حوارات

المسرحي المصري بالمعهد العالي للفنون الدرامية بالجزائر “سعيد نصر سليم” : المسرح العربي لا يواكب التقدم التكنولوجي!


المسرح نيوز ـ القاهرة | أجرى الحوار ـ جورج أ ُنسي

ـ

هو أستاذ مصري بالمعهد العالي للفنون الدرامية ، بالجزائر العاصمة ، ومتزوج من أستاذة جامعية جزائرية ، ومقيم هناك منذ 17 عاما ً .. إنه الأستاذ سعيد نصر سليم ، الذي فتح قلبه وعقله لـ  صباح الخير … متحدثا ً بصراحة عن حال المسرح العربي ، ومقيما ً للعروض العربية بمهرجان بيجاية الدولي .. مُقَدّما ً خلاصة خبرته العلمية ، والمهنية للنهوض بحال المسرح العربي … وإلى نَصّ الحوار  .

..

0 ــ  مالمعوقات التى واجهت هذه الدورة  ؟

ـــ     حقيقة ً أنّ الدولة الجزائرية لم تكن تبخل على أيّ مهرجان فني ، أو ثقافي ، وكانت ترصدله ملايين الدنانير ؛ ولكن إنخفاض أسعار الغاز الطبيعي ، وانخفاض سعر البترول ، وتلك حال معظم الدول النفطية ، أثر عليهم ، مما أدى إلى تقليص النفقات على جميع المستويات وكافة النواحي ، ومن ضمنها مهرجان المسرح ، ومشكلة المسرح أنه فن نخبوي ، ولابد له من أن يحظى بدعم ٍ من الدولة ، لأنه يُعتَبَر مُنتَجَا ً مُكَلّفا ً ، خاصة ً أنّ مُعظم المهرجانات الفنية عموما ً ليست ذات مردود فوري ،إنما  مردود تراكمي ، وعلى المدى الطويل ، وليس مردودا ً تجاريا ً بالدرجة الأولى ، ولا  بالضرورة ، وهو مايستلزم  دعما ً من الدولة ، وتعضديدا ً ومُسانَدَة ومُؤازَرَة على جميع المستويات ، وهذا مايؤثر على المسرح سلبا ً أو ايجابا ً ، وعلى نموه أو ضعفه ،ومن حُسن الحظ أنّ إدارة المهرجان تغلبت على ذلك بالجهود الذاتية ، والإصرار ، والإرادة  باعتبار أنّ المهرجان يُشَكّل صورة الجزائر في الخارج  .

0 ـــ   لماذا  لم يتم حتى الآن عمل مسابقة للمهرجان  ؟

 ـــ   هذا المهرجان ليس تنافسيا ً لكى يُشَكّل له لجنة تحكيم ، وجوائز ، وخلافه .. الهدف من المهرجان أن تجتمع وتلتقى الفرق المسرحية من عدة دول في بوتقة واحدة على أرض بيجاية لتبادل الخبرات بالدرجة الأولى ، وليس الهدف تنافسيا ً كما يحدث في معظم المهرجانات العالمية  .

0 ـــ   هل اختيار مدينة بيجاية تحديدا ً لمهرجان المسرح كان لسبب ٍ ما  بالجزائر ،  أم أنّ هناك مُدنا ً أخرى حاولت أخذ هذا المهرجان ثم كان من نصيب هذه المدينة  ؟

ـــ   أعتقد أنه كان من البديهي أن يكون أي مهرجان دولي بالعاصمة ، لكن نظرا ً لأن مهرجان المسرح المحترف وهو الأقدم ، يُقام بالمسرح الوطنى ( مسرح محي الدين بشطارزي ) بالجزائر العاصمة ، وهو مرتبط بها منذ الأستقلال وحتى اليوم ، لذلك أصبح من غير المنطق أن تحتضن مدينة واحدة فعاليات مهرجانين كبيرين ، وتم الأستقرار على مدينة ( بيجاية ) لتحتضن فعاليات المسرح الدولي مع إعطاء الفرصة لمدن أخرى ، لإستضافة مهرجانات متنوعة في مجالات المسرح ، وهكذا إحتضنت ( عنابة ) المسرح النسوي ، وأيضا تستضيف ( باتنة ) مهرجان المسرح الأمازيغي ، ومدينة ( مستغانم ) مهرجان مسرح الهواة ، وهو مايُعَد تفتيتا ً للمركزية ، ودرءا ً للإستحواذ  .

0 ـــ   كيف تُقَيّم المشاركات العربية هذا العام  ؟

ـــ   في تصوري أنّ عروض هذا العام أقوى ، والغريب في الأمر أن دولة مثل العراق رغم معاناتها من جراح وأزمات سياسية وأمنية فإنها شاركت بعرضين ، أحدهما من إنتاج المسرح الوطنى العراقي ، وهو عرض ( مكاشفات ) في منتهى القوة فنيا ً من بطولة الرائعين الفنانة القديرة /  شذى سالم ، والفنان الكبير /  عزيز خيون ، بمشاركة  الفنان العراقي  /  فاضل عباس اليحيا . كما قدمت الأردن عرضا ً ممتازا ً (  هذيان على هامش ) للفنان القدير /  نصر الزعبي وتونس قدمت عرضين ، أحدهما بتوقيع الفنان الكبير /  شكري السماوي وشاركت مصر بمسرحتين ، إحداهما لفرقة الأسكندرية ، والأخرى ( الخلطة السحرية للسعادة )  للمخرج الشاب  (  شادي الدالي ) الذي لم يتجاوز السابعة والثلاثين ، قدم عرضا ً إحترافيا ً ممتعا ً فائق المستوي ، ببساطة وأناقة ، وهو بالفعل عرض مبهر جدا ً وربما يعود ذلك لأن المخرج بدأ دراسته في كلية الفنون الجميلة ، ثم احترف الإخراج المسرحي ، فكان لذلك تأثير واضح على السينوغرافيا والأزياء والإضاءة والديكور ، وترك بصمته الفنية على العمل بكل جمالياته .. والحقيقة أن المخرج المصري الشاب / شادي الدالي ، أثبت أن هناك دماء جديدة ، تختلف عن دماء جيلنا ، مما يدعوا للتفاؤل  حيث كان العرض عن حق مشرفا ً ، مع أبطال من جيل الشباب ، وأولهم الفنانة المعجونة بطمى النيل ، وسًمار مصر ، سيدة المسرح المصري في القرن الواحد والعشرين /  فاطمة محمـد عل مع الفنان واثق الخُطى /  محمـد حفظى  ، وفهد ابراهيم ، ونجم الكوميديا القادم /  محمـد سعداوي ، والناعمة نعومة فراشات الربيع /  رحمة أحمد ، والجميلتان /  أسماء أبواليزيد وأميرة رضا  .

كم كنت أتمنى مشاركة سوريا ، فرغم ظروفها الصعبة ، فأن معهدها الفنى للدراما بدمشق مازال يقدم عروضا ً رائعة ، حيث شاركت بها في مهرجان الأقصر ، وأخيرا ً في مهرجان شرم الشيخ الدولي بمصر في يناير الماضي .

0 ـــ  ماهي أهم عيوب المسرح العربي  ؟

   ـــ   للأسف الشديد لا يواكب التقدم التكنولوجي في مجال تقنيات المسرح الحديث ، باستثناء المسرح التونسى الذي إلتفت إلى هذه الجزئية ، وحاول أن يلحق بها ، بل طبقها بالفعل في أكثر من عرض ، في استخدامه لتقنية عرض البيانات  Data Show   ، والتقنية المتعددة الأبعاد  03 D  ،  واستخدام الليزر في الإضاءة والديكور ، لكن باقي معظم المسرحيين في الدول العربية لا يزالون يجترون العروض الكلاسيكية ، إلا فيم ندر .

0 ـــ  كيف ترى علاقة المتلقى العربي يالمسرح  ؟

  ـــ   المسرح فن نخبوي بالدرجة الأولي ، وبالتالي رواد المهرجانات هم الفنانون ، والمهتمون والعاملون في هذا المجال ، وهو أمرٌ مُحزن ، ومُخز ٍ جدا ً .. فمازالت المسافة شاسعة بين الجمهور العربي وخشبة المسرح ، غلى العكس تماما ً من جماهير كرة القدم  .

0 ـــ  لكن ربما يعود ذلك للظروف الإقتصادية التى تمر بها المنطقة  ؟

   ـــ   معظم المسارح العربية في الغالب مجانية  ، أو شبه مجانية .. أنا لا أتكلم عن المسارح  التجارية .. والجزائر مثلا ً لا تُباع ُ بها تذكرة مسرح للجمهور ، فكلها مجانية .. والمسرح القومي في مصر تحديدا ً يُقَدّم عروضه المسرحية بسعر رمزي ، وبسعر زهيد جدا ً ..ورغم ذلك لا يوجد إقبال جماهيري ، باستثناء عرض (  المللك لير  ) للفنان يحيى الفخراني ، ومن إخراج أستاذي /  أحمد عبد الحليم ، يرحمه الله ، والذي استمر سبع سنوات بنجاح جماهيري على غير العادة ، وكان ذلك استثناءا ً وليس القاعدة ..وربما  للأضطرابات السياسية في سوريا والعراق وليبيا واليمن عزف الجمهور عن المسرح ، فالمسرح يحتاج لإستقرار ، وأمن ، وبيئة صالحة للإبداع  .

ـــــــــــــــــــــــــ

  أجرى الحوار رئيس القسم الثقافي بمجلة صباح الخير المصرية :  جورج أ ُنسي  ـــ  .

    

 

  

 

     

 

 


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock