مسرح المنصورة وقصر إسكندر .. يعيشان مأساة وينتظران معجزة لإنقاذهما

المسرح نيوز ـ القاهرة ـ متابعات

ـ

حالة من الغليان والغضب تنتاب أهالى مدينة المنصورة ومثقفيها والمهتمين بحماية حضارتها أشعلت جدلا كبيرا على صفحات الفيس بوك والجرائد بعد ورود عبارات على لسان المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء حول هدم مبنى مسرح المنصورة القومى وإعادة بنائه, لاستحالة ترميمه بسبب الأضرار التى لحقت به بسبب تفجير مديرية أمن الدقهلية فى 24 ديسمبر 2013
وأيضا بعد إعلان مالك قصر إسكندر التاريخى فى حى المختلط بالمنصورة عن بيعه مع أرضه تمهيدا لإزالته وبناء أبراج سكنية على أنقاضه .

تأسس مسرح المنصورة القومي, كأقدم بناء مسرحى خارج القاهرة و الاسكندرية – كما يشير الدكتور سيد على إسماعيل رئيس المركز القومى للمسرح وأستاذ الأدب المسرحى بجامعة حلوان، كما وصفت جريدة «المؤيد» – فى افتتاحيتها فى 18 ديسمبر 1889- هذا المسرح بأنه «بناية حسنة الوضع متقنة الصنع، ينشر حُسن اتقانها على مشيديها ألوية الحمد والشكر».

ويضيف د. إسماعيل: وأطلق عليه اسم «تياترو التفريح» ومثل عليه الجوق العربى بإدارة سليمان القرداحى مسرحية «الأمير حسن» بطولة الشيخ سلامة حجازي، وتقول الأهرام : “إن المسرح كان غاصا بالحضور، يتقدمهم سعادة المدير وعزة الحكمدار، وغيرهما كثيرون من وجهاء المنصورة وتجارها. “

وظلت الفرق تعرض عليه باستمرار، وكذلك حفلات الغناء والطرب, وكان أيضا للمسرح المدرسى نصيب. وظل اسم المسرح «تياترو التفريح» حتى سنة 1921 تقريباً حين تم تغييره إلى «تياترو البلدية» ومثلت عليه جوقة عبد الرحمن رشدى المحامى منها مسرحية (العرائس) بطولة: عمر وصفى وروز اليوسف، وغنى محمد عبدالوهاب بين فصول المسرحية، وشهد أيضا عرض مسرحية «توتو» لفرقة فاطمة رشدى عام 1933 وحضر العرض نيازى باشا مدير الدقهلية.

بعد تضرر مبنى مسرح المنصورة القومى من الأعمال الإرهابية قبل ما يقارب العامين شكلت لجان فنية لتقرير وضعه وانتقلت تبعيته من إدارة المسارح بوزارة الثقافة إلى دار الأوبرا, وتم وضع «سملات» للترميم ولافتة.

يقول عبد الرحمن العقاد, أحد الناشطين فى حملة “أنقذوا مسرح المنصورة”, إن قرار رئيس الوزراء بهدم المبنى كارثة بكل المقاييس خاصة أن وزير الثقافة السابق الدكتور جابر عصفور وعد بترميمه وإعادة افتتاحه.

كما أن تقارير أساتذة هندسة المنصورة أكدت أنه يمكن ترميمه ومعالجة الانهيارات التى حصلت به. ويؤكد العقاد أن الحملة ماضية فى اتخاذ الإجراءات القانونية لحماية المبني, مشيرا إلى أن دول أوروبا التى تعرضت لهجوم وتخريب أثناء الحرب العالمية لم تهدم آثارها بل حافظت عليها ورممت التالف منها للحفاظ على الطابع التاريخى والحضارى فيها .

أما سالى سليمان الباحثة فى التراث المصرى فتؤكد أن هدم المبنى يعتبر انتهاكا للدستور الذى يلزم الدولة بالحفاظ على التراث وعدم التفريط فى هويتها، مشيرة إلى أنه لو تم الهدم فلن يتم بناء مسرح آخر .

وتساءلت سليمان: إذا كانت النية هدم المبنى لماذا تم إنفاق ملايين الجنيهات على «شدات» موجودة لترميمه؟. كما تردد أن سلطنة عمان تبرعت بمبلغ 3 ملايين ريال عمانى «نحو 60 مليون جنيه مصرى» حسب تصريحات وزير الثقافة الأسبق صابر عرب.

وكانت مبادرة «أنقذوا المنصورة» أوضحت فى بيان صدر فى نهاية أغسطس الماضى أن أى محاولة لهدم المبنى الأثري- الذى يحمل قيما معمارية وفنية وتاريخية كبيرة تعود لأواخر القرن التاسع عشر، ويرمز لتاريخ المدينة الثقافى ودورها الممتد كمنارة للثقافة فى دلتا نيل مصر- تحت أى دعوات سيقف أمامها جموع مواطنى المحافظة، ومحبو المسرح والتراث والمثقفون بمختلف أنحاء الجمهورية، الذين سبق أن قاموا بحملة جمع توقيعات كبيرة ضد قرار هدم المسرح الذى أصدره حى غرب المنصورة عقب تفجير مبنى مديرية الأمن المجاور له.

وأوضحت المبادرة أنه بمجرد أن تسلمت وزارة الثقافة المبني، تبدل موقفها من الترميم إلى السعى لهدمه وإعادة بنائه، ولم يعد المبنى الأثرى ذى الـ 146 عامًا من وجهة نظر «الثقافة» قابلأ للترميم ضاربة بالقيم المبنى التى سبق وانتفضت للدفاع عنها عرض الحائط .

ومن جانبه يقول محافظ الدقهلية حسام الدين إمام بحسب الأهرام.. إن تصريحات رئيس الوزراء اسئ تفسيرها , فهو لم يقصد أنه اتخذ قراراً بهدم المبني، ولكنه وجه بتشكيل لجنة من الخبراء خلال أسبوع تضم أساتذة هندسة ومختصين لرفع تقرير عن إمكانية إعادة ترميم المبنى أو أفضلية هدمه وإعادة بنائه من جديد بنفس الطراز التاريخى والطابع الأثري.

وأضاف المحافظ أنه خاطب وزارة الثقافة بشأن مسرح المنصورة، لكنه ليس لديه علم عن منحة عُمانية أو مبالغ مخصصة لترميم المبنى .

قصر إسكندر..

أما قصر اسكندر بحى المختلط فقد فوجئ سكان المنصورة بلافتة كبيرة عليه تفيد أنه معروض للبيع مع أرضه، والقصر شيده الخواجة «الفريد دبور» عام 1920 ثم اشتراه «اسكندر حنا» عام1934 .وكانت تحيط به حديقة من أربع جهات تنبت بها أندر أنواع الأشجار. واشتهر القصر بين أبناء مدينة المنصورة باسم القصر الأحمر نظراً لجدرانه الخارجية المطلية باللون الأحمر, وعُرف أيضا بقصر “بارون المنصورة ” نظراً لتشابهه مع قصر البارون امبان بمصر الجديدة, ويتميز القصر بطرازه القوطى الفريد وببرجه الأثرى الذى يعلوه سقف مخروطى مغطى بالقرميد القشرى «كقشور السمك ذى الدلالة فى الديانة المسيحية.

ويؤكد مهند فودة, مدرس مساعد بهندسة المنصورة والمؤسس والمنسق العام لمبادرة انقذوا المنصورة, أن القصر بات مهجورا منذ منتصف الثمانينيات بعد وفاة أغلب سكانه وقام الورثة بإهداء الحديقة الخلفية للكنيسة, أما مبنى القصر, فبدأ فك النوافذ وأبواب القصر وأسوار البلكونات تمهيدا لهدمه وبناء عمارة بكامل مسطح الأرض «المبنى والحديقة الامامية» لكن المحافظة علمت متأخرا بتخريب القصر فأوقفت المالك قبل شروعه بالهدم، وبقى القصر على حاله بلا نوافذ وأبواب وأصبح مكانا للخارجين عن القانون منذ ذلك الوقت وحتى الآن .

ويضيف مهند فودة: القصر مسجل كمبنى تراثى ذى قيمة مميزة، وهو محظور هدمه وتخريبه أو إجراء أى تعديلات عليه بحكم قانون 144 لسنة 2006.

وطالب فودة المسئولين بمحافظة الدقهلية بالتدخل سريعا, وأن تشرف المحافظة على القصر وتضع الشروط اللازمة بما يضمن الحفاظ عليه، أو تتعاون مع المالك الحالى لعرضه على خريطة الاستثمار فى المحافظة فى أنشطة ثقافية, كمركز ثقافى أو ترفيهي من خلال إعادة تشجير الحديقة واستغلالها مع القصر مادامت لا تملك المال الكافى لشرائه وترميمه بمعرفتها.

ـــــــــــــــــــــ

إبراهيم العشماوي ـ المنصورة

المصدر: الأهرام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock