الإعلامي طه رشيد يكتب: المسرح في المدينة الفاضلة!

المسرح نيوز ـ القاهرة| مقالات ودراسات

ـ

طه رشيد

إعلامي عراقي

 

هل الشعب بحاجة الى مسرح؟!

 

عاش افلاطون بثلاثة قرون قبل الميلاد ومنذ ذلك التاريخ وهو يحلم بتاسيس مدينة فاضلة يحكمها الفلاسفة، باعتبارهم اصحاب الحكمة والفضيلة والرأي السديد ويتصفون بالزهد والنزاهة وحب الخير للجميع. وتحدث افلاطون كثيرا عن سمات مدينته الفاضلة، التي لا تبتعد عن تلك التي يحلم به نشطاء المجتمعات المدنية، في هذه الايام، والمتمثلة بالتالي: تقديم الخدمات، لكل من يتواجد على اراضيها، وبأسلوب حضاري بعيداً عن التهميش والروتين! والمدينة الفاضلة، الحلم، تخلو من كل سلبيات مدننا الحالية الغارق بعضها بالفقر والفاقة والجهل! وتختلف ليس في المظهر العمراني فقط بل في كل شيء، على المستوى الحضاري والسكاني والأداء الخدمي. والمدينة الفاضلة مقترح لمدينة أساسها الإنسان نفسه سواء كان مسؤولاً أو موظفاً أو عاملاً أو فلاحا او كاسبا، كبيراً كان او صغيراً، رجلاً أو امرأة، وتتسم بالوعي والرقي وبحرية الرأي والتفكير.

 

 

وبعد رحيل افلاطون تبنى الفكرة تلميذه ” ارسطو طاليس”( ولد ٣٨٤ ق.م ويعد من اهم مؤسسي الثقافة الغربية)، الذي بذل جهودا متميزة للتنظير في الثقافة والشعر والفن وبالاخص المسرح، اذ كانت العروض المسرحية تشكل جزءا مهما من حياة العامة باعتبارها “طقوسا” تؤدي الى تطهير النفس البشرية من ادرانها وتمنح الفاعل فيها، والمتلقي معا، متعة روحية لا تضاهيها متعة اخرى! حتى اصبح الفن بشكل عام والمسرح بشكل خاص ” دالة” حضارية، حيث يقاس تطور الامم على مدى تطور المسرح لديها، معمارا ونشاطا. وراحت الامم التي استطاعت ان تبني حضارات مهمة تعير اهتماما كبيرا لهذا الجانب منذ الاغريق ووصولا الى الدول الحديثة التي راحت تبني وتنمّي في نفوس ابنائها حب الفن واحترام الفنانين. وفي الدول المتطورة، ومنذ عقود، لا تجد مواطنا اوربيا سويا لم يحضر عرضا مسرحيا او فيلما سينمائيا او حفلا موسيقيا! ناهيك عن اهتمام هذه الدول بالدروس الفنية في المدارس، على مختلف المراحل، من رسم ومسرح وموسيقى. ونحن في بلادنا العربية والاسلامية ما زلنا نختصم بشأن هذه الانشطة، هل هي جائزة شرعيا ام لا؟!

 

 

وعلى سبيل المثال لا الحصر، توزع بلديات المدن الفرنسية بمناسبة اعياد الميلاد، معونات اجتماعية للعوائل ذات الدخل المحدود، تحتوي على معلبات غذائية وخبز واجبان ومشروبات روحية وتذاكر لاحدى صالات السينما او المسرح على عدد افراد العائلة. فلماذا يضع المسؤولون في هذه البلديات تذاكر سينما ومسرح مع المواد الغذائية؟! الجواب ببساطة: لانهم يعتقدون بان الفن والثقافة مثل الشراب والطعام، إذ ليس بالخبز وحده يحيى الانسان!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock