مقالات ودراسات

الباحث والأكاديمي د. مهند العميدي يكتب: المؤسسة الدينية والانفتاح على الاخر


المسرح نيوز ـ العراق|د. مهند العميدي

ـ

 

لطالما يتبادر الى الذهن سؤال مفاده ، هل المؤسسة الدينة منغلقة على ذاتها ؟ ويتصف اشتغالها بالتقلديدي من بث العلوم الدينية والحفاظ على الموروث المقدس ؟ وهل لديها القدرة ان تستوعب العلوم المجاورة لتكيفها لصالح قضيتها الام ؟ كل هذه الاسئلة تبادرت الى ذهن صاحب المقال ، ان المتوارث العقلي الذي كتبه التاريخ عن اغلب المؤسسات الدينية بكافة مشاربها انها كانت مؤسسات مغلقة على ذاتها وعلى علومها وبالتالي عانت العديد من المشاكل في الديمومة مما ادى الى موتها سريريا لأنها لم تستطع ان تتكيف اولا مع المتغيرات وثانيا عدم ايمانها الا بذاتها بعيدا عن الاخر ،

 

وفي لقاء سابق لي مع صحيفة المنتدى الاوربي العربي للسينما والمسرح طرح السؤال التالي ، هل المؤسسة الشيعية تؤمن بالمسرح والفنون لتقيم عدت مهرجانات في هذا المجال ؟ فأجبت ان المؤسسة الشيعية ليس مؤسسة كهنوتية منغلقة على ذاتها بل هي مؤسسة علم تحاول ان تنفتح ولهذا كسبت الديمومة بتعاملها مع المتغيرات بقدرة عالية من العقلانية ،وهذا ما كان واضحا وجليا في العديد من الفعاليات الثقافية الذي يدلل وبلا شك ان هذه المؤسسة العريقة لها القدرة للانفتاح على الاخر والتعامل معه،

 

ومن هذا الفعاليات كان المسرح حاضرا وبقوة ليؤكد قدسية المدينة وخصوصيتها المقدسة ، حيث كان الشعار الذي رفعه قسم رعاية الطفولة في العتبة الحسينة (بنهج الحسين نبني اطفالنا ) ليؤسس لانساق تربوية جديدة عمادها المسرح بوصفه نسق تربوي قادر على التأثير على منظومة الاطفال السلوكية والقيمية فكانت الدورة الاولى من مهرجان الحسيني الصغير واستمرت الدورات لنصل الى النسخة السادسة وليصبح مهرجان ذو صفة دولية يليق بتاريخ كربلاء ومن ثم يكون العراق وبحضور مذهل لضيوف عرب واجانب من جنسيات وثقافات مختلفة ليقدموا في ربوع كربلاء المقدسة مسرحا ملتزما باخلاقنا وقيمنا يحاول ان يؤسس في طفولتنا منظومة قيمية اصابها العطب والارتباك في ظل المتغيرات والانساق التربوية العديدة التي اربكت هي الخرى المنظومة الخلقية للطفل فكان المسرح وجها اخر لفهم الاخر واستيعابه واستيعاب ثقافته وتصدير ثقافتنا ايضا

ان القيمة الحقيقية لمهرجان الحسيني الصغير بالإضافة الى انه يعمل كما اسلفنا في بناء منظومة تربوية فانه يعمل على كشف حضارتنا العربية والاسلامية بوصفه وجه مشرق وحقيقي لمدينة كربلاء ، مدينة الشهادة والقيم والاخلاق والعلم ، وكلمة حق تقال ان هذا المهرجان الذي هو فخر لمسرحنا العراقي وثقافتنا العراقية في زمن غيبة الدولة لعدم قدرتها في اقامة مهرجانات ذات صلة بالطفولة ورعايتها فلابد ان نستذكر الكتيبة المؤمنة بالمسرح كخيار اخلاقي وتربوي والمتمثلة بمجموعة مبدعة ورائعة من الشباب اللذين امنو اولا بثوابتهم الانسانية والدينية والوطنية ومن ثم امنوا بالمسرح ليكون خيارا اخر لبث مجموعة من القيم تحصن اطفالنا في عالم متغير ومتناقض وخطير

 

وفي الختام ادعوا بصدق القائمون على هذا المهرجان من العتبة الحسينية المقدسة ان تخصص له ميزانيات اضافية ويكون بحجم مدينة الحسين المقدسة ليكون وجها ناصعا لثقافتنا وتاريخنا المتوافق مع الاخر

 

 


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock