ربطك بين هاتين الكلمتين”.
وتخبر بيتي أنّ المسرحية تروي حكاية باحثٍ فرنسي أتى إلى لبنان من أجل دراسةٍ يجريها حول تاريخ صالات المسرح في بيروت، وخصوصاً أنّ جدّته هي أوّل ممثلة صعدت إلى خشبة المسرح اللبناني. من سوء حظّه، أنّ ليلة وصوله تنفجر عبوة ناسفة في الشارع الذي يبدأ منه البحث، شارع مونو، فيتم القبض عليه مع مجموعة أشخاص آخرين، ويُساقون إلى حيث تجري حوادث المسرحية، إلى المخفر. هناك نكتشف كم أنّ التّهم الموجّهة إلى هؤلاء الأشخاص عبثية ولا تمتّ إلى المنطق بِصلة.
في كلّ مسرحية تقوم بيتي توتل بجولةٍ نقدية حول مجموعة أوضاعٍ نعيشها، فما الذي تنتقده هذه المرّة من خلال هذه الكوميديا السوداء؟ “الموضوع العريض الذي أسلّط عليه الضوء هو فقدان صالات المسرح في بيروت، كما أشير إلى الطريقة التي فيها تدار البلاد، فالتّهم العبثية للمشتَبَه بهم تدلّ على أنّ المسؤولية تُلقى على عاتق المواطن بدلاً من أن تقع على عاتق المسؤولين عن الأمن والنظام! سوء الإدارة يدفع المسؤولين إلى إلصاق التّهم بأشخاص لا علاقة لهم بالجريمة”. وتضيف: “لقد تحوّل البلد إلى مسرح جريمة كبير، وبدأ يفقد أكثر فأكثر هويته الثقافية”.
هذا الموضوع حسّاس فعلاً، ونشعر من كلامها بأنّها تقول خطاباً سياسياً-إجتماعياً، فكيف استطاعت أن تتحدّث عنه من دون أن تواجه مشكلات مع الرقابة؟ تجيب: “لن أقول إنّ النصّ واجه مشكلات مع الرقابة، كما يفعل البعض من أجل تسويق مسرحياتهم، بل أفتخر بأنّه مرّ بشكلٍ هادئ من دون أي ملاحظة. في المقابل لن أخفي عنك أنّني حين أرسلت النصّ إلى الرقابة عشتُ، للمرّة الأولى، قلقاً من إمكان حدوث مشكلةٍ ما، رغم أنّني أكتب بأسلوب مهذب وسلس، وأنتقد من دون تجريح ومن دون استعمال كلمات بذيئة. لكن مهما يكن من أمر، لا يمكن غضّ النظر عن أنّني أسير في حقل من الألغام”.
يلفتنا عدد الممثلين غير القليل في المسرحية، علماً أنّ المسرحية السابقة قدّمتها بيتي مع ممثل واحد. هنا يُطرح السؤال: ما دمتِ قادرةً على تقديم مسرحية من شخص أو اثنين، لماذا إرهاق نفسكِ، إنتاجياً على الأقل، بالعمل مع مجموعة كبيرة؟ لا تنكر أن مسرحية مماثلة تتطلّب جهداً أكبر من ذلك المطلوب لتقديم عملٍ مع شخصٍ واحد. ثمّ تشرح: “أنا بطبيعتي عندي هَم التنويع، وما خلّي الجمهور يْحِس إنّو هالمسرحية شاف متلها بالسابق. كتير بخاف كرّر نفسي. كلّ مرّة بعمل شي مختلف؛ مرّة بيكون عدد الممثلين كبير، مرّة ما بيكون معي ع المسرح إلّا شخص واحد. مثلاً بهيدي المسرحية أنا ما رح شارك بالتمثيل. ما بِهمّني كون أنا البطلة، بِهمّني إنّو أعمالي تكون هيّ البطلة”.
عشرة ممثلين يشاركون في المسرحية: جورج دياب، هشام خدّاج، جيسي خليل، لمى مرعشلي، كميل يوسف، جاك مخباط، وديع أفتيموس، جوزيت أفتيموس، سيريل جبر، وميريام وطفى”. وسيفاجأ المشاهدون بأمرين: أولاً الإخراج الجديد الذي تعتمده بيتي توتل، آملةً أن يكون وقعه جيّداً عند الجمهور؛ ثانياً، التحية التي توجّهها إلى شخصٍ سيكتشف الناس هويته في آخر المسرحية”.
ــــــــــــــــ
المصدر: “دليل النهار”