حوارات

حصريا.. مصممة الأزياء مها عبد الرحمن لـ “المسرح نيوز”: تصميم الملابس فن له معاييره الجمالية والتاريخية..وحفظ الملابس في مسرح الدولة يتم بطريقة عشوائية!


المسرح نيوز ـ القاهرة | حاورها: كمال سلطان
ـ
تعتبر الأزياء عاملا مهما من العوامل التى يعتمد عليها المخرج فى توصيل فكرته ، مثلها مثل الديكور والموسيقى والإضاءة وجميع عناصر العرض المسرحى، بل لعلها تعد هى العامل الأهم، فمن خلال الأزياء التى يرتديها الممثلون نستطيع أن نتعرف على أدوارهم حتى قبل أن ينطقوا بكلمة ، فزى الملك يختلف عن زى الشحاذ .. وهكذا. حول الدور الهام الذى تلعبه الأزياء ، وحول الفارق مصمم الأزياء العادى ومصمم أزياء الأعمال الدرامية .. وغيرها من القضايا والأفكار كان لنا هذا الحوار مع مصممة الأزياء مها عبد الرحمن..
* كيف بدأت رحلتك مع تصميم الأزياء؟
** تخصصى الأساسي فى النحت ولدى دبلومه فى النحت الخشبى ، لكن عملى بالمسرح بدأ من خلال الديكور والأزياء ولكننى اكتشفت أن موهبتى فى الأزياء أكبر كما أن المخرجين أحبونى أكثر كمصممة أزياء ، فأصبح هذا هو تخصصى خاصة بعد عرض “حنظلة” ، وعموما الديكور أو الأزياء مكملان لبعضهما حسب الرؤية التشكيلية.
* وما هى أبرز العروض التى قمت بتصميم ملابسها؟
** أهم العروض عرض بعنوان “المطعم” إنتاج مسرح الشباب عام ٢٠١٠ ، صممت له الديكور والأزياء ونجح جدا جماهيريا ونقديا ، هناك عرض آخر هو عرض “حنظلة” تأليف سعد الله ونوس وإخراج إسلام إمام ، وكانت الأزياء تعتمد على الفانتازيا وغير مرتبطة بزمن محدد أو تراث أو أى شيء وحقق أيضا نجاحا بسبب أنه كان مختلفا فى كل شيء ، بعدها قدمت عدة عروض مع المخرج إسلام إمام أهمها “اللي بني مصر” إنتاج ٢٠١٣ وكان به تنوع فى أزياءه وألوانه حيث تناول العرض فئات مختلفة من المجتمع ، وأنا اعتمد دائما على أن يليق كل زى على الممثل لأن ذلك يساعده على الدخول للشخصية.
* حدثيني عن الأزياء ومراحل تطورها؟
** مراحل التطور واحدة فى جميع مجالات الأزياء ، ولكن فى المسرح أنت ملزم بشكل الملابس سواء كانت تاريخية أو معاصرة ، فكل عمل يكون قائم بذاته حسب نوع العرض، ففى فترة الستينات مثلا كانت الأزياء الحديثة محصورة بين الفساتين او البدل ، ولكن حاليا ظهر الجينز والتى شيرت وغيرهما.
* ماهى المعايير التى تضعينها عندما تبدأين فى تصميم ملابس أحد العروض المسرحية؟
** أهم المعايير هى الالتزام بزمن الرواية ومكان الأحداث وشكل الأزياء فى هذا الزمن، ولو لم يكن لها زمان أو مكان محدد فأنا أعمل على الخيال بالاتفاق مع المخرج ، بالإضافة إلى أننى أحرص على رؤية الحركة بالمسرحية ومدى موائمتها مع نوعية الملابس ، كما أحرص على التنسيق بين الأزياء والديكور فيجب ألا تتشابه ألوان الملابس مع قطع الديكور أو حتى مع ممثل آخر على خشبة المسرح.
* على أى أساس تختارين ألوان الملابس فى كل عرض، وهل لكل لون إيحاء معين فى توصيل فكرة العرض؟
** بالتأكيد ، فهناك ألوان لها اتجاهات ثابتة كالأبيض والرمادي وهناك ألوان لها مدلولات لا نستطيع الخروج عنها فمثلا لو شخصية الممثل تتسم بالنفاق فيجب أن يرتدى ولو قطعة في ملابسه لونها رمادي ولو هناك شخص غيور يجب أن يرتدى لونا أصفر أو ما شابه ، ولو شخص طيب يجب أن يرتدى ألوان هادئة مابين الأخضر والأزرق الفاتح ، هذا بالنسبة لبعد الشخصيات أما بالنسبة لاختيار الألوان في القصة ككل فكما ذكرت فإن ذلك يتوقف على أحداث القصة والترتيب مع مهندس الديكور بعدم تكرار الألوان فى أى قطعة من الديكور ، أما أكثر الألوان التي أبتعد عنها فى المسرح فهى الألوان الغامقة فاللون الأسود مثلا لا يراه المتفرج لذلك لا استخدمه إلا فى حدود قليلة جدا ولو اضطررت لاستخدامه أحرص على ألا يكون اسود خالص واستعين ببعض الرتوش المختلفة من الألوان الأخرى.
* هل نحن فى حاجة إلى وجود معاهد متخصصة لتفريخ أجيال جديدة من مصممي الأزياء؟
** طبعا، وقد بدأ مؤخرا وجود أماكن خاصة لتدريس الأزياء ولكن بتكلفة مرتفعة ماديا ولا يستطيع كل الناس الالتحاق بها فأحد هذه الأماكن تتكلف السنة الدراسية به عشرون ألف جنيه، وتستمر الدراسة لمدة عامين إذن فهي للقادرين فقط ، والحقيقة أننا بحاجة لمعاهد دراسية تتبناها الدولة متمثلة في وزارة الصناعة أو حتى عن طريق التعاون مع أحد رجال الأعمال الكبار ، من أجل عودة زى يعبر عنا كمصريين فلم يعد هناك زى يعبر عن الشخصية المصرية ، فنحن دولة ذات تاريخ ، وأزيائنا كلها مستوردة من الخارج، فالعباءة جاءت من الخليج ، والإسدال الذى انتشر مؤخرا جاءنا من العراق فهذا هو زيهم الرسمى ولا علاقة له بالاحتشام والتدين ، فنحن فى حاجة لأن نرتدي زى يشبهنا وينتمى لتاريخنا سواء الفرعوني أو الفاطمي، فقد أصبحنا نعانى من تشويه للزى العام وللذوق العام أيضا.
* ماهى الشروط الواجب توافرها فى مصمم الأزياء المسرحية، وما هو الفارق بينه وبين المصمم العادي؟
** الشروط واحدة ولا يوجد فارق ، وكل مصمم له خيوطه المميزة وتخصص فى الشيء الذي برع فيه أكثر ، فالمصمم العادي تميز فى فساتين الأفراح او السواريه وتخصص فيها وأصبح ملما بها أكثر ، أما من يتجه للملابس الفنية أكثر ، فقد اكتسب خبرات هامة فى العديد من الأشياء أهمها نوعية الخامات التى يعمل بها ومدى ملائمتها للممثلين، ومدى خدمتها للدور.
* ماهو الفارق بين تصميم أزياء عرض مسرحي وبين تصميم أزياء فيلم سينمائي أو مسلسل تلفزيوني؟
** الفارق كبير وهام جدا ، أهمه هو الفارق بين حجم الأشياء على خشبة المسرح وبين حجمها على الشاشة ، فلو أنني سأصمم زيا لممثل أمام الكاميرا فيجب أن أهتم بالمنمنمات مثل الخيوط والأزرار لأن ذلك تكشفه الكاميرا بدقة في اللقطات المقربة ، أما على المسرح فالأمر مختلف ، فهذه الأشياء لا يراها المتفرج ، فانا أعمل أكثر على اللونية ككل ولا أعمل على التفاصيل الصغيرة، وان كانت تلك التفاصيل تزيد الزى إثراء ولكن المشاهد يراها من بعيد ككتلة لون واحدة.
* هل يوجد لدينا جهة لتوثيق وحفظ الأزياء المسرحية؟
** حفظ الأزياء المسرحية الخاصة بالدولة تتم بطريقة عشوائية تؤثر على جودة تلك الملابس بل وتصل أحيانا إلى إصابتها بالتلف حيث يتم حفظها في مخازن عادية بل أقل من العادية ويفتقر إلى أبسط المتطلبات فمخزن الملابس يجب أن يكون بعيدا عن الرطوبة ربه “شفاطات” وتهوية كافية ويتم تنظيفه وتنظيف الملابس باستمرار ، ولكن ما يحدث للأسف عكس ذلك ، ونحن نعتمد على أنفسنا في توفير أبسط الأشياء للحفاظ على تلك الملابس ، فمثلا في أزياء عرض “حفلة تنكرية” اشتريت شماعات وأكياس بلاستيك على نفقتي حتى لا تتلف تلك الملابس التي تعبنا كثيرا فيها وتكلفت مبلغا كبيرا ، تخزين الملابس لدينا يحتاج إلى مضاعفة الجهد، كما أننا في حاجة إلى فنيين متخصصين لديهم خبرة وحرفية لحفظ تلك الملابس بصورة جيدة لا تعرضها للتلف.
* ما هى أبرز العقبات التي يواجهها مصمم الأزياء فى مصر؟
** أهم عقبة نواجهها كما ذكرت لك هى فكرة عدم الحفاظ على الهوية ، والاعتماد على خطوط الأزياء العالمية ولا نستطيع حتى الآن أن نتفرد بشكل معين ، مؤخرا بدأت بعض الخطوات الفردية من خلال بعض المصانع الصغيرة فى عودة الزى الشعبى لكنها غير منتشرة ، وبالنسبة لنا فى المسرح تواجهني عقبة صعبة جدا وهى ضيق الوقت حيث يتم صرف الميزانية قبل افتتاح العرض بوقت قصير جدا وهو ما يصيبني بالإرهاق الشديد مثلما حدث مع عرض “محمد نبي الرحمة” والذي تم صرف ميزانيته قبل الافتتاح بأحد عشر يوما فقط وكان مطلوبا منى حوالي 180 قطعة ملابس وهو عدد كبير جدا وكان المبلغ زهيدا وكنا نعمل في شهر رمضان ، وتعبت جدا في الوصول إلى فنيين لتنفيذ الأزياء وهو أمر صعب جدا فيجب أن يكون هناك عدد أكبر من الفنيين وألا أعمل بمفردي فيجب أن يكون معي فريق عمل متكامل فأنا أفعل كل شيء بنفسي وهو أمر مرهق جدا.

 


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock