مقالات ودراسات

د. علي خليفة يكتب عن: مسرحية “محاكمة حطاب” للكاتب والمخرج المغربي المسكيني الصغير


المسرح نيوز ـ القاهرة| مقالات ودراسات

ـ

د. علي خليفة

 

شخصية الحطاب من أكثر الشخصيات حضورا في قصص الكبار والأطفال والحكايات الشعبية القديمة التي ما زال يعاد إنتاجها في شكل قصص ومسرحيات.
ولعل أشهر حطاب يعشقه الصغار والكبار هو علي بابا في القصة المشهورة عنه “علي بابا وعصابة الأربعين حرامي” التي ألحقها أنطوان جالان مترجم كتاب ألف ليلة وليلة للفرنسية في القرن الثامن عشر بقصص ذلك الكتاب.
وأيضا نرى جحا يظهر حطابا فقيرا في بعض النوادر والقصص الطريفة المنسوبة له.
والحطاب يظهر في أغلب القصص والحواديت الشعبية شخصا فقيرا طيب القلب، وبسبب طيبة قلبه فإنه تحدث له حوادث غريبة، وقد يصبح ثريا بعدها، كما نرى ذلك في قصة “علي بابا والأربعين حرامي”، كما أنه قد يحظى بقلب الأميرة الجميلة ويتزوجها، كما نرى ذلك في مسرحية “الأميرة والحطاب”، للكاتب الإنجليزي أ أ ميل، وفي أحيان أخرى نرى الحطاب حائرا بين وهم الثراء الذي يتمنى حدوثه وبين واقعه الصعب الذي يعيشه، كما نرى ذلك في مسرحية “رسائل قاضي أشبيلية”، لألفريد فرج.
ونرى في مسرحية محاكمة حطاب للمسكيني الصغير حطابين، وأحدهما – واسمه علي – طيب القلب محب للطبيعة ولكل ما فيها، ويشعر أن للأشجار في الغابة أحاسيس كالبشر، وأنها تتألم حين يهم شخص بقطع جذوعها أو باستئصال بعض الفروع منها؛ ولهذا نراه لا يجمع من الغابة غير الأوراق والأغصان الذي سقطت عن أشجارها، ولا يقطع أي شجرة في الغابة أو يمسها بأي ضرر.
والحطاب الآخر في هذه المسرحية اسمه مراد، وهو على خلاف شخصية علي، فمراد حطاب يتعامل مع أشجار الغابة على أنها لا تشعر ولا تتألم، وهو لا يفكر في غير مصلحته؛ ولهذا فهو يقطع ما يحلو له من جذوع أشجارها وأغصانها.
وينصح علي مراد بألا يسيء لهذه الغابة وأشجارها بقطع الأشجار التي فيها من جذوعها أو باستئصال بعض الفروع منها، ويقول له: إن هذه الأشجار تعطينا الظل والثمار، وينتفع بها الإنسان والطير والحيوان، ولا يجب أن يكون جزاؤها منا بقطعها.
ولا يستمع مراد لنصائح علي، ويرفض أن يكتفي بجمع الأوراق والأغصان الساقطة عن أشجار هذه الغابة، ويمني نفسه بأن يسبق علي بجمع حطب وفير من هذه الغابة، ويذهب به للسوق ويبيعه.
وبعد أن يترك علي مراد وحده في ركن من تلك الغابة إذا بمراد يسمع صوتا غريبا يحذره من قطع أي شجرة في هذه الغابة، ثم تظهر لمراد ثلاث أشجار على هيئة بشر، ويقومون برعبه، فيزداد خوفه، ولا يدري أهو في حلم أو حقيقة!
وتعرفه هذه الأشجار بأنه ستتم محاكمته غدا أمام سكان هذه الغابة على جرائمه في حق أشجار هذه الغابة. وفي يوم المحاكمة نرى هذه الأشجار الثلاثة تحيط بمراد، ويظهر علي على هيئة القاضي الذي يحاكم مراد، ويحكم علي على مراد بحبسه في هذه الغابة مربوطا لإحدى الأشجار فيها.
وفي المشهد الأخير من هذه المسرحية يظهر مراد وهو يفيق من إغمائه، وحين يرى علي أمامه يسأله: ألم تكن القاضي الذي حكم بحبسي وربطي لإحدى أشجار هذه الغابة؟ فينكر علي أن يكون قد فعل ذلك، ويخبره أنه صديقه الحطاب علي.
ولا يستطيع مراد أن يتأكد من أن ما حدث له مع بعض أشجار هذه الغابة كان مجرد حلم؛ لأنه يسمع بأذنيه – هو وحده – أصوات تلك الأشجار تستمر في تحذيره من الاعتداء على أي شجرة من أشجار هذه الغابة.
وبعد أن ينسحب علي ومراد من المسرح تدخل هذه الأشجار الثلاث للمسرح، وتفرض وجودها عليه، وتنتهي المسرحية.
وهذه النهاية تجعل الطفل المتلقي لها لا يستطيع أن يحدد أن ما حدث لمراد كان حلما أو حقيقة، وأعتقد أنه كان من الأفضل أن يدرك مراد أن ما حدث له كان حلما، ولكنه كان حلما مزعجا، واستفاد منه بأنه لن يعود للعبث بأشجار هذه الغابة مرة إخرى؛ لأن بعض الأطفال يمكن أن يتصوروا أن ما حدث لمراد مع هذه الأشجار كان حقيقة؛ وذلك بسب قلة تجاربهم في الحياة.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock