مسرح طفل

د. علي خليفة يكتب عن “مسرحية الشاطر حسن” لصلاح جاهين


المسرح نيوز ـ القاهرة| د. علي خليفة

ـ

كتب صلاح جاهين هذه المسرحية بالعامية المصرية، ومزج فيها بين الحوار النثري وبعض الأغاني، وهي تقع في ثلاثة مناظر.
وتدور أحداث هذه المسرحية في جو فنتازي، وتصور سيادة الإنسان على الأرض، فهو خليفة الله في أرضه الذي سخر له كل شيء، وجعله مسيطرا على كل شيء في هذه الأرض، وما حولها.

وتريد هذه المسرحية – التي كتبها صلاح جاهين سنة ١٩٥٩ – أن تقول : إنه في عصر العالم يجب أن يخضع كل شيء للعقل والمنطق ، بما في ذلك السحر الذي كان سبب اقتناع بعض الناس قديما بتحول بعض الأشياء والمخلوقات لصور أخرى، فقد أصبح العلم هو الذي يحول بعض الأشياء لصور أخرى، وكان الاعتقاد لدى بعض الناس قديما بأن الإنسان يمكنه أن يسبح تحت الماء بقدرات سحرية، ولكن في عصرنا هذا؛ عصر العلم يمكن للإنسان أن يسبح تحت الماء بأدوات حديثة تمكنه من ذلك، كما نرى هذا في هذه المسرحية.

وكذلك نرى الحنية في هذه المسرحية لم تستطع بقدراتها السحرية والشيطانية أن تسيطر على الإنسان، ولكنه سيطر عليها وعلى الغولة، وعلى كل مصادر الخوف القديمة عنده بالعلم والمعرفة.
وفي هذه المسرحية نرى الشاطر حسن – الذي يرمز لإنسان هذا العصر المتسلح بالعلم والمعرفة – قد صنع الإنسان الآلي الذي يعينه في كثير من مهام حياته.

وتتلخص أحداث هذه المسرحية – التي تجري في إطار كوميدي – في أن الشاطر حسن استطاع أن يجمع كل مصادر الخوف والرعب للإنسان في العصور القديمة، وحبسها عنده، واستعان بالإنسان الآلي مكمكينو الذي اخترعه في حراستها.
وتخطر للشاطر حسن فكرة أن يجعل الغولة ترقص مع العفريت الأحمر؛ ليتسلى، ويرعب العفريت الأحمر من الغولة، وينتهي الأمر بأن تبتلعه.

وتتآمر الحداية مع الجنية في الإيقاع بالشاطر حسن، فتوهم الحداية الشاطر حسن أن هناك طفلا صغيرا قد وقع في مياه النيل، وأمه تصرخ مستغيثة بمن ينقذه، فيسرع الشاطر حسن مع الحداية للمكان الذي تقوده إليه عند النيل، وتهجم الجنية على الشاطر حسن، وتوقعه في مياه النيل، وتغطس به لأسفل كثيرا، وتحاول سحره؛ ليخضع لها، ولكن الشاطر حسن لا يؤثر فيه سحرها، ويستطيع بمعاونة صديق له من سمك البلطي وزوجته أن يتخلص من أسر الجنية، ويخرج من قاع النيل، ومن حصار الأسماك الشائكة والكهربائية، ولا يكتفي بذلك، بل إنه يأسر الجنية، وتخضع له مثل بقية المخلوقات الأخرى التي سيطر عليها، وصارت له السيادة الكاملة عليها.

وخلال غياب الشاطر حسن عن بيته تتمرد الغولة، وتحاول الخروج من القفص الذي وضعها فيه الشاطر حسن، وتساعدها الحداية في ذلك، وتضعف قوى مكمكينو، ثم يتوقف عن الحركة؛ لنفاد شحنه، ولكن بعودة الشاطر حسن ومعه أسيرته الجديدة يخضع له كل من تمرد عليه وعلى سيطرته له، وتصاب الجنية بهلع شديد، ويقرر الشاطر حسن أن يرسلها للسيرك، هدية منه للمدرب محمد الحلو؛ لتكون ضمن الفقرات العجيبة في السيرك، وفي الوقت نفسه يعيد الشاطر حسن شحن مكمكينو، ويشعر أنه بحق سيد المخلوقات على الأرض.

وألاحظ أن الحوار طويل على ألسنة الشخصيات في مواضع كثيرة بهذه المسرحية، وبالطبع هذا الطول لا يناسب مسرح الطفل الذي يجب أن تكون حواراته قصيرة؛ حتى يستطيع الأطفال التواصل معها، والشعور بحيوية الأحداث التي تعبر عنها هذه الحوارات.

كذلك ألاحظ في هذه المسرحية استخدام لغة سوقية على ألسنة بعض الشخصيات فيها، مثل الجنية والغولة والحداية؛ وهذا بغرض الإضحاك منها، ولكنها أيضا لا تناسب مسرح الطفل الذي نحاول من خلاله أن نرقى بلغة الأطفال، وأسلوب حوارهم، مع الرقي بأخلاقهم أيضا.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock