مقالات ودراسات
الناقد العراقي يوسف السياف يكتب عن: أزمة المحاكاة في المسرح العربي!
المسرح نيوز ـ القاهرة| مقالات ودراسات
ـ
يوسف السياف
مزية الكينونة للحضور الانساني تعد خاصية التأويل بطريقة إدراكية أو عفوية, وبمنهجيته اللا مقننة تبنى الأفكار, انطلاقا من اللامتناهي ونقيضه ونمو العلامة اللولبي والسيموزيس وحركة الفعل التدليلي كفوارز يجب الركون اليها في تحديد حجم وكثافة التأويل, وهنالك مسارات سردية تَسمح للتأويل بالتوغل في مضمرات المنجز المطروح سمعية كانت ام بصرية, إلى أنَّ السؤال يتبلور بحلزونية الزمكان/ الان, حول تفجر التأويل لدى المستقبل في ظل الهيمنة السردية ادبياً أمام السرد البصري وهيمنة الأدائية والصورة السائلة في الوقت الحاضر,
فهل أثر تزييف الحقيقة ازاء الفعل البصري الغير ملموس امام الهشاشة السردية المطروحة والمتداولة (الوعود الكاذبة) اجتماعياً بشتا اشكال المعالجة للأيقونات الحاكمة على الحراك السسيوثقافي هل شكلت الثورة التكنو رقمية وعنكبوتية التطبيقات البصرية/ التواصلية بعوالمها الميديوية كجانب سمعبصري – أثر جمعي مطروح على الوعي الانساني الآن وتقبلها؟, وهل استطاعت الثورة الميديوية ان تنمي من قابلية التأويل وتقبل السرد اللغوي/ النصي أم استفحل السرد البصري والحدث اللحضوي وحياة الصورة, وهل ستتفجر خاصية التأويل بصورة مغايرة عما هو مطروح ومتداول؟, وهل ستتأثر الية السردية بشكل أو بأخر؟, ولنعود الى حلزونة الزمكان لمجتمعاتنا العربية
ونتساءل, هل هنالك تأثير في سيمولاكر الوجود/ الان للفرد العربي في ظل النعرات السياسية والمتغيرات النسقية لسردية الوجود الحر؟, كيف نتقبل ذاتنا والآخر وهناك سائل أحمر ديالكتكي يمنع الوجود؟, كيف (نتقبل الصفر واحد) ونَسوق التكنورقمية إلى حيز المنفعة؟, كيف نترجم الصدمات والمتغيرات اللحظوية في سردنا الثقافي؟, كيف لنا ان نعالج ديسابورا العقد الأخير من ساعتنا الرملية القادمة؟, هل مجتمعاتنا العربية تعيش عصر الما بعد ام بقيت رهينة الايقونة؟, هل ازاحت السوبريالية دهشة البساطة وجمالية الحقيقة؟, هل مات الاصل واستفحل المستنسخ؟, هل تفاقمت التفاهية والاكاذيب وصدقناها؟, هل عالمنا اصبح عالم سيملاكري بامتياز يرتقي فيه المزيف والمتشابه, وينفى الاصل ويبرق المضلل, ويحجب الواقع ويهيمن الاصطناع؟, فما نعيشه اليوم في عالم لا مركز له وبلا صورة اصل, تغزوه التعددية اللا متناهية والنسخة من نسخة النسخة؟. زيف نسقي مطلق يتجذر فينا, ربما تكون الكلمات هي بيان رقم واحد يكتب إلى عميان ويذاع إلى طرشان, لكن يجب أنْ يحاك وتطرح الأسئلة في أصل الوجود ومنبع التأويل ومفتاح الفلسفة, وعبر هذه المقدمة يتضح لي في أنَّ المسرح له حال من احوال التفكير والتحليل والمباشرة والحضور, ليس بذاته كاسم ومسمى وإنمّا من حذو الاشتغال, وفي ظل مُركبة الكينونة ومتباينة السرد الملفوظ والمنطوق والمرئي بشدة التباين ينموا حضوره ويحيى, حيث أنَّ السمولاكر بحقيقته كالمسرح الذي اصبح يشترك في تقديم مؤدى يتقارب مع الأصل وينأى عنه رغم انهه لا ينتزع اليه لكنه يقترب منه,
وهنا تتشكل حقيقة السردية البصرية للمسرح ومحاكاته فيما يخص الواقع ليضل في دوامة أداء النمطية التشعبية لملمح التحدد والقرب, وبوفق الدراسات الثقافية وتطور الابحاث الما بعدية وانبثاق البنيوية والتفكيكية نمت الادائية والسير بإتجاه التشويش والكولاج لإنجاز فعل متخيل بتشكيل سمعبصري منحوت وفق سيولة هوياتية مجسدة, ينتهي فيها النوع ويبتدئ من نهايته شيء آخر رغم النزعة المحافظة لبيئتنا, فقد تغيرت طبيعة المسرح بهيمنة الادائية, وهنا التبس على الهواة الجدد شكل المسرح لشدة تعرجاته وكثرة نتوءاته وأصبح كالرق الممسوح يخط على أثرة جمله لجمع مشتت، فمنهم من يبتعد عن الاصل ومنهم من يدنو منه ومنهم من يتقصد اضماره ومنهم من يشوهه, وعلى الرغم من انه لا يعتمد القيم المطلقة ولا نتائج العلوم الجامدة فستتعدد القراءات والتأويلات في عيناته وتتضارب التقييمات المادية في نقده وتقويمه وتبتعد عن كشف جمالياته واستحالة وضع سنن ومعادلات لتشكيل سياقاته وانساقه وتتغير معايير ومؤشرات تقيم منتجاته, وهنا ستكون الوسيلة سهلة لربوبية الاقزام, على الرغم من ان اغلب التجارب المسرحية المعاصرة عالمياً باتت ذاتية الارجاع من خلال اعتماد الجسد المختلط ما بين الاحساس والحركة, بتقاطع ما بين السرد المرئي/ البصري وسرد الحواس, وهنا لا بد من ان تغيب المنهجية للتـأويل من اجل عدم الوصول الى الحقيقة, فقد انزاحت العروض المعاصرة نحو الفنون التشكيلية وباتت مهمة المخرج خلط المفاهيم وتفكيكها, وبعودة الغرب نحو الاصل/ الجذر ومحاكات شكله الداخلي والخارجي عُد منطلق لحل ازمة الهوية، وهو ما نحن بحاجة اليه، اي استثمار السابق واخراجه بحله جديدة,
ولو امعنا النظر الى تراث شعوبنا لوجدناه غني بالثيم والمشاهد الخام, وعلى الرغم من محاولة مؤسسي مسرحنا العربي لا سيما من اقدموا الى تشكيل حركات ثقافية واشكال فرجوية بإصدارهم للبيانات وتأسيسهم للفرق المسرحية ودعوتهم للتراث والركون الى الهوية الثقافية لتأصيل المسرح العربي الا انهم بالأصل قد عرفوا المسرح من الآخر ولم يخرجوا من هيمنة فكره وتأثيثه للمشهد وطريقة محاكاتهم, وبات المسرح العربي رهين الفكر الاجنبي, فدائما ما نجدهم يحاكون الاصل إلا أنهم يطرحون شكل بصري اوروعربي, وأن الشكل الطاغي على نتاجاتهم تكون كفة الآخر فيها غالبة, وهنا يدخل مسرحنا العربي في خانة الاستعارة والتقليد والاقتباس وتشوه وتشتيت الهوية, رغم الاصوات المنادية لتأصيله ورغم ملامحه الشبه الدرامية المتجذرة في التاريخ, هنالك بون شاسع ما بين عمره الافتراضي قياساً بعمر المسرح الاجنبي, وهنا تكمن المشكلة في الية المحاكاة وعلاقتها بالجذر والهوية, وبما ان الدراسات المسرحية قد اغنت مسألة الريادة واشكال المحاكاة في تواري الموضوع, الا انه لم يعد هنالك سند حقيقي للخطاب المطروح والذي نشخص بأنه يشبه شيء ما غير انه عكس ذلك, فلم يعد بمقدورنا التمييز بين الهوية العربية رغم تذبذبها وهيمنة الهوية الاجنبية, وبهذا انهار الواقع وغابت الحقيقة واستعاضت صورة الصورة, ونريد الامساك بضروب محاكاة الواقع وتعرية الكلمات والاساليب واعتماد اللعب والتكلف والتكثيف وتضخيم المؤثرات السمعبصرية واعتماد العناصر المتناقضة, وان الإيقونولوجيا قد باتت منسية في خطابنا المسرحي لاسيما بتأويل المنجز الفني من حيث تحديد طبيعتها ودلالتها الثقافية, ورسم خارطة الطريق لسبر اغوار السرد التشكيلي البصري للعرض.