مقالات ودراسات

الفنان مهدي الوزني يكتب: “حياة سعيدة” وجماليات العرض المسرحي


المسرح نيوز ـ القاهرة| مقالات ودراسات

ـ

مهدي الوزني| العراق

 

من المعروف أن أي عرض مسرحي متكامل يبنى على عنصرين أساسيين هما العنصر الجمالي والعنصر المعرفي وهما من يحولا العرض الى أسئلة في ذهن المتلقي الذي هو الشريك الفاعل في عملية الإبداع ،

فتح الصورة

وهذا مايسعى إليه مخرج العرض من خلال محاولة الوصول الى إيجاد هارمونية بين هذين العنصرين ليشكل بهما صورة مشهدية جميلة تتحدث عن واقع مجتمعي متشابك في علاقاته المادية والفكرية . فجمالية العرض المسرحي تتمثل في شكل العرض عبر بنيته الداخلية المتمثلة في أنساق مختلفة متمركزة في عناصر تركيبه الجمالي المنضوية في منظومة العرض السمعبصرية .

فتح الصورة

وهذا مانلحظه في إشتغال المخرج ( كاظم نصار) في عرضه المسرحي ( حياة سعيدة) لكاتبه المبدع ( علي عبد النبي الزيدي) وقدم هذا العرض المسرحي في مهرجان المسرح العربي بدورته الرابعة عشر في بغداد وعلى خشبة مسرح الرشيد لقد إشتغل المخرج ( كاظم نصار) على عناصر التركيب الجمالي ليقدم عرضا” تتحقق فيه جمالية الفرجة المسرحية ، ومن هذه العناصر الجمالية فضاء العرض المسرحي بعتباره أول مايرصده المتلقي ( المتفرج)

 

وكذلك بعتباره المؤثث للفرجة المسرحية ويشكلها جماليا” ومن العلامات التي تؤثث هذا الفضاء هو الديكور لقد استخدم المخرج ( كاظم نصار) ديكورا” ثابتا” وهو عبارة عن سرير وطاولة وعدد من الكراسي مع بعض الإكسسوارات مثل الوسادات والمرآة وغيرها نلحظ أن إختيار المخرج لهذا الديكور البسيط في تكوينه لكنه غني بدلالاته فهو قد أوحى للمتلقي بمكان الأحداث وأوحى له بمعالم المكان وهو البيت وغرفة النوم وهنا اراد المخرج أن يترجم بهذا التشكيل الديكوري مايحمله النص من أفكار ومفاهيم إجتماعية تتعلق بالزواج ومايترتب عليه مستقبل الزوجين من متعلقات نفسية وإجتماعية وإقتصادية وحتى سياسية فبرغم ثبات الديكور الا أنه أخذ مساحة في الترميز والتأويل فكان السرير بؤرة لإستشراف مايمكن أن يحصل في المستقبل وقد غادر علامته الأيقونية الطبيعية الى علامة تأويلية وكذلك الطاولة خرجت من طبيعتها كمائدة للأكل وأخذت محمولات أخرى كأن تكون طاولة تفاوضات كذلك وضع المخرج سجادة دائرية بلون أحمر وسط خشبة المسرح وهي الأخرى ترحلت من كونها أثاث الغرفة أو البيت الى علامة ربما اراد منها المخرج أن يقول الدماء والموت يحيط بالعالم خاصة وأنه إختار لها اللون الأحمر .

فتح الصورة

لقد مزج المخرج بين الديكور الواقعي والرمزي عندما اراد لجدار البيت الحركة وانقسامه الى نصفين ربما هو تعبير عن الإنكسار الذي يلف الحياة المعيشة ، وبهذا التشكيل الديكوري والذي هو الحاضن للنص الدرامي إمتلك القيمة الجمالية التي صنعتها رؤية المخرج والتي أثرت المشهد الجمالي في عين المتفرج .

 

وكذلك اشتغل المخرج على عنصر آخر من عناصر التركيب الجمالي وهو العنصر الأهم في العرض المسرحي ( الممثل) العنصر الفاعل الذي لايمكن الإستغناء عنه ، أحسن المخرج ( كاظم نصار) بإختيار الممثلين لهذا العرض المسرحي الذي يحتاج الى طاقة وإمكانية جسدية وصوتية وحركية لنقل رسالة المؤلف ورؤية المخرج ،

 

لقد إستطاع المخرج من بناء وتشكيل الشخصيات وفقا” لما تلمسه من إمكانيات إدائية وإحساس عالي يتمتع به الممثلون:

( حسن هادي ولبوة صلاح وعلاء قحطان) وكذلك الممثلة ( هديل سعد) التي قامت بتمثيل صامت الا أنه مشبع بالإيماءة والإشارة المدروسة والمتقنة بفضل التوجيه الذي إستلمته من المخرج وبذلك قد حقق المخرج الجماليات المطلوبة من جسد وصوت الممثل ليصل بمخيلة المتفرج الى الصورة المبتغاة من الشخصية في بعدها النفسي والإجتماعي استطاع المخرج المبدع ( كاظم نصار) من أن يخلق لغة بصرية جمالية متأتية من فهمه العميق للنص وبذلك حول العناصر الأدبية الى حالة بصرية تعبيرية فقد اوجد توافقا”بوليفونيا”مع كافة المكونات البصرية والسمعية للعرض المسرحي من ديكور واكسسوار وموسيقى وإضاءة وممثل ليصنع منها تحفة فنية جمالية مهدي هندو الوزني


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock