صدر حديثا.. في بغداد.. كتاب “أوراق فنية” للناقد الصحفي والإعلامي العراقي عبد العليم البناء
المسرج نيوز ـ العراق| محمد سامي
ـ
صدر مؤخرا كتاب أوراق فنية الصادر في بغداد.. العراق عن دار 2019 للناقد الصحفي العراقي عبد العليم البناء..وننشر ما جاء في مقدمته وتوطئةكتبها بنفسه علاوة على تقديم الأكاديمي المسرحي العراقي الكبير أ. د. عقيل مهدي يوسف
مقدمة المؤلف يقول فيها:
الكتاب – كما يقولون – يقرأ من عنوانه ، لهذا جاء اختيار عنوان كتابي تحت مسمى (أوراق فنية) ، ليكون المعادل الموضوعي لمسيرة طاولت الأربعة عقود ونيف خضتها عملياً ، في مسارين متلازمين ومتفاعلين ومتداخلين وظيفياً ومهنياً ، وكانا بمثابة وجهين لعملة واحدة :عملي مسؤولاً لإعلام دائرة السينما والمسرح وصحفياً في الوقت ذاته ، بكل ما ينطوي عليه هذان المساران من رؤية وهدف واستشراف وإلهام متكامل ، ليثمر عن حصيلة منتقاة من عمودي الصحفي (أوراق فنية) ، الذي تراكمت فيه خبراتي وتزايد خزيني المعرفي ، مسلطاً الضوء فيه على مختلف مجالات الإبداع وصناعه وانتاجاته ورسالته ودوره التنويري والطليعي ، والذي استمر الى مابعد تقاعدي الوظيفي ، لتسجل وتضيء ، في جزئها الأول ، تجارب متنوعة قسمتها على ثلاثة فصول تتباين في محتويات كل منها ، لكنها تصب جميعاً في هدف إصدار الكتاب.
في الفصل الأول عرضت لمجموعة من الإصدارات العراقية والعربية ، شملت كتباً ومجلات مختلفة تناولت فنون المسرح والسينما والموسيقى والتشكيل والآداب والتوثيق وغيرها من فنون الإبداع ، لنخبة من الكتاب المعروفين ولبعض الجهات الفاعلة ، بما فيها بعض الإصدارات الإقتصادية التي تعد مهمة لإستكمال المشهد الثقافي ، في صورته العامة والثرية.
في حين توقفت في الفصل الثاني عند نخبة من الراحلين ، من كبار مبدعي العراق في مختلف فنون الإبداع ، إضاءةً وتخليداً وإجلالاً واعتزازاً بعطائهم المثمر طوال عقود عدة ، كانوا يشكلون فيها ركائز نهضة ووجدان الشعب العراقي المعطاء ، بما قدموه من عطاءات مهمة ومؤثرة وفاعلة مازالت محفورة في ذاكرته ، لاسيما أن كثيراً منهم رحلوا في منافي الغربة ، هرباً من جور وظلم واضطهاد حكام العراق المستبدين ..
في الفصل الثالث تقصينا مجموعة من المبادرات والإبداعات ، لنخبة من صناع الجمال من المبدعين والمبدعات داخل وخارج العراق ، وتلازمت عطاءاتها بكينونتها وصيروتها وتواصلها ، من خلال نماذج مشرفة وإنطوت على قدرات وإمكانات فاعلة ، ورسمت آفاقاً مشرقة بل وملهمة.
تقديم أ.د. عقيل مهدي يوسف
يتعرض “الكاتب” في الفصل الأول الى عديد من الإصدرارات ، منها (المجلات ) التي كان فيها (سكرتير) تحرير مجلة (سينما ومسرح) منذ العدد الأول (صفر) ، في ثمانينيات القرن الماضي – كما يذكرنا بها- التي سبقتها مجلة (الإذاعة والتلفزيون) ، وكذلك مجلة (السينمائي) التي يرأس تحريرها ، مستعرضاً تجربته فيها والكتابة عنها وعن مجلات أخرى موازية ، وعرض تجاربها في رفد المشهد الثقافي، مثل (باليت) في الفنون التشكيلية وسواها على تنوعها.
ومما هو جدير بالالتفات اليه ، هو تأطيره ، لعنوانات الكتب الفنية الخاصة بالمسرح ، والسينما والببليوغرافيا ، والسرديات ، فيقف عند كتاب ، أ.د. سامي عبد الحميد ، الموسوم ، (من المسرح الشعبي الى المسرح الشامل) وما حفل به من دراسات وبحوث ، ترجمها وعلق على بعضها ، ومنها ما يخص الإسلوب في المسرح ، ومفهوم الطراز ، والرؤية والبنيوية ، ومصطلح التجريبية ، والمسرح الشامل ، والشرقي.وكتاب أ.د. يوسف رشيد (الإنشاء المسرحي وعناصره) الخاص بالسينوغرافيا والإخراج ، ومعمارية المنظر، والاسهامات التشكيلية في العرض المسرحي لفنانين أعلام ، أمثال : حافظ الدروبي، واسماعيل الشيخلي ، وجواد سليم (..). وكتاب أ.د.مجيد حميد الجبوري فيما يخص الجانب النظري ، والفني، والتطبيقي ،تحت عنوان (دراسات في الحبكة المسرحية ،عربيا وعالمياً).وكتاب (الرهان على الزمان) وهو سيرة ذاتية لمحسن العزاوي ، عن “( زمن الشباب وزمن الشيخوخة).وأيضا كتاب أ.د. عقيل مهدي يوسف (دوائر نقدية وجمالية) عن الذاكرة الإخراجية ، والتجريب، والنص. وكتاب بشار عليوي (المسرح والإرهاب)، و( الممثل والسينوغرافيا في العرض المسرحي) لجواد الحسب ، ثم يدرج كتاب د. جبار جودي (السينوغرافيا ، المفهوم، العناصر، الجماليات) الخاص بتشكيل المنظر المسرحي وجمالياته ، ومنظوماته البصرية .وكتاب د. كريم خنجر ( التحول في أداء الممثل) ، ومن ثم يعود بنا الى كتاب ثان للأستاذ سامي عبد الحميدد وهو ( مقاربات ومقارنات لمشاهيرالمخرجين أجانب وعراقيين ).
أما عن الكتب السينمائية ، فيتوقف عند كتاب كاظم مرشد السلوم (دراسة تحليلة في السينما الوثائقية) ، وضياء البياتي (موسوعة السينما العراقية -ج1) ،وعلاء المفرجي (كلاكيت) ، وكتاب مهدي عباس (السينماالعراقية في عام 2015).
ثم ينعطف الى كتب مجاورة ، تخص الجانب الببيلوغرافي، ب(نبذة موجزة من آثار الواسطيين) يكتبها الأخوان نبيل وعقيل ابراهيم العطية ، ويقف عند المؤلفة إيمان عبد الحسين وهي تكتب عن القاصة والروائية ميسلون هادي وتميزها في السرد العربي.
عروض مسرحية
ثم يتأمل الكاتب ، في عروض مسرحية ، لأجيال متنوعة أمثال : (هلوسة تحت النصب ) تمثيل عزيز خيون ، ومحمد هاشم. ويقدم الكابريه السياسي في مسرحية (نون) للمخرج كاظم نصار ، و(عربانة) لعماد محمد ، ومسرح المقهى ، إخراج د. حسين علي هارف.و(نورية) لليلى محمد وتمثيل هناء محمد ،و(سيليفون) اخراج محمد مؤيد.
ومن حق الكاتب عبد العليم البناء أن يفخر ، بما قام به (الشيخ د.سلطان القاسمي) من دعم متواصل ، وتأسيس غير مسبوق ، لمهرجانات مسرحية، تحت رعاية (الهيئة العربية للمسرح) ، وما يبذله الاستاذ (إسماعيل عبدالله) من جهود خلاقة ومعه الفنانون: (يوسف عيدابي) و(غنام غنام) وآخرون ، بفضل الهيئة العربية ، إذ انتشرت عروض المسرح في دول عربية مغاربية ومشرقية ، مما يدعو الى الفخر بمنجزاتها.وبرز الى الواجهة مهرجان قرطاج الذي قدمت فيه (روميو وجولييت في بغداد) إخراج وإعداد د.مناضل داوود من العراق وسينوغرافيا د. جبار جودي، بتكليف من (فرقة شكسبير الملكية ) – لندن.وهناك مسرحية (أهريمان) إخراج علي دعيم ، وعروض أخرى قدمت في مهرجان القاهرة ، والكويت في مهرجانها الثامن برعاية الهيئة العربية للمسرح. ومسرحية (إعزيزة) إخراج باسم الطيب، ومسرحية (حصرياً- إكسكلوسف) للمخرج حيدر منعثر مع الجانب المغربي.
أفلام سينمائية :
يحيلنا الكاتب الى فيلم المخرج السينمائي محمد شكري جميل ( المسرات والأوجاع) وهو من الرواد الكبار في السينما العراقية والعربية، ويقودنا الكاتب الى (مؤسسة : مدينة الفن للسينما والتلفزيون) التي يديرها بإمتياز الفنان د. حكمت البيضاني ، وما يقوم به من مهرجانات ومنها ( 3دقائق في 3أيام).وتظهر أيضا أفلام لشبابنا المبدعين مثل فيلم أحلام لممد الدراجي و(غير صالح للعرض) إخراج عدي رشيد ، ومن بين أفلام بغداد السينمائي الدولي السابع فيلم (القربان) للمخرج الايراني أمد رضا درويش.
أما في القسم الخاص بالراحلين ، فنتأسى معه على افتقادنا لمبدعين كبار زرعوا الثقافة والأمل وبثوا الروح الوطنية في العراق، منهم: المسرحي الرائد ، والسينمائي، والتشكيلي، والتلفزيوني، والمنتج ، والممثل ، والشاعر، والروائي ..ولكن آثارهم الإبداعية مازالت شاخصة وملهمة للأجيال.
في المبادرات والإبداع
من دواعي فخارنا بالذين دفعتهم حماستهم الوطنية ، أن يقرنوا ابداعاتهم الفنية بالجانب الحضاري والثقافي للعراق ، ويختار الكاتب من من بين هؤلاء الفنان نصير شمة ، وهو من أعلامنا في العزف، والموسيقى ، وروحه الخلاقة ، حيث باتت مشاريعه ، شاخصة في قلب مدننا وعاصمتنا الزاهية بغداد، بمثل زهو شيخ المعماريين محمد مكية ، وزها حديد ، وهم ينقلونا الى ذرى هندسية بنائية ، تتخطى الحدود التقليدية ، الى الحداثة وما بعدها في عالمنا المعاصر.
استطاع الكاتب عبد العليم البناء ، أن يركز سعة معلوماته الإستقصائية ، سواء في تحليله واستناتاجاته أم بإسلوب الصحافة الفنية الجذابة في نقل الخبر ورسم الحدث، وهو يدون مقالاته التي توثق رجالات وتيارات في ضروب من الإبداع المختلفة ، تارة يأخذنا الى دقائق الحياة اليومية وأخرى يتسامى بآفاق المتخيل الإبداعي الجميل والجليل مثيراً لأسئلة رئيسية وأخرى تابعة ، في وحدات كلية ، وجزئية ، في عصر الميديا، والعولمة ، وصراعاتها المتواترة والغرائبية ، مابين طرفي التوثيق المنطقي العقلاني لجغرافية الواقع ، وفعل التخيل والتخييل الإبداعي الحر.
لذلك اجتمعت في أوراق هذا الكتاب (موتيفات) ومواضيع وفروض ومناهج ، تتفاوت في علاقاتها الترابطية ، تبعا لخصوصية الذين تناولتهم المباحث المتنوعة ، وخصوصية بعض التجارب الفردية ، وما تركوه من أثر على البيئة المحيطة ومواكبة المتغيرات ، وإعادة بناء مواقفهم إزاء قيم الحق والخير والجمال ، ومتابعة تعمق رؤاهم الفنية والحياتية..
يفيد من هذا الكتاب ، القاريء الباحث عن ( موضوعات)مختلفة ، أو ما يستبطنه من أفكار محورية ، تعزز من بحثه عن الحقيقة ، والكرامة الإنسانية ، فالكتاب جدير بالإقتناء لسعة (الأنطولوجيا)، وتضافر الأزمنة والأمكنة ، والذوات المبدعة ، فيه ، وتفاعلاتها ، وبدرجات واضحة التميز ، في معيارها ، ومحاكاتها الموضوعية .
توطئة الكاتب:
مازلت أتذكر أنني كنت طالباً في (متوسطة السدير) بمدينتي (النجف الأشرف) ،التي شهدت صرختي الأولى قبل أكثر من ستين عاماً ،حين تفتحت أمامي مغاليق القراءة العامة في الكتب والمجلات والصحف المتنوعة وشملت الرواية والقصة القصة ودواوين الشعر وغيرها ،بما فيها كتاب (ألف ليلة وليلة) طبعة بولاق بأجزائه الأربعة التي احتوتها مكتبة شقيقي عبد المعطي البناء وكانت لكتاب معروفين وغيرمعروفين كالمنفلوطي ومحفوظ وجبران والعقاد ….إلخ، وجراء هذا الخزين المعرفي مازلت أتذكر مدرس اللغة العربية (الأنصاري) في المتوسطة إياها ،وهو يدعوني الى قراءة موضوعي في مادة (الإنشاء) عن قبة أمير المؤمنين(ع) ،واقفاً عند السبورة أمام طلبة الصف لأنه وجد فيه مايستحق من سلامة في اللغة والتكثيف والتصوير الجميل ،الأمر الذي أهلني – دون إدعاء – إلى إعتلاء منصات الإحتفالات والمهرجانات عريف حفل مفوه أرتجل مسترسلاً أمام جمع من مختلف المشارب ،دون استخدام ورقة أو قلم في إعدادية النجف وكلية الآداب في جامعة البصرة ومعظم مسارح بغداد على مدى عقود عدة ،وخلال ذلك مارست كتابة قصيدة النثر وساعدتني دراستي وتخصصي في اللغة العربية ،على أيدي عمالقة تدريسييها في النحو والصرف والأدب والبلاغة أن أجيد استخدامها كتابة ونطقا وإرتجالاً ،فأصبحت سكرتير تحرير مجلة (صوت الجامعة) في قسم الاعلام بجامعة البصرة خلال دراستي من 1972 الى 1976 وأنا مازلت طالباً ،لألج للمرة الأولى (بلاط صاحبة الجلالة) متسلحاً بهذا الخزين المعرفي اللائق مواصلاً المشوار في هذا الطريق ،بالإشتراطات المهنية الصعبة بعيداً عن المحاباة أو الإستسهال كما جرى ويجري الآن لأسباب وظروف معروفة .
سعيت الى العمل في أكثر من مجلة وصحيفة وتوسعت وتراكمت خبراتي وإمكاناتي الصحفية ،وجاء أمر تعييني مسؤولاً لقسم الاعلام التابع لمركز الأبحاث والدراسات في دائرة السينما والمسرح في شهر آيار عام 19578،إيذاناً بدخول مرحلة جديدة من عملي الصحفي والإعلامي بولوج عالم الفنون السينمائية والمسرحية من أوسع أبوابه ،في وقت كان يصول فيه ويجول عمالقة هذه الفنون بعطاءاتهم وروائعهم الإبداعية المعروفة ،ومن يومها تعمقت تجربتي في الكتابة بمختلف فنون العمل الصحفي وبمعية عدد كبير من الأسماء الصحفية المرموقة ،وإزدادات مسؤولياتي الصحفية متخصصاً بالكتابة في الموضوعات السينمائية والمسرحية وبقية الفنون الساندة في الإصدارات المتخصصة ،لاسيما نشرة ومجلة (سينما ومسرح) التي توليت فيها وفي غيرها أكثر من مهمة صحفية ناهيك عن الصفحات الفنية والثقافية في صحف ومجلات محلية وعربية والى اليوم.
وبفضل هذه الخبرات الصحفية والإعلامية والثقافية والفنية المتراكمة كان لي أن اكتب عمودي الصحفي المعروف (أوراق فنية) ،الذي واظبت عليه منذ أكثر من ثلاثة عقود وفي أكثر من مطبوع يومي وإسبوعي ودوري ،لاسيما صحيفة (المواطن) التي أتولى فيها تحريرصفحات (فنون) و(ثقافة) و(منوعات) وتجمعت لدي حصيلة وافرة جداً تصديت فيها ،بالمتابعة والمعالجة والتحليل وأحيانا النقد البناء لكثير من الظواهر والمهرجانات والعروض والمؤتمرات والورش والجلسات والحوارات واللقاءات مع صناعها ،بما فيها الإنتاجات السينمائية والمسرحية والفنون الساندة التي ينطوي عليها المشهد الثقافي والفني عراقياً وعربيا ،بتجلياتها وانثيالاتها وتمظهراتها المتنوعة وكنت أسعى لإصدارها في أجزاء عدة .وماكان لهذا المسعى أن يتحقق لولا دعم وإسناد مبادرة (صندوق تمكين) بإشراف البنك المركزي العراقي ورابطة المصارف الخاصة العراقية ،وتموله المصارف الخاصة وشركات الصرافة والتحويل المالي الذين أتقدم لهم جميعاً بشكري الجزيل وامتناني الوافر.