وليم شكسبير .. مسرح الحياة!
سارة القصاص
ـ
تخيل الحب بدون روميو وجوليت بدون عذاب أنطونيو وكليوباترا، بدون الغيرة المجنونة لعطيل وديدمونة أو أسطورة الخيانة و السلطة لماكبث، أو قصة وفاء الأبناء في الملك لير،أن تكون أو لا تكون كهاملت.. أن تصبح حلم في منتصف ليلة صيف هكذا حول وليم شكسبير الدنيا كمسرح كبير.
كعاصفة غيرت أعماله مسار الأدب،وأثرت في الحياة الأدبية ويعد أعظم كتاب المسرح ، فلقب بــ”شاعر الوطنية” و “شاعر افون الملحمي”، وقد ترجمت مسرحياته إلى كل اللغات الحية أكثر من مؤلفات أي كاتب مسرحي آخر.
النشأه
ولد شكسبير في سنة 1564 وكانت أمه ماري آردن، من أسرة قديمة في ووروكشير،فى سن الثامنة عشر تزوج من ان هاتاواي ورزق بثلاثة اطفال: هم سوزانا وجوديث وهامنت وبين عامين 1585-1592 بدأ يعمل في لندن كممثل و كاتب ناجح في شركة تمثيل تدعى رجال لورد تشامبرلين وعرفت فيما بعد باسم رجال الملك.
أعمالة :
فأشد المآسي قسوة في أعماله لا تخلو من لحظات تزخر بالهزل المكشوف وهو يصور الحياة التي تنبض في صوت مكتوم على توقيع العواطف والشهوات، والمتناقضات، بلغة تتسم أحيانا بالغرابة، وأحيانا أخرى بالعاطفة، والتي أكسبت أعماله طابع المأساة العالية.
المأساة والملهاة والمسرحيات التاريخية،أنواع كتبها شكسبير كما كتب عددًا من المسرحيات التي يصعب إدراجها ضمن هذه التصنيفات المألوفة، واعتاد النقاد إطلاق صفة “المسرحية الرومنسية” أو “التراجيكوميدية” عليها. ومن الممكن، ابتغاءً للسهولة، تقسيم نتاجه إلى أربع مراحل.
وهذه التقسيمات تقريبية وضعها مؤرخو المسرح ونقاده لمتابعة تطور حياته الأدبية ضمن إطار واضح، تقع المرحلتان الأولى والثانية ضمن مرحلة المسرح الإليزابيثي Elizabethan Theatre نسبة إلى الملكة إليزابيث الأولى، أما المرحلتان الثالثة والرابعة فتقعان ضمن مرحلة المسرح اليعقوبي نسبة إلى جيمس “يعقوب” الأول ملك إنجلترا الذي تولى العرش في 1603 وتوفي عام1625.
المرحلة الأولى
لم تتسم أعماله في هذه المرحلة بالنضج الأدبي والفني، بل جاءت بنية نصوصه سطحية وغير متقنة، وتركيباته الشعرية متكلفة وخطابية. وانتشرت في هذه الفترة المسرحيات التاريخية، نتيجة الاهتمام الكبير بتاريخ انكلترا، خاصة بعد هزيمة أسطول الأرمادا الإسباني The Spanish Armada عام 1588، ولرغبة الجمهور بتمجيد البطولات والتعلم من عِبَر التاريخ.
كتب شكسبير في هذه المرحلة أيضاَ عدداً من النصوص مثل «كوميديا الأخطاء» ، وهي مسرحية هزلية تتبع أسلوب الملهاة الرومانية التقليدية من حيث الالتباس في هوية الشخصيات والتشابه بينها، والهرج والمرج الذي ينتج عن ذلك، و«ترويض الشرسة».
المرحلة الثانية
كتب شكسبير أهم مسرحياته التاريخية في هذه المرحلة، مثل «الملك رتشارد الثاني» ، كما كتب نصوصه الكوميدية الأكثر مرحاً وتميزاً، مثل ملهاة «حلم ليلة منتصف الصيف» و«الليلة الثانية عشرة» Twelfth Night إضافة إلى «روميو وجولييت» ، و«يوليوس قيصر»، و«تاجر البندقية»
ويظهر في هذه المرحلة تطور ملحوظ في أسلوبه الذي صار يميل إلى الخصوصية والتميز،تعدّ «حلم ليلة منتصف الصيف» من أروع ما كتب شكسبير في الملهاة، إذ اعتمد فيها على نسيج درامي معقد من ثلاث حبكات وثلاثة عوالم مختلفة ومتداخلة من الجن والبشر، ويظهر شكسبير في هذه المسرحية العواطف التي تحكم الجميع حتى الجن، كالحب والغيرة والكره أحياناً، في قالب رومنسي مضحك مملوء بالمعاني والعبر.
المرحلة الثالثة
تميزت هذه المرحلة بأفضل ما كتب شكسبير، ولذا سماها بعض النقاد مرحلة النضج الأدبي، إذ كتب أعظم نصوصه التراجيدية وتلك التي تقترب من الكوميديا السوداء. وتُظِهر مآسي هذه المرحلة عمق الرؤيا عند شكسبير وبراعة الصنعة الدرامية، فقد وظف في هذه المسرحيات أدواته الشعرية بما يناسب النص والعرض المسرحيين فوصل إلى حد الإتقان في الدمج بين العواطف البشرية والفكر الإنساني مع الشعر والمواقف المؤثرة.
كتب شكسبير في هذه المرحلة مأساة «هملت» التي تعد أشهر مسرحياته عالمياً، وصور فيها الوضع الإنساني من عظمة وجبروت وضعف في الوقت ذاته.
يعتبر بعض النقاد أن «الملك لير» مسرحية شكسبير الأهم، كونها تتميز بأبعاد ملحمية لقصة صراع عائلي بين الآباء والأبناءأما في مسرحية «أنطوني وكليوباترا» فيتناول شكسبير موضوع الحب المحرم سياسياً وأخلاقياً بين القائد الروماني وملكة البطالمة كليوباترا، والذي سبب الدمار لـه و لسمعته في روما، وهو حب ناضج بين حبيبين في أواسط العمر لم يسبق لأحد أن عالجه بذات البراعة والعمق والشاعرية مثل شكسبير.
وفـي مسـرحية «مَكبث» يقدم شكسبير تحليلاً لرجل يستسلم لطموحه الجامح لضعف في شخصيته فيفقد إنسانيته ويصبح قادراً على أي جريمة. تبرز شخصية الليدي ماكبث من بين الشخصيات النسائية في الأدب العالمي فتصور المرأة الطموح التي لا يقف في طريقها شيء، ولتصبح أنموذجاً لكثير من الشخصيات النسائية المتمردة.
المرحلة الرابعة
كتب شكسبير في هذه المرحلة أهم نصوصه الرومانسية، وبدا في أواخر حياته وكأنه يقدم رؤى جديدة متفائلة باستخدامه أدواتٍ ومفاهيم عدة، من الفن والعاطفة وعالم الجن والسحر والخيال، إضافة إلى استخدامه الشعر الغنائي أكثر من أي وقت مضى، مما جعل مسرحياته الأخيرة تختلف كثيراً عن سابقاتها.
لتتحدث معظم مسرحياته في هذه المرحلة عن ألم الفراق بين المحبين ثم اللقاء ولمّ الشمل في رحلة من المعاناة تتعلم الشخصيات فيها من أخطائها وتغير من مواقفها إلى الأفضل من دون صراع، كما في مسرحية «بريكْلِس» و«سيمبلين» و«حكاية الشتاء» و «العاصفة» .
الجدل:
شكك في أصالة شكسبير في منتصف القرن التاسع عشرعندما انتشرت ظاهرة تملق شكسبير بكونه أعظم كاتب في التاريخ فبدت سيرة شكسبير الذاتية وخاصاً أصوله المتواضعة وحياته المغمورة متعارضة مع سموه الشعرى وسمعته كنابغة.
دور شكسبير في اللغة الإنجليزية :
لشكسبير دور حيوي في صياغة اللغة الإنجليزية الحديثة، ما ساهم في جعلها لغة العالم، وأول قاموس جامع ألّفه سامويل جونسون استقى من أعمال شكسبير أكثر من أعمال أي كاتب آخر. وهناك ثلاثة آلاف كلمة وعبارة جديدة وردت للمرة الأولى في أعمال شكسبير.
من أقواله:
الرحمة جوهر القانون، ولا يستخدم القانون بقسوة إلا للطغاة..
يموت الجبناء مرات عديدة قبل أن يأتي أجلهم، أما الشجعان فيذوقون الموت مرة واحدة..
أن الحزن الصامت يهمس في القلب حتى يحطمه..
إننا نعلّم الآخرين دروساً في سفك الدماء.. فإذا ما حفظوا الدرس قاموا بالتجربة علينا..
على المرء أن ينتظر حلول المساء ليعرف كم كان نهاره عظيماً..
إن الغيرة وحش ذو عيون خضراء.
ــــــــــــ
مصر العربية