ماجد لفتة العابد يكتب عن الراحل د. فاضل خليل: وداعأ أيها المعلـم .. لا يمكن أن تكون عالميا ما لم تكن محليا أولا
المسرح نيوز ـ بغداد | ماجد لفته العابد
ـ
لم تعد شمس بغداد ذاتها, كما لم يعد هوائها نفس الهواء كذلك لم يعد مائها ماء. بعد أن أنهكتها نزاعات الأخوة والحروب. تحلل كل شيء في زمننا المشؤم هذا. وحتى الأجساد تشضت. وما بين انفجار مرعب وانفجار ملغوم فقدنا بعض أعضائنا. أناسنا, أحبائنا. وفقدنا فاضل خليل هو الآخر, وعلى غفلة من حرصنا عليه.
فقدنا شمس بغداد فيه, وهي روح خليل التي كان يتغزل بها دوما في كتاباته وتمثيله في المسرح والسينما والتلفزيون ما اكتمل منها وما لم يكتمل, ونندب حظنا نحن أيضا. فهل كان فاضل يعرف مقدما بأن ارثه الفني العراقي الذي نذره لتدفئة طقس بغداد في ليالي الشتاء الباردة سوف يتجاوز الدفء لحرائق لا تبقي ولا تذر. وسوف يبقى ظله يبحث بلا جدوى عما فقده.وللاسف شيع صباح يوم الاثنين الماضي ، من المسرح الوطني وسط بغداد، جثمان الفنان المسرحي الكبير فاضل خليل، بعد أن توفي يوم اول أمس الاحد.وعانى خليل قبل وفاته من صراع مع المرض وأجرى عمليات جراحية كبرى، قبل فترة.
ولد فاضل خليل في مدينة العمارة محلة السرية 1946، لأب كان يمتهن الحلاقة وكان يعتبر من مثقفي المدينة آنذاك، وهناك فك خليل خطوط الأبجدية لينطلق بعدها في مشوار الحياة والفن، حيث تخرج من أكاديمية الفنون الجميلة في جامعة بغداد في اختصاص الفنون المسرحية عام 1970، لذلك عُين مُعيداً للفنون عام 1971م.وحصل خليل على الدبلوم العالي في الإخراج المسرحي من كلية الفنون الجميلة في جامعة بغداد عام 1979 قدم بحثاً موسوماً بـ”المسرح العربي والتراث” كجزء من متطلبات الدبلوم العالي.وحصل على شهادة الدكتوراه في فلسفة)
وفي الإخراج المسرحي والعلوم المسرحيةأَثناء دراستهِ في المعهد العالي للعلوم المسرحية فيصوفيا عاصمة بلغاريا بلغاريا عام 1985، عن الرسالة الموسومة “المشاكل المعاصرة في الإخراج المسرحي”.ومن أبرز الأعمال التي أخرجها للمسرح هي الرهان” و”الشريعة” و”سالومي” و”عطيل كما أراه” و”الباب القديم” و”خيط البريسم” و”مئة عام من المحبة” و”في أعالي الحب”.وحصل على جائزة الإخراج عن مسرحية “الملك هو الملك” من مهرجان المسرح العراقي العام 1979 وجائزة الإخراج عن مسرحية “فُرجة مسرحية” من مهرجان الشباب العربي في السودان العام 1987 وجائزة التانيت الذهبي لمهرجان قرطاج المسرحي في تونس العام 2001 عن مسرحية “سيدرا”.
كان فاضل خليل كأقرانه من المخرجين يحدوه أمل الحضور العالمي، وهو يؤمن دائما إنه لا يمكن أن تكون عالميا ما لم تكن محليا أولا، لذلك يرى في أدائه دور (حسين بن سليمة الخبازة) في مسرحية (النخلة والجيران) للكاتب غائب طعمة فرمان وإخراج ( قاسم محمد). ساهم خليل “المخرج في المسرح العربي المعاصر” في إنشاء عدد من الفرق العراقية، وكذلك في إعداد المؤتمر التأسيسي لـ”اتحاد المسرحيين العرب” عام 1976، وعمِل رئيساً لقسم الدراما في “إذاعة بغداد”، وتأسيس ورئاسة عدد من الملاحق الثقافية في الصحف البغدادية.بموازاة ذلك، شارك خليل في السينما العراقية منذ بداياتها الحقيقية في الستينيات،
حيث مثّل أدواراً رئيسية في “الحارس” (1967) لـ خليل شوقي، و”الرأس” (1976) لـ فيصل الياسري، و”الأسوار” (1979) لـ محمد شكري جميل، و”البيت” (1988) لـ عبد الهادي الراوي، و”سر القوارير” (2015) لـ علي حنون، إضافة إلى مشاركته في أفلام مثل “تحت سماء واحدة” و”سحابة صيف” و”زمن الحب” و”الملك غازي”، و”التجربة” (1977) للمخرج المصري فؤاد التهامي.تميّز بتعدّد اهتماماته وعمله الدؤوب في مجالات مختلفة، إذ كتب للإذاعة والتلفزيون عدّة تمثيليات وبرامج حول كتّاب وفنانين وموسيقيين عراقيين، وكانت له تجارب خاصة في مجال الإنتاج السينمائي والتلفزيوني.