سينما وتليفزيون

الشاعر عبيد عباس يكتب: عن مسلسل “الحشاشين” (1 ـ2)


المسرح نيوز ـ القاهرة| سينما وتليفزيون

ـ

عبيد عباس| شاعر وكاتب مصري

 

عندما شاهدت لأول مرة، وانا طفل، “فيلم عنترة بن شداد” بأداء فريد شوقي، صار بعده، اسم عنترة مقترنا في رأسي بصورة فريد شوقي، لأنني لم أكن، قبل مشاهدة الفيلم، أعرف عنترة،
وقد أعطاني الفيلم أول مدلول لاسم عنترة وهو صورة فريد شوقي، الذي اكتشفت بعد أن عرفت عنترة الشاعر، أنه أبعد ما يكون عن هذه الشخصية، بسبب لغته الركيكة وأداءه السطحي. حدث هذا مع شخصيات كثيرة .. صلاح الدين أحمد مظهر، على الزيبق فاروق الفيشاوي .. وغيرهم.
في مثل هذه الحالة، من الطبيعي، الا نستطيع تقييم الممثل تقييما حقيقيا، لانه أصبح هو، بأي أداء، هذه الشخصية التي لا نعرفها، لكن عندما يحدث العكس؛ أي عندما نشاهد شخصية معروفة لنا قبل تجسيدها دراميا، فطبيعي أن نجد صعوبة في تقبل أداء الممثل بعيدا عن المقارنة بالصورة المنطبعة داخلنا مسبقًا، وبحسب درجة قرب أداء الممثل من تلك الصورة يكون حكمنا عليه.
وبالحديث عن مسلسل الحشاشين، والذي لم أشاهد منه سوى حلقة واحدة لم أتمها، أظن أن قطاعا عريضا من متابعيه لم يكونوا يعرفون شخصية حسن الصباح، هذه الشخصية المعقدة التي تحمل من الشر والطموح والذكاء والجاذبية والهيمنة والثقافة ما يجعل صاحبها صاحب دعوة وزعيم طائفة، ولذلك فطبيعي ان يرى، هذا القطاع العريض، أداء كريم عبدالعزيز اداء رائعا أو جيدًا لأن الشخصية، هنا، تدخلهم ممتزجة بشخصية كريم عبدالعزيز الحقيقية والذي نحمل له، بوسامته وملامحه الطيبة، انطباعا إيجابيا، ليصبح، حسن الصباح، في رؤوسهم، هو كريم عبدالعزيز.
أما الذي يعرف الشخصية من قبل، ويعرف أنها شخصية سيكوباتية حادة مفرطة الذكاء طموحة مثقفة مستبدة قائدة مهيمنة سيكتشف أن كريم عبدالعزيز، بمحدودية موهبته وملامحه الطيبة المحببة المحايدة أبعد ما يكون عن أداء هذه الشخصية.
معلوم طبعا أن ألامر، عند صنّاع العمل، تجاري وكريم عبدالعزيم كنجم هو الأنسب لتسويق المسلسل،
لكن من وجهة نظري الخاصة، لو نظرنا للأمر كعمل فني بحت، فهناك ممثلون كثيرون أنسب، لهذه الشخصية تحديدًا، كما انهم، بشكل عام، أكثر موهبة، كالممثل السوري عابد فهد، الذي جسد شخصية الحجاج بن يوسف، أو غسان مسعود، أو عمرو عبدالجليل والذي هو أقرب الممثلين المصريين لهذه الشخصية.
هناك كذلك إياد نصار الذي جسد شخصية مشابهة في نفسيتها من شخصية حسن الصباح وهو حسن البنا في مسلسل الجماعة ( وهو تحفة فنية بكل المستويات) حيث كانت الشخصية، بسبب كتابة وحيد حامد الواعية وأداء إياد نصار الخارق، مهيمنة بل ومحيرة، حتى أننا لم نستطع، كمشاهدين، أن نقيمها، بشكل دقيق، بالخير ولا الشر، ولا إن كنا نحبها أو نكرهها، لكن الأكيد والملموس أنها، أي حسن البنا، وكذلك حسن الصباح، شخصية ذكية آسرة ومهيمنة على الآخرين.
أما عن اللغة فمما لا شك فيه انها أحد أهم عوامل ضعف المسلسل الكبرى، لان اللغة ليس أداة من ادوات الشخصية بل هي جزء من الشخصية، سيما أن اللغة الفصحى، عندنا، مقترنة بشيئين؛ القديم والثقافة، فلا يتحدث الفصحى سوى القدماء أو المعاصرين المثقفين، ولان حسن الصباح شخصية قديمة ومثقفة في نفس الوقت فطبيعي أن يفقد، غياب اللغة الفصحى، الشخصية صدقها، ويجعلنا لا نرى سوى كريم عبدالعزيز الممثل المصري القاهري “وهو متنكر ومش متنكر”
الملاحظة الأخيرة العامة هي أن كريم عبدالعزيز، وهو كما قلت محدود الموهبة، وإن كنت أحبه وأحترمه، هو نتاج ثقافة القبول والرفض في تلقينا نحن، كمجتمعات غير مثقفة، للفنون وللتمثيل بشكل عام، فنجم الشباك هو الذي نحبه “لله في لله” حتى لو كان أقل موهبة وربما معدوم الموهبة كفريد شوقي، إسماعيل يس، محمد عوض، فؤاد المهندس، حسن يوسف أحمد السقا، كريم عبدالعزيز، محمد هنيدي، ومحمد رمضان .. هذا طبعا مع بعض الاستثناءات، في مقابل شخصيات محصورة في الدور الثاني والثالث اعلى موهبة من هؤلاء.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock