المورخ والناقد سمير حنفي محمود يكتب: عبد الوارث عسر.. حين نظمت إدارة الدعوة والإرشاد مسابقة فى التأليف المسرحى! “الحلقة الثالثة”

المسرح نيوز ـ القاهرة | سمير حنفي محمود*

مؤرخ وناقد مسرحي مصري “

ـ

عبد الوارث عسر

إدارة الدعوة والإرشاد تنظم مسابقة فى التأليف المسرحى

عصر من الفن (3)

———-

عبد الوارث عسر ودوره فى تطوير المسرح المدرسى:  لعب عبد الوارث عسر دوراً هاماً فى تطوير المسرح المدرسى، وذلك فى أربعينيات القرن العشرين، وكان محمود مراد قد بدأ نشاطه بتنشيط المسرح المدرسى، وأقام مسرحاً خاصاً وفرقة مسرحية بالمدرسة الخديوية، وقام محمود مراد بعدعودته من أوربا بدعوة عبد الوارث عسر بمساعدته فى تنشيط المسرح المدرسى، وأتبع عبد الوارث أسلوباً جديداً، حيثُ جعل طلبة البكالوريا بمدرسة التوفيقية، يمثلون الرواية المقررة عليهم باللغة الأنجليزية، باللغة العربية، كى ترسخ الرواية فى أذهانهم، ويجمع بين النشاط المسرحى والتعليمى، ولكنه صادف مشكلة، إذ أصدر وزير المعارف فى ذلك الوقت، قراراً بعدم الأستعانة بالممثلات المحترفات من خارج المدرسة، وعدم السماح للطالبات بالأشتراك فى النشاط المسرحى، وكان من المقرر أن يقدم رواية تاجر البندقية لوليم شكسبير، فلجأ للأستعانه بطالبين ليقوموا بأدوار الطالبات، وعرضت المسرحية على دار الأوبرا وشاهدها الوزير، وبين الفصول طلب الوزير مقابلته، ولامه على اشراك طالبتين، فى العرض، مخالفاً بهذا اللوائح، لكن عبد الوارث أفهمه أن هاتان الطالبتين، ماهما إلا طالبين يقدمون أدوار نسائية، واستطاع أن يقنع الوزير بالحضور معه للكواليس لتهنيئة الطلاب على ادائهم فى المسرحية، ونجحت التجربة، وتمت أعادتها فى مدرستى السعيدية، والأبراهمية، وكانت الحفلات المدرسية تقدم حفلاتها بتذاكر تباع فى شباك التذاكر، فكانت التذاكر تنفذ عن اخرها.

رأى عبد الوارث عسر فى نجاح ميلودرامات يوسف وهبى: يرى عبد الوارث عسر أن نجاح يوسف وهبى فى ميلودرامته يرجع إلى ذكاء يوسف وهبى، الذى أستطاع أن يدرك حاجة الناس، لشخصية البطل، وبما أن الرقابة، والحكومة ترفض فكرة البطل القومى، فقد أختار لهم البطل الأجتماعى، من خلال صراعاته الميلودرامية، المبالغ فيها، وأقترابه من قضايا ومشكل الشارع المصرى، فكتب على سبيل المثال، مسرحيتى أولاد الفقرا، وأولاد الذوات، وبيومى افندى، وحولهما لأفلام بعد ذلك، ويذكر معلومه أختلف فيها الكثيرون، وهى أن مكان مسرح رمسيس الحقيقى، هو المسرح الذى يحمل أسم الريحانى، ويرجع عبد الوارث عسر لفرقة يوسف وهبى، الفرصة على بدء ظهور عدد من الممثلات، بدأن طريقهن فى التمثيل، وقامت على موهبتهم نهضة مسرحية وفنية كبيرة، ويذكر منهن، أمينة رزق التى مثلت دور البطولة فى مسرحية الذبائح، وهى فى السادسة عشر فى عمرها، وزينب صدقى، ومارى منصور، وفردوس حسن، وفاطمه رشدى، بالأضافة إلى روزاليوسف، ومن أعضاء فرقة رمسيس، حسين رياض، فاخر فاخر، عباس فارس، مختار عثمان.

رأى عبد الوارث عسر فى نجاح نجيب الريحانى: يرى أن السبب الرئيسى أنه أضحك الناس فى الوقت الذى ذادت فيه همومهم، كما أن أفلامه ومسرحياته تعاطفت مع فئات الشعب المختلفة، لكن هناك سبب هام هام ورئيسى، وهو ألحان سيد درويش التى كانت تغنى لكل فئات الشعب.

إدارة الدعوه والأرشاد تنظم مسابقة فى النصوص المسرحية: ويذكر عبد الوارث عسر،  أن وزارة الأرشاد والدعوة، كانت تابعه لوزارة الشئون الأجتماعية، وكان يرأسها شاب هو محمود الشريف (فى فترة الأربعينيات من القرن العشرين) قررت تنظيم مسابقة، يشرف عليها لجنة من الأدباء الممثلين، وكان من بينهم، عبد الوارث عسر، وأحمد كامل مرسى، وآخرين، وكان هناك سكرتير للجنة، يقرأ الروايات، ويستبعد منها مالا يصلح، وبالفعل كان هناك نصوص جيدة، لكنها تفتقد لبعض الجوانب الدرامية، والفنية، فكانت اللجنة تستدعى صاحب النص، وتشرح له عوامل النقص، وتطلب منه إعادة كتابته وتعديله، وبعض النصوص التى عالجت عيوبها، نالت جوائز.

شهادته على المسرح قديما: ويذكر عبد الوارث عسر ملاحظة هامة، أن كل العناصر من مؤلفين وملحنين، وصناع ومصممى ديكور، كلهم كانوا مجندين لأنجاح العرض المسرحى منذ أيام الشيخ سلامة حجازى، حتى سقوط فرقة عكاشة، فقد كان صناع المسرح وعلى رأسهم الشيخ سلامة حجازى يتبارون فى أنجاح العرض المسرحى، فكانوا يستحضرون المتخصصين فى الديكورات، والأكسسورات من الخارج، وكان يدعمهم عمال وفنيين مصريين، يتعلمون منهم، وكان المؤلفين والمترجمين يتبارون فى تأليف أو تعريب خلاصة الفكر المسرحى العالمى، ويضرب مثالاً لأظهار امكانيات المسرح القديم بمسرحية شمششون، الأوبريت التى قدمتها فرقة عكاشة، بأنه فى مشهد النهاية، الخاص بهدم المعبد، كان المعبد كله يقع، وهو مصنوع من الكارتون، لكن المؤثرات الصوتية، مع الأضاءة، كانا يُشعرا المتفرج بأن حجارة تقع، حتى أن بعض المتفرجين يصيبهم الخوف، ويشيد بأن المخرج فى المسرحيات القديمة، كان يتناول العناصر التاريخية والأجتماعية للعمل المسرحى، وكان عادة يتولى الأخراج الممثلين القدماء،

بدايات عبد الوارث عسر مع السينما: جذبت السينما المصرية عبد الوارث عسر أليها، منذ مرحلة السينما الصامته، وارتبط بشكل عام من الأفلام التى أخرجها محمد كريم، وأشترك بشكل عام فى كل أفلام محمد عبد الوهاب، بأستثناء فيلمه الأول، الورده البيضاء عام ، وفى عام 1935 أشترك مع محمد عبد الوهاب ونجاة على، وسليمان نجيب، فى فيلم دموع الحب، المأخوذ عن قصة اسمها تحت ظلال الزيزفون وهذه الرواية قام بتعريبها الأديب المصري مصطفى لطفي المنفلوطي عن قصة ماجدولين للكاتب الألمانى ألفونس كار، وتم تصوير الفيلم بفرنسا، ويقول عبد الوارث أنه استبعد ليلى مراد من الفيلم، لأن الدور كان لا يصلح لها، وأختار بدلاً منها وجه جديد هو نجاة على، مع سعاد فخرى، ومحمد توفيق وهبى، وعبد الوارث عسر، وسليمان نجيب، ثم فى فيلم يحيا الحب عام 1937، حيث شارك الفيلم مع محمد عبد الوهاب، وليلى مراد، وزوزو نبيل، بشارة واكيم ومحمد عبد القدوس، وفيلم يوم سعيد 1939، مع سميحة سميح، وفاتن حمامة، وعلوية جميل، وفؤاد شفيق، وفردوس محمد، كذلك فيلم ممنوع الحب 1942، ورصاصة فى القلب 1942، ولست ملاكاً 1946، وغزل البنات 1949.

أول سيناريو سينمائى له:  قام أستديو مصر بتحويل مسرحية أنقاذ ما يمكن أنقاذة والتى قدمتها جمعية أنصار التمثيل، والتى أقتبسها عبد الوارث عسر، عن رواية  spring cleaning  للكاتب الألمانى فريدريك لورانس، بالأشتراك مع سليمان نجيب، وتقديمها كفيلم بأسم ، الحل الأخير، ويعترض عبد الوارث فى البداية، لكن بتشجيع سليمان نجيب بدأ عبد الوارث عسر بالأشتراك مع سليمان نجيب ، فى تحويل العمل من مسرحية إلى فيلم سينمائى، قام ببطولته سليمان نجيب ، وراقيه أبراهيم، وأمينه (ميمى) شكيب، وسراج منير وعبد الوارث عسر، وبديعه مصابنى، وأنور وجدى، وأعضاء جمعية أنصار التمثيل، والغريب أن هذا الفيلم تم تسجيله كثانى فيلم من أنتاج أستوديو مصر، بعد فيلم وداد، لأم كلثوم، وحقق أيرادات أعلى من أيرادات فيلم أم كلثوم.

كتابة السيناريو: أحترف عبد الوارث عسر بعد ذلك كتابة السيناريو، وكان يشترك أحياناً مع سليمان نجيب فى كتابة السيناريوهات، أو يكتبها وحده، فكتب سيناريوهات لعدد كبير من الأفلام نذكر منها، الحل الأخير، الدكتور، أخيراً أتجوزت، وبدأ منذ فيلم ممنوع الحب، لمحمد عبد الوهاب، مرحلة جديدة حيث أشترك بعدها فى كل أفلام محمد عبد الوهاب، وتشارك مع محمد كريم فى وضع معظم سيناريوهات الأفلام، يوم سعيد، أصحاب السعادة، لست ملاكاً، ، كذلك كتب قصة عايده لأم كلثوم 1942، ونال جائزة أحسن سيناريو عن فيلم  جنون الحب، كما كتب أفلام، البيت الكبير، وأعاد كتابة سيناريو فيلم زينب عندما أُعيد أنتاجها كفيلم ناطق، وفى هذا الفيلم، قد بتحويل بطل القصة من شاب صغير، إلى رجل كبير، وأضاف شخصية سلامة، التى قام هو بتمثيلها، وقد نال هذا أعجاب مؤلف القصة، محمد حسين هيكل، وكان عبد الوارث عسر من ضمن لجنة تتعاون مع المنتج السينمائى رمسيس نجيب، هو و أحمد بدرخان، ومحمد كريم، وأحسان عبد القدوس، لتقييم وتعديل السيناريوهات قبل أنتاجها.

علم التجويد وعلم الصوتيات وفن الألقاء: درك عبدأمتاز عبد الوارث  أمتاز عبد الوارث عسر بأنه كان دائم البحث عن الجديد، دائم التطوير، وأدرك أن الألقاء أحد الفنون الهامة التى لابد أن يجيدها الممثل، لهذا قرر وبمجهوده الخاص من دراسة هذا الفن، فأحضر كتب علم التجويد التى كانت تدرس بالأزهر، وبدأ يدرس الوقفات ورد الصوت، والأنقلاب بالحروف، وكان يلخص كل ما يقرأ، ويحاول تطبيقه على النصوص المسرحية العالمية، والكلاسيكية، ووضع كتاب فن اللقاء، طبعته الهيئة العامة للكتاب، بدأ عبد الوارث تدريس هذا الفن فى جمعية أنصار التمثيل، ثم عاد محمود حافظ من بعثته بأوربا لدراسة الموسيقى، وقرر أنشاء معهد لدرسة الصوتيات، وطلب من عبد الوارث تدريس مادة الألقاء فى المعهد، وأستفاد عبد الوارث من تدريس فن الألقاء بالمعهد الموسيقى، لأنه أستفاد من المقامات الموسيقية التى تعلمها هو الآخر، فى تدعيم مفهومه لفن اللقاء، وهو ما مهد له بعد ذلك تدريس تلك المادة بمعهد السينما، كذلك بكلية الأعلام، حتى أعتذر فى الأيام الأخيرة، بسبب سؤ حالته الصحية.     

عبد الورث عسر ودوره فى معهد السينما:  عند أنشاء معهد السينما عام 1959 عرضوا على محمد كريم أن يتولى عمادتها، وكان لعبد الوارث عسر دور كبير فى أقناع محمد كريم بقبول العمادة، وعرض محمد كريم على عبد الوارث أن يأتى معه كوكيل للمعهد، لكن عبد الوارث عسر رفض، لأنه لا يصح أن يكون الرئيس والوكيل فنانين، فالأفضل طالما أن الرئيس فنان، فالوكيل لابد أن يكون أدارياً لضبط العناصر الإدارية، وعلى هذا الأساس تم تعيين محمد كريم كعميد للمعهد، وتم تعيين عبد الوارث عسر كمدرس للألقاء فى المعهد.

النقابات الفنية: فى منتصف الخمسينات، طلب منه على صبرى الذى كان رئيساً للأتحاد الأشتراكى، وهو ما يشبه الحزب الحاكم الوحيد الآن، أن يتولى رئاسة النقابات الفنية (السينما، الممثلين، الموسيقيين) لحين أجراء أنتخابات جديده، لكنه أعتذر قائلاً لو فعلت ذلك لقادونى لك متهم بعد شهر، بتهمة لن أستطيع الخروج منها، وأقترح أن تشكل لجنة فى كل نقابة، تقوم بتصفية القوائم، وشطب كل المدعيين، وأعداد قوائم جديدة نهائية، على أن لا يسجل بعد ذلك إلا خريجى المعاهد الفنية.

أنجازاته الفنية فى التمثيل: من الصعب أحصاء ما يقرب من 300 عمل فى مختلف المجالات الفنية، فبجانب ما ذكرناه، نذكر على سبيل المثال لا الحصر أفلام، الوسادة الخالية، 1957، من إخراج صلاح أبو سيف، شباب امرأة 1956 لصلاح أبو سيف، صراع في الوادي  1954 ليوسف شاهين، الرسالة  1977 لمصطفى العقاد،  و البؤساء  1979 لعاطف سالم، وكان آخر أفلامه  ولا عزاء للسيدات 1979، كما أنه قدم في آخر أيامه المسلسل التليفزيونى ،أحلام الفتى الطائر لوحيد حامد، إخراج محمد فاضل، مع عادل إمام،  كما قدم مسلسل أبنائي الأعزاء..شكرا ، مع عبد المنعم مدبولى.

زواجه: كان عبد الوارث عسر متزوجاً من ابنة خالته، ولديه منها ابنتان فقط هما لوتس وهاتور، وقد قام بأطلاق أسماء فرعونية عليهما، وحفيده هو الفنان محمد التاجي الذي لم يجمعهما فنياً سوى عمل واحد ولكنهما لم يلتقيا في مشاهد معاً، وهو مسلسل من أين؟ إخراج محمد فاضل، وقال حفيده، فى أحدى الحوارت الصحفية، كنت أخاف من أن يجمعنا مشهد معاً لأنه كان لدي شعور أنني إذا وقفت أمامه سوف أرتبك ولن أقدم شيئاً، وتوفيت زوجته في 3 مايو 1979، وكان يحبها حباً شديداً، وبعد وفاتها حزن حزناً شديداً عليها ودخل على إثرها المستشفى في شبه غيبوبة كاملة، وظل فترات طويلة بمستشفى «المعادى للقوات المسلحة»، وأمر الرئيس الراحل أنور السادات بعلاجه على نفقة الدولة .

وفاته: ساءت حالته بعد وفاة زوجته، ثم توفي بمستشفى المعادي للقوات المسلحة في 22 أبريل 1982 عن عمر يناهز 87 عاما، بعد رحلة عطاء كبيرة.  

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock