مقالات ودراسات

الناقد المغربي د. أحمد بلخيري يكتب: ملخص موضوع الفرجة والفرجة المسرحية.. مقاربات مغربية


المسرح نيوز ـ القاهرة| مقالات ودراسات

 

د. أحمد بلخيري| المملكة المغربية

 

موضوع الندوة التي انعقدت بمناسبة الدورة الثامنة والعشرين للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط يوم الثلاثاء 6 يونيو 2023 هو الفرجة “في الحياة اليومية وعلى خشبة المسرح”. لذا، فإن الموضوع يشمل الفرجة والفرجة المسرحية.

كانت الفرجة المغربية موضوعا لدراسات عديدة، منها فرجة “بلماون” التي حللها عبد الله حمودي تحت عنوان “بلماون مُعايَنا: اللعب” المنشورة في كتابه “الضحية وأقنعتها بحث في الذبيحة والمسخرة بالمغارب” (ترجمة عبد الكبير الشرقاوي، دار توبقال، 2010)،  و”أشكال الفرجة في التراث الشعبي الحساني الجزء الأول:”الرقص الشعبي”” لاسليمة امرز وعالي مسدور (جمعية أنفاس للمسرح والثقافة-الداخلة، 2014)، و”فن الفراجة عند البرانس من البعد التاريخي إلى الدلالة الفنية” لمحمد الهرنان (المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، 2019)، و”فرجات البساط في شمال المغرب” لرضوان احدادو (المركز الدولي لدراسات الفرجة، 2019)، و”تلقي المسرح المغرب نموذجا” لنوال بنبراهيم (شمس برينت سلا، )، و”فلسفة الفرجات والمسرح مفاهيم وإشكالات” لمحمد شبير (دار بصمة لصناعة الكتاب، 2020).

إن تحليل الفرجات المسرحية جزء من اشتغالي المسرحي. في هذا الإطار أذكر أنني حللت عروضا مسرحية منها: “النمس” وهي من إخراج أمين ناسور، ودرست توظيف الغناء والموسيقى في مسرحية “شابكة” وهي من إخراج هذا الأخير أيضا،. كما حللت مسرحية”تغريبة ليون الإفريقي” وهي من تأليف أنور المرتجي وإخراج بوسلهام الضعيف. هذا التحليل موجود في كتاب “فرجة الروح والحواس قراءات في التجربة المسرحية لبوسلهام الضعيف”، الهيئة العربية للمسرح، 2023. هذا فضلا عن تحاليل أخرى أنجزتها لعروض مسرحية مغربية أخرى بعضها منشور وبعضها غير منشور إلى حد الآن.
مداخلتي في تلك الندوة، والتي قدمت ملخصا عنها فقط نظرا لضيق الوقت، ابتدأت ب:

1-تحديدات لغوية،
2-تحديد اصطلاحي اعتمادا على ثقافة مسرحية فرنسية متخصصة ابتداء من الربع الأخير من القرن التاسع عشر، وكذلك اعتمادا على كتاب لآن أوبرسفيلد عنوانه « Les Termes clés de l’analyse du Théâtre ». بناء على هذا التدقيق الاصطلاحي، كان التمييز في تلك المراجع بين مفهومي الفرجة والفرجة المسرحية. هذا التمييز كان هو الأساس الذي ارتكز عليه تحليل الفصل الأول من كتاب حسن المنيعي “أبحاث في المسرح المغربي” ، وكذلك كتابه “المسرح المغربي من التأسيس إلى صناعة الفرجة”. استعمل حسن المنيعي مصطلح أشكال ماقبل مسرح Formes Pré-théâtre وهو مصطلح كان قد استعمله أندريه شايفنر André SHAEFFNER سنة 1965. استعمله هذا الأخير”لتقسيم التطبيقات الفرجوية في كل السياقات الثقافية، لا سيما في المجتمعات الموصوفة (في الماضي) بالبدائية”. وقد أخذه حسن المنيعي من كتاب محمد عزيزة “الإسلام والمسرح” حسب ما هو موثق في كتابه الثاني، لكنه استعمل مصطلح “أشكال ما قبل المسرح” في الكتاب الأول.

بعد هذا كان كتاب “مدخل لقراءة الفرجة المسرحية” لمحمد التهامي العماري موضوعا للدراسة. موضوع هذا الكتاب ليس دراسة الفرجة، ولكن دراسة الفرجية المسرحية تحديدا بناء على تحليل سيميائي دقيق، ركائزه هي ، الأنسقة البصرية (الممثل، الماكياج، تعابير الوجه، الفضاء…)، والأنسقة السمعية (الممثل، الكلام، الرنة أو الجرس Le Timbre …)، وأنسقة أخرى (الشم-الذوق). كل هذه الأنساق أو الأنسقة تدخل في صناعة الفرجة المسرحية وإبداعها إذ هي أدواتها الفنية، كلا أوبعضا، في البنية المسرحية . وهو كتاب نظري مهم جدا، لهذا تضمنت مداخلتي تحليلا مفصلا له. وقبل تحليل تلك الأنسقة في الكتاب، كانت التمهيد فيه بدراسة “المسرح بين أدبية النص الدرامي وجمالية العرض المسرحي”. أما خاتمته فكانت

ب”التواصل المسرحي: من المقاربة التواصلية إلى المقاربة الجمالية”.

ولأن مؤلفه باحث سيمائي، فإن التحليل في الكتاب كان تحليلا سيميائيا اعتمادا على مراجع غربية في الغالب. وللباحث كتاب آخر عنوانه “سيميائيات المسرح”، كنت قد قمت بتحليل له أيضا في دراسة سابقة لي غير منشورة موضوعها المنهج السيميائي في النقد المسرحي العربي. وإذا جاز لي أن أصدر حكنا نقديا، فإن الكتابة النقدية عند محمد التهامي العماري كتابة منهجية رصينة ودقيقة، لا مكان فيها للحشو والإطناب والإنشائيات.

موضوع كتاب “مدخل لقراءة الفرجة المسرحية” لمحمد التهامي العماري هو الفرجة المسرحية من الناحية النظرية. إنه كتاب يقدم نظريا أدوات تحليل الفرجة المسرحية. ولا يمكن إنجاز تحليل منهجي للفرجة المسرحية إلا بعد استيعاب وتمثل أدوات التحليل. أما كتاب “تلقي المسرح المغرب نموذجا” لنوال بنبراهيم فكتاب يوجد فيه تحليل تطبيقي لفرجة شعبية لها علاقة بالمقدس الديني، إنها فرجة “الأسود واللبؤات”. وهي فرجة تُقدَّم سنويا بمناسبة عيد المولد النبوي بمدينة مكناس. خضعت هذه الفرجة الشعبية لتحليل تطبيقي دقيق أساسه مصطلحات مسرحية من قبيل الدور، والممثل حيث يكون المريد، وهو مصطلح ديني يتعلق بالزاوية الدينية، ممثلا، والصراع، وغيرها من أدوات التحليل المسرحي المستعملة في تحليلها.
إن اعتبار المريد ممثلا في تحليلها لتلك الفرجة معنى هذا إخراج تلك الفرجة ، في تحليلها، من المقدس إلى غير المقدس، إلى الفن تحديدا. وقد قدمت ما يدل على انتقال المريد من الشخص إلى الشخصية في أدائه الفرجوي. لهذا كان التعامل مع هذه الفرجة باعتبارها فنا. ولم يقتصر تحليل الناقدة على التحليل الداخلي لتلك الفرجة، وهو مهم، بل شمل أيضا ما له علاقة بخارج الفرجة أي بالمتلقي من الناحيتين النفسية والاجتماعية.

كما شملت مداخلتي اعتبار النص الدرامي فرجة بالقوة والعرض المسرحي فرجة بالفعل حسب كتاب “فرجة النص بنيات التشكيل الدلالي في النص المسرحي”لبنيونس بوشعيب. هذه هي محاور مداخلتي التي أتمنى أن تنشر لاحقا.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock