“المقبرة” مسرحية كوميدية ساخرة.. للكاتب أحمد البنا
المسرح نيوز ـ القاهرة| نصوص
ـ
مسرحية
المقبرة
كوميديا ساخرة
تأليف: أحمد البنا
المشهد الأول
يفتح الستار علي مقابر كفر ابو عمة.. مقابر فقيرة ولكنها ليست تقليدية كما لو كانت بيوت أكثر منها مدافن يتوسطها مقبرة كبيرة نسبيا مبناها قديم وبوابتها متهالكة يبدو انها علي وشك السقوط مكتوب عليها مقبرة اولاد ابو العلا .. عمود نور واحد تعلوه لمبة ترتعش تضفي رعبا علي المكان صوت رياح واوراق تطير .. عبد الدايم تربي المدافن العجوز يظهر من بين المدافن حاملا بعض الحطب يعرج علي قدمه اليمني ينظر للمقابر ويضرب علي العمود فتتوقف اللمبة عن الارتعاش وتستقر الاضاءة
عبد الدايم : ماسابوش للميتين غير لمبة بترعش .. حتي المجاري طفحت ولا
حد بيسأل .. (ينظر للمدافن) ليكم رب اسمه الكريم
يجلس بجوار مقبرة ابو العلا .. ينظر يمينا ويسارا علي اسماء المقابر
المجاورة
عبد الدايم : وحدوه .. ( ليافطة مدافن مغاوري النقاش ) مساء الفل يامعلم
مغاوري ( ينظر لمدافن غلوة القهوجي ) مساء الورد يامعلم
غلوة ..عم شحتة .. هتشرب معايا ولا بطلت ؟ اه بطلت .. صدرك
لسه بينقح عليك ؟ ( ينظر لمقبرة اولاد ابو العلا ) كل من عليها
فان .. كله جي لعبد الدايم في معاده .. غفير وزير .. كله جاي ..
مفيش عزيز علي الموت ولا ناس اتخلقت من طين .. وناس من
عجوة .. (صوت مزمار ياتي من البلد ) ارقصي يابلد ارقصي
وهزي وسطك ككحش وسطك بلد .. ( يرص الفحم ويشد انفاس)
تدخل ام محمد المتسولة برجلها المكسورة تستند علي عكاز تجر شوال
ام محمد : انت اتهبلت ياعبد الدايم بتكلم الاموات ياراجل ؟!
عبد الدايم : طب وربنا بيردوا عليا .. بس انتي الي ولية طارشة
ام محمد : من يوم ماطلعلك عفريت رجب المجنون وانت دماغك راحت منك
مارجعتش ( تجلس )
عبد الدايم : ماعفريت الا بني ادم ..
ام محمد : ( تنظر للمدافن) المية غرقت الدنيا .. مابلغتش البلدية تيجي
تصلح المجاري ؟
عبد الدايم : بلغتهم .. بس اظاهر انهم اموات
ام محمد : حتي الميتين محتاجين واسطة تريحهم في نومتهم !!
عبد الدايم : قولي ياباسط الفرق بين الحي والميت هوالنفس (يشير بالجوزة)
ام محمد : صبرني يارب ..
عبد الدايم : انا أشد .. اذن أنا موجود ..(يشد نفس من الجوزة) هو الحجر
مش عايز يقوم ليه .. ماتقوم قامت قيامتك ..
ام محمد : حد يشرب نجيلة الترب ياراجل ؟!! انت اتهبلت
عبد الدايم : دي نجيلة عطوة الي بتصحي الميتين وتصبر العايشين ..
تاخديلك نفسين تسلمي علي امك الله يرحمها
ام محمد : خليلك انت للسطل وسيبني انا ارتاح من الشقا .. ( تجلس متعبة)
اه ياوسطي
عبد الدايم : جبرتي من الشحاتة انهارده ؟
ام محمد : ( تلقي له فكة) هما خمسة وتلاتين جنيه عمي مابيشوفوش
عبد الدايم : خمسة وتلاتين جنيه ؟ ليه .. ده انتي لو بتشحتي من شحاتين
هتلمي اكتر من كده
ام محمد : طول النهار تحت رجلين الخلق بدعي ويتنبح صوتي ولا حد
عبرني
عبد الدايم : انتي الي ولية فقر مالكيش في الشغلانة .. ارجعي للخدمة في
البيوت احسن
ام محمد : الناس جيوبها نشفت وماشيين يكلموا روحهم في الشوارع(
تقلب في الشوال)
عبد الدايم : ( ساخرا ) وزعلانة اني بشرب نجيلة واكلم الميتين.. جايبة ايه
ام محمد : ( تخرج اه بقايا طعام ) خد بر جتتك
عبد الدايم : يانهار ازرق .. لحمة ؟! انتي انحرفتي ياولية
ام محمد : ياكش تتوكس .. دي بواقي سفرة ليلة سي عبد العظيم ابو العلا
عبد الدايم : الله هالله ( ينظر لاسم مقبرة اولاد ابو العلا) عبد العظيم ابو العلا
الايحة بقي يعمل ليالي
ام محمد : وليالي ملاح كمان ..
عبد الدايم : طب ييجي يرمم تربة ابوه قبل ماتقع علي الي فيها .. ده ماكلفش
خاطره ييجي يسند فيها حيطة ولا يقرا الفاتحة علي اهله
ام محمد : اسكت ياعبد الدايم ابنه علوي بقي حاجة عليوي قوي .. وعامله
ليلة ولا الف ليلة .. ودواره خلق بتشغي .. دبايح ايه وعربيات
ايه ورقص ايه .. خلق ياما .. خيرات ربنا كلها عندهم والبلد
كلها بتاكل
عبد الدايم : البلد كلها بتاكل ؟! يبقي بيسمنوهم للعيد .. لا هو النور ده كله
والهيصة الي قالقة منام الميتين جاية من بيت عبد العظيم ابو
العلا
ام محمد : امال .. كل كل بر بدنك
عبد الدايم : والله واللحمة شقتلك جوف ياكفر ابو عمة
ام محمد : ( تعطيه قطعة اخري من بواقي الطعام ) كل كل .. زلاموكة
الفرخة دي طالعة من ايد واحد ابن زوات
عبد الدايم : ( ينظر للزلاموكة ) الله يرحم جده كان بيمشي ورا زلاموكة
الفرخة مستنيها تبيض دلوقتي بقي راكب الزلاموكة .. اه يازمن
( يقلب في الشوال ) ايه ده ؟ ومعسل كمان
ام محمد : ( تفك رباط يدها المربوطة) الي ايدي طالته مارحمتوش ..
نضف صدرك بدل مانت بتحش نجيلة من الصبح
عبد الدايم : المعسل ده نبيعه .. انا خلاص مابقاش يعدل دماغي غير نجيلة
عطوة .. نجيلة عطوة كلها تقوي .. الحجر سخن اهو
ام محمد : والميتين طلعولك ولا لسه ؟
عبد الدايم : دلوقتي يهلوا .. المشوار من الاخرة بس تلاقيه زحمة انهارده ..
تلاقي الدائري مقلوبه عليه تريلا ميتين ..
ام محمد : كان يوم اسود يوم ماشربت من نجيلة الترب ..
عبد الدايم : ماهو من قلة الحيلة .. اعمل ايه يعني ومحدش اندفن من شهر
اروح اقتلي واحد وادفنه عشان اشتري باكو معسل !!
ام محمد : تقوم تشرب نجيلة ؟
عبد الدايم : اهي النجيلة خيشت في دماغي واتعودت عليها .. بصراحة بقت
تعملي دماغ
ام محمد : قصدك لحست دماغك.. الله يجحمك ياعطوة بتتاجر في المخدرات
حني وانت ميت !
عبد الدايم : ربنا يبشبش الحجر الي تحت دماغك ياعطوة ..
ام محمد : نفسي ارتاح بأه .. اه ياعضمي
عبد الدايم : ارتاحي في اي تربة مفتوحة عقبال مانقفلها عليكي .. ربنا
يريحك الراحة الابدية
ام محمد : قفلوا عليك باب جهنم ( بنبرة ذات مغزي ) ماتيجي ترتاح شوية
ياراجل .. بقالك شهرين مارتحتش ( تضيء التربة بلون احمر)
عبد الدايم : ياولية ارتاح فين .. ماخلاص .. ( يهز ركبتيه بسخرية) تعمل ايه
العارجة ع المكسورة
ام محمد : ( تطفيء النور الاحمر وتدخل التربة بغيظ ) احسن برضو
عبد الدايم : قولي للزمان ارجع يازمان .. نامي يا ذات الخمسين ربيعا
تدخل المدفن
عبد الدايم : الحجر خلص ولسه محدش هل منكم .. ايه … الجو ساقعة ولا
النومة عجبتكم .. ولا الصنف مضروب المرة دي ولا ايه
يخرج ميت من بين المدافن يرتدي ملابس كاملة ويجلس تحت العمود
عبد الدايم : بدأت تندع اهي ..
ميت1 : ربنا يرحمني انا زهقت من الترب دي
عبد الدايم : روق كده بس وصلي ع النبي وقولي انت لابس ليه ؟ فين كفنك؟
ميت1 : قلعته
عبد الدايم : ليه بس الجو شتا وكده هتاخد برد
جورج : عشان مسيحي .. وربنا مسيحي.. من يوم دفنتي هنا وانا كل يوم
اقولك انا اسمي جورج اسمي جورج .. ومدفون هنا غلط
عبد الدايم : اه افتكرت انت الاستاذ جووورج المسيحي
جورج : ايوه جورج المسيحي .. هو فيه جورج مسلم في الدنيا
عبد الدايم : ( يشد نفس) اه .. انا اعرف واحد كان اسمه جورج عبد اللطيف
عادي
جورج : بس انا اسمي جورج صمويل .. واندفنت هنا بالغلط وانت الي
دفنتي ( يمسك ياقة جلبابه) انت السبب
عبد الدايم : ياعم قول ياباسط .. ( ينفض يد جورج بهدوء ) يعني انا الي
قتلتك ؟ ولا يعني دفنتك بالحيا ؟! ما انت جايلي ميت في حادثة
ومحدش عارفلك اهل .. وبعدين كلنا ولاد حوا وادم .. والمدافن
تساع من الحبايب الف
جورج : ( يعرض الصليب في يده) طب هما معرفوش انا مين عشان
مقطوع من شجرة وخرجت ليلة الحادثة من غير بطاقة ..
انت بأه ماخدتش بالك من ده ( يعرض له صليب يده ) يعني لو
ماكنتش تربي ميز
عبد الدايم : ياسي جورج .. صلي ع النبي في قلبك .. انا شايفك بالعافية
عايزني اشوف الصليب والدنيا كانت ليل كحل .. وبعدين اهي
كلها موتة هتفرق في ايه مكان الدفنة
جورج : مش لاقي تابوت انام فيه .. ولا حد فاهمني .. لبسي غير لبسهم
دماغي غير دماغهم صلاتي غير صلاتهم
عبد الدايم : بس ربكم واحد .. والنبي انت منورنا .. قولي انت جيبت اللبس
الحلو ده منين ؟
جورج : لقيته مرمي في اخر الترب .. جه علي مقاسي لبسته
عبد الدايم : طيب زعلان ليه .. حد من الميتين هنا زعلك؟
جورج : كلهم .. كل حد يشوفني منهم يقولي .. انت اللي لابس هاتلنا
سكر انت الي لابس هاتلنا بن .. حرام بجد
عبد الدايم : اه صحيح .. مانت الي لابس ياسي جورج .. خد هاتلي معاك
باكو شاي
جورج : يووو انت كمان ياعبد الدايم .. وادي الترب ليكم ( يختفي بين
المقابر)
عبد الدايم : تعالي ياسي جورج وصلي ع النبي بهزر معاك
يخرج الميتون واحدا تلو الاخر ويحيطون بعبد الدايم كأنه مجتمع احياء مقهي
وهمي علي جانب يديره غلوة القهوجي وشعرة الحلاق يصفف شعر زبون
علي جانب وحولهم حركة شارع كما مواطنين في حركة ذهاب واياب ولكن
ملابسهم عبارة عن اكفان
عبد الدايم : كلنا ميتين بالحيا .. اتفضل يامرعي .. شد حجرين .. كوباية
شاي يامرزوق الشاي ع النار
صوت ام محمد : ( من المقبرة) اعقل ياراجل وبطل جنان مفيش ميتين بيصحوا
عبد الدايم : بيتنفسوا ياولية قدامي اهم .. نامي ياولية نامت عليكي حيطة ..
ماتطيريش حجر النجيلة من دماغي ..
الشيخ فؤاد : ( بالعربية الفصحي للحلاق) نعيما مقدما .. عايز اهذب لحيتي يا
اسطي شعرة
الحلاق : استني دورك ياشيخ فؤاد اخلص ع الزبون وافضالك
ميت6 : ( يصرخ ممسكا عينه) اي .. حاسب خرمت عيتي
الحلاق : خلاص ياعم يعني خرمنا عين الاسد .. ربنا خلقلك اتنين
الشيخ فؤاد : ( لعبد الدايم ) السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبركاته
عبد الدايم : وعليكم السلام يامولانا .. اتفضل ياشيخ فؤاد ..
الشيخ فؤاد : هو يعني خلاص مفيش حد هيسأل فينا ؟ المجاري دخلت علينا
الترب لاعارفين مية من مجاري .. مش عارف اتوضي
عبد الدايم : ياراجل هو فيه صلاه بعد الموت .. ماخلاص الي صلي صلي
الشيخ فؤاد : طيب نموت في ترب تليق بينا ده حتي اكرام الميت دفنه يا اخي
عبد الدايم : روق واقعد ..مالك خاسس كده .. انا دافنك وانت قد العجل
شيخ فؤاد : الترب رطبة ياعبد الدايم وجتتي نشفت من البرد ..
عبد الدايم : ولا الحريم كلت جتتك ياراجل يانمس ..الا انت اتجوزت كام
حرمة ياشيخ فؤاد ؟
شيخ فؤاد : ثلاثة بالتمام والكمال
عبد الدايم : ومش عايز تموت ناقص عمر ..
شيخ فؤاد : ( ينظر لمقبرة ابو العلا ) هما اخوانا دول مابيخرجوش ابدا ؟
الترب هتقع عليهم وهما ولا هما هنا
عبد الدايم : ربنا يشيل عنهم يا مولانا .. محدش عارف البيبان مقفولة علي
ايه .. سيب كل ميت في همه .. ربنا اعلم بيهم
شيخ فؤاد : اه لو كان بينا ميت عليه القيمة .. كان زمان الشوارع متسفلتة
والمجاري سليمة والنور عناقيد عناقيد
ميت 6 : ( تحت يد الحلاق ) اي .. حاسب قطعت وداني
الحلاق : خلاص ياعم يعني قطعنا ودن الاسد .. ربنا خلقلك اتنين ..
عبد الدايم : قلبك ابيض يامولانا .. اصبر ولك الجنة ..
الشيخ فؤاد : اديني صابر لما نشوف اخرتها ..
عبد الدايم : مالك..عقلك مشغول قول ماتتكسفش
الشيخ فؤاد : انا عايز .. ( يتلفت حولخ) عايز .. عروسة
ميت المقهي1: واحد شاي ياغلوة وزبون ودومنة
غلوة : وعندك واحد شاي يكفر سيئات الميتين
عبد الدايم : عروسة !
الشيخ فؤاد : هي الي ناقصاني .. بنت حلال تونس نومتي ياعبد الدايم
عبد الدايم : عايز تتجوز ياجناب المرحوم
الشيخ فؤاد : وماله الشرع حلل اربعة وانا ميت وعلي ذمتي تلاتة بس
عبد الدايم : ده للصاحيين بس يامولانا
الشيخ فؤاد : وهما الميتين كفروا ولا مالهومش نفس ..
ميت المقهي1: ( لميت القهوة2) تلعب عشرة
ميت المقهي2 : العب ( يرص طوب كأنه دومنة)
الشيخ فؤاد : ( بهمس ) قولي ياعبد الدايم ياخويا .. هي الستات شحيحة ليه
في المدافن؟
عبد الدايم : هو في ست بتموت ياشيخ فؤاد.. عمرهم طويل عقبال احفادك
الشيخ فؤاد : ( يتلفت حوله ويخرج من جيبه بعض المال) خد القرشين دول
عبد الدايم : ايه ده .. رشوة ؟
الشيخ فؤاد : حاش لله .. دي اكرامية .. قرشين مدكنهم من ورا تفيدة ..
امانة لو هلت عليك مرحومة لونة كده تحجزهالي .. وماتقولش
لمراتي
(صوت امراة من المدافن)
زوجة الشيخ : شيخ فؤاد
الشيخ فؤاد : ( ينتفض) يانجي الألطاف نجنا مما نخاف .. ايوه ياحاجة
زوجة الشيخ : يالا تعالي روق معايا التربة وقطف الملوخية
الشيخ فؤاد : حاضر جاي يا حاجة .. هخف ذقني واجيلك يا طاهرة .. وابور
ياكلك .. تفتكر سمعت حاجة؟
عبد الدايم : بتخاف من مراتك حي وميت يامولانا
الشيخ فؤاد : مين خاف سلم .. وانا راجل مش عايز مشاكل .. هقوم بأه
لتستعوقني دي ولية لسانها مبرد .. ضلوعي بتنقح عليا تاني
عبد الدايم : انت قولتيلي انت موت من ايه
الشيخ فؤاد : كانوا شوية برد جابوا اجلي ( يسعل )
عبد الدايم : انت روحت الصين قبل كده يامولانا ؟
الشيخ فؤاد : انا يوم ماخرجت من كفر ابو عمه للبندر قولت ياغربتي
عبد الدايم : طب كوح بعيد الله لا يسيئك انا مش ناقص امراض وعدي علي
اجزخانة المرحوم الدكتور سامح خليه يديك دوا كحة ..
الحلاق : ( ينفض الفوطة ويقوم ميت 6 غارقا في دمه) نعيما
ميت6 : (يتحسس وجهه) ايه ده فين مناخيري
الحلاق :خلاص ياعم يعني طاهرناك..اهو تنكر خلي المخبرين تعمي عنك
ميت6 : تصدق فكرة .. ( يعدل الكفن كانه بدلة شيك)
الحلاق : دورك ياشيخ فؤاد
الشيخ فؤاد يترك عبد الدايم ويذهب لشعره الحلاق بينما مغاوري يحمل جردل
دهان ويدهن الترب بلا دهان حقيقي ..
الشيخ فؤاد : ( لميت 6) عرفتك علي فكرة ..
ميت6 : انا فاشل فاشل فاشل ( يخرج متخفي)
الشيخ فؤاد : اوعي المخبر وراك ( يجلس امام الحلاق) هذبها وأدبها
وبالحناء والعطر جملها
الحلاق : ياعم اقعد بأه انت هتشعر(يخرج مقص كبير ) عايزها شبه دقن
مين ياشيخ الميتين .. حلال الله اكبر
يدخل رجب المجنون يلقي عليه نجيلة صفراء وخضراء
رجب : فوووو .. اوعي المقص .. اوعي المقص .. اوعي تفوق لتموت
ناقص عمر
عبد الدايم : رجب المجنون .. جيت في وقتك
رجب : بس ماتقولش مجنون .. انا عفريت عفريت صايع دبلوم صنايع
وفاهم كووول حاجة .. وعارف العفريت مخبي ابنه فين
عبد الدايم : طب العفريت مخبي ابنه فين ؟
رجب : اقولك وماتزعلش
عبد الدايم : لا هزعل .. ( يفحص النجيلة في يده) هو ده بس الي جيبته من
نجيلة عطوة
رجب : عطوة نفسه اتمسك امبارح .. وبيتشوي في نار جهنم والنجيلة
كلها اتحرزت ودي الي فاضلة من التركة فووووو اوعي البوكس
عبد الدايم : قولي يارجب .. انت اتجننت ليه قبل ماتموت ..
رجب : بس ماتقولش اتجننت .. انا عقلت قبل ماموت
عبد الدايم : ولا تزعل .. عقلت ليه قبل ماتموت
رجب : اقولك .. ماهو العقل بيصيبك في تلات حالات .. قبل ماتموت ..
عبد الدايم : ايوه
رجب : وقبل ماتتوفي
عبد الدايم : ايوه
رجب : وقبل ما تفارق الحياة .. هاهاهاها
عبد الدايم : يا سلام علي الحكم .. يبقي الي بيقولوه عليك صح..مراتك جننتك
رجب : بس ماتقولش مراتي .. انا طلقتها ومن يومها وانا عاقل
عبد الدايم : وخدت الي وراك والي قدامك
رجب : والي جنبي والي فوقي والي تحتي .. ماخلتش حتي (يتحسس
ملابسه الداخلية )
عبد الدايم : منه لله الي قوي قلب الستات
رجب : منه لله .. اجحمه يارب.. هاهاها طلقتها الصبح .. نفضوني
الضهر.. لسعت العصر .. موت المغرب .. وهي لسه عايشة ..
هاهاها مفيش ست بتموت .. مفيش ست بتموت فووووو .. انها
لمن المنظرين.. وانا .. موت .. وبقيت عفريت فووووو .. اوعي
العفريت .. انا حي .. رجب جي .. اوعي وشك
يجري بين الاموات بينما الشيخ فؤاد يترك الحلاق بنصف لحية
عبد الدايم : الناس بتموت بتعقل وانت موت اتهبلت اكتر( يتحسس النجيلة )
يالا .. اهي تكفي ليلتين كمان
رجب : شيخ فؤاد ( ينغز فؤاد ) دقنك كالتها القطة .. اوعي العفريت
انا جاي فووووو
الشيخ فؤاد : اما ميت هزق صحيح .. امشي الله يخيبك .. خلاني بليت الكفن ..
هتوضي تاني !
يدخل عفريت طالب ممسكا كتاب يذاكر ومعه ثلاثة اخرين فجاة يتحول المشهد
الي بقعة ضوء عليهم كانهم في اتوبيس وصوت صرير فرامل والموتي يتابعون
الطلاب بحركة بطيئة وهم يتمايلون في خوف مترقبين حادثا سيحدث .. يخرج
ظل اسود من عمق المقابر ويحوم حولهم ويتلاعب بهم كما لو كان سيارة
تحاول اسقاط حافلة يركبونها وصوت صرير العجلات يعلو حتي يعلو صوت
اصطدام وفرملة وتتناثر جثث الطلاب علي الارض وتدخل السيدة وتحتضن
احدهم وتبكي في صمت (مايم )
تخفت الاضاءة ويعون الموتي لحالتهم قبل الحادق وتختفي السيدة فيقوم ميت4
من تجمده علي الارض بينما عبد الدايم يشعر بدوار ويغير حجرالجوزة بيد
مرتعشة بينما جورج يقف علي ناصية المقهي يتابع لعب رواد المقهي
جورج : الموت مابيفرقش في الديانة .. كله ميت ..عبد الدايم عنده حق
ميت المقهي1: ( كانه يقرأ خبر في الجريدة ) اتوبيس يذهب بأرواح طلبة كلية
الطب وهم في طريقهم للمشرحة
ميت المقهي2 : وهما رايحين للمشرحة ؟! يعني ماتوا كام مرة؟
ميت المقهي 1: مش هتفرق .. تلعب عشرة كمان (يرص صوب كانها دومنا)
ميت مقهي2 : العب
غلوة : خد ياسي جورج .. انت الي لابس هاتلنا سكر
جورج : يوو اشربوها سادة .. بس بأه بس بأه انا مش شغال ديلفري هنا
غلوة : الله هو الراجل ده حي ولا ايه
ميت 4 : ( ممسكا كتاب) اعراض الزائدة الدودية الم شديد مفاجئ في
الجانب الايمن اسفل البطن والتهاب يمكن .. ( يصمت فجأة )
قولي ياعبد الدايم .. مفيش جثة واحد صاحي اتمرن عليها
عبد الدايم : انا قدامك اهو .. عايز تذاكر ايه ؟
ميت4 : كل مرة بتلخبط في امتحان المرارة .. عندك مرارة ؟
عبد الدايم : والله ماتغلي عليك بس دي انفقعت .. بص .. ترب الدكتور
عوض اخر شارع بعد الجميزة تالت تربة علي اليمين .. دكتور
من الغلابة وعايش لوحده ومات لوحده .. هيديك دروس تخليك
البريمو وهيحللك بول كمان
ميت4 : وده دكتور شاطر
عبد الدايم : الا شاطر .. ده الي طاهر ابن ملكة انجلترا
جورج : ياااه ابن ملكة انجلترا !! الله هو ابن ملكة انجلترا ليه طهور
مغاوري : ( لجورج ) انت الي لابس روح هاتلنا نص كيلو سلاقون
جورج : انا قرفت..انااا قرفت.. حرام عليكو باه.. يارب القيامة تقوم باه
عبد الدايم : بالراحة علي سي جورج يامعلم مغاوري .. الراجل شق هدومه
منكم
مغاوري : ( يمسك فرشة ويدهن المقابر ) يعني الحق عليا الي بدهن لهم
مكان نومتهم .. اسيب الشغل الي في ايدي واروح اجيب انا …
ايد علي ايد تساعد انا بدهن بقالي سنتين مفيش لون بيظهر
علي تربة واحدة ..
عبد الدايم : طبعا ليهم طهور وسبوع وحلاقتك برجلاتك كمان .. بس انت
ابقي شوفله كام تلميذ معاك عشان تفتحوا نفسه للشغل اصله
وحيد في النربة ومالوش لا انيس ولا جليس
ميت4 : بسيطة .. الي ماتوا معايا كانوا كتير .. كتير قوي
ميت6 : ( يدخل بميزان في يده ) وانا عايز كورس جنائي ياعبد الدايم
عبد الدايم : تلميذ الحقوق ايوه .. روح لتربة المتر هاني اخر الشارع شمال
ميت6 : ده محامي شاطر وهيفهمني القانون ؟
عبد التواب : لا ده تشرب معاه حجرين نجيلة هيفهمك القانون كله في قعدة
ميت 6 : ربنا يخليك يانصير الميتين الغلابة ..
ميت 4 : ( يهم بالخروج ويبكي ويستدير لعبد الدايم ) قولي هي القيامة
هتتاخر قوي ولا قربت خلاص
عبد الدايم : الله اعلم بيها يابني .. مستعجل علي الحساب ؟
ميت4 : لا مستعجل اشكي لربنا
يعلو صوت حوادث والموتي يراقبون المدي في ترقب ويدخل موكب جنائزي
بموتي اخرون يسيرون في انكسار ويدخلون المدافن وعبد الدايم يقف فاردا يده
حتي يأخذ اي بقشيش ولا احد يعطيه
عبد الدايم : كل واحد عارف هينام فين .. ساعوا بعض بأه الشغلانة بلوشي ( لميت4) الحساب عمال يتقل قوي .. وحدوه
يدخل هيكل عظمي متأخرا عن موكب الدفن يحمل رأسه في يده
عبد الدايم : دول كالوك لحم ورموك عضم ياعيني .. خش خش في الطابور
العيكل العظمي يمر امام ميت4
الحلاق : ( للهيكل العظمي ) دماغك دي مش هتأكلنا عيش ..
ميت4 : ( يمسك الهيكل من يده ) تعالي اذاكر عليك عظام ده انت لقطة
عبد الدايم : الغلابة قلبهم حنين علي بعض .. سبحانه يحيي ويميت .. كلها
اسباب يابني .. مات صغير مات كبير كله ميت ميت ( ينظر
لمقبرة عبد العليم ) وكله مستني القيامة.. ياتري هتتفتحي امتي؟
بوابتك صدت من قلة حركتها
اظلام
المشهد الثاني
عبد الدايم ينفض التراب من علي المقابر ويرش ماء حول المدافن ويلمع
اسماء اليفط كانه سايس في جراج وليس تربي
عبد الدايم : يافتاح ياعليم يارزاق ياكريم .. ادينا بنلمع فيكي يمكن الفقر
يزول.. احدف علينا ميتين يارب.. ماتحرمناش من جنازات الخلق
ياكريم .. ارزقنا بجتة ولا اتنين .. بطننا نشفت والولية عدمت
شحاتة ولا بتجيب مية جنيه علي بعض .. ياحي ياقيوم .. ابعتلي
ميت كل يوم يافتاح ياعليم .. افتح مقبرة ابوعبد العليم .. يا قوي
يامتين اجبر خاطر الميتين ..
يدخل الاستاذ فكري مدرس التاريخ حزينا شاحب الوجه
عبد الدايم : استاذ فكري ابو العلا ؟ انت فين من زمن يا استاذ
فكري : ( ناظرا للمقبرة منكسرا ) في الدنيا
عبد الدايم : ( يلمع يافطة مقبرة عائلة ابو العلا ) ايه الي صحاك بدري كده لا
هو موسم ولا عيد .. ايه.. معندكش شغل انهارده
فكري : رفدوني بأمر عليوي
عبد الدايم : يبقي تعالي علم التلامذة هنا .. الغلابة اولي ببعضهم ..
فكري : ( يضع الكتب جانبا في يأس ) اجيبلهم دماغ منين تعلمهم
عبد الدايم : (يمد يد الجوزة له ) بسيطة .. خد اعملك دماغ واشتغل
فكري : خف عني يا عبد الدايم الحمل تقيل
عبد الدايم : روق روق .. تلاقيك عكيت الدنيا زي عادتك وزعلت الاسياد
فكري : هو الي يصلح في كتب التاريخ المزور يبقي كفر
عبد الدايم : طبعا .. انت ممكن تغلط وانت بتقرا قران عادي محدش هيكلمك
انما تغير في كتب التاريخ لا .. يكفروك ..
فكري : كله زور التاريخ .. من ايام الفراعنة وكل ملك ييجي يمحي
نقوش المعابد ويكتب التاريخ علي مزاجه لما التاريخ اتشوه ..
وبقي مسخ .. بس انا مش هسكت
عبد الدايم : يبقي لعنة الفراعنة مش هتسيبك .. ماتروحل لعلوي ابن عمك
يرجعك الشغل .. بيقولوا بقي حاجة كبيرة اكيد هينصفك
فكري : علوي هو الي رفدني .. مش بقولك اترفدت بأمر عليوي ..
عبد الدايم : خوزقوك يعني
فكري : يعني .. مابقتش تفرق .. الموت بقي ارحم .. ابويا وحشني قوي
عبد الدايم : ( يفتح له البوابة ويضع كرسي امامها ) فيك الخير .. هيفرح
قوي .. اقراله الفاتحة علي ماولعلك علي كوباية شاي
فكري : ( يتمتم بالفاتحة)
جثة ابيه داخل المقبرة تستنجد به ويضرب علي الجدران بألم وغضب
مكتوم .. فكري يهز راسه اسفا
فكري : ( يمسح علي وجهه ) امين .. موتوك وكتفوني من بعدك
عبد الدايم : ( ينظر لفكري بشجن) جالك في المنام
فكري : وتعبان في نومته
عبد الدايم : يبقي كلمه .. شوفه عايز منك ابه
فكري : تفتكر هيسمعني ؟
عبد الدايم : ( يشعل النار ويجهز الشاي) لو علي السمع هيسمع المهم يتكلم
وانت ابوك من يوم ماندفن عندنا مابيتكلمش ياسي فكري
فكري : اصله مات مكسور .. محسور علي ماله وابنه
عبد الدايم : ومين الي كسره وحسره؟
فكري : عمي .. وابن عمي .. ( يشير للبلد) عبد العظيم بيه ابو العلا ..
عبد الدايم : برضو ! مسيره جاي ماتقلقش .. محدش بيطول وكله جاي
لايدين عبد الدايم
فكري : ( للترب) أزيك يابا … سامحني مكسوف منك .. مقدرتش اجيب
حقك .. مالقتش قانون يجيبلي حقك .. ولا يحميني في شغلتي ..
رفدوني عشان بقول الحق .. وباصلح في الكتب كل الكلام الغلط
ماعلمتنيش القتل والسرقة ليه علشان ارد الي اتسرق واقتل الي
قتل .. ماعلمتنيش غير الاحترام وفاكره بيشفع للناس .. الاحترام
في البلد دي بقي عيبة وضعف وقلة قيمة يابا .. مابيوصلش لاخر
الشارع حتي .. مالقتش جثة اخويا لحد دلوقتي .. النيل مارضيش
يخرجه للبر وبلعه ليوم الدين .. عمي بيقول مالوش ذنب .. لكن
انا عارف انه هو الي وصله لكده .. وابن عمي بيقول بطل كلام
كتير علي شط النيل وبلاش تلم الخلق حواليك لاحبسك .. ماهو
ماشاء الله كبر وعلي وبقي حاجة كبيرة في البلد .. خد مكان
اخويا .. كسروا نفسه وحرموه من حلم حياته .. كبروا قوي يابا
وأهل البلد غاوية تصغر قدامهم .. هنعمل ايه .. لينا رب
والحساب عنده
عبد الدايم : هو اخوك مات غريق ولا انتحر ياسي فكري؟!
فكري : مات .. مات وبس ..
عبد الدايم : التربة هتقع علي سكانها … اهتموا بيها شوية
فكري : منين ؟ وكله راح علي مجايب الحق
عبد الدايم : الحق الي مابيجيش؟! هحيب شوية نجيلة من جوه وراجعلك
الميتين يتجمعون علي الكلمة تحت بقعة ضوء في انكسار
فكري عايشين .. اموات .. اموات عايشين .. ناس تحكم ناس .. ناس
شايلة الطين .. مين يجيب القيامة بأه ؟ مين ؟!
الميتين يتفرقون في يأس في استعراض تعبيري بينما فكري يمسك حديد تربة
عائلته وينام .. لحظات ويعود عبد الدايم
عبد الدايم : ياتري نمت ولا موت يا استاذ فكري ؟ مش فارقة ..ادي نومة
عبد الدايم يغطي فكري برداء كما الكفن ويحتضن الجوزة وينام امام المقبرة
بينما يظهر جورج ويراقب مايحدث في حزن
جورج : عايشين اموات .. اموات عايشين .. ناس تحكم ناس .. ناس
شايلة الطين .. وعجبي .. مابقتش عارف مين فينا الحي ومين
فينا المبث .. مين فينا المسجون ومين فيتا الحر .. حتي الظلم ..
مابيفرقش في الديانة
اظلام
المشهد الثالث
عبد الدايم امام المقبرة في يوم اخر وملابس اخري يبدو انه قد مر عام او اكثر
لحظات ويدخل رجل يبدو عليه القوة ويدخل مرتديا نظارة شمسية حوله رجال
امن يأمنون المكان
رجل : هي دي المقبرة .. زي الباشا ماوصفلي .. مشطولي المنطقة ..
فتشولي المدافن دي تربة تربة وميت ميت .. ومش عايز حد
يدخل طول ماحنا شغالين انتشروا يالا (ينظر لعبد الدايم) انت
ياراجل انت .. قوم كلمني
عبد الدايم : سيبيني انام شوية يام محمد .. سهران للصبح والحجر كان عال
الرجل : ام محمد مين يامسطول انت قوم فز
عبد الدايم : مين ؟ مباحث ! وربنا ياباشا انا بشد نجيلة بس .. ولا ليا في
الحشيش ولا المخدرات
الرجل : انت مسطول يالا .. شارب ايه انطق لاحبسك
عبد الدايم : وربنا ماشارب غير نجيلة .. انا التربي الي هنا ياباشا
الرجل : اه تربي .. طبيعي مادام دي ترب يبقي يلزمها تربي ..اسمك ايه
هبد الدايم : محسوبك عبد الدايم التربي مين جنابك
الرجل : مش مهم
عبد الدايم : وجاي في ايه يامش مهم بيه .. دفنة ولا سنوية ولا اربعين
الرجل : انت غلباوي ليه .. دي مقبرة الباشا الي هندفن فيها ؟
عبد الدايم : هو علوي بيه باشا مات ؟
الرجل : مات ؟ انت بتتمني موت الباشا ؟ انطق ..انت عميل ولا جماعات
ولا ملتك ايه؟
عبد الدايم : يامش مهم بيه انا بسال بس .. مش بتقول دي مقبرة الباشا
الرجل : انا قصدي يعني هي دي مقبرة عيلة الباشا؟
عبد الدايم : هي .. ودي ترب الغلابة من كفر ابو عمة .. ودي المجاري تحب
تاخد لفة وتشوف
الرجل : هتفرجني ع الهرم يعني .. اف اف اف .. ايه الريحة الزفت دي؟
عبد الدايم : ماقولنا المجاري … هتصلحوها ؟
الرجل : هنشوف هنشوف .. قولي هنا .. مين مدفون في ترب الباشا ؟
عبد الدايم : اتنين حزانا .. جده وعمه .. ايه ..هنفتح بابها اخيرا وهندفن حد
الرجل : تقريبا
عبد الدايم : تقريبا ؟! يعني فيه ميت ولا لا ؟
الرجل : فيه
عبد الدايم : راجل ولا ست بالصلا ع النبي
الرجل : راجل
عبد الدايم : كبير ولا صغير
الرجل : كبير
عبد الدايم : اول حرف من اسمه ايه ؟
الرجل : احنا هنلعب الفوازير؟ مفيش وقت انجز
عبد الدايم : مش لازم نعرف مواصفات الحتة الي هتندفن ياباشا ؟
الرجل : انت مالك انت هتناسبه .. اهو جاي يندفن وخلاص
عبد الدايم : طب حالا اجهز العدة .. الجنازة وراك مش كده
الرجل : لا الجنازة لسه بعد كام يوم
عبد الدايم : نعم ؟!!
الرجل : الجنازة بعد كام يوم
عبد الدايم : مش بتقول فيه ميت جاي
الرجل : ايوه الميت لسه هييجي بعد كام يوم
عبد الدايم : ودي عرفتها منين لا مؤاخذة ! عزرائيل قالك ولا لسه هتقتلوه
الرجل : انت شكلك متخلف وهتقرفنا بص انت ياتساعدنا وتخرس وتعمي
ياتخفي خالص لحد مانخلص شغلنا
عبد الدايم : لا ياباشا هساعد .. رجلي عارجة اه بس دماغي نوره واعجبك
الرجل : لا واضح
عبد الدايم : ايه المطلوب مني ؟
الرجل : تخرس
عبد الدايم : لا دي شغلانة سهلة ( يري الرجال خارجين من المقابر ) مين
دول وبيعملوا ايه في المدافن؟ دول ميتين عهدة الله يخرب بيوتكم
الرجل : ها لقيتوا حاجة ؟
الرجال : كله تمام يافندم الترب نضيفة والميتين ميتين
عبد الدايم : والمجاري طافحة .. قولوله
الرجل : اخرس انت .. يعني المكان نضيف؟
عبد الدايم : انتو جايين تقبضوا علي الميتين؟
الرجل : احنا بنأمن السكة .. مش يمكن يكون فيه حد لابد هنا وناوي
يعمل عملية ارهابية ولا حاجة ..
عبد الدايم : دول ميتين ياباشا
الرجل : ده مايمنعش اننا لازم ناخد الحذر .. دول ممكن يفجروا نفسهم
في الباشا وقت الزيارة .. ولا يتجمهروا عليه في مظاهرات
عبد الدايم : الميتين ؟!
الرجل : قولي فيه ميتين هنا من المعارضة او من الجماعات المتطرفة
عبد الدايم : لا والله كل امواتنا ناس كومل ومحترمين وفي حالهم
الرجل : ولا جثث متظاهرين او ناشطين سياسيين
عبد الدايم : هو فيه ايه ياباشا ماتقربلي في الكلام انا فهمي علي قدي هو
الميت مين ؟
الرجل : ابو الباشا .. (يمثل البكاء بشكل مفتعل للحطة) عبد العظيم بيه
تعيش انت
عبد الدايم : الله اكبر
الرجل : بتقول ايه ؟
عبد الدايم : لا قصدي .. لا حول ولا قوة الا بالله .. عبد العظيم مات ؟!!
مالحقش يتهني باليالي الملاح وضرب النار للصباح .. وده حصل
امتي
الرجل : هو ايه الي حصل ؟
عبد الدايم : ابو الباشا مات امتي؟
الرجل : مين الي قالك ؟انطق عرفت منين ان ابو الباشا مات؟ انت عميل
ولا جاسوس انطق؟
عبد الدايم : وربنا انت الي لسه قايل دلوقتي .. انت فاكرني ؟ انا التربي الي
لسه قايلك علي المجاري ..
الرجل : اه فعلا انا الي قولت .. عموما انا هقول كتير وهتسمع وتشوف
كتير بس كلمة تسمعها ولا حاجة تشوفها توصل للجرايد هحبسك
عبد الدايم : عيب ياباشا .. قولي ياباشا لامؤاخذة .. هو انت شربت من نجيلة
عطوة ؟
الرجل : ايه ؟
عبد الدايم : لا ولا حاجة .. والمطلوب ايه دلوقتي
الرجل : الترب دي لازم تجهز لاستقبال والد جنابه… تمانية واربعين
ساعة المكان ده لازم يبقي قصر .. شاليه .. جناح خمس نجوم
عبد الدايم : قصر ؟ هو جاي يندفن ولا جاي يصيف؟
الرجل : مش عايز غلبة .. انا عايز الترب في طرف 48 ساعة تبقي
بورتو سوخنة
عبد الدايم : و المجاري ياباشا ؟
الرجل : يخرب بيت المجاري الي ماسكلي فيها حاضر حاضر هنصلحها
عبد الدايم : والله وهتنضفي ياترب كفر ابو عمة
الرجل : الدفنة هيبقي لها مراسم علي اعلي مستوي وهيحضر الموكب
ناس مهمة من كل بلاد العالم.. ولازم المنظر يشرف الباشا .. انت بتتكلم لغات ؟
عبد الدايم : عندي ياباشا .. بتكلم هندي
الرجل : جميل ( ينظر لاسم مغاوري النقاش) مين جيران الباشا اصلهم
ايه وانتماءتهم الفكرية ايه
عبد الدايم : دي مدافن المرحوم مغاوري النقاش الله يرحمه كان احسن نقاش
ومليساتي فيكي ياكفر ابو مهيطل
الرجل : مغاوري النقاش ؟ وابو مهيطل .. لا لا شيلوا اليافطة دي من
هنا .. من انهارده المرحوم ده هيبقي اسمه مغاوري باشا النقاش
ومين ده ؟ غللوة القهوجي ؟ لا لا ده اسمه يتغير لغالي باشا
الفيشاوي.. جيران الباشا لازم يليقوا بمقامه
عبد الدايم : والله نولتها يامغاوري انت غللوة .. خدتوا البشوية وانتو ميتين
وهيدوس عتبتكم كبارات البلد .. قولي ياباشا هومات بصحته ولا
المرض هده ؟
الرجل : وانت مالك
عبد الدايم : لا مالي ازاي .. ده انا الي هدفن يعني لازم اعرف وزن الجتة
هشيله بايد واحدة ولا محتاج عدة ورجالة معايا .. المهنة ليها
اصولها لامؤاخذة
الرجل : ومين الي قالك انك هتلمس المرحوم
عبد الدايم : امال هتدفنوه ازاي لامؤاخذة .. هتجيبوا تربي
الرجل : غيرك .. هنجيب تربي غيرك .. نضيف متعقم .. وشه حلو
وريحته حلوة .. انت لو دفنت ميت وشك يدخله جهنم
عبد الدايم : جهنم ؟! ليه هو انا كنت عمله الردي ؟ .. لا ياباشا معلش ده
باب رزقي .. وعيبة تدخلوا عليا تربي في حتتي .. الميتين يقولوا عليا ايه ؟ مش مسيطر
الرجل : احنا هنجيب تربي من هيلتون رمسيس ( يعطيه فلوس)
عبد الدايم : لا كده يدخل ياباشا .. والعدة من عندي بس قولي المتوفي ميت
جعان ولا شبعان
الرجل : ميت شبعان طبعا ووزنه الله اكبر معدي المية كيلو
عبد الدايم : الله اكبر .. والنبي خسارة في تراب الارض ..
الرجل : يالا حركة .. شيلوا البوابة دي وارموها بره ..والرخام يحل محل
البياض المقشر ده..عايزها قصر خمس نجوم والاسفلت يتفرش
من مدخل البلد لباب المقبرة .. والطريق يتفرش ورد ابيض
واصفر .. مفيش وقت يالا .. ( ينظر للمقبرة) قولتلي مين الي
مدفون جوه
عبد الدايم : جد الباشا وعمه عبد العليم الله يرحمهم ويبشبش الطوبة الي
تحت دماغ واحد فيهم..
الرجل : اشمعني واحد يعني ليه مش الاتنين؟
عبد الدايم : والله معرفش بأه اسألهم عملوا ايه في دنيتهم ( يشير للمقبرة )
الرجل : ( بشكل خبيث مبتسما ) مفيش حريم ؟
عبد الدايم : عيب يابيه شايفني قرني قدامك
الرجل : قصدي يعني مفيش حريم مدفونة في مقبرة الباشا
عبد الدايم : هو فيه حريم بتموت ياباشا .. كل الترب رجالة تقريبا والحريم
مأبده في الدنيا
الرجل : لازم يكون فيه دور للمرأة شوفلنا جتة ولا اتنين ندفنهم مع
ابو الباشا .. يمكن يحتاج حد يطبخله يحميه .. يدلكه
عبد الدايم : هي موتة ولا اكتر ياباشا !!
الرجل : لا اكتر .. يالا اخرجوا الميتين دول من جوه لحد ماتشطبوا
عبد الدايم : حيلك يا اخينا رايح فين ؟ الميت ليه حرمته حرااام عليكم
الرجل : ( يعطيه مالا) الميت ليه حرمته وانت ليك فلوس
عبد الدايم : يخرج ياباشا .. يخرج ولو عايزيني اندفن مكانه من عنيا
الرجل : ايوه كده .. اقعد باه في حتة خلينا نشوف شغلنا
الرجال يعملون في همه .. بينما ام محمد تقوم وتفرك عينها
ام محمد : فيه ايه ياراجل مين دول ؟
عبد الدايم : دول رجالة الباشا جايين يجددوا المقبرة
ام محمد : يالهوي .. دول بيخرجوا جتت الميتين.. مش هتقول لسي الاستاذ
فكري يحضر نقل جتة ابوه ؟
عبد الدايم : احنا مالنا ياولية دول قرايب في بعض..همي انت وجهزي عدة
الشبعانين وانا هحمي الميتين وافرش الارض رمل دول هيصلحوا
المجاري ياولية .. وهيحطوا زفت وهتلعب معانا
ام محمد : ليه ياخويا هو المحافظ مات ؟
عبد الدايم : لا ياولية .. ابو الباشا ربنا يطول في عمره هو الي مات ..
والجنازة هتبقي حارة ..
ام محمد : الجنازة حارة ؟! ليه ياخويا هو الميت مين ؟
عبد الدايم : ابو الباشا يا ام مخ ضلم..
ام محمد تزغرد
اظلام
المشهد الرابع
العمال تجدد المقبرة بينما عبد الدايم يجلس علي مصطبة بجوارة جثتي ابو فكري وجده في كفن احدها ابيض والاخر بلون مختلف .. عبد الدايم يشد المعسل والاموات حوله في المقهي الوهمي يتابعون اعمال الانشاءات في المقبرة
عبد الدايم : هيه مادايم الا وجه الله .. منورين يا بشوات ياجدود الباشا ..
الرجل : هش .. صوت يابني
عبد الدايم : اسفين ياباشا .. هكتم اهو ( يشد انفاس ويكتم )
ميت4 : بيهدوا الترب علي دماغنا ؟
عبد الدايم : لا دول بيرمموها
ميت6 : دول طردوا اهاليهم من التربة
عبد الدايم : ايوه .. عشان بيرمموها
الشيخ فؤاد : المجاري سلكت والترب ريحتها بقت عنبر
عبد الدايم : ما قولنا .. بيرمموها
الشيخ فؤاد : خليهم يركبولنا سخن وساقع ياعبد الدايم
عبد الدايم : هيحصل وحياتك .. هيعملولكم بحر كمان وهتلعب معاكم
ميت مقهي1 : لا كده نلعب عشرة تانية ؟
ميت مقهي2 : العب (يرص طوب كانه دومنة)
الشيخ فؤاد : ( ينظر لجثتي جد ووالد فكري) بس ايه قلة الاصل دي .. هي
اهاليهم رخيصة كده عشان يرموهم الرمية دي..هما مابيتكلموش
زينا ليه ياعبد الدايم ؟ شوفهم ليكونوا ماتو
جورج : تفتكر لو كلمتهم عن مشكلتي ممكن ينقلوني لترب المسيحين
عبد الدايم : اسكت انت ليقولولك انت الي لابس هاتلنا رمل
جورج : لا خلاص سكت اهو
غلوة : ربنا ماقالش كده ابدا .. تربة دي ولا قصر
عبد الدايم : قصر يامعلم غلوة .. مش بقولك بيرمموها
غلوة : ( يقلب الشاي لزبائن القهوة الاموات ) انا مالي
مغاوري : مقاول النقاشة ده حرامي وبيسرق في المحارة والدهان
عبد الدايم : هو حد هيحاسبه ولا هيبص وراه ؟ كلها مجاملات للباشا .. لزوم
الصور والجرايد
ميت4 : محدش كتب عن موتنا خبر واحد في الجرايد.. قولهم يجيبوا
حقنا
عبد الدايم : تعني حقك لو جالك وانت ميت هيفرق كتير ؟ ما انت مين
جورج : ( شاردا) فعلا .. مانت ميت ميت
ميت6 : انضم للخلية السرية بتاعتنا واحنا نجيب الحق من عنيهم ..
الشيخ فؤاد : ابعد عنه ده مباحث
ميت6 : ( يختبيء خوفا) ابوس ايدك ياعم انا موت مرة
الشيخ فؤاد : شكله مغسل وضامن جنة ياعبد الدايم
عبد الدايم : (يصفق ومعه الاموات) وهتبقي بورتو سخنة
الجميع : وهتبقي بورتو سخنة
عبد الدايم : وهتبقي بورتو سخنة
يغنون بينما جورج ينظر للمقبرة وجثتي الجد وابو فكري بشرود
جورج : حتي الحزن مابيفرقش في الديانة .. ياخسارة ع الانسان
يدخل فكري ابن عم الباشا ثائرا فيتجمع الموتي في ترقب ويدخل رجب
المجنون بين الموتي فيرتعبون فزعا
رجب : عووووو .. العاركة هتحصل حالا
الشيخ فؤاد يووو هتوضي تاني
فكري : انتو بتعملوا ايه في ابويا وجدي
الرجل : انت الي مين ودخلت هنا ازاي .. انتو يابهايم يالي بره
الحراس يأتون بينما الموتي يقفون خلف عبد الدايم في رعب وترقب
الرجل : مين الي سمح له بالدخول انا مش قلت ممنوع حد يخش
الحارس : ده ابن عم الباشا الاستاذ فكري عبد العليم ابو العلا مدرس
التاريخ … سابقا
فكري : المرفود بامر عليوي .. ايوه انا ابن عبد العليم وابويا وجدودي
مدفونين هنا .. انتو بتهدوا المقبرة
الرجل : لا يافندم احنا بنجددها ..
عبد الدايم : ماقولنا بيرمموها
فكري : دلوقتي بس افتكرترب العيلة..
الرجل : والد الباشا الي هو عم حضرتك .. توفي ..والدفنة بعد يومين
فكري : ولا اعرف غير منك .. خاف يقولي ابوه مات لأدعي عليه ..
وطبعا جايين تجددوها عشان الصور تطلع حلوة في الجرايد ..
مش كده
الرجل : بالظبط .. ممكن تتفضل سيادتك ترتاح وتسيبنا نشوف
شغلنا .. مفيش وقت .. الدفنة فاضلها اربعة وعشرين ساعة
فكري : دفنة مين .. عمي عبد العظيم مش هيندفن فيها ..
الرجل : نعم يافندم ؟ بتقول ايه ؟
فكري : الي سمعته .. ابوه مش هيخش عتبتها .. دي وصية ابويا
الله يرحمه ولازم تتنفذ …
ينظر للترب ومكان مدفن ابيه الخالي من الداخل ويصعق
فكري : يانهار اسود ابويا فين ؟ جثة ابويا وجدي فين؟
عبد الدايم : بيرمموها .. تعالي يا ااستاذ فكري ابوك وجدك جنبي اهم
منورين
فكري : انتو ازاي تعملوا كده … انتو دينكم ايه ملتكم ايه قلوبكم ايه؟
الرجل : رخام يا باشا .. ماقولنا هيرمموها
الرجل : لا بص باه انا معنديش تعليمات بالتعامل معاك ماتقربش من
المقبرة بدل ماتعامل معاك رسمي..اتفضل امشي من هنا
فكري : انت الي هتلم رجالتك وتمشي من هنا حالا .. دي مدافن ابويا
والله العظيم لوديكم في داهية انتو والباشا بتاعكم
الرجل : هتعمل ايه يعني؟
فكري : ( يخرج محمول ويهم في التصوير ) هصور الجريمة الي
بتعملوها والصحافة هتشوف وتسمع الباشا بيعمل ايه في مقبرة
جدوده عشان يدفن ابوه الظالم الي سرق مالنا وموت ابويا بالحيا
الرجل لا كده صبري نفذ .. كتفوه جنب ابوه وجده
الرجال يكتفون فكري وسط صراخه والميتون يتكومون خلف عبد الدايم
ويفرون للمدافن
فكري : انا هوديكم في داهية .. انا هبلغ عنكم الامم المتحدة
عبد الدايم : تعالي ارتاح بس جنبي واقعد .. مفيش فايدة من الي بتعمله ..
اقرالك الفاتحة علي ابوك وجدك ولا ارصلك معايا حجرين
فكري ينظر له مستغيثا بينما الرجال يكممون فمه ويزوم وهو مكمم
عبد الدايم : يبقي ارصلك معايا حجرين .. ولعة يام محمد وحشيلنا نجيلة من
قدام تربة عطوة .. الزباين هتكتر الليلة وليلتنا فل
اظلام
المشهد الخامس
عبد الدايم يجلس مكانه امام المقبرة حوله الموتي يدخن النجيلة امامه لفة اكل وعلي مقربة منه حارس مجند يحمي المقبرة التي قاربت من التجديد وجثتي عم وجد الباشا محبوستين خلف اسوار مقبرة ابو العلا
عبد التواب : ( كأنه مرشح مجلس نواب) ووقفت قصادهم لوحدي .. وصرخت
فيهم بعلو حسي.. رجعوا فكري وصلحوا المجاري
الجميع : بطل ياعبد الدايم واد مجدغ صحيح
ميت6 : اكيد عذبوك انا عارفهم
غلوة : كمل ياعبد الدايم وايه الي حصل.. سابوه؟
عبد الدايم : سابوا مين ده انا ركبي هي الي سابت
الجميع : ايه ؟
عبد الدايم : لا قصدي يعني .. اه .. بس ياعم وماسكتلوش .. قالي هسجنك..
قولتله السجن للجدعان قالي هموتك .. قولتله انا ميت ميت وكل
اصحابي ميتين .. راح لاويني من الايد الي بتوجعني وقالي هنفتح
الترب وهنلم كل الميتين في البوكس.. قلت لا.. الا اهلي واصحابي
وحبايبي والمجتمع والناس .. وجيبت ورا طوالي علشان احميكم
اه .. مانتو حبايبي ولايمكن ارضالكم الاذي
الشيخ فؤاد : اصيل ياعبد الدايم .. بارك الله فيك هو ده عشمنا فيك من زمان
( ينظر للفة الطعام ) الا ايه اللفة دي ياعبد الدايم دي ريحتها
كباب وكفتة ( يبلع ريقه ) ودي طعمها ايه ؟
عبد الدايم : هستطعم واقولك ياشيخ فؤاد
الشيخ فؤاد : هيه ( يضع يده علي الطعام) كل من عليها فان ياعبد الدايم
عبد الدايم : (يضمها لجانبه) عندك حق والله .. ماحدش واخد منها حاجة
الحارس : انت بتكلم مين ياجدع انت ؟
عبد الدايم : ولا نطقت وحياتك
ميت4 : علي فكرة هو مش شايفنا اصلا .. بس حاسس بينا
عبد الدايم : سيبوكم منه .. ده شكله مسطول .. المهم اطمنوا
مغاوري : بس كده ياخوانا الموضوع مايطمنش ده خرج عمه وجده من
دفنتهم وماراعاش حرمة الميتين .. امال هيعمل فينا احنا ايه
عبد الدايم : امال لو عرفتوا الي حصل لفكري ابن عمه
الجميع : حصله ايه؟
عبد الدايم : نفخوه طبعا .. راح ورا الشمس ومحدش عارفله طريق
ميت5 : يانهار اسود ورا الشمس ؟ عادي انا ممكن اترافع عنه واجيبه
قدام الشمس عادي
عبد الدايم : ياخويا اتنيل كان الميت نفع نفسه .. انت لو فتحت بوقك هتنفخ
علي المنفاخ الي جنبه ورا الشمس
ميت4 : ورا الشمس ؟
عبد الدايم : اه وربنا ورا الشمس بس جده وابوه رجعوا المقبرة تاني بعد ما
الجميع : رمموها
عبد الدايم : شاطرين
الحارس : ياجدع انا خدت بالي المرة دي انت بتكلم حد
عبد الدايم : اه ده كلمتين كده مع نفسي افتكرت حاجة
الحارس : انا عارف انها ليلة مش فايتة
العم والجد في مقبرة ابو العلا يضربون الحارس من خلال بوابة المقبرة
الحارس : سلام قول من رب رحيم
ميت6 : ورا الشمس اتملي علي اخره..
عبد الدايم : هما دول هيغلبوا .. دول عندهم بدل الشمس عشرة
ميت6 : وهنعمل ايه في البلوة الي جاية دي .. انا ليا ملف عندهم ..ولو
عرفوا اني مدفون هنا ممكن اتشد ورا الشمس
عبد الدايم : انت ايه الي طلعك من المخبأ بس .. الحتة ملبشة مخبرين
ميت6 : ربنا يقل منهم
ميت4 : ( ينظر لجثث المقبرة) البرد كده هينشف جتتهم و ممكن يجيلهم
برد
عبد الدايم : احنا مالنا .. اهاليهم وهما احرار فيهم
الحارس : انت بتكلم مين ياجدع انت فهمني ومين الي بيضربني كل شوية
عبد الدايم : لا ماتاخودش في بالك يادفعة ده انا باخد وأدي مع نفسي كده
عشان الليل يعدي .. تيجي تضرب معايا وتشدلك حجرين؟
الحارس : لا …
العم والجد يضربانه علي قفاه من خلال بوابة المقبرة
الحارس : اي
عبد الدايم : قوموا انتو ناموا وعلي موبيلات بأه
يقوم الموتي
جورج : ارجوك ياعبد الدايم عايز اغير الترب انا مسيحي وجاي هنا غلط
وتعبت من المشاوير .. كلملي الباشا
عبد الدايم : انت جاي بعد مارمموها وعايز تسيبها يابني اقعد ده الموتة جنب
البشاوات عزوة وسند
جورج : رمموها جرفوها هي موتة ودية موتة .. لا الموت ولا الظلم ولا
الحزن بيفرق في الديانة .. يبقي علي الاقل اندفن مطرح مانا
عايز وانا مش هرتاح الا في ترب اهلي .. ارجوك..
عبد الدايم : من عنيا .. خد باه انت الي لابس هاتلي حتتين حطب من مدافن
عمك فحمة في اخر الترب ع الناصية
جورج : يوووو انا تعبت باه ..
عبد الدايم : شكلك مش عايز تروح لاهلك .. براحتك
جورج : لا خلاص عايز عايز .. هروح اجيب … بس قولي .. فيه هناك
عفاريت ..
عبد الدايم : لا مفيش بني ادمين هنا غيري ماتقلقش وغفير عدمان
جورج : حاضر ..امري لله .. يعني اسلم يعني عشان ارتاح من المشاوير
عبد الدايم : ياتري انت فين يافكري بيه ؟ عملوا فيك ايه ؟ نفخوك علي كام
ياغلبان
جد ووالد فكري يضربان الحارس ضربه قوية
الحارس : اي
عبد الدايم : يارجب ..
يدخل رجب المجنون
رجب : انا جيت … فوووو
عبد الدايم : روق الغفير لاحسن قعدته طولت وكاتم علي انفاسنا
رجب : من عنيا ..
رجب ينغز الحارس ويلاعبه حتي يخاف
الحارس : ( يجري خائفا ) الحقيني ياما
عبد الدايم : ( يشد الدخان ) ابقي سلملي علي مش مهم بيه .. (ينظر للعم
والجد) انا عارف انكم نفسكم تتكلموا ومش عارفين .. كلها
ساعات ويجيلكم عبد العظيم .. وتخلصوا تاركم منه .. والغلابة
دول ليهم رب .. وحدووووه ..
الموتي : لا اله الا الله
تدخل ام محمد يرتعب ميت1 ويجري
ام محمد الله : يخيبك راجل .. تلاقيه راح يجيب نجيلة يشربها تاني … توب
عليا يارب .. ( تلمح الطعام) اكل ؟ كباب وكفتة ؟ القيامة قامت
ولا ايه ( تأكل بنهم)
اظلام
المشهد السادس
تدخل جنازة حارة من الصالة علي انغام موسيقي رقصة التابون الافريقية
الشهيرة والميت محمول علي اكتاف رجال يرتدون حلة كاملة يرقصون ..
الرقصة الشعيرة وعبد الدايم يرتدي حلة سوداء بيده الجوزة بدلا يتمايل مع
الموسيقي .. الموتي يربطون جرافتات علي اكفانهم كانها حفلة بينما مغاوري
يقف بجوار مدفنه كما الباشا يلمع يافطة اسمه الجديد مغاوري باشا النقاش ..
يدخل طاقم خدمة ب(يونيفورم ) يحمل المتوفي للمقبرة التي تزينت كما مقبرة
فرعونية عليها نقوش..علوي باشا يتقبل العزاء من رجال كباربجنسيات مختلفة
والكاميرات تصوره مع المقبرة والنقوش الفرعونية الموتي يقفون خلفه دون
ان يشعر بهم احد يحاولون التقاط سيلفي
رجب : كله يقول موووووت
الموتي يلتقطون صورة ويجرون فجاة من اثر دخول حارس يدفع بمنصة
لعلوي باشا ليخطب
علوي : أيها الإخوة والأخوات ان الكوبري الجديد سينقل البلاد نقلة
حضارية كبيرة
الرجل : ( بهمس ) يافندم .. ده مش افتتاح دي جنازة المرحوم والدك
علوي : اه افتكرت.. سعيكم مشكور ياجماعة.. الحزن رغم قوته لكن ده
مش هيمنعني عن خدمة البلد..خدمة البلد في دمي وابوبا
وصاني عليها ووصيته والوصية امانة ( بهمس) اخبار فكري
ايه ؟
الرجل : في امان ياباشا
علوي : مش عايزه ينطق بكلمة أنا لسه برستق وضعي في البلد
الرجل : ماتقلقش جنابك .. محدش هيعرفله طريق ولايسمعله خبر طول
ماجنابك في السلطة
علوي : ( بثقة وغرور ) تمام .. يبقي هيخرس كتير قوي
عبد الدايم : اتصور مع الباشا .. واحدة سيلفي ياباشا
الرجل : ابعد يابني .. ابعدوه عن الباشا
الباشا يخرج في موكبه وتلاحقه كاميرات التصوير ويترك عبد الدايم وحده مع
حارس المقبرة
عبد الدايم : ياباشا انا مستحمي .. وربنا ما هوسخك .. مسيرك تجيلي
وهكرمك اخر كرم .. (الكل يخرج ويقف عسكري حراسة علي
المكان) ياباشا .. الدنيا يوم ياباشا .. اعمل حاجة لأخرتك ..
(ينظر للحارس الذي يمنعه عن الباشا )
عبد الدايم : انتو بتحرسوا الميتين ليه ؟
الحارس : التعليمات كده
عبد الدايم : التعلي ايه؟
الحارس : التعلي مااااات … مات
عبد الدايم : اه .. الله يرحمه
اظلام
المشهد الاخير
عبد العظيم في الكفن امام عبد العليم داخل المقبرة وبداخلها صورة ابن عبد
العظيم ( علوي ) والجد يجلس جانبا حزينا ممسكا راسه متحسرا بينما عبد
الدايم يشد انفاس الجوزة والنجيلة بينهم ويتفرج علي المشاجرة
عبد العليم : انت ايه الي جابك هنا أنا قلت مش عايز اشوف وشك حي وميت
عبد العظيم : اوعي ايدك ابني يحبسك .. المقبرة ورثي زي ماهي ورثك ..
وليا فيها نومة زي نومتك بالظبط .. ماتتكلم يابا
الجد : حسبي الله ونعم الوكيل
عبد العظيم : اهو قالك اهو
عبد الدايم : ايوه بأه خلي المقبرة يطلع لها حس كده اديله ماترحموش
عبد العليم : بالذمة .. ليك عين تقف قدامي بعد الي عملته
عبد العظيم : ليه انت كاسر عيني عملت فيك ايه يعني
عبد العليم : انت نهبت ارضي وموتني بحسرتي
عبد العظيم : بس دفنتك في قصر مش طربة .. ( يقشر موزة من طبق فاكهة)
تاكل موز
عبد العليم : بكره ملايكة الحساب تيجي وتجيب حقي وحق كل الي مدفونبن
حواليك
عبد العظيم : انت هتشيلني ذنب الي ماتوا كلهم .. أنا مالي
عبد العليم : اديك فلوس تدخل ابني الميري تدخل ابنك انت وتحسر ابني
ويموت مقهور
عبد العظيم : ارزاق يا اخي .. رزق ابني وقدر ابنك ..
عبد العليم : منك لله ياحرامي ياقاتل … موتني مقهور علي مالي وابني
وجاي تقرفني في موتي كمان
عبد العظيم : لم لسانك ياعبد العليم
عبد العليم : وان مالمتش لساني هتعمل ايه ياعبد العظيم
عبد العظيم : ماتتكلم يابا
الجد : حسبي الله ونعم الوكيل
عبد الدايم : ياجماعة مش كده دي اول ليلة امال هتعملوا ايه ليوم الدين
عبد العليم : الراجل الضلالي ده مش هايبات فيها
عبد العظيم : لا معلش باه أنا مدفون في ملكي
عبد العليم : ايه الرخامة دي
عبد العظيم : ( يتحسس الرخام وصورة ابنه ) لا ده رخام نمرة واحد وفسقية
في المدخل انت اتعملك دفنة زي دفتني؟ ولا عندك فسقية زي
فسقيتي .. طب جابولك موز ؟
عبد العليم : ليه هو أنا حرامي ونصاب
عبد العظيم : هتغلط تاني يا عبد العليم؟
عبد العليم : ايوه هغلط يا عبد العظيم
الموتي يلتفون حول المقبرة يتفرجون في زحام وترقب بينما الظل الاسود
يتحرك بين المدافن
الموتي : هو فيه ايه مش عارفين ننام
عبد الدايم : قلقتوا الاموات في نومتهم .. انت داوشنا حي وميت
عبد العظيم : اطلع منها انت ياتربي
عبد العليم : طلعنا منها ..اولعوا في بعض
عبد العليم : ارضي البحرية وديتها فين ياعبد العظيم
عبد العظبم : بعتها ياعبد العليم.. اتبط وموت تاني
عبد العليم : فلوسي وديتها فين ياعبد العظيم
عبد العظيم : خدتها وصرفتها علي كيفي انكاد ياعبد العظيم
عبد العليم : هتروح من ربنا فين
عبد العظيم : ابني جابلي وزرا وشيوخ وصلي عليا مئة ألف ودعولي وربنا
غفور رحيم
الجد : حسبي الله ونعم الوكيل
صوت ضربة قوية وبوق عالي في السماء الكل يشهق وينظر له مع سقوط
صورة علوي من باب المقبرة علي الارض
عبد العظيم : ( برعب ) ابني .. جري ايه يابلد .. ابني الي بيحميكي يابلد
الموتي : فيه ايه؟
عبد الدايم : ابدا .. ده جه وقت الحساب .. البلد بتغلي ع العايشين
والحساب حضر ياميتين
عبد العظيم : ( برعب يتراجع للمقبرة ) أنا ابني مسئول كبير..
عبد العليم : وأنا ابني راح مني
الجد : لمن الملك اليوم ؟
عبد الدايم : لله الواحد القهار ..
تفتح طاقة نور امام اعين الجميع وظلال جيشين من الملائكة والشياطين تهجم
ويتجمد المشهد عدا عبد الدايم الذي يسير بين تماثيل الموتي الذين يتلاشون
تدريجيا حتي يختفوا من المسرح
عبد الدايم : النجيلة خلصت .. هتوحشوني يا !! هما كانوا عايشين اموات ؟
ولا اموات عايشين ؟! ياتري مين .. رايح علي فين .. الله اعلم
( للجمهور) حد عمل حساب لليوم ده ؟
يختفي الموتي من راس عبد الدايم وهو يحاول يشد الحجر دون فائدة
عبد الدايم : استني ماتموتش انت كمان قبل ما اشوف هيحصل ايه .. نفسين
كمان خلي عندك دم .. ( بيأس ) مات الحجر
يختفي الموتي تماما ويبقي عبد الدايم مع الجوزة والحارس فقط نائما بينما
يعلو صوت طلق ناري وسيارات اسعاف ويدخل فكري فرحا ممسكا كتبه
فكري : قيامتهم قامت ياعبد الدايم ومش قاعدة .. التاريخ بينكتب الليلة
عبد الدايم : اقعد انت وشدلك حجرين .. بكره يمسحوه
فكري : بقولك علوي وقع ياعبد الدايم .. سامعني .. وقع ( يخرج مسرعا)
عبد الدايم : مادايم الا وجهه.. الحجر خلص بدري الليلة .. ماعرفتش ايه الي
جري ( للحارس النائم ) تفتكر هيحصل ايه يا اخينا ؟ انت نمت
ولاموت زيهم ؟! مابقتش تفرق .. عايشين اموات ولا اموات
عايشين .. نام .. او موت .. ولا تفرق معاهم ( بفمه) بففففففففف
يظلم المسرح للحظات و يعود لنفس المشهد الافتتاحي للعرض ويعلو صوت
الرقص والطبل من بعيد ويرتعش نور العمود ويدخل عبد الدايم كما الافتتاحية
عبد الدايم : وحدوه .. ( ليافطة مدافن مغاوري النقاش ) مساء الفل يامعلم
مغاوري ( ينظر لمدافن غلوة القهوجي ) مساء الورد يامعلم
غلوة ..عم شحتة .. هتشرب معايا ولا بطلت ؟ اه بطلت .. صدرك
لسه بينقح عليك ؟ ( ينظر لمقبرة اولاد ابو العلا ) كل من عليها
فان .. كله جي لعبد الدايم في معاده .. غفير وزير .. كله جاي ..
مفيش عزيز علي الموت ولا ناس اتخلقت من طين .. وناس من
عجوة .. (صوت مزمار ياتي من البلد ) ارقصي يابلد ارقصي
وهزي وسطك ككحش وسطك بلد .. ( يشد انفاس من الجوزة )
تدخل ام محمد تجر شوالا كما المشهد الاول
ام محمد : انت لسه بتكلم الميتين ياراجل
عبد الدايم : وبطلوا يردوا خلاص .. ايه الي اخرك كده ياولية
ام محمد : جبتلك خيرات ربنا من دوار عبد النعيم
عبد الدايم : هي الدوشة دي كلها من دوار عبد النعيم ؟
ام محمد : امال .. بيقولوا ابنه بقي حاجة كبيرة قوي في البلد
عبد الدايم : ( ينظر للمدافن ) قوم يااخينا .. لم فرشتك واجهز للنومة الجديدة
الحارس : فين ؟
عبد الدايم عند المقبرة الجديدة .. مقبرة ولاد عبد النعيم .
ستارة
اموات لكن بنحس
ونجوع ونتعري
عايشين ومالناش حس
بس الحياة مرة
صابرين ماقولناس لا
ساكتين ماجلناش حق
كفن المرار انشق
بس النفوس حرة
اموات لكن بنحس
ونجوع ونتعري
ولا موتنا زي الناس
ولا عشنا بالمرة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ احمد البنا ـــ