كمال سلطان يكتب: “مسرح الجريمة “.. عندما يصبح الجمهور شريكاً أساسياً فى الأحداث!

مقال بالصور

المسرح نيوز ـ القاهرة| مقالات ودراسات

ـ

كتب: كمال سلطان

 

استطاع المسرح التفاعلى أن يخلق نوعاً من العلاقة الجديدة بين المبدع والمتلقى، فبعد أن كان الجمهور يكتفى بالمشاهدة فقط دون أدنى تداخل بينه وبين الممثلين، ظهر هذا النوع من المسرح ونجح فى تحويل الجمهور إلى جزء فاعل فى العملية الإبداعية، وشريكاً أساسياً فى أحداث العرض المسرحى، حيث يجد المشاهد نفسه متورطاً فى الحالة المسرحية، وهذا هو الاختلاف بينه وبين المسرح التقليدى وينقسم المسرح التفاعلى إلى نوعين الأول هو التكنولوجى والذى تكون مشاركة الجمهور به من خلال السينوغرافيا، والثانى هو مسرح المتفرج الذى يتم خلاله اختيار عدد من مشاهدى العرض للصعود إلى خشبة المسرح ومشاركة الممثلين أو عن طريق قيام الجمهور بالتصويت لاختيار نهاية العرض .

إلى ذلك النوع من المسرح ينتمى العرض المسرحى الجديد “الميراث” الذى تنتجه نقابة المهن التمثيلية برئاسة الدكتور أشرف زكى ضمن سلسلة عروض تحمل عنوان “مسرح الجريمة” وهو نتاج ورشة كتابة أعده وأخرجه محمد علام ويتم عرضه على خشبة مسرح النهار برئاسة المهندس وائل عبد الله، والعرض ديكور مصطفى حامد، ملابس ياسمين جان، اضاءة وليد درويش، موسيقى أشرف محروس، صوت أحمد درويش .. بطولة راندا البحيرى، محمد مبروك، محمد علام، عبير فاروق، سحر حسن، ياسر الرفاعى، مادونا جمال، إبراهيم سعيد، محمد حمدى، مؤمن محمد، شيماء على، سهر حسان، اسلام عرفة، نور أبو البيه .

ويتناول العرض كما يتضح من اسمه ميراثا كبيراً تركه أب ورحل تاركاً وصية لمحاميه الخاص تحتوى على كيفية تقسيم الميراث بين ورثته الشرعيين الذين يتمثلون فى ابنته الوحيدة وشقيقه وشقيقته، حيث يفتح الستار على الورثة والمحامى، يتناقشون قبل فتح الوصية ومن خلال هذه المناقشات نكتشف أن الأب كان غاضباً على ابنته بسبب سلوكها المشين وادمانها على السهر وشرب الخمر، وتكون المفاجأة أن الوالد قد كتب جميع أملاكه بإسم ابنته الوحيدة، فيغضب الجميع من هذه الوصية التى يعتبرونها ظالمة بل ويتهمون ابنته “حورية” بأنها قامت بتزوير الوصية بالإتفاق مع المحامى وتتوالى الأحداث حتى تدعو حورية الجميع إلى حفل فى فيلتها لاقتسام الميراث معهم بينما هى تخطط لقتلهم جميعا فى هذا الحفل، وتعلم مديرة المنزل بخطتها بالصدفة فتفسدها عليها وتنقلب الأحداث عندما يتم قتل حورية فى أثناء الحفل وتنحصر الشبهات فى ثلاثة أشخاص هم عمها أسامة وأحمد المتزوج من حورية سراً والذى يحرص على تسريب الخبر خلال الحفل ومديرة المنزل.

وعقب اغلاق الستار يعرض المخرج محمد علام على الجمهور ثلاث خيارات ليختار منها اثنين فقط لمساعدته فى اكتشاف الجانى، ثم يمنح الجمهور الفرصة للتحقيق مع المتهمون الثلاثة وطرح الاسم الذى يشكون فى أنه هو مرتكب الجريمة.

لاشك أن فكرة تقديم سلسلة من العروض البوليسية يكون الجمهور شريكاً فى أحداثها تعتبر جديدة على المسرح المصرى، وان كانت الفكرة نفسها قد سبق للمخرج محمد علام تقديمها من خلال الإذاعة كمؤلف قبل عدة سنوات فى مسلسل حمل عنوان “دائرة الأشتباه” أخرجه حسين إبراهيم، وحقق نجاحاً وتفاعلا مع الجمهور، وهو ما منحه خبرة كبيرة عندما قرر نقل الأمر إلى خشبة المسرح، ورغم نجاح علام ككاتب وسيناريست وممثل ومدرب تمثيل متميز إلا أن موهبته الأكبر تظهر بوضوح فى الإخراج المسرحى وقد نجح المخرج محمد علام إلى حد كبير فى تقديم عرض متماسك اعتمد خلاله على مجموعة من الشباب الموهوبين الذين تدربوا على يديه بورشة النقابة ومنحهم الفرصة كاملة لتقديم انفسهم للجمهور فكانوا على قدر المسئولية ونجحوا جميعا فى أدوارهم التى كتبت بعناية فكان كل منهم بطلاً فى دوره إلى جانب نجوم العرض.

راندا البحيرى نجحت كثيرا فى تجسيد شخصية “حورية” الفتاة التى تكره أسرتها وتسعى للتخلص منهم واستطاعت طوال العرض الحفاظ على ملامحها القاسية وانفعالاتها المضطربة، حتى فى لحظات ابتسامها القليلة حرصت على الا تكون ابتسامتها صادقة سوى فى المشاهد التى جمعتها بالفتاة الصماء التى تعيش معها بالفيلا، كما نجح الفنان محمد مبروك “يوركا” فى تجسيد دور العم الطامع فى ميراث أخيه والذى يسعى بشتى الطرق للحصول عليه أو على الأقل اقتسامه مع ابنة شقيقه، كما نجح كثيرا فى اطلاق ضحكات الجمهور من خلال مشاهده الكوميدية الراقية والتى حافظ خلالها على عدم السقوط فى فخ الاسفاف أو الاستظراف، فكان هو البسمة الحقيقية فى هذا العرش إلى جانب زميله الفنان الشاب ياسر الرفاعى الذى يقدم من خلال العرض دورا جديدا عليه تماما وهو دور أحمد الشاب الرومانسى الذى تجعه علاقة زواج سرية ب “حورية” رغم أنه متزوج من امرأة جميلة، ونجحت الفنانة سحر حسن فى تجسيد دور العمة الارستقراطية التى تتعامل بعنجهية مع كل المحيطين بها وتهاجم ابنة أخيها بسبب علاقاتها الغير شرعية حتى نكتشف من خلال التحقيق أنها تمارس نفس الفعل مع أى رجل يصادفها، كما برعت الفنانة عبير فاروق فى تجسيد دور مديرة المنزل الغريبة الأطوار والتى لا نستطيع أن نتبين هل هى تحب حورية وتعمل لصالحها أن تتآمر عليها .

قدم العرض مجموعة من الشباب الذين ينتظرهم مستقبل كبير فى عالم المسرح، وكانت مفاجأة العرض فى تجسيد المخرج محمد علام لشخصية المحقق التى أداها ببراعة ليست جديدة عليه وإن كنت شخصياً أفضل أن يتفرغ تماما للإخراج ويسند الدور لممثل آخر حتى يتسنى له التركيز التام فى إخراج العرض، ليضاف إلى رصيد أعماله المسرحية المتميزة والتى صارت محطات هامة فى تاريخه مثل “ثرى دى”، “العطر”، “سيلفى مع الموت”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock