مقالات ودراسات

الأكاديمي العراقي د.عماد هادي الخفاجي يكتب لـ “المسرح نيوز” عن: المرئيات المسرحية تحت ظل التقنية الرقمية


المسرح نيوز ـ بغداد: مقالات ودراسات| د. عماد هادي الخفاجي

ـ

 

النزعة التقنية في التجسيد والإنشاء لمنظومة المرئيات المسرحية كانت الأساس الأول لإشكاليات المسرح بوصفها الوسيلة الاداتية التي تلعب عليها الظاهرة المسرحية وفق المنظومة الشعرية الأرسطية التي أُقرت في المسرح الإغريقي, وسار عليها من بعده المسرح الروماني, وتعد المرئيات المسرحية وحدة جدل تشكلت عنها التقنية من حيث:

  1. التقنية الأيقونية: أيّ الكتل المنظرية, أو الخدع المسرحية,أو التركيبات الميكانيكية من أبواب, وآلات رفع, وعتلات, وأستار..
  2. التقنية الفيزيقية: الحركة المسرحية للجسد البشري الذي يحقق العلاقات المساحية (البونية), ويعيد تشكيلها عن طريق فعله الدرامي على المسرح سواء كانت بايلوجية, أو سيكولوجية ..

تتطلب المرئيات المسرحية معادلات إيهامية من أجل خلق حيويتها وصدقيتها, وهو ما تكتسبه من المكون الحي: الممثل وحواراته وإشاراته فضلاً عن أنّها تتطلب بالضرورة الجمالية للتجسيد أنْ تعود إلى حالها الايقوني الأول من اجل إبراز الفعل الإنساني عن طريق خطابه (الحركة والحوار), ومن هنا نجد أنّ الخاصية المرئية – الصورية تمثل بنية التجسيد الدرامي على خشبة المسرح إذ كانت العناية في إنشاء وتركيب ومعالجة المرئيات المسرحية وفق سياقات مستحدثة ومبتدعة ضرورة تتوازى مع ضرورة التواصل مع الفن المسرحي، فضلاً عن العناية بالقوانين والآليات والقواعد العلمية في هندسة ومعمار المسرح وفقا للقوانين الفيزيائية للضوء والصوت مما يمكن العمل على التفنن بالواقع الطبيعي بوصفه وسيطا للفعالية التواصلية, والإنفعالية, والجمالية ما بين الكائنات البشرية وأنماط علاقاتها مع الكائنات الآخرى بخلق مجال حيوي بالتواصل والتأثير والإنفعال خارج الحدود الزمكانية للفعل المسرحي .

وشهد المسرح الحديث في النصف الثاني من القرن العشرين تطوراً علمياً كبيراً في مجال التكنولوجيا, ولا سيَّما مع ظهور الكمبيوتر الذي نتج عنه ثورة تكنولوجية غيرت مفهومات المجتمعات البشرية بإتجاه قيم ميل وتفضيل جمالي مرتبطة بتلك القدرة التكنولوجية المستحدثة, وأنّ هذا التطور أدى بشكل مباشر إلى توافر إمكانات عصرية فائقة لمعالجة وتقديم الرؤية الفنية للمخرج, وتحقيق فضاءات المؤلف، فضلاً عن تعزيز أداء الممثل بالوسائل التقنية في تجسيد إبداعه الأدائي، فكان الخلق الفني    بالتقنيات الحديثة أوجد ظروفاً عصرية حديثة للتداول الجمالي, إذ أصبح بإمكان المتلقي أنْ يشاهد العرض بظروف متساوقة مع حركية الصورة الذهنية إفتراضاً مضاعفاً عن الواقع بدواعي المحاكاة في الفضاء الدرامي المفترض، وتداعياتها في الفضاء المسرحي في ظل الإمكانات والتجهيزات التقنية الحديثة، ومن حيث الزمان والمكان وتقنيات الصوت والصورة  وبما يتناسب وروح العصر.

ومن هنا نجد أنّ التطور التكنولوجي في العصر الحديث له الأثر الكبير, إذ يساعد في توظيف السينوغرافيا لصناعة الصورة المرئية التي تتلائم مع متطلبات العصر الحديث,  إذ أنّ ظهور العالم الرقمي يعد من الانجازات الفاعلة والمتفاعلة مع العرض المسرحي, والتي تدفع بمكوناته إلى الأمام من حيث التوظيف والجمال, الأمر الذي سيجعل من العرض المسرحي أنْ يتفاعل مع المتغيرات التقنية من أجل صناعة سينوغرافيا تستطيع أنْ تخلق الإبهار والدهشة البصرية بما يحتاجه المتلقي في العرض المسرحي.

إذ عمل المشتغلون في عالم المسرح على تطويع كل هذه المعطيات, والمستجدات, والمبتكرات الحديثة لتوظيفها من أجل الوصول بإعمالهم إلى مستوى التكامل الفني, والتي يعد الكومبيوتر والبرمجيات جزءاً منها من شأنه أنْ يضفي إستعمالاً تقنياً يحقق عن طريقه كل ما يجعل المرئيات المسرحية تملك صفة الإبهار في استعمالها, أو يجعلها مكوناً للفضاءات المرئية المفترضة التي تساعد المخرجين والمصممين على إنتاج أشكال إبداعية, وصولاً إلى التكامل الفني في العمل المسرحي.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock