الناقد الجزائري الكبير علاوة وهبي يكتب: عمار نعمة جابر ..شر البلية ما يضحك
المسرح نيوز ـ الجزائر| مقالات ودراسات
ـ
بقلم: علاوة وهبي
هو احد الاسماء النشيطة للغاية في المشهد المسرحي العراقي الان خريج جامعة ذي قار .قسم الاعلام. كاتب مسرحي .بدأ حياته ممثلا مع فرقة مسرحية بالناصرية التي ولد بها سنة ١٩٧٣ .
في حوزته الكثير من النصوص المسرحية الجميلة وحاز بها العديد من الجوائز وقدمت نصوصه في الكثير من الدول العربية جابر الذي بدأ ممثلا .بمعني انه قبل ان ياتي الي الكتابة المسرحية تعلم الكثير عن المسرح من كواليسه وعرف تقنياته وتقنيات كتابة النص المسرحي الذي يلتزم بحرفية الركح. ولانه ممثل فهو عارف بما هو مناسب للممثل من كلام فوق الركح .ولانه كذلك مثل في نصوص مسرحية لكبار كتاب المسرح اصبح علي دراية بما يحتاجه النص كتابة وبما هو من الزوائد في النص ويمكن الاستغناء عنه . لذلك جاءت نصوصه مقتضبة لا تقول الا الضروري مما يجب قوله ولا تركز الا علي المهم والاهم في النص المسرحي اي ان نصوصه بعيدة عن استخدامات ما يمكننا ان وصفه بالترهل اللغوي عند البعض من الكتاب. وجابر اسم من ضمن مجموعة من الاسماء المسرحية في العراق التي تكتب النص المسرحي باحترافية عالية ينذر ان تجد فيها الاستطرادات التي يحشو بها بعض الكتاب نصوصهم للتطويل ويكثرون من الاستطرادات والشرح لما لا يحتاج الي شرح..
في الاعمال التي قراتها لهذا الكاتب الشاب .الذي عاصر مأسي بلده العراق بدءا من الحرب مع ايران ااي غزو الكويت وما انجر علي ذلك من خراب وتدمير للعراق واحتلاله من طرف امريكا الي التطرف الديني وما جاءت به داعش .اي انه شاهد علي اشياء كثيرة من هذا الخراب ومن التعسف السلطوي .وديكتاتورية حزب البحث وقبضته الحديدية التي حكم بها العراق وما فعله مع كل معارض له..كل هذا نجده في نصوص جابر كما نجده في نصوص رفاقه من كتاب المسرح في العراق من ابناء الجيل الجديد .الذي يختلف كثيرا عن كتاب الجيل السابق له والذي لم يخرج عن القيود التي قيده به النظام الديكتاتوري.في حين جابر ورفاقه خرقوا كل الممنوعات التي كانت تقيد الكاتب في العراق وليس في المسرح فقط بل في مختلف مجالات الكتابة كالشعر والقصة والرواية والسيناريو الخ.
جيل عرف كيف يستغل ما حدث لبلده من الماسي واخذ علي نفسه تدوين ذلك كتابة وفنا فمع جابر ورفاقه من الكتاب يعيش العراق حاليا نهضة مبهرة في الكتابة المسرحية لا نجد لها نظيرا في البلاد العربية الاخري مستفدين من كل صغيرة وكبيرة مما حدث وحتي ما قد يحدث في عراق المستقبل اذ عند الاكثرية منهم نصوصا تستشف مستقبل العراق او توحي به . وربما ما يميز هؤلاء في اغلبهم انهم من خريجي كلية الفنون العراقية.التي تتميز بالجدية والنوعية في التدريس .وشخصيا وقفت علي جانب من ذلك في احدي الزيارات التي قمت بها الي هذه الكلية في بغداد رفقة زميل من الاعلام العراقي وحضرت فيها بعض العروض لتخرج الطلبة.
وقد اعود الي الحديث في مرة لاحقة عن الظروف التي زرت فيها هذه الكلية والملاباسات التي رافقت الزيارة التي كانت في سنوات الحكم الديكتاتوري للعراق. من الامور التي تميز نصوص جابر عمار نعمة السوداوية التي تغلفها.ولكنها سوداوية تدفعك الي الضحك اي انها رغم ذلك هي كوميديات سوداء وقديما قالت العرب شر البلية ما يضحك فهكذا هي اعمال جابر او بعضها تدفعك الي الضحك حتي علي نفسك..
ولكن هذا لا يعني ان جابر لا يعمل علي كتابة الواقع في نصوصه بل العكس ونلمس ذلك بشكل خاص في اعمال مثل .التالي وسنجار f.m التي هي مونودرام يتحدث عن الذي حدث في الموصل او ما فعله الدواعش في مدينة الموصل من خلال شخصية الطفل الهارب نحو جبل سنجار طلبا للنجاة وجبل سنجار هو الجبل الذي يقال ان سفينه نوح اصطدمت به وبشكل ما يذكرك محاولة وصول هذا الطفل الي جبل سنجار وما يوجهه من اسئلة الي الاهه بما قاله ابن نوح عندما طلب منه نوح ركوب الفلك معه سالجا الي جبل يحميني . .
وفي تخاريف الربيع نجد جابر يتحدث عن ما اسمي بالربيع العربي معتبرا اياه مجرد تخاريف ونقف علي رمزية العمل من خلال اصرار عامل النظافة علي تنظيف الشارع مما فيه من قذورات…انا في نص كايميرا فيلجأ جابر الي استخدام الرمز كعنصر درامي اساسي للنص .وكايميرا كما تقول كتب الاساطير هو حيوان يوناني اسطوري يتكون جسده من اسد وماعز وافعي .والرمز هنا من القوة بحيث يرمز الاسد الي القوة والجبروت والسلطة فالاسد هو ملك الغابة بينها يمز الماعز الي الضحية وترمز الافعي الي الحيلة والغدر وحتي الي ابليس .الم يتمثل ابليس في شكل افعي واغوي ادم وحواء بالاكل من شجرة التفاح فكان ذلك سببا في طردهما من الجنة. الاعمال الاربعة التي قراتها لجابر عمار نعمة وهي ١ انتباه ٢خريف التماثيل ٣نادي الضحك ٤شاورما تتضمن كذلك اعمالا يمكن وصفها بالومضة المسرحية لقصرها جدا.ولكن رغم قصرها فانها تقول ما اراده كاتبها باقل ما يمكن من الكلام .
ان طابع الكوميديا السوداء في اعمال جابر عمار نعمة ميزة تحسب له .وهو سواد ارادنا من خلاله ان نضحك علي ما نسببه لانفسنا نحن وما نضع فيه انفسنا من مواقف مضحكة رغم سوادها .نضحك لنعتبر منها ونعمل علي تجنبنا لها بعدها وبشكل ما يمكن القول انه اراد او يريد ان يقول لنا بان كل الذي حدث للدول العربية من تدمير وتخريب واحتلال هي التي جرته علي نفسها فهل علي نفسها جنت براقش فعلا. الظاهر انه كذلك فعلي نفسها جنت الدول العربية بما لحق بها.