مقالات ودراسات

تأملات في نص (القادم) للكاتب البحريني خالد الرويعي .. وجع الإنتظار وهواجسه!            


المسرح نيوز ـ القاهرة| مقالات ودراسات

ـ

فاروق صبري

 

في مجموعة الكاتب البحراني خالد الرويعي المسرحية (قٌرّة العين) العديد من النصوص المختلفة في زمكانيتها وثيماتها وهواجسها وإنشغالاتها الجمالية والفكرية

إلا أنها أي تلك النص المسرحية تحاول مٌغادرة سائد النص المسرحي وتجاوز أشكاله التقليدية ورؤيته المألوفة ولعلى حالة مثل هذه المغادرة والتجاوز المشروعة إبداعياً ستتجلى حينما يتحول المقروء إلى المرئي في فضاء العرض.

وقد بدأت بقراءة هذه المجموعة وتوقفت عند مسرحية (القادم) ولا أعرف ما هو سبب توقفي عندها ، لكن نصها سحبني إلى طقوسه التي تماهى مع أسفار الإنتظارات التي لم تزل تشكل جزءاً حيوياً من حياتي اليومية ولذلك وجدت نفسي جالساً بين بيئته غير المٌعلنة جغرافيتها والواضحة في الملامح والهوية ومع شخصياته القلقة والمتوثبة التي بنيت او تحاول ان تبني نفسها بطريقة جديدة

ويمكن القول أنها توحي بأنها مبتكرة أصفها بكثافة التعبير والمؤثر والعميق لثيمة الإنتظار والتي جعلتني أن أدخل في سجال مع تلك الشخصيات ، الاب ، الأم ، الزوج والزوجة حول حيرة ووجع الإنتظار لما هو قادم والذي جسدته في مسرحيتي (الوردة الدامية -تأليفي وإخراجي) ،

فحدثت الزوجة عن بطلتها | ليلى| الحامل بوليدها الأول وكيف كانت مرتعبة من أن يخرج مشوّهاً بسبب تعرضها للعصف الكيماوي في مدينة حلبجة العراقية ، كان الشاعر- الذي لم يلتق بليلى واقعياً وجعلتهما يلتقيان في فضاء العرض – يخفف من وطأة وصلافة رعبها وهو يمدٌّ يده إلى بطنها ويقرأ عليها قصائده ويقول لها : لا تخافي سيأتي وليدك مٌعافاً ، جميلاً ، وجاء الوليد طفلة في غاية الجمال والصحة ، حينها صرخت ليلى فرحة مع الشاعر : القصيدة تخلق المعجزات ، القصيدة تخلق المعجزات….

الإنتظار حالة كونية بدأت منذ الخليقة قبل ومنذ حواء وأدم فالبشرية في حالات إنتظار مازالت متواصلة وفي ثنايا وتفاصيل حياتنا اليومية وحتى في كوابيسنا  ، أحلامنا الليلية ، وقد تمظهر (الإنتظار) في مستويات متعددة ومتباينة في الأدب والنص المسرحي تحديداً وقد تناوله وعالجه العديد من الكتّاب المسرحيين منذ أسخيلوس وإلى خالد الرويعي باساليب وأشكال ورؤى متشابهة ، متباينة والرويعي في نصه (القادم) أراد أن يدخلنا في لعبة الإنتظار وهواجسها عبر عائلة تعيش هدوء الحياة ظاهرياً ولكن باطن بنية العائلة يلوح القلق والتوجس وهي تنتظر الذي سوف يولد ، كل منها ، الأب ، الأم ،الزوجة ، الزوج يٌحدق في البطن المنتفخة وما تحمل بطريقة وتمنيات وتوقعات مختلفة عن الأخر ولكن جميعهم في حالة إستنفار وإنتظار للذي يأتي :

الزوجة : تعبت …تعبت .. من كل ذلك الإنتظار…..يا إلهي كم عليّ أن أنتظر ولا أرى ، ولا أرى …ولا أرى (تبكي)

الزوج : سيأتي ..سياتي …تحلي بالصبر…سيأتي

……………………..

الأب : كم هو مرٌّ هذا الإنتظار، كم هو مرٌّ أن تشتاق ولا يٌستجاب لك

……………………..

الأم : أنا من سيقوم برعايته ، لأنني إنتظرته طويلاً

الأب: وأنا ألم أنتظره طويلاً

  • والذي سوف يأتي وإن إختلف أعضاء العائلة حول جنسه وكينونته إلا أن له ولحضوره المرتقب دلالات مٌعلنة وغير مٌعلنة بالإضافة إلى (توريته) المطروحة في النص ولكن كيف نفكك أو نقرأ (تورية ) إنتظار الوليد؟ وقبل الإجابة على هذا التساؤل لا بأس من القول بان علم البديع يؤكد ( الإتيان بلفظ ، كلمة ، عبارة لها معنيان ، معنى قريب ظاهر غير مقصود ومعنى بعيد خفي هو المقصود .
  • وأنا شخصياً أقرأ تورية نص الرويعي عبر تفاعل المعنيين القريب الظاهر غير مقصود المتمثل في سرد حكاية عائلة متوجعة وفي حالة إنتظار الوليد وهو أمر نشهده يومياً والبعيد الخفي المقصود والمتجسد في تفعيل النص كونه كيان يبث حالة إنسانية كونية لا تتخندق دلالاته في ضيق القراءات العابرة ممسبقة الصنع مثلما توهم الكاتب عبدالله السعداوي في تقديمه للمجموعة  في تفسيره المؤدلج العروباوي حيث إنطلق من المعنى الثاني لتورية انتظار العائلة للوليد ، معتبراً أنه إنتظار لولادة الوحدة بين البلدان العربية !!!

 

 

 


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock