مقالات ودراسات

#الاستوديو_التحليلي_المسرح_العربي قراءة في عرض زغنبوت.. للناقد طلعت السماوي: تجسيد تصاعد الصراع في استخدامات الفضاء المسرحي


المسرح نيوز ـ القاهرة| مقالات ودراسات

ـ

إعلام الهيئة العربية للمسرح

#الاستوديو_التحليلي_المسرح_العربي

 

مسرحية

زغنبوت

تأليفإسماعيل عبد الله

إخراجمحمد العامري

الفرقةمسرح الشارقة الوطني

الدولةالأمارات العربية المتحدة

طلعت السماوي

 

يتناول عرض (زغنبوت) من تأليف إسماعيل عبد الله و إخراج محمد العامري و أنتاج فرقة مسرح الشارقة الوطني للأمارات مرحلة معينة من المجتمع الخليجي ما قبل أواسط القرن العشرين, حيث كانت الظروف الاجتماعية و الاقتصادية و الطبيعية و ما تسببه من فقر و قحط و جوع قادرة على تسلط المال الأجنبي و تأثيراته على هوية و بنية المجتمع ثقافيا و دينيا, مما يتسبب في تصدع القيم الاجتماعية و الاخلاقية و الاقتصادية.

أتناول العرض  في تحليل الاستديو وجهة نظري كمتخصص في الكوريكرافيا و الإخراج و كيفية تهيئة أو تكوين المؤدي (الممثل ـ الراقص & الراقص ـ الممثل) و الأليات الفنية للعرض المسرحي.

بدءا يتم تقسيم العرض كألواح (مشاهد) ضمن منظومة المعالجة الدراماتيكية و معالجاتها الفنية إخراجيا و كوريكرافيا ضمن تكاملية العرض المسرحي, و بأستخدام (السينوغرافيا) و المؤثرات الصوتية و الصورية في فن العرض المسرحي.

للتنويهقسمت العرض الى عدة أزمنة تقريبية لكل لوح, و لا يستند ذلك مع الإيقاع و الموسيقى المخصصة للعرض, باعتبار أن جدولة زمان العرض يختلف بوظيفته عن الإيقاع / الموسيقى في البناء الفني للعرض المسرحي.

 

اللوح 1: ( ما يقارب 15 دقيقة )

ـ يستهل العرض بتفعيل دور الجماعة (الجوقة) مع تشكيل متنوع ما بين الرقص الحديث و الارتجال الحركي مصاحبة بمؤثرات موسيقية و أدوات إيقاعية مرتبطة  من الموروث الغنائي الخليجي في ماهية العرض (الفقرالقحطالجوع) المتمثلة بأواني الطعام الفارغة و الحصى الصغيرة…. الجوع كافر!.

ـ مقاعد / مصاطب على جانبي (اليمين و اليسار) على خشبة المسرح و تحول أستخدامها من قبل الجوقة  ما بين المتلقي و المؤدي داخل اللعبة المسرحية.

ـ مقاطع مختزلة (فلاشات) على المربعات المقسمة مسبقا على خشبة المسرح (رقعة الشطرنج) و سيتم توظيف و تطوير هذا التقسيم مع التصاعد الدراماتيكي للعرض, بالتناسق و التفاعل بين حين و أخر مع مرجوحة السلطة الأجنبية في شخصية (البنيان).

ـ تتقدم الشخصيات الرئيسية للمسرحية بالحديث عن نفسها (و يذكرنا هذا بطريقة المسرح الأغريقي) كل منها في بقعة مربع الصراع على الخشبة, و بالرغم ما تقدمه الشخصيات المتمثلة بهويتها المحلية الخليجية من خلال الأزياء و الأكسسوارات, و لكن مع تصاعد الصراع تتحول الى رموز متعددة و متصارعة ضمن طبيعة التشكيلة الاجتماعية خلال العرض.

ـ اشتغالات الإخراج و التصميم الحركي مرتبطة بطبيعة الفضاء و السينوكرافيا لأجل تهيئة العرض لتصاعد الصراع الدرامي فيما بعد.

 

اللوح 2: (ما يقارب 20 دقيقة)

ـ اقتراب أو تصاعد الاصطدام ما بين أقطاب أو رموز الصراع الاجتماعي ما بين الرافض (المتمرد) المتمثل بالهوية الثقافية و المؤيد (الخانع) لسلطة الأجنبي (البنيان), و هنا تبرز التصدعات الاجتماعية بسبب ما خلفه الفقر و القحط و الجوع.

ـ جدلية الصراع و التنافر ما بين أقطاب الرموز الاجتماعية و تأثير ذلك على الجماعة (الجوقة) المتذبذبة ما بين الحاجة و القناعة… و الخنوع و الرفض, و توظيف المقدس الديني و لعبة الصراع السياسي و الاجتماعي ما بين الغايات السلطوية و القيم الاجتماعية و الأخلاقية.

ـ تجسيد تصاعد الصراع في استخدامات الفضاء المسرحي من خلال تقسيم خشبة المسرح الى مربعات (رقعة الشطرنج), و ذلك من خلال تحولات الجوقة من متلقي و مؤدي… و يبقى (البنيان) جالسا في مرجوحته متفرجا في تصدعات الجماعة (الجوقة) بسبب الصراع داخل المجتمع.

 

اللوح 3: (ما يقارب 35 دقيقة)

ـ دخول رمز السلطة الأجنبية (البنيان) منتشيا مع ألة إيقاع لا تمثل الهوية الثقافية للمجتمع و هذا له دلالته لكل ما تم تقديمة في اللوح الأول و الثاني سابقا.

ـ تعميق الصراع ما بين أقطاب رموز المجتمع وكذلك عمق الاضطراب و الانهيار في المجتمع المتمثل بالجوقة.

ـ ملامح الأمل المتمثلة بمشهد العشق كرمز لهوية و إستمرارية المجتمع في أختيار قيمه لحياة أفضل.

ـ نعود الى المقاطع المختزلة (فلاشات) على المربعات مع توغل الصراع لأعماق أبعد من الفقر و القحط و الجوع (الجوع كافر!) و ذلك بانهيار الفرد و الجماعة و علائقها العائلية و الأخلاقية.

ـ تصميم الحركة الجماعية يتحول بسبب التغيير في شكل الفضاء المسرحي, حيث تتنقل الجماعة (الجوقة) الى عمق المسرح في الظلام و بهذا تتعمق القطيعة عن الواقع المأساوي للمجتمع التي نشاهدها على مربعات (رقعة الشطرنج) على خشبة المسرح.

ـ تغيير شكل الفضاء على خشبة المسرح بحيث تتحول المقاعد/المصاطب من الجانبين لوظيفة ما الى شكل عمودي مثبتة على بقع المربعات المقسمة (رقعة الشطرنج) على خشبة المسرح… و هذا التحول له دلالته في الفارق الاقتصادي ما بين قوة المال و إنهيار الإنسان أو الغني و الفقير.

ـ تفعيل العمق و لعبة الأرجوحة لدى السلطة الأجنبية (البنيان) و بهذا تلغى التقسيمات ما بين العمق و الجوانب و تفعل البقع الضوئية الموجه لمربعات خشبة المسرح لأجل تعميق تصدعات العلائق الاجتماعية.

ـ كرسي العاشق هو الجزء الوحيد الذي يبقى متمركزا في مكانه… بمعنى متمركزا بموقفه و أختياره و هذا له وظيفته و دلالاته في هذا اللوح و الى الأخير.

 

اللوح 4: ( ما يقارب 7 دقائق)

ـ الختام ينتهي بعرس مأساوي و تمرد العاشقة على السلطة و الانهيار الاجتماعي… أنها روح الرمز و قيم المجتمع التي تمثلها و تتمثل بها.

ـ أستخدام أيقونات من الثقافة و المعتقدات الهندية المرتبطة بشخصية البنيان التي ترمز الى السلطة الاقتصادية و السياسية في ذلك الحين.

ـ يتغير شكل الفضاء المسرحي و ذلك بنقل المقاعد / المصاطب الى عمق وسط خشبة المسرح أمام أرجوحة البنيان و هذا التحول في الشكل له إسقاطات التحول الاجتماعي الى عمق مكان هوية السلطة.

ـ المدعوين / المعازيم (الجوقة) بدون وجوه أو ملامح و كأنهم تحولوا الى أدوات راضخة, منهارة لصالح أليات السلطة التي توغلت للاستيلاء على عمق القيم الاجتماعية المتمثلة برمزية العاشقة.

ـ استخدامات الفضاء في عدة مستويات متمثلة في العمق على الأرجوحة برمزيته السلطوية , و من الأعلى في هطول الغذاء المتمثلة بحاجة الجماعة, و أمام مقدمة المسرح في رحلة العشاق الى عالم أفضل.

ـ إحتراق أموال (البنيان) ترمز لانهيار سلطة الأجنبي و أختيار العشاق للبحث عن رحلة أبعد خارج لعبة العرض المسرحي, و بقاء الجماعة (الجوقة) مكتفية بالحد الادني من الاختيارات… و هذا يذكرنا في مسرحية هاملت لشكسبير (العوام لا تتذوق الكافيار!…)

 

أن نص عرض (زغنبوت) يستند في معالجته ضمن مرحلة زمنية في منطقة الخليج و يتوغل بعمق في القضايا الأقتصادية و السياسية و الأخلاقية من خلال نماذج تكوين المجتمع آنذاك و تمت المعالجة الاخراجية من خلال المشاهد المختزلة (الفلاشات) ضمن ماهية الصراع و تفعيل الجماعة (الجوقة) كفاعل و متفاعل يقدم لنا بيئة و طبيعة الأزمة, و كذلك يساهم في الاشتغالات على تصميم الحركة (الكوركرافيا) المعتمدة على تقنيات الرقص الحديث و الارتجال الحركي لأجل تقديم العرض أقرب الى لغة الصورة و الحركة و الفضاء منه الى السردية الحكائية, و كان التداخل ما بين المؤثرات الموسيقية و الإيقاعات و الغناء و التصويتات الحية  المستوحاة من الموروث الخليجي التي تساهم في تنامي التطور الدرامي و الجمالي للعرض,  بإلإضافة تم أستخدام الفضاء و السينوكرافيا (الديكورالاكسسواراتالأزياءالإضاءة….) و تحولاته لأجل الانسجام مع تطور الصراع الدرامي ضمن ماهية تكاملية العرض المسرحي.

 

 

 


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock