عرض باب الفتوح.. يعيد تنشيط فكرة الحاكم و المحكوم برؤية إخراجية عصرية و نص مسرحى متطور!
على النجمي
باحث و ناقد مصري
ـ
بالفعل.. إن باب الفتوح عرض مسرحى يعيد تنشيط فكرة الحاكم و المحكوم برؤية إخراجية عصرية و نص مسرحى متطور . فقد حمل العرض المسرحى باب الفتوح على مسرح السلام أفكار كثيرة مفتوحة على كل العصور و تناسب كل زمان و مكان . فالعرض يبدأ بمجموعة من الشباب الحالم بمستقبل كريم يسوده العدل و الحرية و الكرامة الانسانية ، هؤلاء الشباب فى انتظار المخلص أو الملهم الذى يتبنى أحلامهم ،
و يأتى الملهم ليحقق أحلامهم و يحمل معه دستور العدل و الحرية و الكرامة الانسانية هذا الدستور الذى يسمى باب الفتوح ، و كأى فكرة نبيلة لابد أن يكون لها معارضيها من أعداء النجاح و حاشية السوء و هو ما ظهر من محاولة القضاء على دستور باب الفتوح و محاولة قتل و وأد الأفكار النبيلة إلتى يحملها الدستور الجديد الذى يحمله الملهم أو المخلص و يريد توصيله للحاكم المجسد نصيا فقط فى فكرة القائد المخلص صلاح الدين.
تخلل العرض مجموعة من الأفكار التى تمس العلاقة بين الحاكم و المحكوم تلك العلاقة قديمة التداول الفنى و الفكرى و لكنها فى عرض باب الفتوح بشكل عصرى آنى متطور فى مزج بين القديم و الحديث فى نص مسرحى مرن حاول خلاله محمود دياب اللجوء للماضى الجميل و زمن القائد الملهم المخلص الحاكم العادل و ربطه بالواقع الحديث فى فانتازيا تحمل ملامح و أحلام شبابية عصرية و لكنها فانتازيا جادة .
ساعدت الرؤية الإخراجية لفهمى الخولى فى تأصيل الأفكار النبيلة إلتى يحلم بها الشباب و إلتى ينادى بها النص المسرحى و إن كانت هذه الرؤية فى الفصل الأول تبدو تقليدية اشبه بالمسرح المدرسى أو مسرح الهواة من خلال حركة الممثلين الشبه عسكرية أو مايشبه طابور المدرسة و أداء صوتى ضعيف و غير واضح و سريع و مضغم و إن كاد لا يصل الصوت لمنتصف القاعة من مجموعة الشباب و إن كان الأداء التمثيلى بشكل عام لهم مرضى على المستوى الحركى و إن كان تقليديا.
إلا أن الفصل الثانى يبدو مختلفا تماما عن الفصل الأول من حيث الاحتراف المسرحى و العمق الفكرى على مستوى النص و الرؤية الإخراجية و قد يرجع ذلك لدخول نجوم بثقل محمد رياض و يوسف شعبان و أشرف طلبة و محمد محمود و مجموعة من الشباب الواعد منهم سامح تونى فى حالة مسرحية إبداعية لخبراتهم المسرحية إلتى أخذت بيد الشباب فى ظهور العرض بشكل فنى عالى يبشر بحالة مسرحية جيدة تقودها مسارح الدولة.
لقد وظف الفنان فهمى الخولى و مسئولو الديكور بشكل يتماشى مع طبيعة المرحلة و حركة الممثلين بشكل رائع و كذلك الاضاءة و الملابس المتناغمة مع الحدث المسرحى ، و الفقرة الغنائية مع نهاية كل حدث مسرحى أحدثت إيقاعا فنيا و مسرحيا محببا لدى الجمهور لعذوبة صوت المطربة . و عرض باب الفتوح و إن كان حالة خيالية تمزج بين القديم و الجديد فى آن واحد إلا أنه تم بشكل إحترافى رائع يستحق المشاهدة لإحتوائه على مجموعة من القيم و الأفكار النبيلة و عودة لزمن الفن الجميل .