حوار مفتوح مع مخرجة المسرحية الفرنسية “الحزمة” فيوليت دوري والممثل الفرنسي فيليب رينيه

عرضت.. ضمن فعاليات الدورة الثالثة لمهرجان بغداد المسرحي العربي

المسرح نيوز ـ القاهرة| حوارات

حاورهما عبد الجبار خمران

 

كان لقاء عفويا مع المخرجة الفرنسية فيوليت دوري والممثل الفرنسي فيليب ريني مدير الفرقة المسرحية الفرنسية “حديقة وهمية” والتي تقدم مسرحية “الحزمة” ضمن فعاليات الدورة الثالثة لمهرجان بغداد المسرحي العربي، عبر فيه بإيجاز عن كيفية اختيارهما لنص فيليب كلوديل “الحزمة” وعن اشتغالهما عليه، كما تحدثا عن زيارتهما للعالم العربي وللعراق بالخصوص وعن انطباعهما عن بعض العروض المسرحية العربية التي شاهداها.

كيف تم اختيار نص “الحزمة” للكاتب فيليب كلوديل؟

— فيليب رينيه: اطلعت على عديد من كتابات فيليب كلوديل والتي أحببتها، النص عرفتني عليه صديقة طبيبة نفسانية، وأنا في الصفحة الرابعة من النص قررت أن ألعب هذه المونودراما، الأمر الذي تأكد لي مع مرور الصفحات التي أقرؤها.. وفكرت مباشرة أن أتقمص هذه الشخصية المثيرة.. كان القرار سريعا، وسريعا أيضا، وحتى يكون هناك أفق للأسئلة التي يطرحها النص المسرحي والأسئلة التي سأطرحها حوله كممثل وكإنسان، كان لزاما أن يكون إلى جانبي لخوض هذه التجربة شخص أثق فها فنيا وإنسانيا.. أعرف المخرجة “فيوليت دوري” منذ ثلاثين عاما، ولم نشتغل معا ولا مرة.. فقلت إما ان تقبل “فيوليت” العمل معي في هذا المشروع وإما لن نقدمه.

– لماذا كان اختياركم كفرقة الاشتغال مع فيوليت دوري؟

— فيليب رينيه: لأنه لم يكن هناك من أحد يمكن أن أكون أمامه عاريا كممثل سواها.. ولا يمكن، في تقديري، أن أصل إلى آفاق أبعد في البحث والاشتغال إلا معها.. وأعرف أنها هي من يمكن أن يصل بي إلى ما يمكن أن أشخصه انطلاقا من هذا النص المسرحي.. ولا اعرف أحدا يمكن أن أصل معه إلى هذه الحميمية لكن نفجر ما بين سطور هذا النص بحرية وبكفاءة مهنية.

– لماذا أضفت المخرجة فيوليت دوري راقصة إلى شخصية مونودراما “فيليب كلوديل”؟

— فيوليت دوري: اقترح علي الممثل فيليب ريني نص “الحزمة”.. وأعرف طبعا كتابات فيليب كلوديل، أعرفه روائيا لم أكن أعرف أنه كتب نصوصا مسرحية.. صحيح أنني في البداية ولمعرفتي لفيليب رينيه كممثل يمكنه لعب شخصية هذا النص.. هذه الشخصية التي تغلي من الداخل مثل طنجرة ضغط.. وأن تفجر هذه الشخصية ما بداخلها باتجاه شيء آخر غير ذاته، أو بالإضافة إلى ذاته، ستكون فكرة جيدة وستمكننا من الذهاب ابعد على مستوى اللعب.. كما ستجعل المتلقي بعيدا عن حصار مفترض في المشاعر وفي الغوص عميقا في تعابير الشخصية اللغوية فقط…

– كيف كان اشتغالك مع الممثل والراقصة.. هل انطلقتم من النص أم من تمارين ارتجالية…أم ماذا؟

— فيوليت دوري: كان الاشتغال في البداية فقط مع الممثل فيليب رينيه.. كانت هناك إقامة فنية لمدة أسبوع اشتغلنا فيها على النص وعلى الشخصية الأساس… بعد ذلك بدأنا بإدخال الراقصة “كلارا”…\

— فيليب رينيه: عملت فيوليت معي إلى أن أكملنا الاشتغال على النص وعلى الشخصية وقد كانت تريد أن تكمل العمل معي ليتحدد شكل ما ثم بعد ذلك تدخل الراقصة شيئا فشيئا في العمل المسرحي…

— فيوليت دوري: لم أكن أريد للممثلة أن تكون مقحمة في العمل المسرحي بل أن يكون حضورها فعالا وعضويا في العمل.. أن تكون ركيزة أساسية.. هذه الراقصة يجب أن تكون إضافة وليست فائضة عن الحاجة.. عندما انتهينا من الاشتغال على بناء الشخصية الأساس في المسرحية بدأنا العمل مع الراقصة.. ولأني أحب أيضا المسرحي “الجسدي” أن ينعكس ما تحسه الشخصية على الجسد.. فاشتغلنا بهذا الاتجاه إدماج الراقصة في اللعبة المسرحية وظيفيا.

— فيليب رينيه: بمعنى أنه على مستوى الاشتغال على البعد الجسدي للشخصية – والتي لو أنها كانت لوحدها – فسنحتاج في تشخيصها إلى ممثل يقفز في كل مكان.. وقد كنت شخصيا دائما أحس بألم في العضلات بعد كل عرض.. لا أقوم بتعابير جسدية قصوى لكن كنت دائما تحت ضغط الأحاسيس التي تجعل العضلات متوترة.. الأمر الذي يستمر طيلة المسرحية والمخرجة فيوليت كتبت لي بعض الملاحظات في ورقة والتي أقرؤها قبل أن ألعب أي عرض ومنها أنني يجب دائما أن أكون تحت الضغط، العضلات مستنفرة لا يجب أن أنسى ذلك طيلة زمن المسرحية.

– وأنا أشاهد العرض مسجلا على الفيديو تبادر إلى ذهني سؤال: لماذا تدخل الراقصة في هذه اللحظة بالذات وتخرج في تلك اللحظة؟ ما المعيار الجمالي وكيف تم ذلك؟

— فيوليت دوري: لحظات دخول الراقصة وخروجها مرتبط بما يحدث مع الشخصية وما تحسه.. الراقصة كأنها ترمز إلى وعي الشخصية.. فعندما تغلي المشاعر في دواخلها تعكسها هي عبر الجسد.. وعندما تتجاوز الشخصية حدودا أو تجنح بعيدا بالكلمات والأفكار توقفها.. ترمز إلى الصوت الداخلي.. الراقصة تشخص ما يعتمر في دواخل الشخصية / الرجل.. إنها تعكس الهواجس والكلمات والأفكار جسديا..

— فيليب رينيه: واختفاء الراقصة أو خروجها.. راجع إلى أن وعي الإنسان ليس حاضرا طوال الوقت.. فوعينا يتركنا وشأننا في كثير من الحالات.. يتدخل في تفاصيل معينة بحسب السياق وبالتالي بشكل مختلف.. وقد يشتبك مع إحساس ما أو مع حدث ما في الذاكرة أو يشاكس هذيانا ما.. في مرات عديدة يربح الوعي اللعبة، ولكن هناك لحظات يخسر فيها ويتوارى.. إذا هناك لحظات نقول فيها لوعي اتركنا وشأننا فيستجيب…

– فيليب رينيه: أنا أيضا ممثل وأعرف معنى أن يحفظ ممثلا نصا مسرحيا عن ظهر قلب.. وهذا النص أجده صعبا.. هناك مقاطع نصية صعبة الحفظ. ولا رابط بين ألفاظها أو معانيها.. كيف اشتغلت على النص كممثل وكيف حفظته؟

— فيليب رينيه: مهنتي ممثل ومن مستلزماتها أن أحفظ الحوارات والمونولوغات والنصوص… وأنا احفظ في هذا النص استعصى علي حفظ بعض الصفحات واستغرقا مني ذلك وقتا هناك مقاطع نصية عبارة عن مفردات وصور لا رابط بينها.. وهنا على الممثل أن يجد كلمات مفاتيح وأن يتحول النص إلى أنشودة كأنني أغنيها – فأنا اغني مثلا مقاطع بالانجليزية مثلا واحفظها دون أن أعرف معناها حتى – وصحيح أن نص فيليب كلوديل معقد في بعض مقاطعه.

– هل هذه أول زيارة لك للعالم العربي فيوليت دوري؟

— فيوليت دوري: نعم هذه أول مرة أزور فيها العالم العربي.. وتكون بذلك بغداد أول مدينة عربية تستقبل عرضنا المسرحي “الحزمة”..

– شاهدت عروضا مسرحية عربية خلال الأيام الأولى للمهرجان ما هو انطباعك حولها؟

— فيوليت دوري: شاهدت أربعة عروض مسرحية عربية.. منها عرض افتتاح المهرجان الذي وجدته رائعا جدا.. عرض قوي فيه روح شبابية قوية جدا.. عرض خلاف حال بيني وبين فهمه كليا حاجز اللغة العربية.. أحببت أداء الممثلة العراقية جدا أداء قوي..

– وبالنسبة لعرضكم “الحزمة” ألن يكون حاجز عدم فهم اللغة الفرنسية عائقا؟

— فيليب ريني: نعم فكرنا في ذلك، وقد بعثنا بالنص إلى مترجم لأننا فكرنا في أن يواكب العرض النص مترجما.. قد لا نترجم النص كاملا.. نترجم ما نراه أساسيا لتسهيل التلقي.. كما لا نريد أن يكون النص المكتوب أمام المتلقي طويلا، حتى لا تأخذه قراءة الحوار من التركيز على ما يحدث على الخشبة.. سوف نشتغل على لك مع المترجم.

– حتى تولد الرغبة للجمهور بحضور العرض ما ذا تقول عن “الحزمة”؟

— فيليب ريني: في هذا العرض هناك رجل واحد ولكن هناك شخصيتان ولا أشير هنا إلى الراقصة لأنها جزء من الرجل وقد سعينا إلى توضيح ذلك بعديد من الحلول الإخراجية كانسجام حركاتهما أو توافق المنطوق والتعبير الجسدي… الخ إذا ذوابنهما في بوتقة واحدة يجعل منهما شخصية واحدة.. ويبقى بالنسبة لنا الشخصية الثانية في العرض المسرحي هي “الحزمة”.. ومؤلف النص يجعلنا نخمن أشياء ليس حقيقية فيما يخص ما تحتويه هذه “الحزمة”.. والشيء الوحيد الذي يمكن أن أقوله يكون محفزا لمشاهدة العرض.. هو أن أسباب وجود هذه “الحزمة” على الخشبة رفقة الشخصية يهم الجميع كيفما كانت جنسياتهم أو اعتقاداتهم أو مرتبتهم الاجتماعية.. كلنا مسؤولون عن ثقل هذه “الحزمة” وكانا تربطنا بها علاقة. والحزمة ثقيلة جدا ما يناهز سبعين كيلو غرام.

— فيوليت دوري: بالنسبة إلي ما تحتويه هذه “الحزمة” هو السبب الذي جعلني أوافق على إخراج هذه المسرحية.ز عندما اقترحها علي فيليب ريني.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock