الفنان “كريم الفحل” يكتب عن أحدث إصدارات د. خالد أمين.. “المسرح و الهويات الهاربة” عن منشورات الفرجة

المسرح نيوز ـ المغرب| إصدارات

ـ

كريم الفحل

 

عن منشورات المركز الدولي لدراسات الفرجة صدر للناقد و الباحث الدكتور خالد أمين إصدار جديد بعنوان ” المسرح و الهويات الهاربة .. رقص على حد السيف ” وهو في تقديري إصدار هام و امتداد لمشروع نقدي و فكري و تنظيري يعاقر الفرجة إنطلاقا من إرهاصاتها الفلسفية و السوسيوثقافية وخصوبتها الجمالية و الإبداعية و ثرائها الدلالي و الترميزي … شاهرا أسئلته المسننة التي تأبى إلا أن تستوطن خطوط التماس بين جمارك الثقافات و الحضارات .. مصرة على الرقص على الخطوط الممغنطة و الملتهبة .. والتسلل إلى مناطق الإتصال و الإنفصال .. و الهجرة إلى تخوم المساحات البينية التي تتغذى من الإحتكاك و التلاقح الثقافي و الإبداعي و الفرجوي بين ضفتي الهنا و الهناك .. الأنا و الآخر .. الشمال والجنوب .. الشرق و الغرب …
و هو السؤال/ القلق الذي ظل يسكن الباحث خالد أمين منذ أن تلقى تلك الوخزة اللاسعة و هو مازال طالبا يستشرف مجاله الدراسي في بلاد العم شكسبير حيث يؤكد في هذا الصدد بأنه منذ أن ” وطأت قدماي جامعة إسكس ببريطانيا سنة 1990 بهدف الدراسات العليا ووجهت بسؤال الأستاذ ” روجر هاورد ” رئيس قسم المسرح في تلك الجامعة العريقة : ماذا عن المسرح المغربي؟ حينها أدركت أنه من واجبي الإشتغال على الذات في حدود علاقتها بالآخر ” . منذ تلك اللحظة أو منذ تلك الومضة
و أسئلة الدكتور خالد أمين ترقص على حد السيف محاولة الإمساك بتلابيب الهويات الهاربة .. و ساعية إلى مداهمة مسرح المثاقفة في محك التفكير العابر للحدود .. وصولا إلى ما اصطلح عليه بتناسج ثقافات الفرجة بهدف تحرير الذات المبدعة من صنمية الهوية الأصيلة ” الخالصة ” و في نفس الآن خلخلة و زعزعة تمركز العقل الغربي متسلحا بالوعي النقدي المزدوج الذي تشبع به عبد الكبير الخطيبي و تفكيكية دريدا و آليات النقد الثقافي مؤكدا في كتابه بأن ” دراسات الفرجة من موقعنا نحن في حاجة إلى إعادة الكتابة و تفكيك أشكال التمركز سواء كانت غربية أو شرقية أو محلية .
كما أنها لابد أن تخضع لمنطق الإستيعاب و التجاوز ، التفكيك و إعادة البناء من منظور التفكير العابر للحدود و النقد المزدوج ” . من هذا المنطلق لا يكف الباحث خالد أمين عن مداهمة و مساءلة مفهوم الفرجة و تفكيك تراثها الدلالي و رفع الحصانة عن أصالتها الملتبسة و مساحاتها المبتورة و فضاءاتها المغتصبة و حدودها المسيجة باعتبار الفرجة تستوعب المسرح و التمسرح و فنون الأداء و فنون الشارع و فنون السيرك و الشعائر و الطقوس و الاحتفالات و المهرجانات و التظاهرات الرياضية و تيفوات الملاعب و حفلات افتتاح الألعاب الأولمبية و الفرجات السياسية و الفرجات الوسائطية و الإحتجاجات الفرجوية … كما هو الحال بالنسبة لفرجات مناهضي أزمة المناخ و الاحتباس الحراري و فرجات ربيع ميدان التحرير بقاهرة المعز ( ثورة 25 يناير ) التي أذهلت العالم بعروضها الإحتجاجية الساخرة التي تضمنت مسرح الشارع و الدمى المتحركة و التشكيل بالجسد و فن الكولاج و فن الكاريكاتير و الغرافيت و الأغاني الجماعية …
إنها فرجات احتجاجية محلية حولتها الثورة الرقمية و وسائط التواصل الإجتماعي إلى فرجات كونية .. بل وحولت هذه الوسائط العالم بأسره إلى ما سماه جي دبور ب ” مجتمع الفرجة ” الذي صار مصدرا لكثافة هائلة من الفرجات الصاخبة و المتمثلة في الفرجة الأستهلاكية و الفرجة السياسية و الفرجة الاقتصادية و الفرجة الرياضية و الفرجة الترفيهية و الفرجة الحميمية و فرجة الأزمات و الخطوب و الحروب و الكوارث الطبيعية …سيل رهيب من الفرجات المعولمة اللانهائية .
لقد سعدت كثيرا بهدية الصديق الدكتور خالد أمين الذي أعتبره أحد أهم منظري الفرجة في العالم العربي كما سعدت بقراءة هذا الإصدار الهام الذي يعتبر نقلة نوعية في مسار البحث الأكاديمي الرصين .. وطبعا سأعود إليه في قراءة أخرى أكثر عمقا و إنصاتا لأسئلته الأخدودية العميقة . كريم الفحل الشرقاوي مؤلف و مخرج مسرحي مغربي.

تمت المشاهدة بواسطة Karim Elfhal في 6:00 ص

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock