“مكاتيب” مونودراما ـ للكاتب العراقي عمار سيف
المسرح نيوز ـ القاهرة| نصوص
ـ
مسرحية مونودراما
مكاتيب
تأليف
عمار سيف
الناصرية / اب – 2017
الشخصية
رجل في مقتبل العمر
مجنون بصور الحروب
المنظر
(المسرح عبارة عن ظرف كبير كل ما بداخله إطارات لصور منشره مبعثرة في كل مكان، وكرسي وسط المسرح وصندوق اشبه بمحراب يقع في عمقِ يسار المسرح مصممات من نفس الإطارات وشاشة في عمقِ وسط المسرح وأيضا صندوق كأنه خندق من إطارات الصور أيضا يقع يسار مقدمة المسرح)
(أصوات متداخلةٌ من خارج المسرح غير واضحة، نسمع صوتَ انفجار، تكسر الزجاج ومن ثم أصوات الإسعاف وسيارات مطافئ تتعالى حتى تبتعد وتختفي يعم الهدوء لثوان بالمسرح ثم صوت موسيقى صاخبة مخيفة يدخل رجل يحمل إطارات وهو منهك مرتبك وخائفا ملابسه ممزقةٌ رثةٌ غير مرتبه يحاول ان يثبت إطارات في معظم المسرح او الظرف الكبير وبعد كل تثبيت اطار الصورة يصغر عمرا ويتحرك اكثر مرونة
الرجل
أين أنا ، من أنا ،هل انا فعلا هنا ، هل ما زلتُ كما أنا!؟
(يحاول استعادة ذاكرته متأملا المكان بحذر)
وصلتُ أم لم أصِلْ؟ ربما وصلتُ ، أَيُعقلُ أني تاِئهُ الِفكرْ؟ ماذا حَصُلَ لي ولَهُمْ ؟ وما ذلكَ الصوتْ ؟ هلْ كانَ رعداً أم صاعِقةَ؟!
(ينظر إلى نفسه ويتحسس جسمَه)
ما زلتُ حياً، نعم. نعم أنا حيٌ أًرْزَقْ، هذهِ يدي وقدمي (يتحسس قدمَه) هذا رأسي أيضاَ . (يرقص بهستيريا) ما زِلْتُ حياً لم أَمُتْ .. لم أَمُتْ حيْ أَنا حي (يتدارك نفسه) منظرُ عجيبٌ.. عجيبٌ جداً!
(بخوف يختبئ خلف الكرسي ثم يبدأ بإخراج رأسه شيئا فشيئا)
ما شاهدتُهُ كانَ مُخيفاً ، لن اخرُجَ من هُنا ولن أذهبَ للسوقِ سأبقى مختَبئاَ منِ هذهِ اللحظةِ، (يتأمل الكرسي) لالا…هذا الكرسيْ! لا يحميني
(يبدأ بالظهور من خلف الكرسي تدريجيا قائلا):
أووه، ماذا أصاَبني ، انهُ انفجارْ! نعم انفجارٌ كبيرٌ، الصوتُ نفسهُ والعصفُ نفسهُ ، هذهِ المرة كانَ قريباً مني جداً ، هزّني بشدةْ ! هذه الأصواتُ أصبحتْ لا تفارِقُنا نصحو عليها ونغفو، لكْن هذهِ المرّة كانَ الأمرُ مختلفاً حيث سمعتُ صوتاً ، كان عزرائيلَ يأخذُ أرواحَهم ، صوتٌ لم أسمعْهُ من قبل ، آه رأسي سينفجِر، رأيتُ كلَ شيءٍ طائراً في السماءِ ، السياراتِ، العرباتِ وأيضاً أناساً بعمري (بخوف) يا إلهي أين أختبِئ . ؟
( يبحث عن مكان في الإطارات الصور الموزعة على كل المسرح كي يختبئ فيه )
لا يوجدُ مكانٌ يجعلُني لا أطيرْ ، إذا حصلَ ما شاهدتُهُ مرةً ثانيةً ، ماذا أفعلْ .. ! لابدَّ أن أجدَ مخبأً لا أريدُ أُن أموتْ .
(وهو يبحث عن مكان يختبئ فيه يسمعُ صوت نحر رقاب (ذبح) من مخيلته الممتلئة بصور الموت ، يسقط صارخا بخوف ثم يزحف للخلف بهستيريا كان من يمارس الذبح يلاحقه )
لا. لا. لا أُغْربوا عني ، ابتعدوا أرجوكم ، لا أُريدُ أنْ أمزقَ ، لا أريدُ أن أرأكم تحولونيِ إلى أشلاء ، صوتُكم وتكبيرُكم يخنقني يُرعبني، لا تقطعوا رأسي ، ابتعدوا. ابتعدوا !!
(يختبئ خلف ستار يصلح أن يكون شاشة لعرض سينمائي في عمق المسرح يبدأ بإخراج رأسه شيئا فشيئا وشفتاهُ ترتجفان)
الرجل
يا لغبائي أصبحتُ مجنوناً (ساخرا من نفسه) أيُّ مهزلةٍ وجبنٍ أصبحتُ بهما
(يحدث نفسه بحزن ) كنتُ أرنو إلى أصدقائي وأنا مُنبطحٌ في الطين
(يمثل مشهد أصدقائه الذين اخذوهم للذبح وهم مقدين الدين ومعصوبين العيون ويسيرون بخطى ثقيلة منحنيين الجذع )
اراهم مقيديَن يَجرُّهُم الخذلانْ ، شاهدتُ دموعهِم من خلفِ عيونهِم معصوبةً ، وبدمائِهم اضافوا صِبغة حمراءَ على النهر .
(متأملاً أصدقائه ، ويبدأ ينادي عليهم وكأنه يحذرهم )
هي. هل تسمعوني .! تعالَ اقتربْ مني ، وأنتَ لا تبتِعدْ ، أما أنتَ دائماً سارحُ الذهِن ، كنتُ أنادي عليهم بهمسٍ كأني أنبُههم ليهربوا ، ولم أعلمْ أني أودعُهم . (يبكي) أينَ رحلتُم في كلِّ حربٍ وهجومٍ ومفخخة أفتقِدُ أُخوةً يشاركوني القِصعة . (يصرخ) هي . أحبتي هل عرجتُم إلى السماءِ هناكَ حيثُ الطمأنينةُ والراحةُ الأبديةُ لماذا تتركوني وحيداً لماذا ؟ هل سأرِاكم مرةً أخرى ، فالمكانُ موحشٌ بدونكم .
(يبكي بصوت خافت وإذا بصوت صراخ لأناس تحترق من خارج المسرح يجعله يرمي نفسَهُ على الأرضِ مرتجفاً )
الرجل
ما كانَ ذلَك الصوت .؟ ( يتارك نفسه متلفت يمينا يسارا يرفع رأسه مبتسما ) مرةً أُخرى يخدعُني الخوفُ والهلوسة. آه.. ما أَجبنني إّنها أصواتٌ لا يسمعُها الا مَنْ طعنتْهُ الحروب .! ولا يَعرفُ لماذا يُحارِبْ (بحزن) بدأتُ أخافُ من كُلِ صوتٍ أسمعُه ، كيفَ لا أخافٌ وأنا ذاهبُ للموتِ كلّما خرجتُ متجهاً الى الحربٍ أو إلى السوقِ اللعينِ كي أحظى برغيفِ خبزٍ آخرَ ألنهار، كلُ شيءٍ باتَ مخيفاَ، الشوارعُ، أصواتُ السياراتِ وزحمةُ البشرِ حتى زقزقةُ العصافير، لقد رحلتْ رجولتُنا ،( يتحرك باتجاه الكرسي الذي في وسط وسط المسرح ويجلس ) أصبحتْ ذاكرتُنا عاطلةً لا تعرفُ غيرَ اصواتِ الرصاص ، وحين نحاولُ أن نعيش بدونِها ننظرُ إلى التلفاز ( يحول احد إطارات الصور الى تلفاز ) ونرى ما نحلمُ بهِ تعيشهُ اوطانٌ أخرى لا تنتمي ألينا. (يتنهد) مَرةً حاولنا أن نلعبَ كرةَ قدمْ
(يبدأ بممارسة لعبَ كرة القدم بعد ان يخرجها من حقيبته كأنه مع أصدقائهِ قائلا)
هيا ناوِلْني الكرةَّ، لا تكنْ انانياً وتحاول تسجيلَ الهدفِ بمفردكَ يا صديقي هيا إرمِ الكرةَ وإلاّ لن ألعبَ معكم . هيا مَرِرها لي أَرْسِلْها.! أووه لن ألعبَ معكم مرةً أخرى لأننا نعلبُ للتسلَيةِ وليسَ للفوز، مَرِرْها يا أخي !
(يرمى له رأس من احدى زوايا المسرح لاحد أصدقائه فيسط على ركبتيه خائف ثم بقرب اليه زاحفاً)
كنتُ أعلم أنهم يلعبونَ بكَ هكذا بعدما فصلوك عن جذعك يلعبونَ بكَ كما كنا نلعبُ بالكرة القدم ، لماذا لم تحاربْهم وتقتلهْم لماذا .؟ لكن كيفَ تفعلُ ذلك وانتَ عاجزُ مثلي ، انتَ بهذهِ الهيئةِ تُخيفني ، رغم اني أتمنى أحضنَكَ واضمَكَ بعمق ، فأرجوك أبتعد لا أُريدُ ان اصبِحَ مثلَكْ ابتعد أبتعد ( يرمي الرأس)
ها أنا الآنَ وحدي دونَ أصدقائي ( يسمك الكرى ) أنا وهذهِ الكُرةِ .! نحاولُ أن نعيشَ بلا خوفٍ ولكن من يترُكنا على حالِنا، من يجعلُنِي أتنقلُ في الأزقةِ دونَ أن أسمعَ صوتاً يُخيفُ الكبارَ والصغار، من يترُكنا نجلسُ قربَ بابِ البيتِ ونلعبُ باتْ ( لعبة المحيبس ) دونَ أن نرى نساءَ ورجالَ محلتِنا يركضونَ وهم يصرخونَ علينا ادخلوا إلى بيوتِكُم ربما يحصلَ انفجارٌ آخرْ، آه.. مَنْ يجعلُنا نتصفحُ الانترنيت في المقاهي ( يحول اطار اخر الى مونتير و كيبورد وكانه ويمارس الكاتبة) لنرى العالم الذي حِرمْنا منه .! من يجعلنُا. نفرحُ. نضحكُ. نرقصَ. نلهو بلا موت.؟!
( ينظر للسماء متخيلا كأنه يرى أصدقائه طيوراَ تحلق فوقَ يدير رأسه إلى الأعلى بكلِ الجهاتِ مبتسما)
الرجل
ما هذأ أنى أرى أصدقائي طائرينَ ، هيه .. كيفَ طِرتُم .. كيفَ حلقتُم في هذا الفضاءِ الشاسعِ أخبِروني كيفْ . تعالوا معي أو خذوني معكم لا أتحّملُ فراقَكم أكثر (بحزن) هي تعالوا .. تعالوا
(يعود لواقعه وهو ينزل رأسه للأسفلِ)
إنني أفتقدهُم وأحبهُم
(يتأمل الإطارات ويبدا بالحديث معهن كأنهم اصدقاءه )
كنتُ أتمنى أنْ أصعدَ معهم لكنني عاجزٌ.
(يأخذ معول من كواليس المسرح مصنوع على شكل إطارات الصور يبدا كأنه يمارس حفر موضع) قديماً كُنا نحفرُ مواضعَ أو سراديبَ حتى نختبئ فيها عندما نسمعُ صوتَ الغاراتِ المزعجةْ ، ولم نكنْ نعلم أَنها ستكونُ قبوراً لنا ، والآن نحِفرُ مواضعَ أخرى وأخرى وأخرى ونحنُ على يقين إننا سنُدفنَ في ترابِها عندَ أيّ انفجارٍ كما حَدَثَ لأمي .!
(صمت قليل يعم المكان مصحوب بموسيقى والرجل يتنقل بحزن على المسرح)
الرجل
كانَ هذا المكانُ معطراً برائحةِ أُمي، الله.. يا عطَرها وحركةَ خزامتِها يُزيدها جمالاً وهي تولوِلُ لأخي الصغير ” دللول يا لولد يبني دللول عدوك عليل وساكن الجول ” اراها تفتح “جلابها ” الذهبي الذي تربطُ به
” شيلته ” البرسيم المحملة بالجوع والحزن كي تُغطي اخي عندما ينامُ في حضنِها.!
كم أحتاج هذه الأيام
(يردد بهدوء وحزن )” دللول يا لولد يبني دللول “
(يصرخ) كلّ من أُحبهُ رحلَ عني دون أَنْ يودِعَني لا بدَّ أن أكون معكم، أتسمعونَني؟
(يسقط منهارا صوت موسيقى هادئة يبدو عليه انه وجد شيء بعد التفكير)
أعتقدُ أنني وجدتُ فكرةً لأكَون معهم (بفرح يجلس على الكرسي)
نعم سأكتبُ لهم مكاتيبْ . لا لا ( المكاتيب قديمة ) ( يفكر ) سأكتب لهم مسجات . لالا المسجات تحتاج رصيد ( يفكر ) اذن سأكتب لهم S . M . S لا لا الأفضل اكتب لهم مكاتيب ومسجات S.M .S
(يتقدم إلى مقدمةِ يسارِ المسرحِ وينام على بطنه رافعا ساقيه إلى أعلى متخيلاً، في نفس اللحظة يظهر لنا تصوير مشهدٍ خارجي ممنتج فيه حركة أصدقائه وهم يمارسون السباحةَ في نهر ِاو مسبح يرافقُ هذا المشهدَ صوتُ الرجل مع اصدقائهِ وبعد انتهاءِ الفيديو السينمائي نسمع صوت اتصال من Viberيحاول ان يرد ويتردد عدت مرات حتى يجيب ).
الرجل
أصدقائي أنا بدونِكم حزينٌ وخائفٌ جداً كنتُ مَعَكم أحسُّ بالأمانِ ، وذكرياتُكم لا تُفارقني ، ( يغلق الخط فيسمع صوت اتصال Skype يجيب فاتح الكامرة الموبايل ) أتذكرون حينَ كُنا نذهبُ للنهرِ في الصيفِ دونَ أن نُخِبرَ الضابطَ المسؤول عناٍ .
(يبدأ بحركاتٍ وكأنه يمارس السباحةَ بالنهرِ)
وكَيف كنتُ أُخيفكم حين أدعّي أنني غرقتُ.
(يغق الاتصالSkype فيضحك بطريقةٍ مجنونةٍ وهو ينامُ على ظهرهِ)
وفي السوقٌ كيفَ كُنا نسرِقُ عربةَ “أبي جاسم” المسكين وتصعدونَ بها وأدفعُكُمْ .!
(يمارس حركاتِ كأنه يدفع بعربة وهو يضحك)
وحين أُحسُّ بالتعبِ أجعلُها تنقلبُ وتسقطونَ في الطينِ وتركضونَ خلفي تريدونَ ضَربي وأنا أهرُبُ منكم ضاحكاً، آه.. كم كانتْ أياماَ جميلةً رغمَ أنها تغتالُ طفولتَنا وشبابَنا ولكن أوعِدكم أصدقائي سأبقى أبحثُ عنها بكلِّ تفاصيلِها.
كم أتمنى أن أُقبّلَكم الآن واحداً واحداً.
(يجلس في إحدى زوايا المسرح ونسمع موسيقى يتعايش معها الرجل وتمنحه شيئاَ من القوةِ والصبرِ والإصرارِ بالاستمرارِ، وبالوقتِ نفسه يبدو على الرجل بأنه يفكر في شيءٍ مهمٍ جدا وقبل ان تنتهي الموسيقى ينسحب مفكراً خلف شاشةِ أو قطعةٍ قماشٍ بيضاء ويسلطُ عليهِ بقعةُ ضوءٍ ليظهر لنا على شكل خيالٍ ظل جالسا على هيئة مناجاة)
الرجل
أحتاجكُم قربي، خُذوني أرجوكُم ولا تدعوني تائهاً مع شياطينِ الجحيم وهم يمارسونَ ذبحَ ملائكةِ الوطنِ دونَ رحمةٍ أو غُفرانْ .
(يخرج من خيالِ الظل مرتدياً قطعةَ قماشٍ على رأسهِ يدخل في مكانِ أشبه بمحرابٍ في عمقِ يسارِ المسرح ويسلطُ عليه بقعةُ ضوءٍ متذكرا حبيبته التي اختطفت كانه يراقصها )
فاتِنتِي، كأنني يا فاتنتي، خُلِقْتُ كي أكتبَ لكِ ، وجدتُ في الحياة ، كي أعيشَ لكِ ، كأنني أغرقُ في حبكِ المجنون ، أُبعثرُ السنين كي أجمعَها قلادةً تُزَيّنُ جيدكِ الفضي، بكلِّ ما أملِكُ ، يا حلوتي.. ما زالتُ ارتجاجاتُ شفتيكِ تُذيبني ، وأنت تحدثيني عن الخوف للموت كنتِ دائما تقولينَ لا تُكنْ في المقدمةِ عندَ الهجوم حاوِلْ ان تبطيئ ، لأني لا أُريدكَ ان تموتَ او تُذْبَحَ لأن الدُنيا بدونك عويلٌ واندثارْ، لكن يالَ غبائِنا لم نعلمْ أن الموتَ أقربُ لكِ مني
(يرقص كانه مذبوح ) غاليتي سبحانَ مَنْ وَزعكِ ، سبحان من بعثَركِ ، سبحان مَنْ أيقظني من حُلِمكِ ، لابدَّ أنْ القاكِ أين ألقاكِ (بوجع يعود للمحراب ) حلوتي أكتبُ مكتوبي هذا من أرضٍ يحكمُها أناسٌ يكرهوَن الحبْ ، لقد اغتالوهُ وعاشوا في عفونةِ الحصانةْ .
(يصرخ) أرجوكِ يا أوجاعي لا تتأخري في إيصالِ مكاتيبي لِكلِّ مَنْ فارقُني فأنِت أصبحتِ ساعيْ البريدِ بكّلَ بساطةٍ تستطيعينَ الانتشارَ بكلّ مكانٍ في هذا الكون وصداكِ يخترِقُ كل الجدرانِ حتى القبورْ .
(ينام وسطَ المسرحِ واضعاً ساقاً على ساق وهو يفكرُ مع تصاعد موسيقى مغناة كأنها موشحٌ ديني فيهِ شيء من الخشوعِ وبعدَ ان تنتهي يقفُ قائلا)
الرجل
(يجلس رافعا رأسه للسماءِ) سبحانَكَ أنتَ في كلِ مكانِ ! وتسمعُ وتنظرُ ألينا فأرجوكَ لا تتخلى عنا، اجَعلْني أعشْ مع أحبتي الذين يتناقصونَ كلّ يومٍ وهم مبتسمينِ بلا رؤوس.
(يمارسُ الدورانَ في كلِ انحاءِ المسرحِ)
لن تكمموا فمي وستسمع صرختي كلّ من في المعمورة سرقتم ما أعطاني الله وقتلتم حلمي.
(يتجه يسار مقدمةِ المسرحِ بخشوعٍ)
كُّلنا انبياءُ في حديثِنا نعم انبياء .! لذلك نُصدقُ أكاذيبنا
(بوجع يحدث نفسه ويحرج جسده كانه ارجوحة )
الدُنيا أُرجوحةٌ تُلاعُبنا وَجَعاً والعالمُ يُمطرُ قَسوةً بفرح وما بينهما نهتفُ كالموتى .!
(يبدأ بالانتقال ببطء إلى يمين وسط المسرح ينظرُ للأفقِ كأنه يرى كل شيء امامه منهارا )
الوطُن يحتضرُ في أزقةٍ فارغةٍ، أزقةٍ لأحلامِ الموتى حينما يغطونَ في سباتٍ عميق لا أجراسَ لروحي المرتبكة ولا مآذنَ لمن رحلوا ولا حُبَّ لشجرةٍ ميتة.
(يجلس على ركبتيه)
أعلمُ أن الموتى ينتقلونَ بعدَ الموت إلى عالمٍ آخر بمشيئةِ الرب فيا سماءُ أخبريني ما أخبارُ أحبتي وهم قربُكِ هل ممتلئةٌ بطونُهم هل يغنونَ ويرقصوَن ويلعبونْ فأن ساحةَ اللعبِ التي كُنا نلعبُ فيها أصبحْت مغلقةً ومحاطةً بكتلٍ كونكريتية.
(يتجهُ مقدمةَ مقدمة المسرح منتفضا قائلا)
إن أشدَّ أنواعِ الظلم والقتلِ والتعذيبْ تحدثُ من قُومٍ يُغيرونَ جلابيبهَم كلّما تغيرْت حكاّمُهم ،
( يتجه نحو الكرسي وسط المسرح )
يمارسونَ شهواتِهم وهم يفرشونَ غطاءَ رأسِهم ، اما أربطةُ أعناقِهم ينقادونَ منها حينَ يُضيءُ بالغُرفِ الضوءُ الأحمرْ.
( ينام على الكرسي كانه يمارس الحب في السرير )
كرهتُ بقاءنا في وطنِ أصبْحنا به غرباءَ
( يسقط من على الكرسي )
وطنِ.. يطرُدنا بنياشينَ رصاصٍ وطنٍ يثملُ مستمتعاً بقتلِنا
(تتصاعد الهستيرية هو يرقص بوجع صارخاً يدخل عليه صندوق كبير على شكل ظرف يصلح يكون تابوت )
الرجل
أحتاجُ البشارةْ، أحتاجُ أن أكون قربَ من غادَرَني
( يدخل في الظرف او التابوت )
هناَك حيثُ لا جوعَ لا عويَل لا سياطَ لا مفخخاتِ واحزمةً ناسفةً لا موت للحبِ والسلام، أحتاجُ البشارةَ لأني لن أُغير أَسمي او لبسي لن أكونَ إلا انا …؟
(يكرر هذه البارة عدة مرات وإذا نفس صوت الانفجار كبير الذي سمعناه في بداية المسرحية يسقط الرجل داخل الظرف فيغلق عليه )
انتهت المسرحية
الناصرية – اب / 2017
ملاحظات مهمة :
لا يجوز إخراج هذا النص إلاّ بعد موافقة المؤلف
للتواصل مع المؤلف:
فيس بوك : عمار سيف / بالعربي