مقالات ودراسات

د. عزيز عبد الصاحب يكتب: بوليفونية تعددية ام صوت واحد في العرض المسرجي “اكسباير”

مقاربات نقدية للدورة السادسة من مهرجان بلد الصمود الدولي بالعراق 2020


المسرح نيوز ـ القاهرة| مقالات ودراسات

ـ

د. عزيز عبد الصاحب
ـ
يحاول الفنان المسرحي العراقي حين يروم الدخول في التاريخ السياسي والاجتماعي القريب ان ينغمر وينفتح على فترة زمنية طويلة نسبيا محاولا ان يعمل على حيثياتها وتفاصيلها الواسعة حين يعكسها ويعالجها للدراما .. وهنا يقع في الفخ … فمعالجة هكذا فترات طويلة من التاريخ التراجيدي يحتاج لسلسلة متعددة من المسرحيات والاحداث والشخوص .. وهذا حسب زعمي صعب مع معظم الفنانين المحترفين فكيف بنا ونحن امام مسرحيين شباب وفتيان يحاولون ان يقولوا كل شئ في عرضهم المسرحي .. الا ان شرط الدراما يعتمد التبار والاختصار والتكثيف والتنوع … ولكن لا اغمط حقهم في المحاولة فلهم شرفها فهل نجحوا واجتازوا الموانع ؟؟؟ اقول استطاع الفنان عباس جاسم وزملائه من الممثلين ان يتخطوا العتبة من خلال توليف نص شعري/نثري لم يشر الى مصادره .. وتوليد بوليفونية متعددة الاصوات لاربعة ممثلين كل ينوء بثقل ماساته ومشكلاته الاجتماعية والاقتصادية والثقافية … لقد توحد هؤلاء الممثلين من خلال ماساتهم فالبسهم المخرج نفس الثياب واعطائهم نفس الميزانسين الحركي التكراري …
تدخل بينهم في الفينة والاخرى شخصية خامسة تحرك الحدث وتجعل الشخصيات تبوح وتسرد ما لديها … اذ يحرك الممثل الخامس الاجواء بدخولاته المتعددة تارة بلف الشخصيات بشريط لاصق واخرى بايداعهم قفلا مفتوحا وثالثة بحرق الارشيف والذاكرة ..المشهدية المسرحية التي تظل مشهدية لفظية اكثر مما هي تجسيدية او ممسرحة الافي بعض المشاهد كمشهد الطحين وذره في الفضاء ومشهد حرق الارشيف وتصاعديته البصرية .. ويبدو ان المخرج/المؤلف اراد ان يقدم شخصيات مثبطة مهادنة مستسلمة .. شخصيات منتهية الصلاحية .. راضخة لما حصل لها من اقدار تنوء بثقل الماض وارهاصه وتتكا على ماساة الحسين (ع) في عقد مضاهاة ومقارنات بين مشكلاتها الذاتية التي هي مسؤولة عنها وبين التاريخ الدائري الذي يعيد نفسه باستمرار في ارض الرافدين -حسب العرض- النص يحاول ان يخوض في مشكلات كبيرة وجودية وفلسفية ولكنه ينسى نفسه ويدخل في اليومي والتداولي الشعبوي ..
مثل معاناة الكهرباء والماء والكتب المدرسية الممزقة وتاشير الفساد الاداري والمالي والطائفية والقتل على الهوية .. يريد ان يقول العرض كل شئ ولم يركز على ثيمة واحدة وهذي من مشكلات عروض الشباب المزمنة .. التي مع العمل المتواصل المستمر ستنتهي حتما ..اخيرا لا بد ان الفت النظر الى الطاقات الشبابية الواعدة في الاداء التمثيلي ، التي استطاعت ان تعبر عن شجن العرض الداخلي في ضوء الفهم العميق لما يقولونو الوحدة الادائية الجسدانية المتراصة والواثقة التي عبرت عن الوقوف الشامخ بوجه الموت واشباحه ..


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock