د. احمد شرجي يصدر كتابا عن: نظرية سيميولوجيا المسرح التي.. لم تكتمل بعد
د. أحمد شرجي
ـ
إن النظرية السيميولوجية مازالت لم تكتمل بعد، فهي نظرية متطورة باستمرار ما أن ينفتح لها أفق جديد حتى تلج آفاقاً أكثر اتساعا من الاسئلة المتشابكة لأنها تنفتح على كل مفاصل الحياة المجتمعية والادبية والثقافية ومن هنا يكتسي سؤال بارت أهميته:هل نستطيع يوماً أن نخلق سيميولوجيا السميولوجين”والتحليل البنيوي للبنيويين”؟
فالسيميولوجيا مشروعة أمام كل طرح جديد، يساهم انفتاحها على العلوم الأخرى في عدم استقرارها ونرى في ذلك قوة للسيميولوجيا، من خلال عدم تحنيطها ضمن أنظمة تكلس سيرورة اشتغالها فإذا كانت السيميولوجيا تتخبط بين كونها نظرية أو منهجاً ، فكيف يخضع المسرح لاشتراطاتها المنهجية والنقدية؟ وكيف يمكن تحديد معنى العلامات داخل النص الدرامي والعرض المسرحي؟ ثم انفتاح النص اللانهائي على الدلالة كما يؤكد رولان بارت وجوليا كرستيفا ، من شأنه أن يصعب من مهمة المتفرج والقارئ في اتخاذ موقف محدد من النص والعرض.
تضمن كتاب”سيميولوجيا المشرح”للدكتور أحمد شرجي ثقافات ومقاربات ودراسة للغة المسرح عالمياً، ويذكر الشرجي أن السيميولوجيا تعنى بالمفهوم العام للعلامة، إنطلاقاً من مستويين الأول ماهية العلامة التي يحدد وجودها وطبيعتها وعلاقتها بالموجودات الأخرى والتي تتشابه أو تختلف معها، ومستوى فاعلية العلامة ووظيفتها في الحياة العامة.
يدرس الشرجي علامات المسرح من خلال التحليل البارتي، حيث يقف عند ثلاث أنماط من العلامات، يُطلق على الأول”الرمز”ويشمل العلامات أو الاشارات الإنسانية الكبرى، أما الثاني فيشير إلى أن لكل علامة مخزون وذاكرة منظمة من الأشكال تمكن من التمييز باستحضار الاختلاف حتى لا يتغير المعنى.
أما النمط الثالث فلم يعد موقع العلامة منغلقاً في العلاقات الإفتراضية بل بما يجاورها من علاقات فعلية، وينشئ الارتباط مستوى تركيبياً يشكل بدوره مستوى العلاقات الأفقية وما يميزها بين الوعي الأفقي الذي يسمح لنا بتصور أفضل للمجموعات العاملة”الرسائل”والتصنيفات المعقدة، أما الوعي الرمزي فإنه يوحي بخيال العمق، وتتعزز الصورة بحيوية بالغة جداً، بناءاً على تباين العوالم فلا شيء بمقدوره الخروج عن دائرة المعنى.
يذكر الكاتب أن صناعة المسرح تُحدد بالوحدات الدلالية، بناء على الاتفاقية التي اعتمدت أثناء التدريب، لكن تغيير قصديتها أثناء العرض من متلقٍ إلى آخر لأن”قابلية المشاهد الحقيقية لإدراك ترتيب – ثانوي للمعاني في عملية فك كودات العرض تعتمد على القيم خارج المسرح والقيم الثقافية العامة التي تحملها بعض المواضيع وضروب الخطاب و أشكال السلوك.”
يستند الكاتب دائماً إلى رؤى بارت، ذاكراً أن قدرة العلامة التوليدية في المسرح تعمل بدينامية خاصة داخل العرض المسرحي، وتتحول إلى دلالات بالتضمن لكونها تخضع لثقافة المسؤول من جهة وتذعن لمجموعة سلوكيات وعقائد دينية واجتماعية واخلاقية لأن”عالم التوليد السيميائي هو عالم متحرك، وأن نفترض أن له بنيات لا يعني أبداً أننا نفترض أنه ثابت، لأن الأمر يتعلق بالتعرف على آليات تغير بنيته.”
هذا الكتاب يتضمن أربعة فصول يختتمها الكاتب ذاكراً أن ترابط عناصر العرض المسرحي ضمن بنية متماسكة لتؤسس شبكة علائقية يتعذر معها عزل عنصر عن آخر، وتنفى هذه الخاصية في اللغة وخاصة عند جاكبسون الذي أكد على أن نمط الأصوات علائقي من حيث تأسيسها الأول، إذ تحدد العلاقة بين الأصوات المعنى وتنتجه.