وجوه مسرحية

د. محمد أمين عبد الصمد يكتب في محبة “العصامي”

بمناسبة عيد ميلاد د. حسن عطية


المسرح نيوز ـ القاهرة| وجوه مسرحية

ـ

بداية أعترف أني غير محايد أثناء الكتابة عن الأستاذ الدكتور حسن عطية , فهو من الأقلام التي قرأت لها في مجلتي           ( الفنون) و( المسرح ) قبل قدومي إلى القاهرة , والدراسة بها , وكانت كتاباته تعزف أنغاماً صحيحة على أوتار عقلي , وشاءت الأقدار أن ألتقي به , وتصبح بيننا علاقة قوية , رغم قلة اللقاءات وتباعدها , ولكنه قادر تماماً على الاحتفاظ بحرارة العلاقات الإنسانية ومستواها وكأنك معه يومياً , وفي كل لقاء يرسخ فكرة أنه (الأستاذ ابن البلد ) الذي لا تنسى إطلاقاً أستاذيته لكنها لا تمثل لك أو له عائقاً في التعامل , وتستطيع ببساطة أن تقول أنه (حسن عطية ) نفسه ؛ في قاعة الدرس ؛ في منصب مدير عام إدارة المسرح بالثقافة الجماهيرية , في منصب عميد المعهد العالي للفنون الشعبية , في منصب عميد المعهد العالي للفنون المسرحية وغيرها من التكليفات التي أبلى فيها بصدق وبتجرد . أحياناً كنت أشاغبه بنوعية بعض الدارسين الذي يشرف على أطروحاتهم الأكاديمية, فيضحك ملء فيه , ويقول : ” أنت غيران ” , فأضحك , وقد تكون الحقيقة ..!!

فمن ناحيتي لا أستطيع الإنكار أني تمنيت سابقاً – ولم تسمح الظروف – العمل العلمي تحت إشرافه , فهو الأستاذ العصامي صاحب التوجه الاجتماعي الواضح في منتجه النقدي والبحثي , وصاحب التجربة الكبيرة في التفاعل مع مختلف الأجيال الفنية , على طول وعرض الخريطة المصرية .. بل والعربية , وقد أكون متماساً معه في بعض القناعات والأفكار.


فابن حي ( بولاق أبو العلا ) الذي عشق المسرح والسينما منذ طفولته , واطلع على حياة الناس بمختلف طبقاتهم وفئاتهم في واقعيتها ومعاشها , مما شكل وجدانه , وأسس لاهتماماته الفنية , وانحيازاته الفكرية , إلى أن التحق عام 1967 بالمعهد العالي للفنون المسرحية , منحازاً فكرياً للاشتراكية , وما تقدمه من حلول للبشرية , مما انعكس على قناعاته الفنية , التي اتسمت بإعلاء ثنائية الحرية / المسؤولية , وتسببت قناعاته السياسية في عدم تعيينه معيداً بالمعهد العالي للفنون المسرحية , رب ضارة نافعة , فاتجه حسن عطية للحقل الثقافي والصحفي على اتساعهما , مقدماً إنتاجه النقدي المتميز , مشتبكاً مع واقعه , ومعبراً عنه , وهو ما انعكس على تكوينه الملتحم والمتفاعل مع كل جديد في الحياة الثقافية , فلم تحده أسوار المؤسسة التعليمية .
وجاء تعيينه بالثقافة الجماهيرية – بدورها المهم – تأكيداً لتوجهاته الاجتماعية وقناعاته الفكرية .


وفي عام 1982 عاد إليه حقه بالتعيين في المعهد العالي للفنون المسرحية , ثم جاء سفره إلى إسبانيا في منحة دراسية للحصول على درجة الدكتوراة من جامعة الأتونوما , ليطلع ويتفاعل خلال سنوات المنحة على تجربة الأخر وثقافته, بإحساس الند للند , وتفاعل من يملك رصيداً حضارياً مماثلاً , وعاد من بعثته ليستأنف مشواره في معهد الفنون المسرحية , ويواصل عطاءه كذلك خارج المؤسسة التعليمية , فكم من أجيال تعلمت من قلمه , وكم من صاحب عمل فني رأي نفسه وعمله بميزان قلم حسن عطية , ولم تحتجزه القاهرة بزخم أنشطتها الفنية والثقافية , ومركزيتها المجحفة , بل كان متواجداً في كل مكان يقدم مسرحاً في مصر , داعماً , معلماً مشجعاً .


واستمر نشاطه النقدي في مجال السينما , مؤكداً قيمة المنتج الفني ودوره , وما زال – متعه الله بالصحة- غزير العطاء …. أكيد الحضور … نظيف القلم في مجال دراسة الفنون ونقد منتجها .


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock