مسابقات ومهرجانات

“مكاشفات” العرض العراقي المشارك ضمن مسابقة السلطان القاسمي..ناقش فكرة ديكتاتورية و طغيان الإنسان في كل مكان وزمان!


المسرح نيوز ـ الكويت ـ صفاء البيلي

تصوير: إدارة المهرجان

ـ

قدم الناقد فهد توفيق الهندال تعقيبا على العرض المسرحي العراقي “مكاشفات” والمدرج ضمن قائمة الثمانية عروض المنافسة عبر هذه الدورة من مهرجان المسرح العربي والمقامة بالكويت.. حيث قال:

العرض المسرحي العراقي مكاشفات هو بالأساس مُعد عن مسرحية مكاشفات عائشة بنت طلحة للأديب الشاعر السوري خالد محي الدين البرادعي التي كتبها عام 1993 ، مع مقاطع من مسرحية ابن جلا للشاعر والروائي والمسرحي المصري محمود تيمور التي قدمت عام 1962 وأخرجها المسرحي الكبير زكي طليمات .

وكأننا على موعد جديد مع هذه الأسماء في الكويت عبر أعمالهم وإعداد الفنان قاسم محمد لعرض الليلة .

 

قضية العمل

طرحت فكرة ديكتاتورية / طغيان الإنسان في كل مجال وزمان ، بدءا من العصر المحكي عنه فترة الدولة الأموية ، إلى الوقت الراهن ، واختيار شخصية الحجاج الثقفي جاءت كنموذج جدلي وليس تاريخي ، مع اسقاطات الديكتاتورية التي عرفت عنه على مناحي الحياة المختلفة ( السياسية ، المجتمعية ، الدينية ، الثقافية ) . فالحجاج شخصية تتمتع بوجوه عدة للسلطة ، سلطة اللغة / الخطاب لكونها من الشخصيات العربية البليغة . سلطة الدين ، لكونه وظّف الدين في قمع المعارضين له لكونهم خرجوا عن ولي الأمر . سلطة النظام ، فهو أول من أسس الدواوين وأنظمة الجند وغيرها ، سلطة عسكرية في اضطهاد الثائرين على الدولة مع الفتوحات . إضافة إلى حضور سلطة العاشق ، إلا أنها السلطة التي لا يملك  بها مفاتيح  قلب المرأة ( عائشة بنت طلحة نموذجا ) ، مما كشف هنا الشخصية الأضعف له ، شخصية الإنسان .

أما عائشة ، فقد مثلت أيضا سلطة ، ففي صراعها مع الحجاج شكلت جانبي التاريخ حيث المحاسبة ، كما شكلت المرآة للحجاج في المكاشفة ، عبر الحوارات الثنائية والمونولوج ، في صراع درامي بين الحب والديكتاتورية، ولعل اختيار المرأة / عائشة في هذا التقابل مع الحجاج تدخل من باب فكرة الصراع الدائم بين الرجل والمرأة منذ الخليقة ، ولكونها – المرأة – الأكثر تأثيرا في حركة العمل .

نص العمل

اعتمد على الحوارات بين عائشة والحجاح في جانب ، وعلى المونولوج الخاص بهما في جانب آخر ، في بناء درامي يعتمد على فنية الإعداد في المقابلة بين الشخصيتين لكشف التناقضات المختلفة بين الشخصيتين من جهة ، والصراع النفسي في داخل كل شخصية ، في تقاطع زمني مستمر بين الحاضر والماضي . والعرض جاء مختلفا عن النص في بعض نواحيه ، بما يعزز إعادة النظر المستمرة للمخرج في رؤيته للعمل ، وهو دليل التحول نحو ما يمكن أن يكون أكثر تأثيرا للعمل فنيا ، وعلى متلقي المسرح تاليا .

ولأن الإعداد جاء من نصين لشاعرين ، فلا غرابة أن نجد لغة النص موغلة بالشعرية أي الخطابية ، وهي أصل المسرح ، برغم محاولة المعد أن يوازيه باللغة الدرامية / المسرحية ، عبر توظيف أدوات المسرح ( الممثل والسينوغرافيا ) لتدعيم بلاغة النص الشعري دراميا ، فجاء العمل المُعد متجانسا في الأداء والتقديم ، عبر ما وظّفه مخرج العمل من إمكانيات وقدرات بطلي العمل القديرين الفنانة شذى سالم والفنان ميمون الخالدي ، وخادم العرض الفنان فاضل عباس الذي كان دوره ربط بين العمل والمتلقي في إضافة بعض ا الطريفة لكسر حاجر المسرح مع الجمهور ، إضافة لتوظيف العاميـة العراقية في بعـض المداخـلات ، من خارج النص ، لكسـر تقعـيد اللغة الشعرية ، وتشتيت أية رتابة قد تخيّم على الصالة ، فجاء العمل رشيقا ، يقفز بمهارة بين مراحله الزمنية المختلفة التي كانت بين ضفتي الماضي والحاضر، دون الاعتماد على الدقة التاريخية ، وهو ما يخالف

بالمجمل ، فرض النص ببلاغته الشعرية الخطابية على العرض ، وأعتقد أن المخرج استعان بقدرات الممثلين القديرين شذا سالم وميمون الخالدي لضمان هذا الاتقاء بمستوى الأداء والعرض عموما .

السينوغرافيا

ابتعد المخرج في توظيف السينوغرافيا ، عن الدقة التاريخية ، مكتفيا ببساطة الديكور والأزياء بما يدل على الزمن المحكي عن الحجاج وعائشة ، وبالوقت نفسه تحرر من قبضة التاريخ بإدخال الواقعية المعاصرة في بعض فترات العرض بما يؤكد اتصاله بالواقع المعاش . كما اعتمد على الشاشات البيضاء في الجهات الثلاث ، مع لأرضية المفروشة بقطن متناثر، وقد تم توظيفها بصريا بانعكاسات الإضاءة المختلفة بحسب حبكة الحدث والزمن و لهجة الحوار المرافق . إضافة للحروف المعلقة التي أعطت انعكاسات ضوئية مختلفة ، علها تفيد تغير ثبات المعني في سياقات الزمن المختلفة  ، وحملت جملة ( الإنسان بنيان الله على هذه الأرض ملعون من هدمه ، وملعون من تستر على هادمه ) .

وجاء بيت عائشة بنت طلحة ، غرفتها الخاصة مع وجود منبر الذي مثل هوية السلطة والدين والخطابة ، دون أي فاصل مكاني  برغم التنقلات الزمنية بينهما ، مستفيدا من فضاء المسرح المفتوح بما يعمق الفرجة البصرية .

بخصوص المؤثرات الصوتية ، استعان مخرج العمل بموسيقى تصويرية موازية للحوار أو المونولوج المطلوب ، بما يشعر المتلقي في الحالات المختلفة لتحولات العمل . مع الأزياء المتعددة طوال العرض بما تفيد تداخل زمن الخطاب .


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock