حوارات

الفنان الكبير مفيد عاشور: أختار الأدوار التي تمتعني كفنان لأسعد الجمهور..ولم أشاهد عرض قواعد العشق أربعون!


المسرح نيوز ـ القاهرة ـ حوارات

حاوره: كمال سلطان

ـ

 

 

الزميل كمال سلطان يحاور الفنان مفيد عاشور  

ينتمي الفنان مفيدعاشور إلى ذلك النوع من الفنانين الذين يمتلكون قدراً كبيراً من الثقافة واللباقة فى الحديث، حيث أنك حين تسأله فى أى سؤال يخص العمل الفنى الذى يقدمه خاصة وان كان يجسد شخصية إنسانية من تاريخنا المعاصر أو القديم تجده ملماً بكل المعلومات العامة والخاصة عن تلك الشخصية، ويؤكد عاشور فى كثير من حواراته أنه أخذ هذا الأمر عن النجمين الراحلين نور الشريف وأحمد زكى.

وفى العرض المسرحى الجديد “رسائل العشاق” والذى يتم تقديمه حالياً على خشبة مسرح ميامى من انتاج المسرح الكوميدى يجسد عاشور شخصية شاعر الصوفية الأكبر جلال الدين الرومى، والعرض من تأليف وإخراج محمد إبراهيم، ويتعاون مفيد عاشور خلال العرض مع مجموعة من الفنانين الشباب مثل زينب العبد ولمى كتكت وجورج أشرف وريم المصرى وآسر على بالاشتراك مع المنشد الدينى على الهلباوى.

وفى هذا الحوار الشامل يحدثنا الفنان مفيد عاشور حول تجربته فى هذا العرض، ويكشف لنا الكثير والكثير عن شخصية جلال الدين الرومى وسر التعتيم الذى ناله فى عالمنا العربى لسنوات طويلة فى حين يولى الغرب اهتماماً كبيراً به وبمؤلفاته .. فإلى تفاصيل الحوار ..

 

 

سألته أولا عن أهم العناصر التى جذبته لتجسيد هذا الدور فقال: جلال الدين الرومى من الشخصيات التى يحلم أى ممثل بتجسيدها، فهو شخصية ثرية جداً، قال فيه الشاعر الباكستانى الشهير محمد اقبال “صيًر الرومى طينى جوهرا .. من غبارى شاد كونا آخرا” وبالفعل من يقرأ كتابات جلال الدين الرومى ويتبحر فيها يشعر بتجديد وتغيير طاقته، ويزرع  فيه حالة من الصوفية والعشق تجعلك فى حالة مصالحة مع النفس ومع الآخرين، وأنا شخصيا تأثرت بما قرأت له واستمتعت به كثيرا، فقد قرأت له كتاب “المثنوى” الجزء الأول، وكتاب “فيه مافيه”، ولديه رباعيات تظل أياما تدقق فى معانى الواحدة منها وفى كل لفظ حتى تتفهم معانيها، لذلك فهو شخصية ثرية وأنا سعيد بتجسيدها.

* وهل اعتمدت فى تجسيدك للدور على ماكتبه المؤلف، أم حرصت على الاستعانة بمصادر أخرى؟

** بالتأكيد لم أعتمد على النص المكتوب فقط، فأنت تقدم شخصية أحد كبار الصوفيين الذين يبحثون عن الانسان الكامل، والصوفية كما هو معروف لها ثلاث محاور وهى (التخلى) بمعنى التخلى عن الذنوب والمعاصى و(التحلى) أى التحلى بكل الصفات الجميلة و(التجلى) بمعنى أن تنقطع عن البشر وتتفرغ تماماً لعبادة الله، ولكن جلال الدين الرومى وجد أن الصوفية لا تكون إلا بالمواجهة مع النفس ومع الشيطان والدخول فى معارك يومية مع الحياة للوصول إلى الله وهو يقول أن كل الطرق تؤدى إلى الله، ولكنى اخترت طريق الموسيقى للوصول إلى الله، وفلسفة المولوية جاءت من حركة دوران الكون، فدوران الجسد حول نفسه مع الموسيقى والأذكار تجعل الانسان فى حالة توحد مع الله، فهو استخدم ذلك فى عمل طريقة المولوية، ولك أن تعلم أن جلال الدين الرومى مشى فى جنازته المسلم والمسيحى واليهودى، وللأسف نحن فى الشرق كانت لدينا حالة تعتيم شديدة على مؤلفات هذا الرجل لصالح تيارات سلفية ودينية متشددة، فى حين احتفى به العالم فى أوروبا ففى أمريكا تمت طباعة 25 مليون نسخة من كتب حول مؤلفاته وتعقد ندوات أسبوعية عنه، وغنت مادونا أغنية من أشعاره، وفى عروض الأزياء تطبع صوره على الاكسسوارات ولديهم مشروع فيلم سينمائى عنه يقوم ببطولته ليوناردو دى كابريو.

* وماهو الشكل الدرامى الذى تقدمون به فكر جلال الدين الرومى خلال عرض “رسائل العشاق”؟

** نحن لم نأخد العرض عن رواية الكاتبة التركية اليف شافاق ولا نتناول علاقة الرومى بشمس الدين التبريزى، وانما نفترض من خلال العرض سؤالا هاما وهو ماذا لو بعث جلال الدين الرومى من قبره ووجد فى زماننا هذا وأخذنا زاوية من فكره وهى علاقة الرجل بالمرأة وكيفية حل مشاكلهم من خلال كتاباته فى تلك النقطة وذلك من خلال عدد من المواقف والمشاهد المختلفة بين المحبين والأزواج، وهنا تكمن صعوبة الدور وهو تجسيد أفكار الرجل واتكلم بالفصحى فى حين يتكلم الممثلون بالعامية ولم يكن ممكنا بأى شكل من الأشكال أن يتكلم الرومى بالعامية لأن قماشتها ضيقة واللغة العربية بها ثراء وكلمات جلال الدين الرومى لا يقابلها معانى بالعامية وتفقده معانيه.

* افتتاح عرض “قواعد العشق الأربعون” على خشبة مسرح السلام فى نفس توقيت عرضكم هل هو فى صالحه أم ضده؟

** الحقيقة أننى لم تتح لى فرصة مشاهدة العرض الآخر، لكننى أعرف أنه مأخوذ عن رواية الكاتبة التركية ويتناول قواعد العشق الأربعين التى وضعها شمس الدين التبريزى أما نحن فإننا نبحث فى العلاقة بين الرجل والمرأة من خلال العديد من النماذج الحياتية الحالية ونقدم روشتة العلاج لمشاكلهم من خلال فكر جلال الدين الرومى الذى يظهر كما لو كان طيفا يتدخل فى نهاية المشكلة لإعطاء روشتة العلاج كما لو كان طبيبا نفسيا ولكن من خلال كلمة واحدة وهى الحب، ومعى بالعرض مجموعة من الفنانين الشباب الموهوبين من طلبة المعهد العالى للفنون المسرحية بذلوا جهدا كبيرا وقدموا نتيجة مشرفة أحييهم عليها .

ويضيف الفنان مفيد عاشور: أنا أتمنى أن تقوم الهيئة بإنتاج أكثر من عرض عن جلال الدين الرومى بتناولات مختلفة ويتم فتحهم فى توقيت واحد وللمتفرج حرية الاختيار بين هذا وذاك، فأنا مع التنافس حتى لو تم تقديم أربعة عروض عن جلال الدين الرومى فهذا ثراء فنى، وأنا سعيد بأن هيئة المسرح شعرت بقيمة جلال الدين الرومى وفتحت له عرضاً جديدا وفى نفس الاسبوع أعادت افتتاح عرض آخر تم انتاجه منذ ثلاثة أعوام!

* من خلال المشاكل التى يتناولها العرض، هل المسرح يمتلك القدرة على تعديل السلوكيات السلبية لدى المتلقى؟

** بالتأكيد الفن بصفة عامة وخاصة المسرح لأنه لقاء حى بين الفنان والمتلقى، وقد قيل “أعطنى خبزا ومسرحا أعطيك شعبا جيدا”، والفن وظيفته الأساسية تقديم قيمة للمتفرج وقد تم تعديل بعض القوانين بعد طرحها فى أعمال فنية مثل اسقاط السابقة الأولى بعد فيلم “جعلونى مجرما” والسماح بخرج السجناء لرؤية المرضى من أهلهم أو المشاركة فى جنائزهم بعد فيلم “كلمة شرف” والفيلمين للنجم الكبير فريد شوقى، وكذلك تعديل قانون الأحوال الشخصية عقب فيلم “أريد حلا” للسيدة فاتن حمامة، لذا فالفن بالفعل يلعب دورا ملموسا فى تعديل السلوكيات.

* ماهى رؤيتك لتسويق عروض مسرح الدولة فى ظل تعرض الكثير منها للظلم بسبب قلة الدعاية؟

** من المفترض أن هناك قسم للتسويق بالبيت الفنى للمسرح لكننى لا أدرى كيف يعمل، أو متى يعمل، ونحن نقدم عروضنا بطريقة سرية وبدون دعاية سوى أفيش يتيم على واجهة المسرح وملصقين ببعض محطات المترو، والعرض يعتمد على جمهوره فى تسويقه خاصة وأنه لا يوجد اعلانات تلفزيونية أو اعلانات بالصحف.

* على أى أساس تختار أدوارك، وفيم أفادتك دراستك للهندسة فى بناء شخصياتك الدرامية؟

** أولاً يجب أن يحمل الدور قيمة ويضيف لى شخصياً ويجب أن استمتع به كممثل حتى تنتقل تلك المتعة للمتفرج، لأن التمثيل طاقة، ومن المهم للفنان أن يستمتع أولا بما يقدمه حتى ينتقل ذلك للمتلقى، أما عن الهندسة فقد جعلتنى أكون أكثر تركيزا ومرتب ذهنيا فى اختياراتى وأهتم بالتفاصيل، وهذه هى نقطة الاختلاف بين ممثل وآخر، فهناك نماذج رائعة من الممثلين الذين يهتمون كثيرا بالتفاصيل مثل أحمد زكى ونور الشريف وجاك نيكلسون وروبرت دينيرو وآل باتشينو، والتفاصيل هنا بمعنى البحث والتدقيق داخل الشخصية عن كل تفاصيلها وبناء تاريخ درامى لها، كذلك يجب أن يكون الممثل لديه قدر من الثقافة، وحتى فى اللقاءات التلفزيونية لهؤلاء النجوم تجد أن حديثهم الشخصى بمثابة دروس عملية فى فن التمثيل دون قصد منهم وإنما بمجرد ما يحكون تجربتهم الشخصية وطرية اختيار أدوارهم والممثل الموهوب هو الذى يفاجئك دائما.

* هل ورث أحد أبنائك عنك موهبة التمثيل وحب الفن؟

** لدى عمر طالب بكلية الاعلام ويمثل بمسرح الكلية، وكان يمثل أيضا بالمسرح المدرسى، وعبد الله يدرس الاخراج السينمائى بالجامعة الامريكية، وكذلك عبد الرحمن يحب المونتاج، أما عمرو فهو أصغرهم ولم يحدد إتجاهه بعد، وان كنت أتمنى ألا يعملون بهذه المهنة لأنها مهنة مرهقة جدا نفسياً وعصبياً.

* ونحن نستقبل عاما جديدا .. ماهى أبرز أمنياتك الشخصية والعامة؟

** أتمنى الازدهار للفن المصرى وأن يحقق طفرة خلال الفترة المقبلة، وأتمنى أن يسود الخير بين البشر، وأتمنى أن يتابع الناس كتابات جلال الدين الرومى فسيجدون فيها متعة كبيرة.

 


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock