مسابقات ومهرجانات

أ.د. محمد أسماعيل الطائي يكتب عن المهرجان المسرحي الطلابي الواحد والعشرون.. المسرح أصاله وتجديد  


المسرح نيوز ـ القاهرة| مسابقات ومهرجانات

ـ

أ.د. محمد أسماعيل الطائي

 

تحت شعار  (اصاله وتجديد ) اقام قسم الفنون المسرحية كلية الفنون الجميلة جامعة الموصل  المهرجان المسرحي الطلابي (21  )

 

دورة الكاتب المسرحي الفنان حسين رحيم الذي تضمن (8) عروض مسرحيه لمؤلفين من  مشارب شتى (عالمي  ، عربي ، محلي ) تم عرض (7) مسرحيات وحجبت مسرحية واحدة .

والمؤلفون هم حسب تسلسل العروض ( بيات مرعي ، احمد سمير ، محمد علي ابراهيم ، علي عبدالنبي الزيدي ، داريفو ، تشيخوف ، مولير ) والمخرجون هم الطلبة

( مصطفى علي  ، محمود بهجت ، محمد خيري ، حمزة عزام ، مهند محمد ، ديفيد زكر ، محمد عبد قاسم ) وشعار المهرجان يحمل الكثير من التساؤلات الفكرية والفنية على مستوى الاصالة والتي تعني فيما تعنيه ( التفرد ) في انجاز فكرة او رؤية او مشروع لم يتطرق اليه سابقا ، اما التجديد فهو الجدة والابتكار والتجاوز لكل الطروحات السابقة اي كان نسقها فكري ثقافي فني تربوي ،

 

والمهرجان اي مهرجان لا يحمل مثل هذا التوجه ولا يستجيب لمتغيرات البيئة والواقع المحيط و يؤثر فيه ويفككه ويحطم المدركات التقليدية المعلومة والسائدة والاعلان عن انبثاق وبلورة مدركات جديدة لكي يتحقق فعل ( الأصالة والابتكار ) واثارة الاسئلة الجمالية والوجودية حول جدوى الخطاب المسرحي ولا يرتقي بواقع المتلقي ويخلق التفاعل الثقافي المستمر ويترك اثره وتأثيره.

ويجب ان يحقق المهرجان الجدل والاختلاف وانعكاس ذلك على المشارك والمتلقي لكي يتحقق رسالته الفكرية والجماليه ويسهم في اعادة صياغة الاسئلة الكونية ويرتقي بالبيئة ثقافيا وجماليا .

المسرحيات التي عرضت هي على التوالي ( قسماً بالوجع ، تحت القصف نقطة البداية ) افترض ما حدث فعلا ، ليس لدى الصباغين ذكريات اغنيه التم ، طيب رغم عنه

وهي حصيلة الجهد النظري والتطبيقي الذي مربه الطالب خلال سنوات الدراسة السابقة أهلته لان يقود مجموعه من الطلبة مع نص قصير او من مسرحيات الفصل الواحد يرافقه اساتذة قسم المسرح ويقدموا لهم التوجيه والارشاد والمتابعة (الدارماتورجيه ) فضلا عن بعض اللمسات التي ترتقي بالنص والاداء والعرض لكي يسموالى تحقيق الجمال المفترض توفره في انساق العروض السمعية والبصرية والحركية .

 

اولا يمكننا تحليل ونقد عناصر العرض ال (13 )  كما صنفها ياكوبسن / التي تضمنتها تلك العروض ذلك لسعتها وتنوعها ، والتي لم تسعف الطلبة في تحقيق رؤاهم الفكرية والجمالية لعدم توفر قسم منها او لخلل في المنظومة التقنية في اجهزة القاعة ولا تحسب على الطالب فضلاً على عدم ملائمة القاعة التي احتضنت تلك العروض لصغر جمها وضيق مساحتها

فساهمت في كبح الرؤى الجمالية وخنقها في هنا الحيز غير الملائم ، الذي لابديل عنه في الوقت الحاضر ، لذا يلجا ( الطلبة المطبقون ) الى اختيار نصوص تتوائم مع هذه المواصفات التقنية ،

وسيقتصر تحليلنا على بعض عناصر العرض مثل ( النص والاخراج والتمثيل ) فالنصوص التي عرضت تم اختيارها من قبل الطلبة وبتوجيه اساتذة القسم حسب امكانية الطالب في تبني النص وتفسيره وتحليله وتأويله وتحقيق إمكانية الطلبة في  ترجمة وتبني الرؤى الفكرية والجمالية التي تتضمنها بغض النظر عن اسلوبه ومدرسته شريطه ان يعكس البيئة والواقع ومسمو بالذائقة الجمالية ويحفز الطلبة الاخرين للبحث والقراءة واختيار النص الملائم ،

 

فقد تنوعت ثيمات تلك النصوص فمنها ما عير عن واقع مدينة الموصل ( قسما بالدهم ) وما رافقه ذلك من دمار شامل للبشر والحجر ورسم افق التحول والتغيير والامل المنشود ، اما نص ( تحت القصف ) فيتناول أمرأه من غزة محاصرة تحت الانقاض ولم يتبق من اهلها احد ،

 

وهي تعاني الجوع والمرض وتستدعي ذكرياتها مع الزوج والاهل والاحبة وتموت مع ولادة طفلها جراء القصف . وفي نص (نقطة البداية تم تسليط الضوء على صراع الانسان الازلي منذ قابيل وهابيل حول السلطة والوجود وفهم الاخروتقبله بغض النظر عن انتماءه القومي والديني وهو نص فلسفي أكبر من وعي الطلبة في الفهم والتجسيد

وكانت فكرة نص (افترض ما حدث فعلاً ) حول لعبة مسرحية من قبل مجموعة من المجانين في مصح عقلي يتناولون موضوع الحرب وتداعياتها النفسية والاجتماعية ، فيفترضون ان هناك نصبا ( لجندي مجهول ) وهم بحاجة الى جثة لوضعها داخل النصب وتبدأ لعبتهم في البحث عن جثة لكنهم لم يجدوا فيضطروا لاستعارة جثة من الطرف الاخر (العدو ) ودفنها وهي حية .

اما النصوص الثلاثة الاخرى فهي نصوص اجنبية ل(الداريفو وتشيخوف ومولير ) فهي نصوص معروفه وتم تمثيلها اكثر من مرة في مختلف المؤسسات والفروق الفنية ولا تحتاج الى الحديث عن ثيمتها وفكرتها لأنها متداولة باستمرار . ولابد من الاشارة الى نص (ليس للصباغين ذكريات ) الذي استعاره الطالب من كاتب السطور واخرجه في عام 2000 وهو متوفر على اليوتيوب .

اما اخراج تلك النصوص فكان من حصة طلبة المرحلة الثانية والثالثة فرع الاخراج ، وكون الطلبة في المرحلة الاولى لممارسة فن الاخراج المسرحي فقد حاولوا حسب امكانياتهم ان يخضعوا الجانب النظري لهذا الفن . الواسع الشائك بجذر شديد وهم يتلمسوا خطواتهم الاولى فلم يحاولوا الخروج من القاعة المميتة الصغيرة المجهضة للرؤى الجمالية ، وكانت معالجتهم لتلك النصوص على وفق ما تتحمله من رؤى وافكار واخضاعها للجانب البصري والحركي ولم توظف عناصر الاخراج الاساسية بشكل مختلف او يتجاوز الطروحات الاخراجية الاخرى .

وبقيت تلك العناصر (التحليل والتركيب والتكوين والتمثيل الصامت والجو النفسي ) دون مساس بجوهرها وتوظيفها بالشكل الابداعي المختلف انما كان الطلبة مفسرون لمضامين وكلمات النص دون اضافة تذكر ، وهذا  بأعتقادي ما مطلوب منهم أنجاوه في هذه المرحلة  وهم قد انجزوا الامر الجوهر في الاخراج وحينئذ يصبح الميزانسين اصطلاحاً كونياً وجمالياً جديداً وليس شكلاً موضوعا بالصدفة على خشبة المسرح .

اما التقنيات او عناصر السينوغرافيا الاخرى ( الاضاءة ،الديكور ، المكياج ، الموسيقية والمؤثرات ) فقد اشرف على تصمبمها وتنفيذها أساتذة متخصصون (سنان الصميدعي ) في الاضاءة – جميع  العروض تصميم وتنفيذ ، المكياج ( د. منقذالبجدلي ) لجمع العروض ايضاً ، والموسيقى لعلي ناظم  فقد بذلوا جهداً واضحاً ليتركوا بصمة ابداعية في المهرجان رغم الكثير من العوائق ، والديكور صممه ونفذه المخرجون وكروبات العروض بما ينسجم والرؤى الفنية لنصوصهم ، وتم استعارة وتوظيف الازياء من مخزن الازياء الذي لبى احتياجاتهم حسب ما تقتضيه الشخصيات التي تصدت لأداء تلك العروض

يبقى الامر الاهم وهو التمثيل وبما ان الطلبة في طور التعلم فما عليه سوى الالتزام بتوجيهات المخرج ومحاولة تجسيد ادوارهم بما يمتلكون من طاقة جسدية وصوتية تؤهلم لأداء شخصياتهم بكل اخلاص وقد اتبع المخرجون مع الممثلون طريقة ستانسلافشكي وتطبيقاتها في ( التقمص  والتخيل والتركيز واستخدام لو السحرية ) ولم نلمح توظيف اي منهج اخر سوى بريخت ونظريته في التغريب والاتصال بالمتلقي ، فكانت ادوارهم متقاربة فضلاً عن ان بعض العروض اتسمت بطابع كوميدي

 

( افترض ذلك ، وليس لدى الصياغتين ذكريات ، وطبيب رغم عنه ) والكوميديا تحتاج الى ممثل يجيد  التقمص ويوظف المفارقة والتكرار والتلاعب بالصوت هبوطاً وصعوداً فضلاً عن الحركة الرشيقة وما يرافقها من استخدام الجسد بكل رشاقة وحيوية ، وبرز مجموعة منهم من يتسم بتلك الخصائص .

فعلى سبيل المثال الطالبة ( رحمه راكان ) في مسرحية افترض ما حدث فعلاً التي استطاعت ان تجذب المتلقي بخفتها ورشاقتها  وحركاتها المعبره واستخدام جسدها وصوتها ووجهها ، فكانت بحق ممثله بارعه ، جسدت المواقف الكوميدية بكل خفة ومهاره

وكذلك الطالب (احمد مصطفى ) في نفس المسرحية استطاع ان يؤكد رشاقته الصوتيه والجسدية ليتألق بدوره في مسرحية ( ليس لدى الصياغين ) وبرز الطالب ( محمود صبحي ) بدور مساعد الأسطة رغم ثقل جسده لكنه استطاع ان يؤكد قدرته الفائقة في المواقف الكوميدية المتعددة في العرض ويبرز في نفس العرض الطالب ( حكم منهل ) الذي مثل دور الاسطه بخفه ومهاره وسرعة في الحركة والانتقال من حالة الى اخرى حسب مقتضيات الدور المناط اليه.

 

فضلاً عن تجسيده دور فاسبلي في عرض ( اغنية التم ) وهو دور يتسم بالوقار والجد والتقدم في العمر وتجسيد بعض الشخصيات التي مرت في حياة فاسبلي وقد أجاد في العرضين ، ويمكن الاشارة والتاشير الى الطالبة ( مريم صباح ) في طيب رغم عنه هذه الشخصية المتسلطة والقوية والثرثارة والمتحايلة استطاعت مريم بقدرتها الادائية واستخدامها لصوتها وجسدها في تاكيد حضورها الملفت الجميل  .

وهناك طاقات اخرى تمكنت من تجسيد شخصيتها بدقة ومهارة لكنهم لم يرتفعوا الى قدره ومهارة الطلبة المذكورين في اعلاه ولا بد من الاشارة الى الطالبة ( تمارة نزار )التي مثلت العرض المونودرامي ( تحت القصف ) بقدرتها التقميص والتحول والانتقال من شخصية الى اخرى في اثناء استذكارها لمن مر في حياتها لاسيما هي اكثر خبرة من زملائها فهذا العرض الثاني لها في كلية الفنون .

والسؤال الذي يطرح نفسه هل حقق المهرجان الطلابي (21 ) الجده والابتكار والتجاوز الإبداعي والمغايرة ومناقشة المفاهيم الجماليه التي من شأنها ان تقول ما سيكون عليه الخطاب المسرحي ؟


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock